احذروا الإعلام الكاذب

سعيد تاور

 

لا تقف خسائر الحرب المدمرة، التي أهلكت الأنفس والزرع والضرع في السودان، عند هذا الحد، بل تسببت في تمزيق الشعب السوداني، حتي اصبح هذا الشعب الابي ذو التاريخ المجيد، يهيم بوجهه يستجدي القوت والمأوى في العديد من بلاد العالم، و امتدت خسائرها، لتشمل التاثير في وعيه و قدرته علي استيعاب ما يجري في البلاد، بسبب التشويش والتضليل الذي تسببه الحرب الاعلامية التي تديرها غرف متخصصة في بث الأكاذيب و التحليلات السخيفة التي لا تقف علي قدم.
إن أكثر من يكتب عن الحركة الشعبية، في هذه الأيام، لا يعرف عنها شيء. لقد شبعنا من ترديد من يقول، أن الحركة تعمل ضد النوبة، وان الحركة تنسق مع الدعم السريع، أو أن عبدالعزيز الحلو عدو للنوبة …الخ.
وضح لنا جليا، أن البعض يريد أن يدير الحركة الشعبية من منازلهم وحسب أهوائهم، ودون معرفة بالحقائق، أو رغبة في قول الحق، فهم يصفقون للحركة، عندما يتصدى الجيش الشعبي للجنجويد حماية للمواطنين، كما فعلت في التكمة، الدلنج، هبيلا، والمنطقة الشرقية، ولكن عندما تهاجم الحركة الشعبية حامية الجيش في الكويك، ردا على الجريمة التي نفذها جيش الحكومة بقتل الأطفال الأبرياء في الهدرا، يسارع كيزان النوبة و ابواقهم، إلى اتهام الحركة بالعمل ضد النوبة.

لم نسمع الشجب والادانة من نفس هذه الفئة، عندما تقاعس لواء كامل من جيش الحكومة يتحصن في حامية الدلنج، عن حماية المواطنين في التكمة وهبيلا، و لم تتحرك حاميات الحكومة في المنطقة الشرقية، لحماية مواطني قري تقلي، ولم نسمع الادانة عندما قذفت طائرات الحكومة، براميلها المتفجرة على رؤوس اطفال الهدرا، وقصفت قري المواطنين العزل في كيقا جرو و كيقا تمرو ولبن، ولم نسمع صوت هؤلاء، عندما قامت استخبارات الجيش، باعتقال العشرات من أبناء كيقا، واستهدفت الشباب من خريجي الجامعات، بصفة خاصة، بل عندما قامت باغتيال ثلاثة منهم.

إن جل من يتحدثون عن سياسات عبدالعزيز تجاه النوبة، تنسيق عبدالعزيز مع الدعم السريع، اهتمام عبدالعزيز بالمساليت، أكثر من بالنوبة…الخ، لا يعرفون كيف تدار الحركة الشعبية.

الحركة الشعبية لتحرير السودان، تنظيم ثوري وليس جمعية خيرية، أو حزب طائفي تديره عائلة كما هو الحال في حزب الأمة والحزب الاتحادي، والحركة الشعبية ليست حزبا صغيرا تسيطر عليه فئة قليلة من الأفندية قليلي الخبرة، كما نرى في أحزاب السودان الاخري.
الحركة الشعبية تنظيم يخضع للقيادة الجماعية، ولديه اجهزة لاتخاذ القرار، مثل مجلس التحرير والهيئة القيادية، ولديه قيادة عسكرية تضم ضباطا يمتلكون كفاءات وقدرات عالية ورؤية استراتيجية. الجيش الشعبي ليس ميليشيا تخضع لتوجيه فرد، كما هو حال الدعم السريع، وليس مجموعة من الموظفين الذين يقاتلون من أجل المال أو الامتيازات الشخصية التي يلهث وراءها ضباط جيش الحكومة، إنه جيش يمتلك رؤية سياسية وعقيدة قتالية. جيش يقاتل من أجل الهدف الذي يؤمن به، ويضحي بكل شيء يملكه، لا من أجل راتب شهري، كما يفعل جنود الحكومة.
هذا هو سر قوة الجيش الشعبي الذي ظل يحمل راية النضال ضد الدكتاتورية و هيمنة الاقلية، والظلم والاستغلال والقهر، لاكثر من اربعين عام ، دفاعا عن حقوق المستضعفين والمهمشين في السودان. جيش لم تستطع حملات حكومة نميري وسوار الدهب والصادق المهدي والحركة الاسلامية، من هزيمته في عشرات المعارك التي استخدمت فيها الحكومة آلة الحرب الضخمة التي تملكها، ومليشياتها من كتائب المجاهدين، والدفاع الشعبي، والجنجويد، و استعانتها فوق ذلك بالدول العربية وإيران.

إن أخطر وأعظم جرم اقترفته الفئات التي سيطرت على حكم السودان منذ الاستقلال، هو استخدامها للتعليم والإعلام وكل الأساليب المتاحة لديها، لغسل أدمغة المستضعفين والمقهورين، واخضاعهم، حتى يتم اقتيادهم بسهولة، لتنفيذ أجندتها، و نسبة لضعف التعليم وغياب القيادات الواعية، والرؤية الاستراتيجية لدى أبناء النوبة، صار أكثرهم ضحايا للتجهيل والاستغفال الذي برعت فيه الفئات الحاكمة، من تحالف الاحزاب الطائفية وتجار الدين والكيانات الجهوية والرأسمالية الطفيلية و طبقة الأفندية، التي تربت في كنف الإيديولوجيا الاسلاموعربية.
أما ما يسمى الحركة الإسلامية، التي جثمت على صدر الشعب السوداني لثلاثين عام، فقد استخدمت أقذر الأساليب لإلغاء الآخر والسيطرة على وعي الجماهير وسلب حرية التفكير، ولذلك أصبح معظم أبناء النوبة، صيدا سهلا للاكاذيب، و يساقون كالقطيع وراء الإعلام الكثيف لشيطنة الحركة الشعبية.

في مثل هذه الظروف الملغومة، التي تصعب فيها رؤية الحقائق، لابد لأبناء النوبة، من قراءة الكثير مما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي بوعي، وذهن ناقد، فأكثر ما ينشر اليوم يحمل الأكاذيب، التي تخدم أجندة سياسية، و تكون في الغالب ضد مصلحة النوبة.

سعيد تاور
١٥ ابريل، ٢٠٢٤

تعليق 1
  1. محمد حسن شرف يقول

    موفق يا كمرد فيما ذهبت إليه في هذه النافذة المهمة وهو الوقت المناسب لقول الحق لعل يدركون هؤلاء القوم الذين يساقون بالإعلام الكاذب الي أين سوف تنتهي بهم المطاف .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.