الموقع الإلكتروني splmn.net يجري حواراً مع مدير المعهد القومي للتدريب السياسي والقيادي.

أجرت الحوار من كاودا:
ميادة خميس خير السيد

– الحركة الشعبية حركة وحدوية و مشروع السودان الجديد يخاطب قضايا كل السودان

-السودان القديم فقد مبررات وجوده بعد أن إنتهت دورته وإنكشفت عورته

-أمام السودانيين فرصة أخيرة للتعلم من أخطاء الماضى و إعادة النظر في مشروع السودان القديم

-يكمن الخلاص الوطني للسودان في تبني مشروع السودان الجديد

يعتبر المعهد القومي للتدريب السياسي والقيادي أحد مؤسسات الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال المعنية بتدريب الكادر السياسي والقيادي. لعب المعهد منذ تأسيسه دوراً محورياً في تدريب الكادر ونشر رؤية السودان الجديد. إلتقى الموقع الإلكتروني للحركة الشعيبة بالأستاذ الجاك محمود أحمد مدير المعهد الذي رحب بالتيم العامل وأجرى معه قبل أسبوع من تخريج الدفعة (24) هذا الحوار النادر والأول من نوعه حول هذه المؤسسة الفكرية المتفردة، فإلى مضابط الحوار :

*بداية، يرحب بك الموقع الإلكتروني ويشكركم نيابة عن هيئة تحرير الموقع على موافقتكم لإجراء هذا الحوار الأول من نوعه بمكتب مدير المعهد القومي للتدريب السياسي والقيادي بجبدي.

نبدأ الحوار ببطاقة تعريفية:
س : هل لك ان تعرف القراء بنفسك وتحدثهم عن بعض المهام التنظيمية و الإدارية التي كلفت بها خلال مشوراك النضالي في الحركة الشعبية لتحرير السودان؟
أهلا، ومرحب بتيم الموقع الإلكتروني في مكتبي المتواضع بمقر المعهد. أنا الرفيق الجاك محمود أحمد الجاك مدير المعهد القومى للتدريب السياسي و القيادي، وعضو مجلس التحرير القومي. وفيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالك عموما لا أميل إلى الحديث عن الذات، لكن في سياق الرد على السؤال الذي جعلتيه مدخلا لهذا الحوار، فمنذ إنضمامي للحركة الشعيبة للتحرير السودان في العام 2002، وكغيري من الرفاق ظللت ملتزماً بتنفيذ أي مهمة أو تكليف عهد إليً من قيادة النتظيم إبتداءا من عملي كضابط صغير في الجيش الشعبي حيث تنقلت في عدد من الوحدات العسكرية مروراً برئاسة الجبهة الأولى مشاه، رئاسة الفرقة التاسعة ورئاسة هيئة الأركان.
في العام 2003 عندما كنت ضابطا برتبة ملازم أول تم إنتدابي مراقبا في اللجنة العسكرية المشتركة (JMC) و هي كانت بعثة أو آلية ثلاثية لمراقبة إتفاق جبال النوبة لوقف إطلاق النار الذي تم توقيعه بين حكومة السودان و الحركة الشعبية لتحرير السودان في بيرنينق ستوك بسويسرا 2002 بوساطة أمريكية و أوربية، وهو الإتفاق الذي مهد الطريق لمفاوضات السلام في ضاحية نيفاشا الكينية والتي أفضت فيما بعد إلى توقيع إتفاق السلام الشامل في العام 2005.
تعددت كذلك المهام الإدارية التي كلفت بها، وقبل تكليفي مديرا للمعهد القومي للتدريب السياسي والقيادي على سبيل المثال كنت مشرفا على الغرفة الإعلامية و الموقع الإكتروني للحركة الشعبية لنحرير السودان – شمال الذي أشرفت على تصميمه وتدشينه رسميا، ثم إدارته خلال العامين (2020- 2022 )، وبعد نقل مقر الغرفة الإعلامية والموقع الإلكتروني إلى الأراضي المحررة تم تكليفي نائباً لحاكم إقليم جبال النوبة.
سياسياً وتنظيمياً، فقد كلفت بعدد من المهام، مثلاً في خريف العام 2008 كنت عضوا في المؤتمر العام الثاني للحركة الشعبية بجوبا، وبعد فك الإرتباط كنت عضواً في مجلس تحرير إقليم جبال النوبة ( 2013 – 2017)، ثم عضواً في مجلس التحرير القومي منذ أكتوبر 2017 وحتى الآن. كما عينت عضواً في وفد التفاوض وناطق رسمي بإسم الوفد المفاوض. جميع هذه تكاليف التنظيمية والإدارية، بالإضافة إلى العمل في الوحدات العسكرية كانت بالنسبة لي فرصة للتعلم والتدريب وبناء قدراتي كعضو في الحركة الشعبية، وينبغي أن يفهم أي تكليف في هذا السياق، لأنني لم أنظر إليها مطلقاً كمناصب يمكن أن تعود لشخصي بمكاسب أو إمتيازات شخصية بقدر ما هي تكليف تنظيمي. وبالفعل لقد تعلمت من جميع الرفاق الذين تشرفت بالعمل تحت قيادتهم وإستفدت ومازلت أستفيد كثيرا من تجاربهم الطويلة وخبراتهم المتراكمة.

