د. عبد الله علي إبراهيم: آخر حراس المعبد القديم يبيعنا الوهم بفاتورة التاريخ 2-2

خالد كودي، بوسطن، 17 /3 /2025

 

رابعًا: المراوغة في الطرح – استراتيجية التضليل:

أثبتنا في الجزء الأول من المقال إدراك الدكتور عبد الله علي إبراهيم أن نقد ميثاق التأسيس بشكل مباشر يعني الدخول في مواجهة فكرية خاسرة، لأن الميثاق، بمبادئه الواضحة في مخاطبة جذور مشكلات السودان، يحمل حججًا قوية يصعب دحضها دون أن يُكشف زيف الموقف المناوئ له، والدكتور وما يمثل لا يستطيعوا التصريح بأنهم ضد المواطنة المتساوية التي لا يمكن ان تتحقق الا في وطن علماني ديمقراطي…الخ الاطروحات وهكذا. لذا، يلجأ الدكتور وغيره إلى تكتيك المراوغة والتضليل، حيث لا يواجه الأفكار كما هي، بل يعمد إلى تشويهها عبر إسقاطات غير منطقية ومغالطات تاريخية وحجج الغرض منها التشتيت- بمعني كل شيء الا الحديث عما هو أساسي في الميثاق والدستور!

وكما قال الفيلسوف الفرنسي رولان بارت:

“الأسطورة ليست كذبة، بل هي تحريف متعمّد للواقع لجعله يخدم غاية معينة”

وفي الجزء الثاني من مقاله المنشور في “سودانيزانلاين” ، يواصل الدكتور عبد الله علي إبراهيم إعادة توظيف استعارة “دوريان غراي” الأدبية، محاولًا إقناع القارئ بأن السودان الجديد ليس سوى صورة زائفة من المثالية، بينما يتآكل في الواقع تحت وطأة الفشل والتناقضات. لكنه، وكعادته، يلتف على الواقع المادي الماثل أمامه في السودان، متجاهلًا أن المناطق المحررة منذ فك ارتباط الحركة الشعبية شمال عن الحركة الأم في 2011 قد أسست نموذجًا مختلفًا عن تجربة جنوب السودان، لا علاقة له بالإخفاقات التي يروّج لها، (وأيضا أسست نموذجا مختلفا عن دولة السودان ذات نفسه) ولا علاقة للمناطق المحررة بفشل السودانيين حتي من باب ” ولا تزر وازرة وزر أخرى” ولا شنو؟!

وكما وصف الفيلسوف جان بودريار في نظريته عن المحاكاة، فإن الدكتور عبد الله علي إبراهيم يصنع واقعًا مزيفًا ليبرر حججه، حيث لا يناقش السودان الجديد كما هو، بل كما يريده أن يكون في خياله، مستندًا إلى كوارث جنوب السودان لإخفاء الحقائق على الأرض في السودان.

لا يتوقف الدكتور عبد الله عند محاولة تشويه السودان الجديد، بل يمضي أبعد من ذلك بفصل الدعم السريع عن هذا المشروع رغم توقيع الدعم السريع على الوثيقة التأسيسية التي اعتمدت على رؤية السودان الجديد، والدكتور يدرك تمامًا أن أي كيان سياسي أو عسكري يُحكم عليه من خلال ممارساته العملية، لا بخطاب النوايا وحده.

بالتالي، فإن طرحه يثير سؤالًا جوهريًا:

إذا كنا سنحكم على أي طرف من ماضيه فقط، فلماذا لا نستخدم نفس المنطق مع الدكتور عبد الله علي ابراهيم نفسه، ونحاسبه بناءً على انتماءاته السابقة ان كان ماركسيا او إسلاميا او لا منتمي ونسجنه فيما اخترنا له من محطة سابقة!؟ إن التلاعب بالمعايير هنا ليس مجرد زلة فكرية، بل استراتيجية مقصودة لتحريف النقاش، تتماشى مع ما وصفه الفيلسوف فريدريك نيتشه حين قال:

“الضعفاء في الحجة يلجأون دائمًا إلى إقصاء الواقع، لأن مواجهته تعني نهايتهم”

