لا تستخِفُّوا بالدولة العميقة في السودان.

د. صديق أمبده.

 

إن الدولة العميقة في السودان هي أولا حقيقة وليست وهما، وثانيا هي مازالت حية وفاعلة لأن الثورة –لظروف نعلمها- لم تتمكن من استكمال مهمتها الاساسية وهي إزاحة الدولة العميقة (نُعرِّفها لاحقا) مع رأس النظام عند اسقاطه. ومن يومها ما فتئت تعمل علي إفشال برامج وقرارت حكومة الانتقال وعرقلة العمل الحكومي بكل السبل. ولكثرة ما ظل يتردد عن معوقات تحقيق أهداف الثورة من قبل القوي المضادة لها (الدولة العميقة بفلولها وتنظيماتها واجهزتها المختلفة)، اعتقد الكثيرون أن القول بوجودها هو من باب التخويف أو من باب إيجاد المعاذير لحكومة حمدوك الانتقالية في بعض إخفاقاتها المرئية. لذلك فقد سعدت كثيرا بقراءة كتيب صغير (110 صفحة) ” الثورة والدولة العميقة”-اسطنبول-تركيا (2018) للاستاذ عباس شريفة، يتحدث عن الدولة العميقة ، به جهد مقدَّر للتنظير لها بتبيان القوي المكونة لها وعلاقات المصالح التي تربط هذه المكونات ببعضها البعض، وكذلك استراتيجياتها وادواتها واساليبها للإلتفاف علي الثورة ومن ثم الإنقضاض عليها.

وهذا المقال ليس عرضا للكتاب والذي يُعني فيه كاتبه بما حدث بعد ثورات ما اصطلح علي تسميته بالربيع العربي واستخلاص الدروس منها، وإنما هو محاولة لتلخيص أهم ما جاء في الجزء الاول منه بايراد فقرات عديدة من الكتيب مع تعديلات من جانبي في بعضها وإعادة صياغة لبعض آخر، وإضافات حول ما يختص بانطباق ما يذكره الاستاذ شريفة علي الحالة السودانية. في بالي ما يظهر من تحليلات ناقدة للحالة الراهنة، وأحكام ، لا اقول فطيرة ، ولكن دون علم ودون وعي بإرث ثلاثين عاما من خلق نظام الانقاذ لدولة عميقة في السودان ، بهدم أواختراق كل شئ في الدولة من خدمة مدنية ومؤسسات مدنية أو عسكرية ، وفي المجتمع المدني باختراق أو إعادة تشكيل مداميك ترابطه تاريخيا ( الطرق الصوفية، القبائل وإداراتها الأهلية ،المنظمات والمؤسسات الاهلية الخيرية الخ) لتكون تحت سيطرته. وهو تنفيذ عملي لما قاله علي عثمان محمد طه عندما تولي وزارة الشئون الاجتماعية إنه/الانقاذ يريد/ون “إعادة صياغة الانسان السوداني”؟ وبعد نحو خمسة وعشرون عاما من حكم النظام (أيام الحوار الشهير) قال أحد المتنفذين ساخرا من قول بعض المعارضين المشاركين في الحوار أنهم يريدون تفكيف النظام ، قائلا “سيحتاجون الي خمسة وعشرون سنة أخري إذا أرادوا ذلك”.

إذن يجب الا نستهين بما فعله أو قام به نظام الإنقاذ في سبيل ترسيخ دولته ، وألا نستسهل صعوبة تفكيك الدولة العميقة وإعادة الامور الي طبيعتها في وقت وجيز، أودون تواثق قوي الثورة وتوحدها في وجه القوي المضادة لها. ومن عجب أن بعض القوي السياسية الناضجة تأريخيا تقفزعلي العوامل والظروف الموضوعية في مواقفها من الوضع الراهن وكأن نظام الانقاذ كان “نظام ساكت” لم ينيخ بكَلكَلِه علينا طوال ثلاثة عقود و باستراتيجية واضحة أعلنها، وهي أنهم لا ينوون تسليم الحكم الي غيرهم و يمكن مسح آثاره وكسح دولته العميقة فقط بالتظاهرات والبيانات والتجييش. من هنا تجئ أهمية تدبرتحليل عباس شريفة في كتابه المذكوروتعريفه للدولة العميقة وخطورة الاستهانة بها، وتوعية الثواربأن بناء الدولة في أعقاب نظام غاشم مثل الانقاذ يحتاج الي صبرعلي حكومة مدنية ليست وفق ما تمنينا أو ما كنا نحلم به، لكن قبلنا جميعا بها و بأن يشاركها الحكم جزء من النظام السابق متحكم في كل مفاصل القوة الصلبة للدولة.

