قراءات في الاستراتيجية مع صن زو (Sun Tzu) 5- 2
بقلم: كموكي شالوكا (إدريس النور شالو)
3- الحيلة والهجوم المباغت
فى الفن العملي للحرب ، أفضل شئ على الإطلاق هو الإستيلاء على أرض العدو كاملاً وسليماً، لكن تحطيمها و تدميرها ليس أمراً جيداً. لذا فان أسر الجيش باكمله افضل من تدميره.
ومن ثم فان القتال و الإنتصار فى كل معاركك ليس هو التفوق الأسمى ، فالتفوق هو كسر مقاومة العدو دون قتال. و بالتالي فان أعلى شكل من أشكال القيادة هو إحباط خطط العدو، و الخيار الأفضل التالى هو منع تجمع قوات العدو والتالى فى الترتيب هو مهاجمة جيش العدو فى الميدان، وأسوأ سياسة على الإطلاق هو محاصرة المدن المسورة، فالقاعدة هى عدم حصار المدن المسورة اذا كان فى الإمكان تجنب ذلك.
القائد الغير قادر على السيطرة على انزعاجه ، سيطلق رجاله للهجوم مثل حشود النمل، مما يؤدي الى مقتل ثلث جنوده بينما تظل المدينة غير مسيطر عليها، هذه هى الأثار الكارثية للحصار. ولذلك فان القائد الماهر يخضع قوات العدو دون أي قتال، و يستولي على مدنهم دون حصار
بقواته السليمة، سوف يتنافس على السيطرة على بلد العدو ، وسيكون إنتصاره كاملاً دون ان يخسر رجلاً واحداً. هذه هى منهج الهجوم بالحيلة.
القاعدة فى الحرب اذا كانت قواتنا عشرة وللعدو واحد فنحاصرهم، اذا كانت خمسة وللعدو واحد نهاجمهم، اذا كان عددنا مضاعفاً نقسم جيشنا الى قسمين. اذا كنا متساوين فيمكننا القتال، واذا كان عددنا أقل قليلاً فيمكننا تجنب العدو، واذا كنا غير متساوين تماماً فى كل شئ يمكننا الفرار منه.
هناك ثلاث طرق بها يتسبب الحاكم فى هزيمة جيشه:
1) بأمره للجيش بالتقدم أو التراجع وهو يجهل حقيقة ان الجيش لا يستطيع إطاعة الأوامر.
2) محاولة إدارة الجيش مثل أدارته المدنية لمملكته وهو جاهل لشروط معاملة الجيش.
3) التعامل مع ضباط الجيش بلا تفرقة جاهلاً المبدأ العسكري الذي يقول بالتكيّف مع الظروف.
القائد هو حصن الدولة المنيع، فاذا كان الحصن قوياً فى جميع نقاطه اصبحت الدولة قوية اما اذا كان معيباً فتكون الدولة ضعيفة. ومن هنا يمكننا ان نعرف ان هناك خمس شروط أساسية للنصر هي:
1- سينتصر من يعرف متى يقاتل ومتى لا يقاتل.
2- سيفوز من يعرف كيفية التعامل مع القوات الكبيرة والصغيرة العدد.
3- سينتصر من يتمتع جيشه بروح معنوية عالية فى كل صفوفه.
4- سينتصر من أعد نفسه و ينتظر مهاجمة العدو وهو غير مستعد.
5- سينتصر من يملك القدرة العسكرية ولا يتدخل فى واجباته المهنية السياسيين.
ومن هنا جاء المثل الذي يقول: “إذا عرفت العدو وعرفت نفسك فلا داعي للخوف من نتيجة مائة معركة. واذا عرفت نفسك دون ان تعرف عدوك فان كل انتصار تحرزه سوف تعاني من الهزيمة ايضاً. أما اذا كنت لا تعرف العدو ولا تعرف نفسك فسوف تستسلم فى كل معركة”.
4- الترتيبات التكتيكية
المقاتلون الجيدون يضعون انفسهم اولاً فوق أي إحتمال للهزيمة ثم ينتظرون الفرصة لهزيمة العدو. وان تأمين انفسنا ضد الهزيمة أمر فى ايدينا، لكن فرصة هزيمة العدو يوفرها العدو نفسه.
الأمن ضد الهزيمة يعني إتباع تكتيكات دفاعية، والقدرة على هزيمة العدو تعنى القيام بالهجوم. الوقوف في موقف دفاعي يشير الى عدم كفاية القوة، و الهجوم يدل على وفرة القوة.
