العدالة التاريخية الانتقالية.

بقلم / عظمة لوممبا

 

منذ وجود الانسان ظل في صراعات دائمة حول السلطة والثروة والموارد الطبيعية. وقد شهد العالم حروبات عالمية وإقليمية وأخرى أهلية. فتمكنت عبر أنظمتها في خلق أجسام من شأنها أن تقوم بفض النزاعات واحلال السلام ومن ضمنها ابتكرت المجتمعات العدالة الانتقالية وهو ابتكار حديث جدا.

العدالة الإنتقالية في تاريخ البشرية مفهوم حديث لفض النزاعات وإنصاف الضحايا ويعني الآليات والإجراءات التي تستعمل بواسطة المجتمعات المختلفة للمساءلة وعدم الافلات من العقاب.

ففي السودان لم تكن العدالة الانتقالية معروفة حتي في عهد نظام نميري بل كل الحديث كان يدور عن القصاص الشعبي أو المحاكمات هناك العديد من الدول لها تجارب حول العدالة الانتقالية منها تجارب مفيدة لان لكل دولة خصوصية في تطبيق تلك العدالة مثل جنوب افريقيا بعد انهيار نظام الابرتايد او الفصل العنصري للرئيس دكليرك وبرغم المساومة المخزية مع البيض ما زال السكان الزنوج الأصليين حتي الآن مهمشين وفي رواندا شهدت مذابح مروعة بلغت حوالي مليون ضحية وكذلك المغرب ويوغسلافيا سابقا وسيراليون.

ففي السودان لا يوجد نظام مستقل لان كل الحكومات تسيس القضاء فلذالك لا يوجد قضاء وطني مستقل نزيه ودونكم ما يسمى محاكمة رموز النظام البائد وقد إرتكبوا أكبر الجرائم البشعة في حق الشعب السوداني فذلك القضاء يحتاج لمعالجة واصلاح وان يكون مهني لكي يحقق المساواة والعدل أمام القانون وعدم الإفلات من العقاب

فطرح السودان الجديد قائم على المحاسبة الشاملة وتشمل جميع من ارتكب جرم أو إنتهاك مادي أو معنوي وجرائم ضد الإنسانية.

ولتحقيق العدالة تاريخيا لابد من إزالة كافة المظالم التاريخية التي تم إرتكابها بحق المجموعات والأقاليم المهمشة مثل جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق بداية بالرق والعبودية التي مورست ضدهم وتعويض المتضررين من هذه الانتهاكات والمظالم التاريخية بما في ذلك الأضرار الناتجة عن العبودية والاسترقاق. ومن يملكون ومن لا يملكون، ولماذا لا يملكون ؟

والعدالة هي لتوفير الفرص المتساوية ومراعاة تكافؤ الفرص بين الأفراد في التوظيف في كل الأجهزة بعيدا عن المحسوبية وكذلك بين الجماعات والأقاليم.

فلذلك الحديث عن العدالة وتنفيذها كتجربة جنوب افريقيا هو حديث مخل لأن جنوب افريقيا واقعهم مختلف كما رواندا ايضا ام السودان فمشكلته اكبر فيجب اخذ الاطار التاريخي لأنها بداية التهميش ومنع الاخر وخلق الموانع الهيكلية وتشكيل الوضعية التاريخية الاصبحت رمز لهم قائم حتي الان فالمحاسبة يجب ان تكون في ظل قضاء وطني مستقل وتسليم كل المجرمين للمحكمة الجنائية الدولية وليس العبث الذي يتم وهروبهم من السجون. وكذلك بهدم هذه الوضعية التاريخية نبداء بسودان جديد نتنسم فيه الحرية وتتحقق فيه العدالة بين الكل والمساوة بين السودانيين جميعا.

ما يجري الآن بين شركاء الأمس من مليشيا الجنجويد ومليشيا الجيش هو نتاج طبيعي لصراع السلطة والثروة القائم على فوهة البندقية فيجب أن نتعظ من تجارب التاريخ وندلف لمحاكمة التاريخ ومن ثم انشاء عقد اجتماعي جديد بمشاركة الكل وإجراء محاسبات لهذه الانتهاكات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.