إعلان “المجاعة” وفتح الجسر الجوي الإنساني في جبال النوبة “تراجيدية” الوضع الإنساني في “كادقلي” رغم توفر الإغاثة.
🖌️/ عيسي خميس مرفعين.
القاريء الكريم أتيناكم بعد غيبة طويلة بسبب الإنشغال ببعض جبهات النضال الأخرى التي لا تقل شأنا من الجبهة العسكرية، السياسية أو مواجهة أمراء الحرب في الميديا وأتباعهم من السواقط والبلابسة الذين تقاعدوا عن النضال وممارسة الفعل السياسي الشريف، وأصبحوا يمارسون العهر السياسي والأخلاقي، وصاروا أدوات للتحشيد والإستنفار، وتركوا كفلائهم من أمثال (علي كرتي، وآخرون من زمرة الإخوان المسلمون) يديرون الحرب ويقتسمون أرباحها وثمنها المكلف جدا على حساب الشعب السوداني الذي أصبح هو الآخر يمارس دور الكومبارس (الآيديولوجي، الفئوي، الإثني أو الجهوي) دفاعا عن أحد أطراف الصراع القائم الآن من أجل البقاء على قيد الحياة.
الرفيقات والرفاق الأعزاء، كنا ولا زلنا نعمل في إحدي الجبهات المقدسة للحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، وهي الجبهة الإنسانية التي تعيرها الحركة الشعبية إهتماما كبيرا، وخاصة بعد إعلانها المجاعة في إقليمي جبال النوبة والفونج الجديدة على لسان السكرتير الأول للسلطة المدنية للسودان الجديد. حيث انخرطنا في أعمال (الحملة، الدعاية، التواصل مع أصدقاء الحركة الشعبية) والتشبيك مع المنظمات العالمية والنشطاء الأجانب والسودانين المستقلين الذين عكسوا لوحة جميلة جدا من لوحات التضامن والوجدان المشترك، أتمنى أن تكون هذه نقطة البداية في تشكيل وجدان سوداني واحد ومشترك، والتمرد على كافة أشكال الإنقسامات التقليدية في الدولة السودانية، لأن الإنسانية تجمعنا وهي القاسم المشترك الوحيد الذي ينبغي أن نبني عليه كل مشتركاتنا حتى نقبل بعضنا كسودانيين متساوين في الحقوق والواجبات، ونشكل مع بعض الوجدان “الوطني” المشترك، وبفضل هذه الجهود من جميع الأطراف المذكورة إستجابت بعض المنظمات والنشطاء الحقوقيين وقامت بزيارة الإقليمين وأجرت مسوحات ميدانية، وتحليلات علمية ومهنية للإحتياجات الأساسية وأخرى حول الأزمة ومسبباتها، وبعدها تم عرض نتائج التقرير الميداني مدعوما بوثائق وتقارير واقعية عن معاناة الأهل بالإقليمين كنتيجة منطقيهة لهذا المجهود.
قدمت الحكومة الأمريكية وبعض الخيرين مساعدات ضخمة عبر منظمة (سمارتين بيرس) للإستجابة للنداء الإنساني الذي أطلقته الحركة الشعبية – شمال وقامت بدعم الضحايا والمتضررين من المجاعة في المنطقتين، ومن ثم تم إخطار الحكومة السودانية برغبتهم لفتح الجسر الجوي الإنساني لجبال النوبة والفونج الجديدة كتقاليد وأعراف دولية في إحترام سيادة الدول والبلدان، حيث وافقت الحكومة السودانية على مضض، وبعد تدخلات دبلوماسية، وقبلت بشرط واحد إعتبرته الحركة الشعبية منطقي جدآ، و هو تقديم الإغاثة لمدينة كادقلي، رغم عدم إعلانها المجاعة ولو جزئيا في مناطق النزاع، وتفهمنا ذلك لأنهم كانوا يعتقدون إن الحركة الشعبية – شمال سترفض. وبالتالي تقوم حكومة بورتسودان برفض الفكرة وتحميل الحركة الشعبية المسؤولية.
