شكرا القراي عفوا حمدوك
خالد فضل
شكرا د عمر احمد القراي المدير العام للمركز القومي للمناهج والبحث التربوى(المستقيل)،فقد حاولت بالفعل غرس الوعي والاستنارة في عقول ناشئة الاجيال من تلاميذ وتلميذات المدارس في السودان عبر إشرافك على اللجان التربوية والفنية التى اعدت مناهج التعليم الجديدة ،وانت الذى امضيت عمرك كله داعيا وناشرا للوعي والاستنارة،منذ ايام اركان النقاش حين كنت طالبا في جامعة الخرطوم،وعبر نشاطك ومساهماتك الفكرية وكتاباتك المنشورة عبر مختلف وسائط الاعلام،وقد توقفت عن فعل كتابة الراي المستنير بعد توليك لمنصب الموظف العام في وزارة التربية والتعليم الاتحادية في اكتوبر ٢٠١٩م،وكنت تقدم بذلك درسا مفيدا نحتاجه لبناء الوطن؛وهو التفريق الضروري بين الراي الشخصى او التوجه الفكري او الانتماء السياسي والوظيفة العامه،ظلت سهام الظلاميين ودعاة التضليل وقادة الهوس الدينى تنتاشك من لحظة تعيينك في المنصب العام،وكعادة زعماء الباطل منذ فجر التاريخ كان سلاحهم التضليل والتجهيل والكذب والاثارة للغرائز والعواطف ضد العقل والعقلانية،اذ عند اعمال العقل تبطل كل دعاويهم ويتبخر سحر الدجالين والمشعوذين من تجار الدين.
شكرا د القراي وانت تنفق اربعة عشر شهرا وبضعة وعشرين يوما في عمل دؤوب ،وتبذل جهدا بدنيا وذهنيا صبورا وراشدا من اجل تنفيذ وعد الثورة السودانية في الوفاء لدماء الشهداء والجرحى والمفقودين،باكمال مشروع التغيير الذي مهرته الدماء الذكية والارواح النبيلة ،وكنت جادا وصادقا ومخلصا في حين كان البعض-ربما-يأمل في التسويات وطي الجراح على القيح ليظل جسد الوطن تحت وطاة الالم والتعذيب وتطور مراحل الداء العضال،واستشراء الصديد في اوعية دماء التجديد.وقد تشرفت شخصيا بالمام طفيف ببعض ماكنتم تقومون به من مهام في سبيل النفع العام ؛وذلك بحكم انتمائي لمهنة التعليم،كان شغلك الشاغل وهمك الاعظم هو جبهة المنهج الدراسي بمكوناته المختلفة التدريس والمقرر والتقويم وماتشمله من فروع ،واعلم يقينا اشرافك على العمل الجماعى الذي يتم عبره التغيير،ومتابعتك اللصيقة لكل تفاصيل عمل اللجان والادارات التى تتبع لمنصبك ،وحرصك على الدقة والتجويد والتصويب واستماعك الواعى لكل راي سديد،واستجابتك الراشدة لكل فكرة عملية ومقترح مفيد،خاصة في بعض الامور الفنية التى لم يك لكم بها المام كاف ،ولعل كثير من التربويين والمعلمين والخبراء يعرفون هذا،فقد ظل مكتبكم مقصدا لكل من يريد نقاش شأن تربوي في مجال مسؤليتك ،وظلت هواتفك سريعة الاستجابه ،وهواتف مكتبك وسكرتاريتك مبذولة لكل مدارس السودان من اقصاه ل اقصاه ،وكل هذا في تقديري المنهج الصحيح للثورة فى الادارة الرشيدة.
ثم شكرا د القراي وانت تقدم مرافعة رصينة في خطاب إستقالتك البليغ من المنصب العام ،لتؤكد مرة اخري انك الاكثر تاهيلا والأصدق عزما والأشد حرصا على اهداف وغايات ثورة ديسمبر المجيدة التى تستهدف التغيير الشامل وبناء السودان الجديد ،سودان الكرامه الانسانية بشعاراتها الخالدة حريه سلام وعدالة،وهى القيم والمبادئ التى تفكك كل متاريس الظلام التى شادتها عقود التضليل باسم الدين ومع الاسف ان تلك المتاريس ماتزال مسيطرة على عقول الكثيرين .