الاحتيال الأكاديمي: قراءة انتقائية للتاريخ:

لا يكتفي الدكتور عبد الله بالتحايل السردي، بل يتجه إلى استدعاء قائمة من الكتب التي انتقدت تجربة الحركة الشعبية، محاولًا الإيحاء بأن أي نقد للحركة هو إدانة لمشروع السودان الجديد بأكمله. لكنه لا يوضح أي حركة تحديدًا تناولتها هذه الكتب، ولا يميز بين المراحل المختلفة التي مرت بها الحركة الشعبية شمال، بعد فك ارتباطها بجنوب السودان!

هذه الاستراتيجية ليست سوى استخدام كلاسيكي للمغالطة المنطقية المعروفة باسم “التعميم المتسرّع”، حيث يتم استخدام تجربة محددة لإدانة مشروع أوسع، دون تقديم أي دليل على أن السياقين متطابقان.

وكما قال استاذنا المؤرخ والفيلسوف هوارد زن:

“أكبر خدعة في التاريخ ليست تلك التي يرويها المنتصر، بل تلك التي يقرر فيها المهزوم كيف يكتبها”

الإثنوكراسية كفزّاعة سياسية: التناقض المتعمد في طرح الدكتور:

في تناوله لقضية الإثنوكراسية في جنوب السودان، يوظف الدكتور عبد الله هذه القضية بشكل انتقائي لإظهار السودان الجديد كخطر محتمل وقابل للانفجار، وكأن الهيمنة العرقية/الاثنية لم تكن أساس الدولة السودانية القديمة التي يدافع عنها!

وفي هذه النقطة تحديدًا، يصبح فجًا في التناقض، لأنه يتجاهل تمامًا أن النخب المركزية التي كان من أبرز منظّريها، هي التي مارست العنصرية العرقية والهيمنة في السودان القديم، وأوصلت البلاد إلى ما هي عليه من حروب ودمار.

يقول الفيلسوف ميشيل فوكو:

“عندما يتهم الاستبداد خصومه بأنهم تهديد للحرية، فهو في الحقيقة يعترف بأنه يرى الحرية تهديدًا لاستبداده”

النتيجة: هل المطلوب القبول بقديم الدكتور عبد الله علي إبراهيم ومن لف لفه رغم فشله؟

مقال الدكتور في النهاية يبدو كأنه محاولة لإقناع القارئ بأن الخيار الوحيد المتاح هو الاستمرار في قبول القديم رغم فشله، لأنه، وفقًا لمنطق الدكتور، لا يوجد بديل سوى إعادة إنتاج الكوارث نفسها. لكن هنا يظهر التضليل الحقيقي:

إذا كانت دولة المركز قد انهارت بسبب سياساتها، فلماذا يُطلب منا أن نثق بنفس العقليات التي قادتها إلى هذا الفشل؟

يقول فرانز فانون:

“كل ثورة حقيقية تبدأ بتفكيك الأكاذيب التي جعلت الاستبداد يبدو وكأنه قدر محتوم”

وبالتالي، فإن محاولة الدكتور إقناعنا بأن السودان الجديد ليس سوى إعادة إنتاج للفشل، بينما لا يرى الفشل الذي صنعه النظام القديم الذي يدافع عنه، ليست سوى حيلة مفضوحة من نخب لم يعد لديها سوى الماضي لتتمسك به.

دكتور عبد الله علي ابراهيم يتجاهل بترصد أن التجارب الثورية ليست واحدة، تمامًا كما أن الأيديولوجيات الكبرى لم تنتج نسخة واحدة من الممارسة السياسية. وكما أثبتنا في الجزء الأول من المقال، لو اعتمدنا منطقه، لكان علينا أن نحكم على كل الدول الإسلامية بأنها متشابهة، سواء كانت إيران، أو السعودية، أو تركيا، أو ماليزيا! أو أن نقول إن كل دولة تتبنى الماركسية ستؤول حتمًا إلى نموذج كوريا الشمالية، متجاهلين أن السويد والصين وكوبا وفيتنام كلها تبنّت الماركسية بطرق مختلفة، وأنتجت نماذج سياسية متباينة.

