القصف الجوي على يابوس..إستهدافات عنصرية وإنعكاس للوجه الخفي لدولة الجلابة!

✍️🏽 أنس آدم - إستراوش

 

 

لم يقف نزيف دماء شعب النيل الأزرق “الفونج” طوال عقود من الحروب العنصرية التي شنتها الأنظمة الحاكمة فى الخرطوم سيما الجبهة الإسلامية، لتضيف بذلك كارتيلات بورتسودان الإسلاموية ومع سبق الإصرار والترصد صفحة جديده أكثر دمويه إلى سجلها القذر. فقد قام سلاح الجوي التابع لمليشيا البرهان الإرهابية مساء الخميس 19 ديسمبر 2024 بالقصف الجوي على منطقة “يابوس” التى تحتضن مئات الآلاف من المواطنين وبعض المنظمات الإنسانية الدولية، مستهدفاً مكتب برنامج الأغذية العالمي WFP ومنظمة NCDO فأسفر عن قتلى وجرحى فى صفوف موظفي (WFP) وسقوط أعداد كبيرة من الجرحى. كما إستمرت موجات القصف الجوي صبيحة الجمعه 20 ديسمبر 2024 على مناطق (مفو، بالدقو، مغجه وبليله) بالفونج الجديدة أودت بحياة إمرأة ونفوق حمار.

 

إن الخطوة الخبيثة التي أقدمتها عليها بورتسودان ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، سيما أن مهامها التاريخية تتمثل فى القتل والتشريد والتطهير العرقى والدينى للشعوب السودانية، إلا أن حقائق التاريخ تقول أن الآلة العسكرية لا يمكن أن تخضع الشعوب التواقة للحرية وليست بإمكانها إجهاض النضال التاريخي للشعوب فى الفونج وجبال النوبة ودارفور. وهنا عزيزي القارئ، دعنى أشير إلى المواقف المخزية لبعض بنات وأبناء الإقليم الإنتهازيين وكلاء الجلابة الذين يقفون إلى جانب البرهان بالتطبيل الأعمى والتصفيق الحار لإبادة أبناء جلدتهم ولتنفيذ المخططات الخطيرة ضد شعوبهم، على سبيل المثال وليس الحصر: عقار الذي إرتضى بمحض إرادته أن يكون عبداً مطيعاً ومخلصاً للبرهان، والبوق الإسلاموي أحمد كرمنو وفرح العقار الذي يعشق الإنبطاح للمال ولسادته المجرمين، بالتأكيد هؤلاء سيقدموا لمحكمة الشعب طال الزمن أم قصر وسيدفعوا ثمن باهظ نظير إنتهازيتهم.

 

إن جريمة “يابوس” وسياج الحصار الذي فرضه النظام على شعب الفونج الجديدة طوالـ(15) عاماً الماضيةأي منذ العام 2011 أكدت المؤكد وأثبتت ما ذهبت إليه الحركة الشعبية في تشخيصها للأزمة السودانية أن دولة الجلابة وللبقاء والمحافظه على إمتيازاتها التاريخية تستند على مشروعية العنف والغلبة “الترسانة العسكرية ضد الشعوب” لذلك تظل على الدوام متعطشه للدماء وحصد الأرواح البريئه لإحتكاراً السلطة، تكريس الهيمنة وفرض الهوية الآحادية المشوهه ’’إسلاموعروبية‘‘ ضاربة بالتعدد العرقي والديني الذي تتسم بها الدولة السودانية عرض الحائط. فالنظام الذي سيَّس القضية الإنسانية وإستخدم الغذاء والدواء كأداة وسلاح فى الحرب ضد المواطنين وتصدى لجهود ومبادرات إنقاذ ملايين الأطفال ووضع العراقيل أمام المنظمات الإنسانية الدولية لا يُرجى منه سوى الدمار وسحق الأبرياء فى دارفور، جبال النوبة والفونج خاصة أن في صفحات قاموسه السياسي، ضرورة لتصفية ومحو الكيس الأسود من الوجود – راجع “تصريحات البشير فى خطابه الشهير 2011” “ووثيقة الفتاوي الجهادية الخطيرة فى العام 1992 ضد شعبي النوبة والفونج” وما أدراك ما قانون الوجوه الغريبة الآن كآخر تمظهرات دولة الثوابت الوطنية، فهذا ما تجلى فى إستهداف “يابوس” ومكاتب المنظمات الإنسانية.

 

إن القارئ الحصيف والمتابع الدقيق للمشهد السياسى منذ إشتعال الحروب في العام 1955 وإستفحال الأزمة السودانية حد بلوغها رأس الحية الخرطوم فى 15 أبريل 2024، يُدرك أن دولة الطيب مصطفى إلى الزوال ولن ولم تظل كما هو عليه كما تنبهنا الشواهد والوقائع الماثله سيما فى ظل الصمت المريب للقوى السياسية والنخب المعارضة وتهربها عن عمد من مخاطبة ومعالجة جذور المشكلة السودانية وطي صفحة الحروب.. ففى ظل تنامي وبروز وعي الشعوب بمؤامرات النخب وإستبانة الإصطفافات العرقية والإيديولجية، فضلاً عن التواطؤ المصلحي الواضح مع الأنظمة الحاكمة تستمر شعوب الهامش فى تقديم التضحيات وفى التمسك بالمقاومة والكفاح الثوري لإنتزاع الحقوق المسلوبة والمشروعة والإنعتاق من عبودية دولة الجلابة.. فإما سودان جديد يسع الجميع وإما سودانات جديدة، على غرار ما حدث في العام 2011، فقد دفعت النخب والأنظمة الإنفصالية العنصرية الحاكمة شعب جنوب السودان إلى مغادرة كشوفات النادي السوداني وإعلان الإستقلال.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.