2-
عفوا فئات المثقفين والمستنيرين والمفكرين والثوار الحقيقيين ، فقد اختفت جبهة الاستنارة القوية الموحدة في مواجهة تلك الرائحة الكريهه التى سممت الاجواء ،لم تنهض جبهة قويه مؤثرة قوامها كل من يؤمن بحقوقه كانسان حر،وبوطنه كوطن يستحق ان ينهض ويتقدم،ليس ذودا عن د القراي ،فهو كما اسلفت موظف عام ،ولكن ذودا عن المستقبل لاطفالنا ،ودفاعا عن حقهم في الحياة الجديدة المعافاة وفي التعليم المنصف الجيد والشامل،جبهه تضم المثقفين/ات والإعلاميين/ات والاكاديميين/ات والناشطين/ات والثوار وشباب المقاومة والاحزاب الديمقراطية المتحررة من قبضة الهوس والطائفية،لتقف ضد الغلواء والتطرف ،وتمنع هيمنة وسطوة تجار الدين وعناصر الارهاب واساطين الهوس من السيطرة على الفضاء العام، ولتكن واقعة تجميد العمل بالمناهج الجديدة وهجمات التكفير والتشفي ضد د القراي نقطة انطلاق لقيام هذه الجبهة اليوم قبل الغد، ليس بغرض الدفاع عن القراي فحسب؛بل لان ناقوس الخطر يدق بقوة و(أكلت يوم اكل الثور الابيض)،فهناك مئات المحرمات من منظور جماعات الهوس مما يتطلب منها الجهاد ضده ،مثل الفنون التشكيلية والادب والشعر والموسيقى والمسرح والسينما وكتب الفكر وحتى مذيعات التلفزيون والممثلات في المسلسلات وكرة القدم النسائية وحجاب المرأة وعملها بل حتى التعليم النظامى كما عند بوكو حرام،ولعل هذه الواقعة تشكل حافزا وجرس انزار لمآل الحال اذا استمر التهاون والتراخى والانصراف للصراعات الحانبية بين قوى الثورة والتغيير ،وهنا لابد من الاشادة بالموقف المحترم واللائق بالحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة الرفيق عبد العزيز الحلو ،وهى تقف في خندق الثورة والتغيير ضد موجة الهوس والتضليل.
3-
ثم عفوا سيادة رئيس الوزراء د حمدوك ،ولى على قراره تعليق:
اولا_ تخطى القرار للمؤسسية ،اذ لم يتم تداول حيثياته مع مؤسسات الحكم ذات الصلة واولها وزارة التربية والتعليم والادارات التعليميه في مختلف الولايات،وهذا يقدح في موضوعية وعلمية القرار ،بل تمتد تداعياته لتلحق بكل قرارات لاحقة؛لجهة عدم يقين الناس ان كانت ستصدر عن المؤسسات المخولة ام من جماعات الهوس الدينى.
ثانيا_
لم تشمل دائرة التشاور الحاضنة السياسية بما فيها قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية والقوى الحية للثورة كتجمع المهنيين والاحزاب الديمقراطية،وبدا الامر وكان رئيس الوزراء لايأبه بهذه القوى ويهدف الى تكوين حاضنة سياسية جديدة قوامها الاساسي اعداء الثورة من الفلول وتنظيماتهم السياسيه ذات الغطاء الدينى كالاخوان المسلمين والوهابية .