يقول الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي:

“القديم يحتضر، والجديد لم يولد بعد، وفي هذه المرحلة الانتقالية، يظهر قدر كبير من التشويش والخداع”

ما يفعله الدكتور عبد الله ليس تحليلًا موضوعيًا، بل محاولة يائسة لإبقاء القديم على قيد الحياة عبر إثارة الغبار حول الجديد!

فهو يعلم أن الميثاق لا يمكن هزيمته بالمنطق، لذا يحاول إغراقه في مقارنات سطحية تخدم أجندته السياسية.

يقول عالم الاجتماع ماكس فيبر:

“ليس الخطر في الأفكار الجديدة، بل في الأفكار القديمة التي ترفض أن تموت”

إن استراتيجية الدكتور عبد الله في ربط الحركة الشعبية شمال بمآلات جنوب السودان ليست إلا محاولة لإقناعنا بأن الحاضر والمستقبل لا يمكن أن يكونا إلا استنساخًا للماضي، والماضي الذي يحفط له الامتيازات. ولكن، كما أثبتت تجارب التاريخ، فإن الأفكار لا تعيش إلى الأبد بقوة العادة، بل تموت عندما تصبح غير قابلة للتكيف مع واقع جديد، وهذا هو الخطر الحقيقي الذي يشعر به الدكتور عبد الله علي إبراهيم ومن لف لفه: أن الماضي الذي دافع عنه طويلًا لم يعد قابلًا للاستمرار، وأن السودان الجديد لا يحتاج إلى وصايته الفكرية ليحدد مصيره!

خامسًا: كسل السردية الأحادية – “دوريان غراي” الحقيقي!

في مقاله، يحاول الدكتور عبد الله علي إبراهيم أن يصوّر السودان الجديد وكأنه “دوريان غراي” في رواية أوسكار وايلد: فكرة مثالية يشوّهها الواقع، حيث يظل أنصارها شبابًا حالِمين، بينما تتعفّن صورتهم الحقيقية في الخلفية. لكنها مغالطة ساذجة، لأن السودان القديم هو “دوريان غراي” الحقيقي: دولة مركزية شاخت، وفسدت، وامتلأت بالفساد والعفن السياسي، بينما تحاول قوى الهامش بناء واقع جديد أكثر عدالة وإنصافًا. المشكلة ليست في أن السودان الجديد شابٌّ وغافل، بل في أن السودان القديم يرفض أن يشيخ ويموت، رغم أن رائحته السياسية أزكمت الأنوف. يحاول الدكتور إقناعنا بأن هذا العفن يجب أن يبقى، وأنه لا يوجد بديل عنه سوى الفوضى والانهيار. لكنه ينسى، كما قال الفيلسوف هربرت سبنسر:

“التقدّم ليس ضمانًا ضد الفشل، لكنه الخيار الوحيد ضد التقهقر”

وهذا ما يخشاه الحرس العجوز: أن السودان الجديد، رغم كل تحدياته، هو البديل الوحيد عن دولة انهارت بالفعل، لكنها لا تزال تُقاوِم أن يُعلن وفاتها رسميًا!

سادسًا: خطر القصة الواحدة – عندما تكون السردية سلاحًا سياسيًا:

ومما يفعله الدكتور عبد الله وغيره من قادة راي السودان القديم هو محاولة تسويق إنتاج قصة واحدة عن السودان الجديد، سردية تحاول أن تجرّده من شرعيته السياسية والتاريخية، عبر وصمه بأنه تجربة محكومة بالفشل مسبقًا. لكنه يتجاهل عمدًا أن خطورة السردية الوحيدة لا تكمن فقط في تزوير الواقع، بل في إخفاء البدائل الممكنة!

