لماذا تستخدم كارتيلات بورتسودان القضايا الإنسانية كسلاح في الحرب؟! (١)
أنس آدم
برزت بقوة فى الآونة الأخيرة على كافة المنصات الإعلامية نقاشات حول القضايا الإنسانية وتكاد تكون القضية الأساسية والمحورية فى المداولات الرسمية والحوارات الشعبية بالإضافة إلى منابر التفاوض ذات الصلة بـ”ملفى الحرب والسلام” فى السودان سيما فى أعقاب حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٤. وبالتأكيد ان المعاناة الإنسانية تعتبر أقصى تجليات وتمظهرات الحروب الطاحنة التى إتسمت بها الدولة السودانية منذ العام ١٩٥٥ وإرتبطت بها عضوياً، وبلا شك وضعت تلك الحروب بقاء ومصير البلاد على المحك.
إن الكارثه الإنسانية كنتيجة ومصير محتم لمتوالية الحروب السودانية وإحدى إفرازاتها لم تكن وليدة اللحظة ولم تبرز فى حرب ١٥ أبريل فقط كما تتصور بعض القوى السياسية والمدنية، ويسعى نظام بورتسودان الإسلاموي والنخب الشمالية للترويج على هذا الأساس، دون الإشارة إلى ملايين الشعوب السودانية الأفريقية الذين ذاقوا مرارات وويلات الحروب العنصرية طوال الـ”٧” عقود الماضية إلى يومنا هذا فى <<جنوب السودان، جبال النوبة، الفونج، دارفور، وشرق السودان>>. بيد أن السمه السائده لتلك الحروب والمأساة الإنسانية، انها لم تكن فى الواجهه الإعلامية بل ضرب عليها سياجاً من التعتيم الإعلامى مقرونة مع صمت نخب وساسة المركز إيزاءها. عوضاً عن ذلك تغاضى الإعلام الرسمى لدولة الجلابة عن التناول أو التعاطى مع تلك الحروب وتداعياتها الإنسانية، سوى من باب إعلام الحرب الذي يبرر للقتل ويطبل للإغتصابات <<الدافورية لو إغتصبها جعلي ده شرف ليها ولا…الخ>> ويبحث عن مشروعية للجرائم والإنتهاكات عبر الفتاوي الجهادية والتكفيرية ضد الشعوب الأفريقية <<بإعتبار انو ديل عبيد سود يموتوا بس كما قال البشير بعضمة لسانه فى خطابه الشهير بالقضارف ما دايرين دغمسه وأي كيس أسود>>.
عزيزى القارئ المهتم والمتابع الحصيف إن ما يُميز الحرب والكارثة الإنسانية الحالية انها وبالإضافة للشعوب الافريقية المنكوبة أصلاً فقد طالت أيضاً الحاضنه الإجتماعية لدولة بورتسودان المترنحه <<راجع صراخ وردة فعل الإسلاموية سناء حمد تجاه حالات إغتصاب مزعومة قامت بها قوات الفلنقاي أركو مناوي>> كما أن الحرب والمعاناة الإنسانية الراهنه وجدت حظها فى التوثيق والتغطية الإعلامية وتسليط الضوء لجهة انها أرقت مضاجع الجلابة بالإضافة إلى انها جاءت فى عصر يشهد إنفتاحاً رقمياً غير مسبوق وفى ظل إنتشار وتعدد الوسائط والمنصات الإعلامية.
وفى سياق مواصلة نظام بورتسودان لنهج تسييس القضايا الإنسانية Politization of the Humanitarian issues فقد لعب أدواراً خبيثة وقذرة فى الملف الإنسانى وإستخدمه كورقه سياسية وسلاح فى الحرب ضد الشعوب السودانية بدليل وقائع ماثلة وشواهد شاخصه للعيان نوردها فى الآتى:
أولاً: أجهضت كارتيلات دولة بورتسودان الإسلاموية جهود ومساعى توصيل المواد الغذائية للمواطنين وذلك من خلال تصديها مع سبق الإصرار والترصد للموقف الوطني للحركة الشعبية الذى قضى بعدم تجزئة القضايا الإنسانية وضرورة إيصالها لجميع السودانيين دون تمييز. <<لمعرفة موقف الحركة الشعبية، راجع خطاب السكرتير العام للحركة الشعبية – القائد عمار أمون دلدوم في إفتتاحية مفاوضات جوبا للقضايا الإنسانسة بتاريخ ١٦ مايو ٢٠٢٤ ووثيقة إعلان نيربي بين الحركة الشعبية وتقدم وحركة/جيش تحرير السودان، عبد الواحد نور بتاريخ ١٨ مايو ٢٠٢٤>>. كما رفض وفد بورتسودان جميع المقترحات التى وضعتها الحركة الشعبية على طاولة المفاوضات لمعالجة الأزمة الإنسانية ولإنقاذ أرواح الملايين من السودانيين المهددين بكارثة المجاعة ومن بينهم الأطفال والنساء.
ثانياً: وبالإضافة إلى تسييس القضية الإنسانية، تعمدت طغمة بورتسودان الإسلاموية، عسكرة وأمننة القضايا الإنسانية وهذا ما وضح جلياً فى مفاوضات جوبا – مايو ٢٠٢٤ حيث إنكشفت محاولات بورتسودان اليائسه والخبيثه لعسكرة الملف الإنسانى وإستخدامه كحصان طروادة Trojan horse لتهريب الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الفرق والألوية العسكرية المحاصرة.
ثالثاً: هنالك تقارير موثوقه بحسب منظمات دولية ووكالات أممية تؤكد تورط مسؤوليين سودانيين كبار بتهم خطيره تتعلق بالفساد وقرصنة فى القضايا الإنسانية، وإخفاء معلومات عن برنامج الغذاء العالمي <<WFP>> حيث ما تزال الملاحقات والتحقيقات جاريه معهم بشأن نهب وبيع معونات إغاثية من غذاء ومواد طبية …الخ.
رابعاً: لم تقف همجية ووحشية دولة بورتسودان الإسلاموية عند حد حرمان الأبرياء من حقهم الإنساني المشروع فى الحصول على المساعدات الإنسانية فقد إستبدلت الغذاء والدواء بالقنابل البرميلية الحارقه والسامه ودونكم القصف الجوي المستمر والمكثف ليلاً ونهاراً على مدن وقرى السودان المختلفة <<نيالا، الفاشر، الجنينة، سنجه وليس إنتهاءا بجبال النوبة – مجزرة تلاميذ مدرسة الهدرا نموذجاً والفونج الجديدة…الخ). وذلك فى خطوه تُعد جريمه إنسانية مكتملة الأركان وإنتهاكاً صريحاً للقوانيين والمواثيق الدولية الإنسانية.
خامساً: ما تزال دولة مليشيا سناء حمد تتنصل من الإلتزامات الدولية وتتهرب من منابر المفاوضات والمباحثات حول القضايا الإنسانية <<جده، المنامة جوبا وجنيف مؤخراً>> مما يؤكد تمسكها بـ”خيار وعقيدة بل بس” وبالتالي عدم إكثراثها للمأساة الإنسانية التى وضعت المواطنين أمام مصير مجهول وفقاً لتقارير وكالات إعلامية محلية ودولية ومنظمات حقوقيه وإنسانية عالمية.
نواااصل في الحلقة القادمة حول القضايا الإنسانية: تداعيات إعلان المجاعة فى السودان الجديد – الأراضي المحررة (إعلامياً، سياسياً) – الدور والمهمة القذره لأبواق بورتسودان – أعداء الحركة الشعبية ومشروع السودان <<وكلاء وسدنة الجلابة.