تابت ومرور عشرة سنوات من جريمة الإغتصاب الجماعي

بقلم ✍️🏽:جاقو سوسوبورنو جاقو جمبة )حب الدين حسين إسحاق(

 

 

فى مثل هذا اليوم أكتوبر من عام 2014، إغتصب الجيش بحامية تابت بشمال دارفور الفاشر أكثر من (200) فتاة وإمراة وقاصرات في ليلة واحدة، بينهن تلميذات بمرحلة الأساس، حيث إقتحم الجنود المدينة وقاموا بضرب السكان، واعتقلوا الرجال، وإقتادوهم إلى إحدى الوديان الواقعة في ضفاف بالقرب من تابت وحبسهم فيها، فيما كان آخرون من الجيش ينتقلون من منزل إلى  منزل ، ويقومون بإغتصاب النساء والفتيات وسط صراخ النساء من ألم الإغتصاب وتسلية أجسادهن وإذلالهن أمام عيون أطفالهم وأباءهم وزوجاتهم حيث كان يتناوب أكثر من جندي الجيش شاهر بندقيته لاغتصاب فتوات قاصرات لن يبلغن عشرة سنوات ونساء تجاوزن أعمارهن ستين عام ونيف . رغم تأخر وتقدم أعمارهن؛ لن تغفر لهن من أن يقعن فريسة للجيش النظامي يدفعون له الضرائب مقابل حمايتهن ويوفرن لهم الزائد والجنود لاستمرار نظامية الدولة المتخيل ولكن كل ذلك لم يشفع عليهن فقد تعرضوا لابشع أنواع ظلم الإنسان لاختها الإنسانة.

 

وعلى رغم من مرور عشرة سنوات من الحادثة الأليمة ما زال الجناة طلقاء يمرحوا كأنهم لم يفعلوا شيء .

إستخدمت الدولة المركزية في حربها ضد المهمشين الإغتصاب كالسلاح لقهر المجتمعات المستهدف لكي يسلم أمرها للدولة المركزية وكاذلال للرجال ونعتهم بإنهم فشلوا في حماية أعراضهم ليسهل عليهم الإستسلام .

 

وبعد سقوط البشير فاللجنة الأمنية للبشير التي إدعت إنحيازها للثورة وبمشاركة أحزاب السودان القديم سجلت في دارفور منذو 11/ أبريل 2019 – 15 أبريل 2023 أكثر من مائة جريمة إغتصاب من قبل مليشات الجنجويد والجيش، وتم الإغتصاب على أساس عرقي أي ضد مجموعات الإفريقية.

 

فالحكومة الإنتقالية المدعاة بحكومة الثورة وقتها، إحتفظت بالبشير في مكان آمن ورفضت تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية بفقه الإنتصار على الذات وحماية الدولة المركزية المنحازة للأقلية صاحبة الإمتيازات التاريخية.

 

لذا فالضحايا في الفترة الإنتقالية وفي مناطق الحرب كانوا يصرخون بأن التغيير الحقيقي لن يحدث وما حدث هو صعود الجنجويد ومهندسي الجنجويد للسلطة بوجه أخر لإعادة التحكم في الأوضاع باكثر حزم بعد إستحالة بقاء نظام البشير بشكلها القبيح التي أستنفدت أغراضها وشروط بقاءها بشكلها القديم وأننا سنشهد أوسع حرب أهلية في السودان.

 

ولكن المؤسف جهالة قراء الأحداث من جماعات المهيمنة رفضوا كل الأصوات المستهجنة وبل تم تكذيب إدعاءات نساء تابت وبقية نساء دارفور عن جرائم الإغتصابات من قبل الجيش السوداني وإبنها المدلل الذي ولد من رحمه الخصب(الدعم السريع) حتى إنتقلت الفظائع بأسرها إلى مناطق جديدة في السودان.

 

وبعد إندلاع حرب 15أبريل شهد السودانيين ما كان يخفيه إعلام الدولة المركزية ومليشياته طيلة ثلاثين عام من جرائمهم البشعة، حيث وقعت جرائم إغتصابات واسعة للنساء في الخرطوم وفي الجزيرة وفي عشرات المدن السودانية التي حطت مليشيات الدعم السريع أقدامهم وبل وصل الأمر إلى الإتجار بالنساء وفتح أسواق لبيعهن داخل السودان وخارجها في صورة تكشف تكرار وعودة أسواق الجواري في العصر الجاهلي وعصور الإسلام العربية الأموية والعباسية وكتتويج للرسالة الحضارية لدولة الترابي المزعومة.