وهنا نستعيد ما قالته الكاتبة النيجيرية تشيماندا نغوزي أديتشي:

“تكمن خطورة القصة الواحدة في أنها تخلق نمطًا واحدًا كأنه الحقيقة المطلقة، وتجعل من البدائل غير مرئية”

وفقًا لمنطق الدكتور عبد الله، فإن أي محاولة لتغيير السودان القديم ستؤول إلى كارثة، فقط لأن بعض التجارب لم تنجح في الماضي! لكنه ينسى أن كل تغيير في التاريخ بدأ كمجازفة غير مضمونة، وكما قال المفكر فرانز فانون:

“كل جيل، من خلال ظروفه الخاصة، يجب أن يكتشف مهمته، ويحققها أو يخونها”

إذن، لماذا يُصرّ الدكتور على أن مهمة هذا الجيل هي فقط “إصلاح القديم”، وليس بناء الجديد؟

ما يفعله الدكتور عبد الله ليس جديدًا، بل يمثل امتدادًا لخطاب الهيمنة الفكرية الذي انتقده العديد من المفكرين حول العالم وعبر التاريخ بمن فيهم السودانيين:

إدوارد سعيد: تحدث عن هيمنة السردية “الغربية” الاستعمارية، وكيف أنها تقصي أي منظور مختلف لتصنع صورة “الآخر المتخلّف”. وهذا تمامًا ما تفعله النخب المركزية في السودان: تصنع خطابًا يجعل أي خروج عن سيطرتها يبدو كأنه خروج عن المنطق والعقلانية ومصيره الفشل!

ميشيل فوكو: بيّن كيف تُستخدم الخطابات المهيمنة كأدوات للسلطة، لا للحقيقة، وكيف أن من يملك “الخطاب” يملك “السلطة”. والدكتور عبد الله، مثل غيره من كهنة الدولة المركزية، يحاول فرض خطابه باعتباره “المنطق الوحيد الممكن”، رغم أنه مجرد استمرارية لفكر إقصائي قديم مجرب وفاشل.

فرانز فانون: حذّر من استمرارية الفكر الاستعماري حتى بعد رحيل المستعمرين، لأن النخب المحلية في كثير من الأحيان تتبنّى نفس أدوات القمع الفكري والسياسي التي استخدمها الاستعمار. وهذا ما نراه بوضوح في السودان، حيث ترفض النخب القديمة أي تغيير جذري، حتى لو كان هذا التغيير هو السبيل الوحيد للاستقرار الحقيقي.

منصور خالد.. قلمٌ فضح ازدواجية النخب:

إذا كان هناك مفكر سوداني كشف ازدواجية الدكتور عبد الله علي إبراهيم – ومايمثل، فهو منصور خالد، الذي عرّى في كتبه كيف تمارس النخب السودانية لعبة ازدواج المعايير، فتدّعي الحداثة بينما تتمسك بالقديم، وتدّعي الإصلاح بينما ترفض التغيير الحقيقي!

كتب منصور خالد عن الدكتور عبد الله علي إبراهيم بنقد حرفيّ عميق، حيث وصفه بأنه نموذج للمثقف الذي يناور بين الأيديولوجيات، لكنه في النهاية يبقى خادمًا مطيعًا لمركزية السلطة. ففي حين يدّعي الدكتور أحيانًا أنه ضد الدولة الدينية، إلا أنه يعارض بوضوح أي خطوة جادة نحو فصل الدين عن الدولة – انه يعارض العلمانية!

وقد لخص منصور خالد هذه الازدواجية الفكرية في عبارته الشهيرة:

“النخبة السودانية لم تفشل في الحكم فقط، بل فشلت حتى في قراءة الواقع”

وهذا بالضبط ما ينطبق على مقال الدكتور عبد الله علي إبراهيم الذي حاول فيه ممارسة الفهلوة، فهو ليس تحليلًا للواقع، بل محاولة لإعادة كتابة التاريخ بما يخدم بقاء القديم على حساب الجديد- نسج سردية لتبرر موقف الدكتور من الميثاق والدستور وبنودهما وبالتالي من التغيير!

وان كان السودان الجديد لا يحتاج إلى وصاية فكرية، فما يحاول الدكتور عبد الله فعله هو إقناعنا بأن القديم، رغم فشله، يجب أن يستمر، فقط لأن الجديد لم تتضح معالمه بالكامل بعد. لكن هذا ليس تفكيرًا منطقيًا، بل محاولة يائسة لتأجيل ما لا يمكن إيقافه فقد تم التوقيع علي ميثاق التأسيس وتمت صياغة دستور وتم والطريق مفتوح نحو اعلان حكومة!.

