حول قضايا الكنابى بالجزيرة
كتب/ عبد السلام م حسين
فى نوفمبر ٢٠١٩ عقدت مركزية مؤتمر الكنابى مؤتمرها العام واصدرت مذكرة او ورقة احتوت على الاتى:
– نبذة تاريخيّة لجذور وأسباب أزمة الكنابى
– التوزيع الجغرافى والاثنوغرافى للكنابى
– الوضع الاجتماعى والخدمات
– ملكية الأرض + اوضاع السكن
– المطالب والحلول
الورقة دى وثيقة مهمة لرؤية مركزية مؤتمر الكنابى وقدمت أثناء مفاوضات جوبا إلا ان قضية الكنابى أدرجت ضمن بند القضايا ذات الخصوصية
وكان مفروض تتشكل لجنة قومية لمعالجة هذه القضايا ومن ضمنها قضية الكنابى ولكن لم تتشكل اللجنة لطبيعة الظروف السياسية المتقلبة وقتها.
بعد تأسيس مؤتمر الكنابى وتصديه للتعبير عن قضايا سكان الكنابى وخاصه بعد اتفاق سلام جوبا استغلت بعض الجهات للترويج داخل ولاية الجزيرة بأن المركزية تسعى لسلب الأراضى من ملاكها ومنحها للعمال الزراعيين هذا الخطاب وجد قبول من بعض المتطرفين فى القرى مما ادى لزيادة التوتر بين بعض القرى وسكان الكنابى
هذا التوتر يعود لسببين
١. ملكية الاراضى التى تتواجد بها الكنابى
٢. الاستقطاب والخطاب المتطرف من محسوبين على الطرفين
فيما يخص قضايا السكن والخدمات
اولاً: نلاحظ ان طبيعة وجود الكنابى على ضفاف قنوات الرى وبين الاراضى الزراعية يصعب توفير خدمات فيها لذلك يلجأ سكان الكنابى للقرى القريبة لتلقى خدمات التعليم والرعاية الصحية
ثانياً: هناك قضايا حول ملكية الاراضى التى تتواجد بها بعض الكنابى ولذلك كان دائماً تحدث مشاكل بين من يدعون امتلاك الأرض وسكان الكمبو عند محاولتهم تحسين المبانى السكنية او التوسع فى الاراضى السكنية داخل الاراضى الزراعية المجاورة.
قضية الكنابى لها أبعاد اجتماعية تنحصر فى العلاقة بين القرى والكنابى فى غالبها كانت ولازالت العلاقة نموذجية والبعد الثانى ينحصر فى الملكية القانونية للاراضى التى توجد بها بعض الكنابى وهذه تسببت فى زيادة حدة التوتر فى بعض المناطق بالجزيرة منذ سنوات بعيدة.
التوظيف السياسى لها وطبيعة الخطاب الذى نتج عن ذلك زاد من حدة التوتر بين أطراف القضية وعزز من شكوك ملاك الاراضى بان المستهدف هى ملكية الأرض وليس تحسين ظروف وشروط الحياة فى الكنابى.
الحرب جاءت فى ظروف سبقها استقطاب حاد حول هذه القضية بالإضافة لغياب الحوار المسئول والجاد الذى يسعى لإيجاد معالجات تحفظ الحقوق وفى نفس الوقت تسعى لمعالجة قضايا السكن والخدمات ومراجعة شروط علاقات الإنتاج بين المزارعين والعمال الزراعيين مما ادى لحدوث جرائم واعتداءات على بعض الكنابى حتى قبل الحرب وهذا دفع بعض الجهات السياسية لتغذية الصراع بصورة إثنية او سياسية لضمان التوظيف والتكسب السياسى.
بعتقد انو قضية الكنابى لا يمكن التعامل معها كحزمة واحدة إلا فى الإطار الاجتماعى المرتبط بتحسين العلاقة بين القرى والكنابى والعمل على ضمان الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية بالقرى والسكن بها.
الجدير بالذكر ان هناك كنابى تحولت لقرى نموذجية ولم تواجه مشاكل فى ملكية الأرض او التعايش مع السكان بالقرى وهناك مجموعات تسكن فعليا بالقرى ووجدت الفرصة فى امتلاك الاراضى الزراعية او السكنية عبر الشراء الحر وهذه لا توجد فيها مشكلة.
الحلول: قضية الكنابى احد مظاهر غياب العدالة الاجتماعية يمكن تلخيص الحلول كالاتى:
١. اجتماعية: تطوير وتعزيز التعايش السلمى بين السكان (قرى/كنابى)
٢. قانونية: ايجاد حلول للمشكلات القانونية حول ملكية الاراضى عن طريق تخصيص أراضى حكومية للإسكان ضمن خطة إسكانيّة
٣. توفير الخدمات الصحية والتعليمية بالمناطق السكنية الجديدة بصورة لائقة وكريمة
٤. تحسين شروط علاقات الإنتاج: مراجعة صياغة الشراكة الزراعية بين العمال والمزارعين لضمان الحقوق العادلة فى الاستفادة من الأرض بين المزارع والعامل
٥. حقوق المواطنة: ضمان حقوق المواطنة العادلة لسكان الكنابى وتمكينهم من الحصول على كافة الحقوق
٦. الحق فى تكوين الهياكل النقابية للعمال الزراعيين والتمثيل فى مجلس إدارة المشروع.
التحديات:
إذا وفرت الحكومة بإعتبارها جهة اختصاص حلول مستدامة للسكن والخدمات ضمن خطة إسكانيّة فى أراضى حكومية فهى ايضاً
سوف تقود لتحديات اخرى للعمال الزراعيين تتعلق بصعوبة العمل فى الحواشات لبعد المسافة بينها والسكن.
غالبية سكان الكنابى يعتمدو على الزراعه كمصدر اساسى للحياة والانتقال بعيدا عن الاراضى الزراعية يخلق مشكلة فى استدامة مصادر الرزق مما يستوجب ايجاد بدائل اخرى
وينتج عن ذلك تحدى آخر حول توفير العمالة بالمشاريع الزراعية لأنو العمال الزراعيين مساهمين فاعلين فى الإنتاج الزراعى وانتقالهم لأماكن اخرى يقلل من الإنتاج ويحد مساهمة المشاريع الزراعية فى التنمية الاقتصادية
فى الختام تحتاج هذه القضية لحوارات عميقة بين الأطراف المختلفة من اصحاب المصلحة والدولة لإيجاد معالجات مستدامة تعزز التعايش المشترك وتحسن ظروف السكن والخدمات وتحفظ حقوق جميع الأطراف اما فرض الحلول عبر الأدوات السياسية يزيد من حدة التوتر وينتج عن ذلك مشكلات اجتماعية وقانونية واقتصادية
مع تحياتى