العدالة الإنتقالية: مدخل صحيح لحل مشاكل السودان (2-2).
كمال ضيفان تامون.
في إطار السعي الدؤوب لحل المشاكل من جذورها ظل موضوع العدالة الإنتقالية حاضرا، وهناك دول قد طبقت العدالة الإنتقالية بشكل ناجح منها (بيرو، تيمور الشرقية، قوتمارا، جنوب إفريقيا، رواندا، المغرب).
وقد هدفت العدالة الإنتقالية في هذه البلدان إلي الآتي:
1- محاكمة وكشف الضالعين في الإنتهاكات.
2- كشف حقيقة الإنتهاكات .
3- تعويض الضحايا والإعتزار بواسطة الدولة إذا كانت الجرائم ذات طبيعة عرقية.
4- الإصلاحات الإدارية والمؤسسية.
5- عدم تكرار تلك الإنتهاكات وإبراز الجانب الجنائي والحقوقي.
6- تعزيز الوعي الحقوقي وقد ظهر بشكل كبير في محاكمة أعضاء
النظام العسكري في اليونان (1975) والارجنتين(1983).
وهدف العدالة الإنتقالية دائما هو ترسيخ ثقافة عدم الإفلات من العقاب أيضا تعزيز الديمقراطية والعلمانية ودولة القانون وربطها مع المساءلة والمحاسبة، ولكن جوهر هذه العدالة هو تحديد المسؤوليات وجبر الضرر وإعادة الثقة للضحايا والتماسك الإجتماعي والإستقرار.
ونجاح اخر للعدالة الإنتقالية في المحكمة الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة والمحكمة الخاصة في رواندا ونجحت هذه المحكمتين في جز عدد من المتهمين إلي العدالة.
تفاصيل نموزج الارجنتين:
في عهد الحكم العسكري (1976-1983) شهدت الارجنتين إنتهاكات شملت خمسة عشر ألف مواطن من قتل وتشريد وأختفاء ، وبلغ عدد السجناء الذين أفرج عنهم بعد التحول الديمقراطي تسعه ألف ، والإرادة السياسية كانت حاضره عندما أنشأ الرئيس ألفونسان ( لجنة وطنية للتحقيق ضمت حقوقين ومنظمات أهلية وممثلين من الكنيسة) وكانت الاولي من نوعها في العالم وإسندت لها مهمة التحقيق في الماضي الحقوقي للبلاد وكشف الجرائم المرتكبة ومنفزيها والمسؤولين عنها ووضع الآليات الكفيلة بمنع وقوعها في المستقبل وتوج ذلك العمل بمحاكمة أبرز قيادات النظام العسكري و تم حكم عليهم في 1989.
تفاصيل نموزج جنوب إفريقيا:
شهدت جنوب إفريقيا هي الآخري تجربة العدالة الإنتقالية بعد إلغاء نظام التمييز العنصري عام 1991 ، وشكل الرئيس مانديلا (لجنة الحقيقة والمصالحة) بقيادة القس ديزموند توتو وعلي مدي ثلاثة سنوات إستمعت اللجنة لشهادات الآلاف من المسؤولين ، وإستفاد آخرين من العفو الذي كان مشروط بالأعتراف بالجريمة والتأكد من إنها أرتكبت عن حسن النية.
تفاصيل نموزج المغرب:
دشنت المغرب في عهد الملك محمد السادس عام(1999) تجربة عدالة الإنتقالية كان هدفها إلقاء الضو علي الإنتهاكات الجسيمة التي إرتكبت ما بين (1956_1999) والتي تعرف بسنوات الرصاص ، وشكلت ( لجنة المصالحة في عام 2004) وإستمعت لشهادات مئات من الضحايا ورغم عدم ذكر الجناة الضالعين في الإنتهاكات ولكنها نجحت في تسليط الضو علي تلك الحقبه المظلمة من تاريخ البلاد وتم تعويض الضحايا ماديا ، وأيضا التجربة عززت الهم الحقوقي في المشهد العام بالبلاد ووصت هذه اللجنة بخلق هيئات للرقابة والرصد وتشجيع دور المجتمع المدني.
ونحن نقول طالما هناك نمازج ناجحة للعدالة الإنتقالية في العالم فلماذا السكوت عن الإنتهاكات الجسيمة التي حدثت وماذالت تحدث في السودان.
وإليك بعض النمازج في جرائم الحرب والعدوان والإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية مثال:
مزبحة الضعين، عنبر جوده ، في جبال النوبة تصفية المثقفين ، احداث خور العفن ، تصفية أبناء شاد في هبيلا ، إنتهاكات في دارفور ، الفونج ، وشرق السودان ، وتصفية المساليت …..الخ.
وإلي متي يرضي الشعب السوداني بالظلم والإنتهاكات وإلي متي يتعايش هذا الشعب مع الحكومات أو الأنظمة الديكتاتورية والقمعية والعنصرية ولكن شعب الهامش قال كفي وسوف يتوحد ضد هذا الظلم.
غدا ستنتهي الحرب ويتصافح القادة ،وستبقي تلك العجور تنتظر ولدها الشهيد، وستبقي تلك الكنداكة تنتظر زوجها الحبيب، وسيبقي الأطفال ينتظرون والدهم البطل، لاننا لا نعرف من باع الوطتن ولكننا نعرف من دفع الثمن