الحق في الحياة مُقدّم على كل الحقوق.

أحمد مختارالبيت

دروب الحقيقة

موقف لافت للحركة الشّعبية شمال..

الحق في الحياة مُقدّم على كل الحقوق.

والقيم الإنسانية لا تتجزأ

 في الحياة مُقدّم على كل الحقوق.

سجّلت الحركة الشعبية لتحرير السُّودان_ شمال_ على لسان عمار آمون سكرتيرها العام، يوم الخميس 16 مايو 2024م، موقف وطني وإنساني وأخلاقي لافت، سيحفظه لها التاريخ، بتأكيدها بأنها في الوقت الذي تتفاوض فيه لتوقيع وثيقة (وقف عدائيات) تسمح بتمرير المساعدات الإنسانية لمتضرري الحرب في ولايات (جنوب كردفان، النّيل الأزرق، وغرب كردفان، ترى أنّ كل الجماعات والشّعوب السُّودانية في إقليم جبال النوبة، إقليم الفونج الجديد، ولايات دارفور، كردفان، الجزيرة، والخرطوم) تحتاج إلى مساعدات إنسانية عاجلة تُنقذ حياتهم وتصون كرامتهم الإنسانية من خطر الإنتهاك.) وهكذا تُثبت الحركة الشعبية عملياً انحيازها للقيم الإنسانية والأخلاقية التي لا تتجزأ، بموقف يدعم مصداقيتها، من خلال نظرتها لمعاناة الشّعب السُّوداني، بمنظار واحد، طالما نادت بالعدالة والمساواة والحقوق المتساوية للجميع، عبر تجربتها الطويلة في الحرب منذ العام 1983م، وهى تمسح في هذا الوقت العصيب من الأزمة الوطنية غبار الأكاذيب ومحاولات حكومات المركز الدّائبة، لحصارها في مفاهيم عنصرية ومناطقية ضّيقة.
عمار أموم طرح سؤالاً تعجّبياً، في مُستهل خطابه في الجلسة الإفتتاحية للتفاوض بشأن وثيقة توصيل المساعدات الإنسانية بجوبا (هل نحن هنا اليوم أيضا أمام خيار آخر للتوقيع على وثيقة تفضي إلى تمرير مساعدات إنسانية إلى متضرري الحرب في مناطق وأقاليم وولايات بعينها فقط؟ والشعب السُّوداني في مناطق وأقاليم وولايات أخرى بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية كالغذاء والأدوية المنقذة للحياة؟ سؤال سكرتير عام الحركة الشعبية أقرب للاستنكار ويستبطن نقداً صريحاً للوثيقة المتوقع الإتفاق عليها، ويُؤشر الخلل في تجزئة المواقف الإنسانية من معاناة السُّودانيين المتضررين من الحرب في كل جغرافية بلادهم وهو موقف يستحق الإشادة والدعم، ويفرض على طرفي الوثيقة، وحكومة جنوب السودان الراعية لها، إعادة النظر في الأمر من ذات الزاوية التي أشارت لها الحركة وتقليب صوت العقل والاستجابة لتحديات الكارثة الإتسانية وأهوالها التي أوصلت المواطنين في بعض مناطق السُّودان لأكل أوراق الأشجار، بسبب الجوع ونقص الغذاء أو استحالة الحصول عليه.
إن حث أطراف الصراع للسماح بتوصيل المساعدات الإنسانية لجميع المتضررين في السُّودان واجب أخلاقي مُلح، طالما أن الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ثابتة في موقفها الداعي للتوصل إلى إتفاق يسمح بتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين في (إقليم جبال النوبة، إقليم الفونج الجديد، وكل مناطق ولايات دارفور، ومناطق الجزيرة، والخرطوم، وكردفان) دون تمييز..
فالحركة أكّدت أنها (مثلما لا تؤمن بتجزئة الحلول السّياسية، كذلك لا تُؤمن بمبدأ التّحيز (الجغرافي والجهوي) في تقديم المساعدات الإنسانية. وأن كل متضرري الحرب الأهلية في السُّودان أينما كانوا يجب أن تصلهم المساعدات الإنسانية)
هذا موقف أخلاقي باذخ يستحق الإشادة والتّقدير والإحترام والدعم والمؤازرة وفي تقديري إن الحركة الشٌعبية بهذا الموقف الداعم لوحدة الوجدان الشعبي، تكسب الرأي العام السُّوداني والإنساني، وتعرّي المواقف العدمية لأطراف في الحرب، والأهم من ذلك أنها تكسب المستقبل والتاريخ، لأن الذي لا يتجاوب مع المأساة الإنسانية غير المسبوقة في التاريخ الحديث، والتي استحكمت حلقاتها الكارثية بالجوع والمرض والضياع، غير الموت المجاني الذي يعاني منه السُّودانيون في كل لحظة من زمن الحرب.
إن الذي لايتجاوب مع هذه المأساة المتطاولة، لا يمكن أن يحدّثهم بأي صفة بأنه معنى بالدفاع عن حقوق دستورية أو قانونية للشّعب السُّوداني، لأن الحق في الحياة مقدم على كل حق.

أحمد مختارالبيت
17 مايو 2024م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.