يقول الفيلسوف سلافوي جيجك:

“الخيار ليس بين الثورة أو الفوضى، بل بين التغيير الحقيقي أو استمرار الأزمة إلى الأبد”

فالسودان الجديد يحتاج إلى ثورة لإعادة تشكيل مستقبله دون أن يُحبس في قفص الماضي، مهما حاول البعض إقناعنا بأنه لا يوجد بديل عنه.

ختاما: لو كان الدكتور عبد الله علي إبراهيم جادًا في نقده، لما احتاج إلى الالتفاف حول الحقائق كما يلتف ثعبان خائف حول فريسته. لكنه، بدلاً من مواجهة ميثاق التأسيس مباشرة، هرع إلى خدعته الأثيرة: صناعة مقارنة زائفة بين تجارب لا علاقة لها ببعضها، فقط لتقويض شرعية مشروع السودان الجديد، وكأنه يحاول إقناعنا بأن الشمس تشرق من الغرب لمجرد أنه يفضّل الظلّ على الضوء. لكن، وكما قال جورج أورويل:

“أخطر أنواع الأكاذيب ليست تلك التي تُقال، بل التي يُمنع قول غيرها”

والدكتور عبد الله، في محاولته ترويج سرديته الوحيدة، لا يريد فقط أن يفرض رأيه، بل يريد أن يجعل أي رأي آخر مستحيلاً.

السودان القديم يادكتور.. “ذهب مع الريح”، لكن من يجرؤ على قولها؟!

يحاول الدكتور إعادة تسويق نسخة مُهترئة من السودان القديم، تمامًا كما يحاول باعة الأرصفة خداع المشترين بسلع “جديدة” مرصوصة فوق أغلفة ممزقة. لكنه ينسى أن السودان القديم قد “ذهب مع الريح” ، تمامًا كما تلاشت الإمبراطوريات التي قامت على الاستغلال والقهر. كما قالت مارغريت ميتشل في روايتها الشهيرة:

Gone with the Wind

“الحياة لا تهتم بما تؤمن به، بل بما تفعله بها”

والحقيقة التي يرفض الدكتور الاعتراف بها هي أن السودان القديم لم يعد يصلح إلا كدرس في التاريخ، وليس كمستقبل تُرسم معالمه. لكنه، بدلاً من مواجهة هذه الحقيقة، يفضّل أن يلعب دور الحارس الأخير على بوابة مدينة احترقت، ظنًا منه أن لا أحد لاحظ الرماد المتناثر في كل مكان.

أما السودان الجديد، فرغم التحديات، لا يبحث عن تصاريح من النخب القديمة ليكون شرعيًا. فالتغيير الحقيقي لا يُبنى على استئذان من ماتت رؤاهم منذ عقود، بل يُنتزع رغمًا عنهم.

عبد الله علي إبراهيم.. “الكهنة الجدد” في محراب الماضي:

كل ما يفعله الدكتور عبد الله في مقاله هو أداء طقوس الكهنة الذين يخافون على أصنامهم من الانهيار. يُعيد صياغة نفس الخطاب البائد، لكن بلغة أكثر التواء، ليُقنعنا أن الذلّ في ظل الماضي أكثر أمانًا من المجازفة بالمستقبل!

لكن، كما قال نيكولو مكيافيلي:

“لا شيء أصعب على الاستبداد من اللحظة التي يدرك فيها أن الناس لم يعودوا بحاجة إليه”

فيا دكتور عبد الله، السودان الجديد لم يعد بحاجة إلى إذنٍ منك ليكون حقيقة. انتهى زمن النخبة التي تفكر نيابة عن الجميع، وتقرر من يستحق ومن لا يستحق، كما يُنهي التاريخ دور النخب الذين لا يقرأون إشارات نهاياتهم

فاستعدوا يادكتور للشيخوخة في حضن سرديتكم المهترئة، بينما تمضي الأجيال القادمة نحو مستقبل لا مكان لكم في تشكيله!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.