*أرجو أن تحدثنا عن الهيكل الإداري والفني للمعهد :
-حسنا، إدارياً قمنا بهيكلة المعهد بعد تنظيم ورشة عمل لتقييم الأداء في منتصف يناير الماضي. يوجد على رأس الهيكل الإدارى مدير إدارى يعاونه عدد من المسئولين ومدراء الأقسام الإدارية وهم : (مدير الكامب/Camp Manager – مسؤل الإمداد – والمدير المالي) . أما فنياً، فهناك المدير الفني وهو مسؤول من هيئة التدريس بالمعهد ومقررها. يعاونه في الإدارة الفنية (مسؤول شئون الدارسين – مدير إدارة المكتبات – ومدير المناشط). تقوم الإدارتان بأداء دورهما وفقاً للمهام والإختصاصات والوصف الوظيفي المحدد لكلِ، وترفع كل إدارة تقاريرها الدورية والطارئة لمدير المعهد، والذي بدوره يقوم بتنسيق ودمج التقريرين في تقرير واحد ورفعه لرئيس الحركة الشعبية كراعي ومشرف على المعهد بصورة لسكرتارية الحركة الشعبية كجهة معنية بدعم وتطوير المعهد وكذلك الإطلاع على أداءه.

-متى تم تأسيس المعهد ؟
بدأ تأسيس المعهد في العام 2004، أي قبل عشرين عاماً تحت مسمى مدرسة السودان الجديد للدراسات الفكرية والثورية بمبادرة من القائد عبدالعزيز آدم الحلو حاكم إقليم جبال النوبة وعضو القيادة العليا للحركة الشعبية والجيش الشعبي وقتها SPLM/A High Commmand. تاريخيا نجد أن حركات التحرر الوطني عادة ما تلجأ إلى إنشاء و تأسيس مثل هذه المؤسسات الفكرية والثورية لمساعدتها في نشر رؤيتها وفي تدريب وتأهيل الكادر. والحركة الشعبية كحركة ثورية وحركة تحرر وطني ليست إستثناءاً، خاصة وأنها تطرح رؤية السودان الجديد، وتتبنى مشروع وطني متكامل لا يضاهيه أي مشروع وطني آخر مؤهل لإعادة الدولة السودانية إلى منصة التأسيس وإنتشالها من مشكلتها وأزماتها الكبيرة. الحركة الشعبية حركة وحدوية ومشروع السودان الجديد يخاطب قضايا كل السودان والسودانيين، سبق و أن ذكر القائد عبدالعزيز آدم الحلو في أحد حوارته المهمة أن مشروع السودان الجديد ليس حكرا للحركة الشعبية. وشخصيا، أُؤمن وأعتقد بشدة أن الخلاص الوطني للسودان يكمن في تبني مشروع السودان الجديد، وأن أمام السودانيين كسائر الأمم والشعوب والدول التي مرت بفترة نزاعات وحروب داخلية طاحنة أدت إلى تحطيم الرابطة الوطنية، ونسفت أسس التعايش السلمي وفككت النسيج الإجتماعي. لكن نجحت تلك الأمم والشعوب والدول في تجاوز مرارات الحروب فخرجت منها بعبر ودروس مكنتها من النهوض والتقدم. أعتقد أمام السودانيين فرصة أخيرة للتعلم من أخطاء الماضي وإعادة النظر في مشروع السودان القديم الذي فقد مبررات وجوده بعد أن إنتهت دورته وإنكشفت عورته بعد أن فرقت بين السودانيين ومزقت البلاد وصار السودان بسبب هذا المشروع يواجه تهديدا وجوديا. يتعين على النخب السياسية، وخاصة أعضاء النادي السياسي القديم التحلي بالمسئؤلية الوطنية والأخلاقية وترك المكابرة والإستعلاء الزائف بعد كل هذا القشل المخزي في سبيل إنقاذ السودان من الضياع، لأن ما يحدث من حرب طاحنة حاليا بين جناحي السودان القديم وما صاحبتها من تداعيات وأتطورات خطيرة ومتسارعة في المشهد السياسي الذي بات مفتوحا على كل الإحتمالات يؤكد صحة تحليل الحركة الشعبية لأزمات السودان وفهمها العميق لطبيعة المشكلة وطبيعة الصراع. كما يؤكد حتمية تحقق تنبؤ الدكتور جون قرن ديمابيور That Sudan will never be the same again, أى أن السودان لن يعود كما كان من ذى قبل. مشكلة الحركة السياسية السودانية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار تكمن في أنها فشلت منذ ما يسمى بإستقلال السودان في إنتاج وصياغة مشروع وطني حقيقي يمكن أن يضاهي مشروع السودان الجديد. فالسودان بات يعيش حالة ما بين مآسي الهامش ومخاوف نخب الشمال والوسط النيلى، لكن علينا أن ندرك أن في القدرة على التسامح والخروج من هذا المأزق يكمن السودان الجديد الذي يسع الجميع.

