الجيش الشعبي لتحرير السودان…لماذا يقاتِل ؟

 

 

قراءة : جاتيقو أموجا دلمان

إستهلال :

لمعرفة لماذا يقاتل الجيش الشعبي لتحرير السودان؟ ،نلقي الضوء أولا علي القوات المسلحة السودانية (SAF) أو بالاحري القوة المسلحة التي ظلت تحمي البروجوازية الحاكمة في الخرطوم ، وتقهر الشعوب السودانية وتذلهم علي مر التاريخ،تأسست هذه القوات في العام 1925م ، وعرفت انزاك بقوات دفاع السودان، وهي في الاصل قوة قمعية تعتمد علي مشروعية العنف، اسسها المستعمر الانجليزي لحماية مصالحه ومازالت تحافظ وتحمي امتيازات وكلائه ، والقوات المسلحة السودانية الحالية بكل تشكيلاتها ووحداتها الفنية بحسب- تقارير- ، مكونة من (177,150) جندي في الخدمة النشطة و (105,000) جندي في الاحتياطي ، وبلغ صرف الدولة علي الانفاق العسكري حوالي 2,470 مليار دولار ، في العام ٢٠١٧م ، وتذود القوات المسلحة السودانية بالاسلحة بما فيها الطائرات المقاتلة من خمسة دول هي ( روسيا ، الصين ، تركيا ، أوكرانيا وايران)، وتمتلك اكثر من (٤٧٠) شركة استثمارية ضخمة كلها غير خاضعة للمراجعة الحكومية ، حتي بعد الثورة ترفض القوات المسلحة إيلولة هذه الشركات الي القطاع المدني .
القوات المسلحة السودانية (SAF) ، هي من اكثر الجيوش في العالم تدخلاً في الشأن السياسي ، ولم تشارك في اي معركة علي حدود السودان الدولية ، وصوبت اسلحتها منذ تأسيسها ،علي صدور الشعب السوداني ، حماية للمستعمر ومن بعده دفاعا عن الانظمة السياسية الاستبدادية ،وأستولي الجيش السوداني علي السلطة بالقوة ثلاثة مرات ، الاولي في 17 نوفمبر 1958م ، بقيادة الفريق ابراهيم عبود ، والثانية في 25 مايو 1969م ، بقيادة العقيد جعفر محمد نميري ، والثالثة في 30 يونيو 1989م بقيادة العميد عمر حسن احمد البشير ، وخدع الجيش ثوار الإنتفاضة وسرق ثورتهم مرتين الاولي في 6 أبريل 1985م ، بقيادة المشير عبد الرحمن محمد سوار الذهب والثانية في 4 ابريل ٢٠١٩م ، بقيادة الفريق عبد الفتاح عبد الرحمن البرهان ، والرغبة العارمة في السلطة ، تؤكد بان القوات المسلحة السودانية هي اقرب الي التنظيم السياسي من كونها قوات مهنية مهمتها حماية البلاد ، الدستور ، والمؤسسات المنتخبة ، وفي حقيقة الأمر ، فأن ضباط القوات المسلحة السودانية معظمهم كوادر حزبية ، تم دفعت بهم الي المؤسسة العسكرية .
وبعد وصول الجبهة الاسلامية الي السلطة ، تم إفراغ القوات المسلحة السودانية (SAF) من كافة العناصر الوطنية ، وأصبح الجيش السوداني عبارة عن مليشيا حزبية مأدلجة ، وعقيدته العسكرية ، قائمة علي حماية مشروع الاسلام السياسي في السودان ، والدفاع عن التنظيمات الاسلامية المتطرفة ، لذلك تخلي السودانيين عن التحاق بالجيش ، وفشلت القوات المسلحة خلال السنوات الماضية ، بشهادة رئيس أركانها الاسبق الفريق عماد الدين عدوي في تجنيد عناصر جديدة ،لذلك استعانت بمليشيات قبلية واخري دينية متطرفة ، تم تدريبها و تنظيمها تحت مسمّي قوات ( الدفاع الشعبي / حرس الحدود/ الدعم السريع)، وإرتكبت القوات المسلحة السودانية ومليشياتها ، جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ، في كل من جنوب السودان ( الذي نال استقلاله في يوليو ٢٠١١م) وإقليم جبال النوبة / النيل الأزرق / دارفور ، وأشتملت هذه الجرائم التي ارتكبتها القوات المسلحة علي (القتل ،الإعدام ،الإغتصاب ،التعذيب ،الترحيل القسري ونهب الموارد).
(١)