يري عباس شريفة أن مصطلح الدولة العميقة يعبرّعن ذلك التحالف العميق الذي يجمع بين مركَّب بنيات الدولة المختلفة من إداري وسياسيّ وإعلاميّ، ومؤسّسةٍ عسكريةّ واستخبارات، وقضاءٍ ومثقفّين ورجال دين وأصحاب أموال، تربطهم جميعاً “رابطة” واحدة هي الإبقاء على مصالحهم وامتيازاتهم الخاصّة، واستثنائهم من أيةّ محاسبة أو مساءلة ، وعدم تعرّضهم لأيةّ متابعة قضائيةّ إن اهتز النظام القائم. والمصالح المشار اليها تشمل المشاريع التجاريةّ والماليةّ والمؤسسات الاعلامية ، كما تشمل العلاقات الاجتماعيةّ والعائليةّ، والانتماءات الجهوية وعلاقات المصاهرة وغيرها. والأصل في هذا كله أن هذه العلاقات ذات طبيعة شبكيةّ تربط ما بين كل المتنفذين في الدولة الاستبدادية.

بهذا الفهم فإن الدولة العميقة هي دولة فوق الدولة ، بأذرعها العسكريةّ والأمنيةّ والاقتصاديةّ والقضائيةّ والاعلاميةّ ومؤسّسات الدينيةّ ؛ وكلها في خدمة القوي المضادةّ المتصديّة للثورة الشعبية. فالدولة الشمولية قد تكون سقطت نظرياً ، لكنها فعليا (عن طريق الدولة العميقة) لاتزال تحافظ على مواقعها المتقدمّة والحساسة في الدولة والإدارة، ومازالت تتمتعّ بمصادر نفوذها الادارية والماليّة، وعلاقاتها المحليةّ والدوليةّ، والتي تتشكل منها الكتلة الحرجة التي تعمل على عرقلة وإجهاض مسارالثورة السياسيّ، بالتأثير الناعم أو العنيف إن دعي الامر.

ويقول أيضا: إنّ المؤسسة العسكريةّ والأمنية في الدولة الشمولية لكن الشبكة وإنما هي أقوى عناصرها، وإن تصدرت المشهد بعد انحيازها للثورة (انقلابها) فإنها تبقى الممسك الأقوى بتلابيب الدولة ومؤسساتها كإدارة خلفية. وحيث أن عمليةّ الانقلاب/الانحيازقد أتت من داخل النسق، وليس من خارجه، فهي لم تلجأ إلى تلك العمليةّ إلا بغرض إعادة ضبط إيقاع النسق، بعد أن يكون قد أصاب مكوناته الوهن أواشتدت الطموحات والخلافات الفرديةّ داخله. وفي حالة السودان فقد تضافرت هذه العوامل مجتمعة ، فأضطر المكون العسكري والأمني للتدخل ، تحت ضغط الثوار واحتلالهم لميدان القيادة، لازاحة رأس النظام ليقتنع الشارع أنه قد تم تحقيق مطالبه بإسقاط رأس النظام ونجاح الثورة.

لذلك فإنّ الانحياز العسكري للثورة في مثل هذه الحالات لا يعتبر انقلاباً على الدولة العميقة بحد ذاتها وإنما هو محاولة لإعادة بناءٍ وترتيبٍ عناصرالمنظومة القائمة، لتبقى أقوى وأرسخُ من الوضع الهش السابق ، دون المسّاس بالوضعيةّ الماديةّ والاعتباريةّ التي كانت تتمتع بها تلك العناصرمن قبل. وعليه فإن الإطاحة برأس الدولة وحاشيته في انحياز/انقلاب عسكري “سلميّ” لن يؤذي المنظومة بشكل جوهري، ولا من شأنه أو من أهدافه أن يقوّض النظام نهائيا.

ويري شريفة أن عناصر الدولة العميقة ستحاول العودة بقوّة أكبر عن طريق استراتيجيات مختلفة، من بينها تلغيم مؤسسات دولة الثورة وتشديد الخناق عليها لإفشالها في أن تشُكّل بديلا ناجحاً يرتاح معه المجتمع. ويكون ذلك عبر القبَول بالثورة ومؤسساتها كأمر واقع، لكن مع عدم الانصياع لقوانينها ، والعمل على حصر مفعولها في حده الأدنى بتعطيل المكاتبات وعدم تنفيذ القرارات وتأخيرها . إذن في حالة عدم سيطرة قوي الثورة علي مفاصل الدولة بالسرعة والحزم اللازمين أو تحييدها فإن الدولة العميقة ستظل حية لأنها هي الدولة ذاتها. تظل بترتيباتها المؤسّساتيةّ، وبتنظيماتها الرأسية والأفقيّة، وبأجهزتها في القمع والإكراه، وبأدواتها في التجسّس، وبمؤسساتها المالية (لشراء الذمم) والإعلاميةّ (للتضليل والتحريض وتبخيس كل مُنجز بدعوي حرية الاعلام) وبمؤسساتها الدينيةّ التي تسعي أن تبني لها شرعيةّ للعودة (بالتشكيك والتحريض والتجييش في المساجد).