و رغم علمنا جميعا بما في ذلك أقلام وحناجر المركز المأجورة، بأن ثوابت عقلية “المركز” تجعله لا يعتبر إن المجاعة في كردفان ودارفور تستدعي إعلان المجاعة ولو بشكل جزئي، والآن بعد نزول الإغاثة في مدينة كادقلي، تعطلت أحد مصادر الإرتزاق والمكاسب السياسية للبعض دون حتى أن يسأل كيف؟ ومن أين أتت هذه الإغاثة؟!!. لا نريد أن نزايد على الناس لأن الانسانية لا تتجزأ. ولكن الحق يقال بفضل مجهود كبير ومقدر من الحركة الشعبية ـ شمال، أقلاها تحلت بالشجاعة والمسؤولية تجاه شعبي الفونج الجديدة وجبال النوبة وأعلنت المجاعة في الإقليمين،
رغم حملات التشويش المنظمة في الفترات الماضية في كافة وسائل الإعلام “السوشيال ميديا” والمنتديات، وجلها تحدثت عن الحركة الشعبية وهاجمتها، وزعمت إنها أغلقت الطرق، ولذلك لا يمكن أن تأتي حبة بندول أو ملوة ذرة سوى عن طريق الدلنج أو كادقلي، وكنا نعلم علم اليقين إن كل هذا الغبار الكثيف يمثل إتجاهات سياسية معروفة، والآن صمتوا صمت القبور عندما رفض والي جنوب كردفان ومفوضية العون الإنساني “هاك” توزيع الإغاثة في مدينة كادقلي رغم وصول المعونات الإنسانية إلى “كادقلي” قبل شهر من الآن، هل سألوا هولاء لماذا لم يتم توزع المعونات الإنسانية للمحتاجين حتي الآن؟ وهل منظمة الهلال الأحمر التي تم ربط توزيع المعونات بها مؤهلة إخلاقيا ومهنيا وحتى فنيا للقيام بذلك؟ وهل ثلة البرهان في بورتسودان التي قيدت كل عمليات توزيع الإغاثة إلا بعد وصولها أولا؟!!
كل هذا العناد أصبح أحد أسباب تأخير توزيع المعونات الإنسانيك للمحتاجين في كادقلي! أين مواقف وكلاء العسكر والهتيفتة؟ وهل يعلمون ما يجري الآن؟ أين “كباشيهم”، “أردلهم” وبلابستهم؟.
على الشعب السوداني عامة وبالأخص شعب النوبة/ جنوب كردفان، عدم الإستمرار في لعب دور “الكومبارس” بعد الآن وعدم الإستماع لأبنائكم الإنتهازين وخدم أمراء الحرب ووكلاء المركز.
المحزن حقيقة أن زمرة الجلابة في المركز منكفية على ذاتها ومحتكرة خيوط وقواعد اللعبة القذره ومقدسات الصكوك الوطنية لنفسها، لا أحد من أبنائكم داخل هذا المنظومة يستطيع المقاومة أو تجاوز الإطار المرسوم له وإلا سيتم تصنيفه ضمن لائحة الخصوم غير الوطنيين، ليتحولوا إلى خونة مارقين يتحتم “بلهم” والقضاء عليهم.
يجب عن تتعلم مجتمعاتنا المغلقة جبال النوبة/ جنوب كردفان من تجارب الماضي في الإعتماد على سياسيين منافقين لا يمتلكون الإرادة حرة، فهم مجرد سياسيين كقطعات شطرنج في رقعة كبيرة يحركها أحد اللاعبين، والمجتمات تتعلم من تجاربها ومرورها بفترة نضوج وإستنارة كافية حتى تمتلك كشافات مضيئة تنير الجانب المظلم من عقولهم الذي لا ترى إلا الجانب الفارغ من الأشياء..
و دمتم