-ما هى الرؤية والمهمة والأهداف التي يتطلع المعهد إلى تحقيقها ؟

-تتمثل رؤية المعهد في تحقيق حلم (سودان جديد علماني ديمقراطي تسوده الحرية و العدالة والمساواة لجميع السودانيين)، أما مهمة ورسالة المعهد فتكمن في (إعداد كادر سياسي وقيادي مدرب، قادر على إنجاز المهام وفاعل تحقيق مشروع السودان الجديد).

-و فيما يتعلق بأهداف المعهد، فتتلخص في:

1- تدريب و تأهيل الكادر السياسي و القيادي؛

2- رفد مؤسسات السودان الجديد بكوادر مدربة وفاعلة؛

3- تحقيق وحدة الفكر و وحدة الخطاب السياسي؛

4- نشر رؤية السودان الجديد؛

5- المساهمة ضمن مؤسسات أخرى في مساعدة القيادة و التنظيم في إعداد قيادات المستقبل؛

6- المساعدة في إعداد البحوث و الأوراق والدراسات التي من شأنها دعم و تطوير مؤسسات السودان الجديد، و تعزيز مواقف الحركة الشعبية من أي قضية مطروحة في الساحة السياسية والفكرية؛

من الطبيعي أن تكون هناك تحديات أمام إنجاز المهام الكبيرة التي يقوم بها المعهد كمؤسسة إستراتيجية للتنظيم – أرجو أن تحدثنا عن أبرز التحديات التي واجهتكم منذ تكليفكم بإدارة المعهد ؟

-بالنسبة لي كمدير جديد كانت هناك تحديات كثيرة تمكنت بفضل وقفة ومعاونة الرفاق المعلمين الحزبيين، ودعم القيادة ومؤسسات الحركة الشعبية من تجاوزها – لكن مازالت هنالك بعض التحديات الماثلة، منها :

-ترقية و تطوير بيئة العمل بالمعهد؛

-تطوير البنية التحتية للمعهد؛

-تفعيل فرعي المعهد في كل من جلد و شالي الفيل بإقليم الفونج الجديد وتأسيس فروع جديدة لتغطية التوسع والتمدد السياسي الكبير والمستمر للحركة الشعبية.

-إعداد معلمين حزبيين جدد لإسناد هيئة التدريس في المعهد القومي للتدريب السياسي والقيادي و فروعه؛

-ماهي خطتكم المستقبيلة لتطوير المعهد؟

-ترتكز خطتنا المستقبيلة على تنفيذ مخرجات الورشة الإسترتيجية التي تم تنظيمها في العام 2021، وكذلك تنفيذ توصيات ومخرجات ورشة تقييم الأداء التي قمنا بتنظيمها في يناير 2024 ، فضلاً عن ترقية وتطوير بيئة العمل وتطوير البنية التحتية ورفع الطاقة الإستيعابية للمعهد بإضافة مباني ووحدات/شعب جديدة ما أمكن. ولكن مؤكد أن قيادة الحركة الشعبية كجهة راعية ومشرفة على المعهد أيضا لديها الدور الأكبر في وضع إستراتيجية تطوير هذه المؤسسة.

