في الرَّد على حديث الفريق حسن كبرون

موسى كجو نتو

 

في ردِّنا على الفريق حسن كبرون في تسجيله الصوتي الذي نفى فيه استهداف الجيش السُّوداني للنُّوبة نودُّ أن نوضِّح الحقائق التالية، برغم من أنَّها غير غائبة عن أحد إلا من ادَّعى واستنكر الحق.
إنَّ مسألة أنَّ الجيش السُّوداني كان يستهدف المتمرِّدين دون المواطنين الأبرياء العزَّل في جبال النُّوبة هذه غير صحيحة، وهذا الكلام عبارة عن كذب ونفاق وكسير تلج للسلطة، وذلك لأغراض تخصُّك كشخص أيُّها الفريق حسن كبرون، ومن أجل البقاء في المؤسَّسة العسكريَّة كضابط.
عندما تمَّ استهداف أبناء النُّوبة كإثنيَّة، وخاصة الطبقة المتعلِّمة منهم المهندسين والمعلِّمين والموظَّفين العموميين في كل مؤسَّسات الدولة في كادقلي والدلنج ولقاوة وتلودي بالقتل والتشريد، وحتى الرِّياضيين لم تكن لهم علاقة مباشرة مع الحركة الشعبيَّة ولا الجيش الشعبي لتحرير السُّودان، بل لأنَّهم نوبة فقط، وحتى الرفيق القائد يوسف كوَّة مكِّي عندما تم استهدافه في مجلس الشعب الإقليمي في الثمانينيَّات من القرن العشرين، لم يكن وقتها عضواً في الحركة الشعبيَّة ولا الجيش الشعبي، بل لأنَّه من النُّوبة ومتعلِّم ويطالب بحقوق أهله. ثمَّ لاحظ الكم الكبير من أبناء النُّوبة في دول المهجر، إذ لم يخرجوا كمغتربين كغيرهم من السُّودانيين الشماليين، بل خرجوا لاجئين من جرَّاء تقتيلهم وإذلالهم بواسطة الجيش السُّوداني، وهم مواطنون مدنيُّون غير عسكريين، والاستهداف لم يتم اليوم أو بالأمس، بل منذ زمن طويل.
في العام ١٩٧٢م في عهد حكم المشير جعفر محمد نميري، وفي عنفٍ هيكلي منظم، تمَّ اغتصاب أراضي النُّوبة الزراعيَّة، وتخطيطها كمشاريع زراعيَّة في كل من هبيلا والبيضا والترتر ورضينة وكرندل وجانديل ودروتة وجنوب كلوقي والزرافة وأم بيوض والبرام، وكل جبال النُّوبة، وتمَّ توزيعها وتمليكها للنَّاس خارج اقليم جبال النُّوبة من شمال السُّودان، أي من شندي وعطبرة ودنقلا وكريمة وكوستي والدويم وشبشة وغيرها، بل ومكتب الزراعة الآليَّة لتوزيع هذه المشاريع كان قد تمَّ فتحه في مدينة كوستي، وإلى يومنا هذا ظلَّ موجوداً بكوستي، وإيجار هذه المشاريع السنوي يُورد في حساب باسم وزارة الزراعة ج (جنوب) كردفان بكوستي، ولا تستفيد منه الولاية حتى يومنا هذا يا الفريق كبرون، وأنا على يقين بأنَّك لا تمتلك مشروعاً زراعيَّاً من عشرة فدانات في جبال النُّوبة، ولكنك لا تنتبه لهذا الأمر لأنك مغيب تماماً، وستظل كذلك عندما تنزل من الجيش في زمن المعاش، وقتها ستذهب كمزارع في توتي، أو الشمالية. هذا لو لم تأتينا ودموع الحسرة في عيونك.
في العام ١٩٩2م عندما أصدر أئمة المساجد فتوى قتال الخوارج (النُّوبة) في مدينة الأبيض، أحلَّوا دماء النُّوبة المسلمين وغير المسلمين، وأموالهم ونساءهم، وكل ممتلكاتهم للجيش السُّوداني والمجاهدين، واستهدفت الحملة الجهاديَّة تلك دماء النُّوبة الأبرياء بما فيهم أنت يا كبرون، ولكنك لم تسمع أو تعقل ذلك لأنَّك ضابط في هذا الجيش الحكومي. وفي الفترة ما بين (1990-1991م) عندما تمَّ تجهيز متحرك في الدلنج من الجيش الحكومي، واسندت قيادته للرائد القاضي عمر رمبوي، وقائد ثاني النقيب شمس الدين كباشي للهجوم على منطقة كتلا، إلا أنَّ البطل القاضي عمر رمبوي ابن النُّوبة البار رفض تنفيذ الأوامر العسكريَّة، وتمَّت إحالته للمعاش. أين كنت أنت يا كبرون؟ متى هجم الجيش السُّوداني أرضاً أو جواً على معسكرات الجيش الشعبي؟ كل مجهوداتكم الحربيَّة ضد المواطنين الأبرياء العزَّل، بل متحاشين مضادات الجيش الشعبي، حتى اليوم الجيش الشعبي في الخطوط الأماميَّة. إنَّ طائراتكم دوماً تقصف المواطنين العزَّل في هيبان ومندي والبرام وأم دورين وكجورية ووالي وسلارا وتيمين وجلد وكرنقو وتابلا، وكل المناطق الآمنة والخالية من الجيش الشعبي. إنِّي أقول لك يا الفريق كبرون أرجو أن تقل خيراً في حق النُّوبة ودمائهم البريئة، أو أن تصمت. عشان تأكل العيش وتحترم أولياء نعمتك فإنَّ الصمت خيرٌ لك من الكلام، نحن موجودون معك في أي موقع، حيث نسمعك ونراك ونحترمك كنوباوي، ولكن يجب أن تحترم النُّوبة، والحديث عن ذلك طويل وطويل لا يسع المجال هنا لاستكماله، ولكن سوف نتفرغ له ما دامت هناك ضرورة ملحة لمعرفته.

الأستاذ/ موسى كجو نتو، هو المحافظ السابق لمحافظة أبو جبيهة من قبل الحركة الشعبيَّة لتحرير السُّودان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.