التطبيع مع إسرائيل وآفاق التوصل لعلمانية الدولة السودانية في المفاوضات المقبلة مع الحركة الشعبية

بقلم: عبدالعزيز أحمد ديرو

 

تابعنا في الأيام الماضية مجريات رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد مفاوضات طويلة وطلبات مقدمة بأن ذلك من أفعال النظام البائد والشعب السوداني برئ منهم، ووافق الرئيس الأميركي دولاند ترامب بعد أن تم إيداع مبلغ وقدرها ٣٣٥ مليون دولار تعويضا لأسر الضحايا الأمريكان في أحداث انفجار سفارتي نيروبي ودار السلآم الأمريكيتين، واستصحبه علي ذلك تطبيع السودان مع إسرائيل في بيان رسمي لوزارة الخارجية السودانية. قبل الدخول في ردود الأفعال، نشير لمفهوم التطبيع مع إسرآئيل ومن ثم ننتقل بكم الى بعض الأمثلة للدول العربية التي لها علاقات تاريخية مع إسرآئيل. إن مصطلح التطبيع يأتي عادة في سياق العلاقة بين متناقضين، كالاحتلال مثلاً والرافضين لوجوده، وهو يعني جعل العلاقة بينهما طبيعية. وعليه، فإن التطبيع يعتبر عملا خارج سياق المعقول أو العرف أو المنطق، ولو لم يكن الأمر كذلك، لما سمي الفعل تطبيعا. والتطبيع كإجرآء يستلزم وجود تكافؤ بين الطرفين حتي يأخذ دلالته الصحيحة.
والتطبيع هو إقامة علاقات مع دولة إسرآئيل وأجهزتها ومواطنيها، ويعني بالتالي تجاهل حالة الحرب القآئمة، والاحتلال والتمييز العنصري، أو هي محاولة للتعميم علي ذلك أو لتهميشه عن قصد.
تعتبر بعض من الدول العربية موضوع التطبيع قضية خطيرة في النزاع السياسي في العالم العربي اليوم، وخاصة فلسطين، فيما يختص بالعلاقات مع دولة إسرآئيل والمواقف المتخذة منها،
رغم ذلك، فنجد كل المواطنين من اليهود والعرب في دولة إسرآئيل متساوون فى الحقوق من حيث المبدأ، مع وجود تمييز بسيط في الواقع تجاه المواطنين العرب في بعض المجالات.
في إسرآئيل، العرب الذين يحملون المواطنة الإسرآئيلية يتعاملون مع السلطات المدنية ولهم ممثلون في الكنيست. حيث يعيش ما يزيد على ٣٠٠،٠٠٠ مسيحي ( عرب مواطنون في إسرآئيل ومسيحيون ناطقون باللغة العبرية وهم أيضاً مواطنون إسرآئيليون أو مهاجرون مقيمون منذ أمد بعيد أو قادمون بحق اللجوء ).وكلهم يخضعون للقانون العام الإسرآئيلي.

ويفترض أحمد أبو مطر “أن هذا الموضوع قد انتهى النقاش حوله منذ سنوات، خاصة بعد الصخب والصوت العالي الذي أعقب زيارة الرئيس السادات لدولة إسرآئيل في نوفمبر من عام 1977م، وما تلاها من توقيع إتفاقية الصلح المصرية الإسرائيلية التي عرفت باسم (إتفاقية كامب ديفيد) المنتجع الأمريكي الذي وقعت فيه الإتفاقية بحضور الرئيس محمد أنور السادات والرئيس ميناحم بيجن والرئيس الأمريكي جيمي كارتر في سبتمبر 1978، و نتج عنها الإعتراف الدبلوماسي بين مصر وإسرآئيل وتبادل السفرآء وفتح السفارات في كل من القاهرة و تل أبيب”.
الفلسطينيون والتطبيع بعد خمسة عشر عاماً، وقعت منظمة التحرير الفلسطينية إتفاقية أوسلو مع الدولة الإسرآئيلية، التي تم توقيعها في واشنطن في الثالث عشر من سبتمبر عام 1993م، بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وشيمعون بيريز وزير الخارجية الإسرآئيلي وياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وسُميت الإتفاقية على اسم العاصمة النرويجية أوسلو، لأن المحادثات السرية بين الوفدين الفلسطيني والإسرآئيلي جرت فيها منذ عام 1991م، عقب مؤتمر مدريد. وقد نتج عن هذه الإتفاقية عودة غالبية قادة منظمة التحرير الفلسطينية والفصآئل الفلسطينية الأخرى وأغلب أجهزتها بما فيها الشرطة المدنية إلى قطاع غزة والضفة الغربية. وقد أخذ النقاش بين المثقفين العرب حول التطبيع أبعاداً مختلفة خاصةً بعد الزيارات العديدة التي قام بها كتاب مثل المسرحي المصري علي سالم لدولة إسرآئيل ولقآءه مع الكتاب والمسؤولين الإسرآئيليين، وقد قوبلت زياراته باستنكار واسع ومقاطعة له في مصر وأغلب الأقطار العربية.
بعد تعرفنا على معاني ومفاهيم التطبيع نعود ثانياً إلي ردود أفعال الشعب السوداني والأحزاب السياسية المختلفة الاتجاهات، الشعب أيدت التطبيع مع إسرآئيل وخاصة الشباب الناشطين في مواقع التواصل الإجتماعي مؤكدين بأن شعبي البلدين لم يكن لهم مشكلة أصلاً محملين تلك الإشكالات المفتعلة على نظام الإخوان المسلمين البآئد وأتباعهم من الأحزاب الطآئفية التقليدية، إلا أن بعضاً من أحزاب قوى الحرية والتغيير كحزب الأمة القومي وحزب البعث العربي الإشتراكي وأحزاب أخري استنكرت التطبيع وشنُ هجوما لازعاً على وزير العدل السوداني وحملوه مسؤولية تجاوز الثوابت الوطنية، إلاّ أن وزير العدل رد لهم بأن الشعب السوداني لم يجتمع يوما لوضع ثوابت للوطن المسماه السودان، وأن الملف تنتهي في اجتماع مجلسي السيادة والوزراء بقيامهم بدور البرلمان القومي لحين تأسيس البرلمان،
ما يهم الشعب السوداني بعد التطبيع مع إسرآئيل إيجاد حلول جزرية للمشكلة السودانية، والإجابة على الأسئلة الجوهرية كيف يحكم السودان؟ والهوية السودانوية، وهل علمانية الدولة تكون سببا فى توقف المفاوضات بين وفدي الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال وحكومة الفترة الإنتقالية؟ بالتأكيد قد تتغير الجولة المقبلة جوهرياً خاصةً وأن وفد التفاوض الحكومي مضغوط من جهات وتنظيمات عديدة وبالتحديد في علمانية الدولة وحق تقرير المصير لكل الشعوب وممارسته في المنطقتين.

أهم المصادر:
١- مفهوم التطبيع مع دولة إسرآئيل دراسة تحليلية للكاتب أحمد أبو مطر
نشر في مجلة إيلاف للنشر المحدودة

٢- التطبيع وكيف مارسته الإمارات دراسة للكاتب عبدالسلام معلا
شبكة قدس الإخبارية
٣’ بيان صادر عن مجلس رؤسآء الكنآئس الكاثوليكية في الأراضي المقدسة
٢٣مايو ٢٠١٧م كنيسة محلية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.