 

وعندما يزداد السَخَط الشعبي جراء عدم فعالية حكومة الانتقال ومؤسساتها ، يبدأ الإعلام دوره في التحشيد (أنظر الي قناة امدرمان وكتابات صحفيي نظام الانقاذ ومنشآت “الجداد” الالكتروني للاخبار الكاذبة من شاكلة مدينة نيوز، جيم نيوز، الجوارح نيوزالخ ) ، وتسليط الضوء على حال الفشل الإداريّ للدولة وتضخيمه، ليتمّ حشد الجماهير في مظاهرات شعبيةّ لاسقاط الثورة بنفس المنطق الذي أسقطت الثورة به النظام الاستبدادي . وهنا يتمّ تصنيع الرمز المخلِّص من بقايا النظام البائد، ليقود قاطرة الثورة المضادةّ ويعيد النظام الغاشم إلى الحكم من الشباك، بعد أن يكون قد خرج من الباب. ثم يستكمل المشهد الاخير بمباركة المؤسّسات الدينيةّ التي فرط النظام الانتقالي في حلها من باب الحريات الواسع، ربما أريحية منه ،ولكنه في حقيقته غفلة سياسية.

ومن استراتيجيات الدولة العميقة الانسحاب من السلطة الظاهرة بترك المفاصل الهشّة -الرئاسة، الحكومة، البرلمان- ليصل إليها الثوّار، مع الإمساك بمفاصل السلطة الصلبة -الجيش، الأمن، الاقتصاد، الإعلام، القضاء- ثمُّ العمل من خلال استغلال وجود الخلايا المتحكّمة في المفاصل الصلبة للسلطة على إفشال تجربة حكم دولة الانتقال من خلال العصيان، وإدخال مؤسّسات الدولة في حالة من التعطيل.

ومما يقوله الاستاذ شريفة كذلك : إن الثورة المضادةّ بشكل عام تمتلك من القدرات المؤسّساتيةّ أضعاف ما تمتلكه الثورة، ولذلك قد تكون لها اليد العليا في هذا الصراع، إذا لم تتمكن قوي الثورة من الاستيلاء على هذه المؤسّسات أو تحييدها أو تدميرها. والمؤسسات المقصودة هي الجيش و الأمن والشرطة وأجهزتها المتعددّة المنوط بها حماية الأنظمة القديمة. ويغلب علي الانظمة الاستبداية عموما تلوين الجيش والاجهزة الامنية والشرطية بلون واحد بحيث تكون بنيتها الأساسية من طائفة أو حزب يضمن ولاءها، ويستطيع أن يحركها ضد الشعب في قمع أيّ ثورة يمكن أن تتحرك ضد النظام. وقيادات الجيش والقوي الامنية مشتبكة اشتباكاً وثيقاً مع شبكات المصالح ورجال الأعمال كما سبق القول ، وقد تحول الكثير منهم إلى مستثمرين وملاك عقارات. والحال كذلك فأن موقف كبار الضباط من أيّ ثورة هو موقف ينطلق من مبدأ الحفاظ على مصالحهم المرهونة باستمرار لمنظومة الفساد والحفاظ عليها. إن الوضع التأسيسي للجيوش في الدول الشموليةً هي أنهّا جيوش تحولت عقيدتها القتالية من دفاع عن الوطن الي الدفاع عن الحاكم الفرد الرمز، والحاكمُ هو ابن المؤسسة العسكرية في الغالب، مما يجعل من هذه الجيوش أقرب للميليشيات المسلحة منها إلى الجيش الوطني.

ويضيف شريفة بأن القضاء في الدول الديكتاتورية لا يتمتع بأدنى درجات الاستقلالية، من حيث أنهَّ خاضع للمؤسسة الأمنية، وتابع في هيكلته للسلطة التنفيذية تحت ما يسمى بوزارة العدل. ولا يتمتع كذلك بالنزاهة إذ هوأداة بيد السلطة القهرية لتجريم المعارضة السياسية، وحماية الموالين للسلطة من المحاسبة، ومنحهم الحصانة من أيّ مساءلةٍ قانونيةٍ مهما بلغت جرائمهم، بالإضافة الي أنه مرتع للفساد والرشوة والمحسوبية، وبالتالي فإن القضاء إذا لم تطاله يد الإصلاح الجذري فإنه سيكون عونا كبيرا لمساعدة ودعم القوي المضاة للثورة.