*إنطباعك عن الدفعة (24) ،التي تخرجت قبل اسبوع من الان؟

-في الحقيقة من السابق لأوانه أن يعطي المدير تقييماً دقيقاُ للدفعة الحالية، خاصة وأنها لم تتخرج بعد، لأن التقييم مسألة مربوطة بتقارير الأداء من الوحدات المعنية و التي يتم رفعها لي كمدير بعد إجتماع تقييم أداء هذه الدورة، وكذلك مربوطة بإستمارات تقييم الدارس. لكن بصورة عامة، وكإنطباع أولي أرى أن هذه الدفعة مميزة لما يوجد فيها من كادر نوعي من مختلف النخصصات والخبرات وكثير من منسوبي الدفعة أصحاب تجربة في العمل هالتنظيمي، الأمر الذي يجعلني متفائلاً بهذه الدفعة و التي ننتظر منها الكثير بعد تخرجها، وأرجو ألا يخيبوا حسن ظننا.

*حدثنا عن تطلعات إدارتكم في المرحلة القادمة ؟

-نتطلع إلى وجود مستوى عالِ من التعاون والتنسيق مع كافة مؤسسات الحركة الشعبية كأصحاب مصلحة (Stakeholders)، كما نتطلع للحصول على الدعم اللازم لضمان إستمرارية المعهد في أداء دوره و تطوير بنيته التحتية، أيضا نتطلع للحصول على الدعم والتحفيز المعنوي للرفاق المعلمين الحزبيين الذين يتفانون في إنجاز مهامهم بإحترافية شديدة لكن في ظروف إستثنائية معلومة، فقلما يجد المعلم الحزبي الوقت الكافي لتوفيق أوضاعه الأسرية وهو يعول أسرة وأطفال. نحن مصممون أيضا على تنفيذ أكبر عدد من الدورات التدربية لتمكين الحركة الشعبية من مقابلة تطورات المشهد السياسي في السودان، والذي بأت مفتوحاً على كل الإحتمالات كما ذكرت.

-أيضاً يراودنا حلم إكمال مشروع مسرح الطبيعة الذي بدأه المدير الأسبق رفيقنا وأستاذنا المفكر والأديب د. أبكر آدم إسماعيل

*كمدير للمعهد القومي للتدريب السياسي والقيادي، ماهي توصياتكم للدفعة (24)، و كل الدفعات السابقة.

بكل تأكيد، إذا كان لا بد من وصايا في سياق العمل التنظيمي للرفاق الدارسين والدارسات في الدفعة التي تخرجت قبل اسبوع والدفعات السابقة والقادمة، فإنني أفصل هذه الوصايا في النقاط الآتية:

1.ضرورة التمسك بمشروع السودان الجديد، وهنا يتعين عليكم تجسيد رؤية السودان الجديد وأهداف ومبادئ الحركة الشعبية إيمانا و سلوكا وعملا أينما كنتم As actions speal louder than words

2.يجب أن يثقوا في أنه لا بديل لمشروع السودان الجديد إلا مشروع السودان الجديد، كما يجب أن تفتخروا بإنتماءكم لمشروع السودان الجديد، فهذا الإنتماء يؤكد أولا، وقبل كل شيئ وقوفكم فى الجانب الصحيح من التاريخ.

3.عليهم التحلي بالإنضباط و الإلتزام التنظيمي فهو معيار مقدم ثوريا و تنظيميا على المؤهل الأكاديمي بالرغم من أهميته.

4.ضرورة عكس وحدة الفكر و وحدة الخطاب السياسي في العمل و المهام التنظيمية التي توكل لكم سواءا كنتم فى كاودا أو يابوس أو جوهانسبيرج أو لندن، لأننا منطلقين من رؤية ومشروع واحد

5.ضرورة الإبتعاد عن الشطط والتطرف وأي توجه قبلي أو عنصري وأنتم تمثلون الحركة الشعبية في أى منبر أو مهمة

وختاماً، لا يفوتني أن أسجل صوت شكر وتقدير مستحق للموقع الإلكتروني للحركة الشعبية splmn.net على إجراء هذا الحوار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.