القائد الماهر فى الدفاع يختبئ فى أكثر المخابئ سرية على الأرض، أما القائد الماهر فى الهجوم فهو ينطلق من أعلى المرتفعات، وهكذا فإن لديه القدرة على حماية نفسه، ومن ناحية اخرى فانتصاره أكيد.
ان رؤية النصر فقط عندما يكون ضمن نطاق القطيع ليس قمة التميز ، كما انها ليست ذروة التميز اذا قاتلت و انتصرت وقال الناس جميعهم “أحسنت”. فرؤية الشمس والقمر ليست علامة على قوة البصر، وسماع صوت الرعد ليس علامة على الاذن السريعة. أن ما اطلق عليه القدماء المقاتل الذكي هو الذي لا يفوز فحسب بل يتفوق فى الفوز بسهولة. ويفوز في معاركه بعدم ارتكاب أي خطأ، عدم ارتكاب الاخطاء هو ما يؤسس النصر اليقين لانه يعني هزيمة عدو قد هزم بالفعل.
وهكذا فان القائد الاستراتيجي لا يسعى الى المعركة الا بعد تحقيق النصر بتأكيده ( فى تربيزة الرملة) بينما من قدر له ان يُهزم يخوض المعركة أولاً ثم يبحث عن النصر بعد ذلك.
فى المنهج العسكري، اولاً ، أهمية قياس المسافات، ثانياً تقدير الكميات التي تحتاجها ثالثاً حساب قيمة الكميات ورابعاً موازنة الفرص و خامساً يأتى النصر.
ان الجيش المنتصر على جيش مهزوم ، مثل وزن رطل فى الميزان مقابل حبة واحدة من الذرة.
5- االلياقة والحيوية:
ان السيطرة على قوة كبيرة هي نفس مبدأ السيطرة على عدد قليل من الرجال، فهي مجرد مسألة تقسيم اعدادهم. وللتأكد من ان جيشك باكمله قد يتحمل وطأة هجوم العدو ويبقى صامداً فهذا يتم من خلال المناورات المباشرة وغير المباشرة.
فى القتال يمكن إستخدام التكتيك المباشر للإنضمام الى المعركة، ولكن ستكون هناك حاجة للتكتيكات غير المباشرة لضمان النصر. ان التكتيكات غير المباشرة المطبقة بكفاءة لا تنضب مثل السماء و الارض، ولا تنتهي مثل تدفق الانهار و الجداول، مثل الشمس و القمر ولكنها تبدأ من جديد، مثل الفصول الأربعة، إنها تمضي لتعود مرة اخرى.
لا يوجد اكثر من خمس نوتات موسيقية، ومع ذلك فإن الجمع بين هذه النوتات الخمس يؤدي الى انتاج ألحان اكثر مما يمكن سماعه على الإطلاق. كذلك فى المعركة لا يوجد اكثر من طريقتين للهجوم –المباشر و غير المباشر، ومع ذلك فان هاتين الطريقتين معاً تؤدي الى سلسلة لا نهاية لها من المناورات. يؤدي التكتيك المباشر و غير المباشر الى بعضهما البعض، انه مثل التحرك فى دائرة – لن تنتهى ابداً. من يستطيع إستنفاذ امكانيات الجمع بينهما؟ ان ظهور القوات يشبه إندفاع السيل الذي سوف يدحرج حتى الحجارة فى مجراه.
وسط إضطراب المعركة قد يكون هناك إضطراب ظاهري ولكن لا يوجد إضطراب حقيقي على الإطلاق، وسط الارتباك والفوضى قد تكون مجموعتك بلا رأس أو ذيل، ومع ذلك ستكون دليلاً على عدم الهزيمة.
ان إخفاء النظام تحت عباءة الفوضى هو ببساطة مسألة تقسيم أدوار، و إخفاء الشجاعة تحت إظهار الخجل يفترض وجود مخزون من الطاقة الكامنة، وإخفاء القوة بالضعف يتم تنفيذه من خلال التصرفات التكتيكية. وهكذا فان الشخص الماهر فى إبقاء العدو فى حالة تحرك يحافظ على المظاهر الخادعة التى سيتصرف العدو وفقاً لها، فهو يضحي بشئ قد ينتزعه العدو منه.
ينظر المقاتل الذكي الى تأثير الطاقة المشتركة ولا يتطلب الكثير من الافراد. ومن هنا قدرته على إختيار الرجال المناسبين و الإستفادة من الطاقة المجمعة ومن ثم فان الطاقة التى يطورها المقاتلون الجيدون هى مثل زخم حجر مستدير يتدحرج أسفل جبل يبلغ إرتفاعه آلاف الاقدام، هذا ما يتعلق بموضوع الطاقة.
نواصل ………………………………
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.