حيث أصبح يتسأل الناس من أين أتى هؤلاء؟

 

ويأتي الإجابة من رحم الجيش السوداني الذي أسس أحياء كاملة بجنوب السودان تحت مسمى (سروال مافي ،رجال مافي، وأطلع برة )ومن بنية إيديولوجية الإسلام العربية التي تقوم على تراث شبه الجزيرة العربية التي لم تغفل في تاريخها من السواري والجواري والقلمان، بالأحرى العبودية كعنصر ركين في بنية الدولة الدينية المدعاة من جماعات الإسلام السياسي التي تدعم كافة أوجه تسلية أجساد النساء.

 

تلكم الأحياء في جنوب السودان ذات الإستراحة الجنسية التي أختلقها الجيش البازنقري في حربها ضد المناوئين لسياساته يقف شاهداً اليوم للإجابة على من أين أتى هؤلاء؟

 

وفي مشهد أكثر كوميدي يقف أبناء وبنات تابت المغتصبات أي أبناء وبنات دارفور وبقية المهمشين وبالاحرى قادة الحركات المسلحة التي انطلقت من دارفور (الحركات الموقعة للسلام جوبا) مع الجيش الذي إغتصب مائتان إمرأة في ليلة واحدة في تابت وفي الآلاف قرى ومدن دارفور  ويحاربون معه وبل اندمجوا في نفس تلك الجيش الابارتيت الجلابي حتى دون تغير في عقيدتها العسكرية ومحاكمة الضالعين في جرائم الاغتصابات وبقية الجرائم المرتكبة في حق الشعوب المهمشة فهم تحولوا رايات الجيش وحكاماتها يحملون مناديل لنظافة دماء النساء المغتصابات وفي وقتها يقسمون ويحلفون أن الجيش وزع ورود للنساء تابت وقدم لهم محاضرة في حقوق المرأة وكرامتها  ولن يغتصبهن وعلى الرافضين للجيش عليهم أن ياتوا للقتال معهم وإذا رفضوا ذلك فهم خونة للوطن وبينما قادة الجيش الذين إغتصبوا وقتلوا وشردوا هم شرفاء وأوفياء للوطن في صورة تكشف حجم إنحطاط الضمير والوعي بالقضية !

 

أن المواطن/ة السوداني فهو مواطن مسلوب الإرادة السياسية والثورية ومستلب لا يستشعر بمعاناة جاره بقدر ما فهو يسع لإيجاد طعام وشراب لمواطن في كسوفو في وقت يموت جاره بالجوع والعطش؛ وهكذا فإن إغتصاب النساء في دارفور وقبلها في جنوب السودان وفي جبال النوبة والنيل الأزرق الذي كان يديرها الدولة وجيشها الملائكي المسمى الجيش السوداني كانت مخفية وبل مزدانة ومنكورة واليوم بعد أن طاف بالسودان وبقيت عارية يعترفون بجزء منها ويتم تبرئة الجيش من جرائم الإغتصابات وتركيز على جرائم مولود الجيش المسمى الدعم السريع فهي محاولة لمحو الذاكرة للضحايا وإجهاض حقوق الآخريات اللاوتي وقعن ضحايا الدولة القديمة الفاشلة العنصرية.

 

وبعد مرور كل تلك الأعوام الظلامية وتكرار جريمة إستخدام النساء كالسلاح  لتصفية الخصوم السياسيين وتشويه إرادة المواطنين فإننا بحاجة إلى وضع حداً لهذا المأساة وأن يكون محاسبة الضالعين وإنصاف الضحايا هي أولوية قصوى وإلا فتاريخنا سيظل يدور في حلقة دائرية ويتوج المجرمين كأبطال وترتفع أسهمهم بقدر إرتكابهم الجرائم، ويبقى إرتكاب مثل هذه الجرائم هي الوسيلة الأسهل والإسرع لصعود سلم السلطة والثروة في السودان.

 

لذا لأبد أن يكون هذه الحرب هي أخر حروب السودان المريرة وان تبدأ بمعالجة الجذور التاريخية للمشكلة السودانية التي أدت وتؤدي إلى كل هذه المأساة بعيداً عن الفهلوة السياسية المتبع إذا أردنا مستقبل مشرق للسودان تؤهلها عبقرية الزمان والمكان بدلاً من تجريب المجرب وترديد سؤال من أين أتى هؤلاء على رغم الكثيرين من يسألون تلكم الأسئلة أتيحت لهم الفرصة ولكنهم تنصلوا وتواطؤا من إتخاذ مواقف تضع حداً لتلك المأساة وأصبحوا هم نفسهم من هؤلاء الذين من أين اتوا، ويعلم الجميع أنهم اتوا من الدولة السودانية القديمة الفاشلة العنصرية وهم مسودنون يلبسون الجلابية والمركوب وياكلون أم ركيكة ويرقصون بآلة الطمبور  ويشربون من مياه النيل ويصلون خمسة صلوات في المساجد ويهللون ويكبرون بإسم الله .

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.