كان ظهور الجيش الشعبي لتحرير السودان حتمي وقتاله من اجله معالجة هذا الخلل واجب وضرورة ، وتأسس الجيش الشعبي لتحرير السودان في العام 1983م ، كزراع عسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان ، والحركة الشعبية لتحرير السودان وفقا للمنفستو يوليو١٩٨٣م تعديل اكتوبر٢٠١٧م هي حركة ثورية تحررية وحدوية ، تسعي الي بناء سودان جديد ، ديمقراطي علماني ،قائم علي أسس العدالة والمساواة والحرية، بينما يشكل الكفاح المسلح ، ضرورة تاريخية ووسيلة لتحقيق مشروع السودان الجديد،وحتمي بسبب إعتماد انظمة الخرطوم علي مشروعية العنف ،وأن مهمة الجيش الشعبي لتحرير السودان ، كقوات إحترافية ثورية تحررية وطنية متفرغة للقتال ، هي القضاء علي أعداء الشعب السوداني،و علي رأسهم ( دعاة المركزية الإقصائية وإجهزتها القمعية وحلفائها من الجماعات الدينية المتطرفة )، بجانب حماية المدنيين وموارد السودان ،من الإستغلال والنهب .
(٢)
وفرض الجيش الشعبي لتحرير السودان بعد تأسيسه مباشرة في العام ١٩٨٣ سيطرته، علي مساحات واسعة في جنوب السودان، وحررها من نظام الإقلية الحاكمة في الخرطوم، وبعد سنوات قليلة من اندلاع الثورة في جنوب السودان وصلت أول قوة الي جبال النوبة ، في العام 1986م ، بقيادة الملازم أول عوض الكريم كوكو تية ، والملازم أول تلفون كوكو أبو جلحة ، بغرض الاتصال بمناديب التنجيد ( خلايا كومولو) ، بجانب تهئية المناخ لإستقبال القوات القادمة من جنوب السودان ، وفي 30 يونيو 1987م ، دخلت قوات كتيبة سوباط ، تحت قيادة ملازم أول يوسف كره هارون ” مستشار رئيس الحركة الشعبية الحالي ” ، وفي 27 يوليو 1987م دخلت كتيبة بلوكانو بقيادة القائد الشهيد يوسف كوه مكي ،وأسست رئاسة الحركة الشعبية في مرتفعات ” جبال أشرون ” ، وفي العام 1986م وصلت قوة من الجيش الشعبي الي النيل الازرق بقيادة ملازم أول جبريل كرمبة أومونق ،والقائد بيتر كوما لويني ” عضو المجلس السياسي والقيادي للحركة الحالي ” ، ومن بين هذه القوات القائد جوزيق تكة علي ” نائب رئيس الحركة الشعبية الحالي” ، وفي العام 1991 وصلت قوة من الجيش الشعبي لتحرير السودان الي دارفور بقيادة القائد عبد العزيز ادم الحلو ” رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان الحالي ” والقائد الشهيد داؤد يحيي بولاد ، وفي العام 1995م ، تم أنشاء لواء السودان الجديد في شرق السودان ،هذه الاحداث تؤكد أن الجيش الشعبي لتحرير السودان موجود بالفعل منذ أكثر من (32) عام في العمق السوداني ، وإكتسب من الخبرات والتجارب ما يؤهله ليصبح نواة القوات الوطنية ، الامر الذي يتطلب ضرورة إعادة هيكلة القوات المسلحة السودانية بعقيدة جديدة وقيادة جديدة وقوات جديدة من اجل الحفاظ علي وحدة السودان .
(٣)
ومنذ التوقيع علي أتفاقية السلام الشامل في العام 2005م ، عمل النظام البائد علي تقويض الاتفاقية ، وفي السابع عشر من أبريل٢٠١١م بدأ النظام البائد في التعبئة للحرب و تسليح مليشيا الدفاع الشعبي والمراحيل ومليشيات أخري ، ونقل كميات كبيرة من العتاد الحربي والاسلحة الثقيلة ، ونشر الالاف من الجنود في المدن الرئيسية بولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق ، حينها كان الجيش الشعبي لتحرير السودان ، قد أكمل إنسحابه جنوب خط الاول من يناير ١٩٥٦م ، وفقاً لبنود الاتفاقية ، بأستثناء (6,000) مقاتل في الولايتين ، يتبعون الي الوحدات المشتركة المدمجة (JIUS) ، وينص بروتوكول الترتيبات الأمنية علي بقاء القوات المشتركة المدمجة حتي التاسع من أبريل 2012م ، في حال إنفصال جنوب السودان ، الا أن النظام البائد وفي مساعيه لتقويض الاتفاقية وجر المنطقة الي الحرب مجددا ، إصدر رئيس أركان قواته أنزاك الفريق عصمت عبد الرحمن ، أوامر للفرقة (14) مشاة المتمركزة في كادوقلي والفرقة الرابعة مشاة المتمركزة في الدمازين، بالبدء الفوري في تجريد منسوبي الجيش الشعبي في القوات المشتركة من السلاح أبتداءاً من 1 يونيو 2011م ، في مخالفة صريحة للاتفاق، وبدأت الحرب ، وليس امام الجيش الشعبي لتحرير السودان سوي حماية المدنيين والدفاع عن المكتسبات التي حققها علي إقلتها من الاتفاقية.
(٤)