ثالثا_
حمل البيان رضوخا واضحا للابتزاز الدينى الممنهج وخضوعا مذلا للهوس لايليق بقائد يتوقع فيه كثير من الناس الوعى والاستنارة،وفتح بذلك الخضوع الباب امام المزيد من التنازلات ورهن اتخاذ القرارات المصيرية لمستقبل التغيير في البلاد بمواقف الجهات المعادية اصلا للثورة والتغيير ،اذ ان بعضها ينطلق ضد التغيير من ادبيات عقائدية كجماعة الوهابية التى تحرم الخروج على الحاكم الظالم الفاسد المستبد،او جماعة الاخوان التى تقسم الناس الى فسطاطين ،فسطاط الحق المطلق الذي تمثله جماعتهم في مقابل فسطاط الجاهلية والعلمانية الذي يمثله كل من خالفهم ،اما طائفة الانصار،فقد اعلن امامها الراحل الصادق المهدى يرحمه الله اعتراضه علي تعيين د القراي لحظة صدور القرار،وهو موقف مسبق من شخصه وليس مايفعله،وطائفة الختمية ظل حزبها بقيادة مرشدها مولانا الميرغني ضمن طاقم حكومة البشير حتى لحظة سقوطه وكان بعض رموزها يعلنون تاييدهم للدكتاتور امام الحشد الهزيل للطاغية في ساحة الحرية(الخضراء سابقا)في وقت كانت ترتقي فيه ارواح الشهداء برصاص جلاوذة النظام ،وطرقنا الصوفية التى استشارها رئيس الوزراء فقد ظلت مواقف معظمها محفوظة فهى تتبع تاريخيا لكل حاكم وشعارها الوحيد(الله يولي من يصلح)فاذا ايد رئيس الوزراء القراي ايدته ،ولكن نسأل هنا عن راي الطوائف المسيحية التي ورد في البيان ان رئيس الوزراء قد استشارها.،ونسأل كذلك ان كان قد استشار المجموعات الروحانية الاخري .
رابعا_
ماذا سيكون موقف رئيس الوزراء في حال قيام حملات مماثله-وهى متوقعه من جماعات الهوس-ضد سيداو او اعلان مبادئ السلام مع الحلو المتضمن لعلمانية الدولة،تعديل القوانين في وزارة العدل بما يتماشى مع حقوق الانسان ،المصادقه على العهود والمواثيق الدولية التى تشتمل في بعض بنودها على ما لا تقبله جماعات الهوس الدينى،بل يمكن ان يمتد التهريج والتضليل باسم الدين الى لجنة ازالة التمكين او لجنة التحقيق في فض الاعتصام باعتبار ان ضحايا تلك المجزرة من الصعاليق والمطلوقات والملحدين كما كانت تقول خطب بعض منابر الهوس مما هو متداول في الوسائط ،فهل سيستجيب السيد رئيس الوزراء ويستمر مع ذلك رئيسا لوزراء هذه الثورة العظيمه كما يقول!
خامسا_
هنالك ربكة احدثها القرار بالجانب الفنى فى قرار التجميد خاصة مع استئناف الدراسة للصفين الثامن اساس والثالث ثانوى والبدايه المتوقعه لبقية الفصول خلال هذا الشهر فهل تتم العودة لتدريس المقررات السابقه وماذا بشأن الموضوعات التى تم حذفها في بعض المواد او بعض المواد التى تم الغاءها كملبسنا ومسكننا في الاساس والعلوم العسكرية في الثانوى والتى تم الاستعاضة عنها بمواد اخرى ،فما العمل؟.
ملحوظة:لماذا لم تثر ثائرة ادعياء الدين والذود عن حماه في مواجهة خطوات التطبيع مع اسرائيل وقد افتى مجمع الفقه الاسلامى بعدم جواز ذلك التطبيع وتقف ضده معظم جماعات الهوس الدينى التى يستشيرها رئيس الوزراء،وهى تثير الذوبعه والهياج حول صورة للفنان العالمى مايكل انجلو مساحتها اقل من ربع صفحه في كتاب التاريخ ضمن باب تاريخ الفنون في عصر النهضة،فهل مع ذلك يصدق صاحب عقل ان الغرض من الحملة هو الدين ،الهدف واضح وهو اضعاف واسقاط السلطة المدنية لصالح من يجاهرون بتفويضه ويسيرون المواكب من اجل ذلك من جانب العسكريين،وتقول لي جماعات دينية!
Goodman