من ناحية أخري ، استطاعت الأنظمة المستبدة علي مر الازمان أن تبني حولها دوائرَمن الفساد، الذي يحمي النظامُ نفسَه من خلالها. ومن هذه الدوائر طبقة رجال الأعمال المتحالفة مع السلطة، بعد قيام النظام بتصفية الطبقة الرأسمالية القديمة، التي لا تدخل في دائرة الخضوع له. وكان لابد لهذه الطبقة الجديدة من رجال الاعمال أن تكون في حالة تحالف مع السلطة إذ أن سقوط النظام سيكون مسألة َحياةٍ أو موتٍ بالنسبة لها. لذلك لن تجد هذه الطبقة بُدًّا من الاصطفاف مع النظام الاستبدادي ضد الثورة لتحافظ على مكتسباتها، التي جنتها من تمرير القوانين الخاصة لصالح استثماراتها وعلى ثرواتها التي حصلت عليها من ثغرات الفساد التي أتاحها لها النظام.

ويجب الا ننسي الإعلام فهو يمُثلّ سلاحًا قوياًّ بنفس قوُّة الأسلحة الثقيلة. ويستطيع الإعلام أن يحشد بسهولة التأييد الشعبي للثورة المضادة باعتبارها استكمالًا للثورة الحقيقيةّ. ويكون ذلك بتكتيكات ذكية، واستراتيجيَّات إعلاميةّ مدروسة عن سايكولوجية الجماهير وكيفية قيادتها ، علما بأن هنالك قنوات إعلاميةّ مملوكة لبقايا الانظمة القديمة أو لرجال الأعمال المتحالفين معهم. أضف إلى ذلك وجود الآلاف من الجيوش الالكترونية/الذباب الالكتروني الذي يعمل تحت إمرة غرفة عمليات تديرها مخابرات تابعة لتلك الأنظمة عبر مواقع التويتر والفيسبوك والواتساب، وتعمل علي نشر الأخبار الكاذبة والطعن في رجال الثورة ومؤسساتها ورموزها باسم قوي الثورة نفسها، إظهاراً للغيرة وممارسة للنقد، بغرض إضعاف الثورة وحكومتها ليسهل الانقضاض علي كليهما ، وهوفخ يسقط فيه للاسف كثيرمن الثوارالحقيقيون. وعلى كل فإن القول بوجود إعلام مستقل دومًا محل شك، فإن لم تكن هنالك ضغوط حكومية علنية أو سرية، أوإرتباط بمصالح خارجية أو حزبية أو فئوية واضحة تبقى دوما هناك الضغوط الاقتصادية وعوائد الاعلانات لتشكل باباً كبيراً للتأثير على وسائل الإعلام المختلفة ، إن لم يكن شراؤها تماما.

شئ أخير ومهم لنجاح الثورة وهو إعطاء الإعتبار الكافي للمجمتع الدولي. إن النظام العالمي يشكل مادة صلبة أمام الثورات المحلية، وتأثيره لا يقل عن تأثير القوى المحلية المناهضة للثورة وقد يكون أكثر تأثيراً. وعليه فلا يمكن لثورة أن تصل لمبتغاها دون أن تتجاوز هذا التحدي الكبير من خلال بعث رسائل الطمأنينة لهذا العالم الذي غالباً ما يتدخل لاحتواء الثورات، وإدخالها في المسار الوظيفي الدي يريده لها، أو الانقلاب عليها. فنحن أمام دول مركزية تنادي بالديمقراطية كشعارات وتمارسها في بلدانها، وتحاربها بلا هوادة في البلدان التي ترزح تحت نيرالاستبداد، و كذلك نحن امام دول تخاف الديمقراطية ومؤسساتها، وتخاف (موت) من سريان عدوي الثورة اليها فتعمل كذلك علي عدم نجاحها عن طريق استخباراتها وأموالها وعلاقتها الخارجية.

الكاتب عباس شريفة في تحليله ووصفه لما جري بعد “ثورات الربيع العربي “، كأنما كان يقرأ من كتاب ثورة ديسمبر 2018 المجيدة. لذلك من حسن التدبر-في تقديري- أن نعي جميعا الدرس في أن هزيمة الدولة العميقة لا تتم –علي أقل تقدير- إلا بتوحد قوي الثورة والتسامي علي الصغائر. كما أنه لمن الحمق السياسي العظيم أن يعتقد البعض من الساسة والثوار أنه يمكن بناء دولة حديثة تُحقِّق أهداف الثورة فقط بأطنان الكلام والتظاهرات والوقفات الأحتجاجية. وكذا الحال بأن الاختلاف في القضايا الصغيرة ، وعدم التنازل عن المواقف الصمدية في سبيل الوصول إلي برنامج حد أدني يمكن الاتفاق عليه والتوحد خلف تحقيق أهدافه، لا يؤثِّرأو لا يُشكِّل تهديدا حقيقيا علي مستقبل بناء الدولة الديمقراطية التي نأمل في انشائها واستدامتها.

صديق امبده

3 يوليو 2021

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.