وأييد الجيش الشعبي لتحرير السودان ، قرارات مصيرية في يوليو ٢٠١٧م كان قد اتخذها مجلسي التحرير في اقليمي جبال النوبة والنيل الازرق في مارس من ذات العام ، القرارات التي اطاحة بالرئيس المقال مالك عقار اير وأمينه العام المقال ياسر سعيد عرمان ، الذين يتهمهم الجيش الشعبي بتمرير ورقة تفاوضية تؤدي الي دمجه في الجيش السوداني بذات العقيدة العسكرية التي تنتهجها القوات المسلحة أبان النظام البائد بما يعرف بخطة ( الهبوط الناعم)،وإعاب الجيش الشعبي لتحرير السودان علي قائده السابق مالك عقار تخليه عن الكفاح المسلح بالرغم من التضحيات الجسام التي قدمها شعب النيل الازرق منذ العام ١٩٨٦م، وفوض الجيش الشعبي لتحرير السودان في يوليو ٢٠١٧م خلال اجتماع تاريخي ضم ضباط من رتبة القائد المناوب ( عقيد) وما فوق لثلاثة فرق عسكرية مقاتلة متمركزة في اقليم جبال النوبة ، بجانب اجتماع اخر مماثل ومتزامن لضباط الفرقة العسكرية المقاتلة والمنتشرة في اقليم النيل الازرق، فوض الاجتماع كومندر عبد العزيز ادم الحلو لتولي قيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان والتحضير لعقد مؤتمر عام استثنائي ، لإجازة الوثائق الاساسية ( المنفستو والدستور) وإنتخاب رئيس للحركة وإستكمال الهياكل التنظيمية.
(٥)
وجدد الجيش الشعبي لتحرير السودان في أول اجتماع لهيئة القيادة العليا ، تمسكه بالكفاح المسلح ،كوسيلة لتحقيق مشروع السودان الجديد، ودعا الجيش الشعبي، الاجهزة التنفيذية للحركة لمواصلة التفاوض من أجل الحل السلمى على أساس أن تمارس جميع الشعوب السودانية حق تقرير المصير كحق إنسانى دولى منصوص عليه فى جميع المواثيق الدولية، إما للإستقلال الكامل، أو التوافق على نظام حكم ديموقراطى، علمانى يُوفِّر للشعوب المُهمَّشة مُمارسة حقها فى الحكم في إطار الدولة الواحدة، ويضمن لها كافة حقوقها المسلوبة، بما يُحقِّق السلام العادل والاستقرار فى السودان، وأكد الجيش الشعبي لتحرير السودان جاهزيته لكافة السيناريوهات، واوضح في ذات الاجتماع انه يراقب تطورات الاوضاع في الخرطوم عن كثب.
(٦)
ويقاتل الجيش الشعبي لتحرير السودان منذ العام ١٩٨٣م انظمة الخرطوم المركزية الإقصائية المستبدة ونخبه البروجوازية التي لا تعترف بالتنوع وتصر علي بقاء الاوضاع المخلة في الدولة السودانية، ويسعي الجيش الشعبي لتحرير السودان من خلال قتاله الطويل الي بناء سودان جديد ديمقراطي علماني، يحترم الجميع ويحفظ حقوقهم الثقافية والدستورية من خلال إقرار مبادئ ( فوق الدستور) تعرف بموجبها هوية الدولة السودانية وتأسس لعقد اجتماعي جديد ينهي حالة الإستبداد السياسي وهوس الدولة الإحادية.

12 تعليقات
  1. ابراهيم فضل يقول

    نضال الحركه الشعبيه لازم اكون من الداخل بمعني الحركه لازم تدخل الخرطوم لانو مفاوضات مع الحكومه الموجوده ما منو فايده مماطلة بس كسب للوقت لا غير زلك

  2. طارق مصطفى يقول

    عمل جميل إن شاء الله بالتوفيق اسبلم ويي
    وتحية خاصة لقائد العام الراكز الكمندار عبدالعزيز آدم الحلو و جميع أعضاء المكتب التنفيذي….. الخ العلمنة هي الحل الأمثل و أفضل لبناء سودان جديد وانتم تمثلوني بشدة إلى أمام اخيرا وليس اخرا الف مبروك لموقع الإلكتروني

  3. Muses يقول

    الف تحية للجيش الشعبي و التى اتولدت من رحم معاناة الشعوب السودانية الأصيلة، لا انكسار واكيد ستنتصر قضية الشعب، ، وتتحقق دولة المواطنة الحقة، بإرادة ثورية نقية.

  4. جبريل فاشر يقول

    الى الامام والنصر اكيد

  5. Rayan يقول

    نرجو من سيادتكم نشر تحرير كاودا

  6. عبدالباقي محمد عبد الباقي يقول

    الجيش الشعبي وي

  7. AYOB يقول

    عاش نضال حركات الكفاح المسلح

  8. Award El zabier يقول

    مبروك تدشين الموقع ،خالص التحايا للرفاق الاشاوس.

  9. اسماعيل السنوسي يقول

    اجندة الحركة الشعبية لا تختلف عن كثير من الاطروحات السياسية التي يطالب بها الكثير من السودان لكن تعسف الانظمة الدكتاتورية والعقلية الشمولية المسيطرة اسكتت صوتهم … اننا كمدنيين لا نميل للحرب لكن نحترم نضالات الحركة الشعبية على طول تاريخها ونعتبرها الصوت العالي للصامتين قسرا. نتفق تماما مع مواقف الحلو ونرجو ان يستمر التفاوض لمعالجة القضايا الجذرية. وليس تقسيم كيكة الوطن الذي اصبح خرقة ممزقة بفعل قصر نظر السياسين …نحتاج ان نغير الواقع وليس ان نتبادل الكراسي …
    عاشت نضالات الحركة الشعبية ..
    اسماعيل م. السنوسي

  10. عامر توتو بحر يقول

    مبرووك للجيش الشعبي و لجيش الشعب برافو!!
    تحية صمود و نضال للحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان شمال، و هي تدافع عن حقوق المستضعفين برغم كيد بعضهم

  11. معتصم بدري يقول

    مبروك للجيش الشعبي للجيش الشعبي برافو ✊
    Splm

  12. عبد الله أحمد آدم abdalla Bush يقول

    بالرغم إني كنت لا أعلم بهذه المقتطفات التاريخية لا اضع للموضوع أهمية
    ولكن سنظل في مشوار النضال حتى يتحرر الإنسان السوداني
    تحياتي للقادة المبادرين وجميع الشعب المحرر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.