الهوية الوطنية السودانية وخلفياتها التاريخية
٢٨ يناير ٢٠٢٤م
بقلم : كوكندى كالو شالوكا
المناطق المحررة – كاودا
تعريف الهوية الوطنية :
الهوية الوطنية هى شعور واحساس جماعة السكان بالارتباط والانتماء بعضهم بعض، وانتماء الجميع للوطن ، وهى الروابط التى تكون الأمة التى يشعر كل افرادها بصلاتهم ببعض وانتمائهم للوطن ألذى يفتخرون ويعتزون به.
افراد المجتمع فى هذه الحالة يتكاتفون على خدمة الوطن وتكون المصلحة العامة (مصلحة الوطن) مقدرة ومقدمة على مصلحة القبلية والجهوية متى ما تعارصت مع المصلحة العامة التى هى مصلحة الوطن.
المعرفة التاريخية للهوية تؤدى إلى الوقوف على أصول السكان ومدى انتمائهم أو عدم انتمائهم إلى أصول مشتركة ومساهماتهم فى بنا تراث مجتمعهم. إن وجد ذالك يودى إلى زيادة تلاحم وتقارب افراد المجتمع ، وإن لم يوجد لا يعنى تفتت المجتمع وعدم تلاحمه والمثال على ذالك مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية بتنوع سلالاته وغياب البعد التاريخى المشترك.
االجهل بالروابط والقواسم المشتركة بين افراد المجتمع يؤدى إلى ضعف وهشاشة الانتماء ويؤدى إلى التنافر وعدم القبول بالاخر. وهذه هى البذور التى تولد العصبية والقبلية والجهوية وجعل مصالحها فوق مصالح الوطن.
جذور الأزمة السودانية :
أخطاء الأنظمة المدنية والعسكرية التى تعاقبت على الحكم فى السودان منذ الاستقلال المزعوم حتى الان ، فى كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والفشل فى إدارة التنوع التاريخى و المعاصر ، قد انعكس سلبا على المواطن وضعف من هويته وقوة شعوره المواطنة المتساوية والعيش بكرامة والانتماء للوطن.
يقوم ذالك الرباط والانتماء على بعض القواسم المشتركة بين المواطنين والتى تشدهم إلى الانتماء للوطن من غيره من البلاد.
لا شك إن مشكلة الهوية السودانية بمدلولاتها المتعددة الجوانب والابعاد ومعانيها القريبة البعيدة ، هو السبب الرئيسي فى اشعال الحروب والخلل التنموى والتخلف والجهل والمرض والانهيار السياسى والاجتماعى و الأقتصادى والامنى و انفصال الجنوب والان الخرطوم تحترق نتيجة للسياسات الخاطئة من النخب السياسية التى تعاقبت على الحكم فى السودان منذ الاستقلال المزعوم حتى الان.
متى تكونت الهوية السودانية ؟
ترجع جذور الهوية السودانية إلى أكثر من خمسة الف سنة ، فنحن أمة سودانية ننتسب إلى اسلافنا اللذين وضعوا اللبنات الأولى لتكوين هذه الأمة على هذه الارض منذ أكثر من خمسة الف سنة ، عرفوا خلالها باسم الكوشيون والاثبيويون والسودانيون والنوبيون والمقريون والعلوييون واخيرا عرفوا باسم السودانين.
اختلف دياناتهم عبر العصور فعبدوا الهة متعددة فى بداية الأمر ثم انتشرت المسيحية وبعدها الإسلام وظل البعض محتفظا ببعض معتقداته القديمة حتى الان.
وتحدث السودانيون لغاتا مختلفة اثناء مسيراتهم التاريخية مثل اللغة الكوشية واللغة المروية واللغة النوبية واللغة اليبجاوية ثم اللغة العربية بجانب اللغات التى لا زالت حية فى كل انحاء السودان.
لقد قامت عدد من الدول عبر التاريخ ضمت افراد الأمة السودانية وتمكن بعضهم الامتداد على كل حدود السودان الحالية مثل دولة كوش فى بعض مراحل تاريخها ، بينما تعاصر عدد من الدول التى لم تمنع حدودها السياسية تواصل وتداخل افراد الأمة مثل دولتى مقرة وعلوة المسيحييتين ودول سنار ودارفور وتقلى.
لقد اثبتت نتائج الدراسات التاريخية واللغوية والانثروبولوجية ونتائج أبحاث الحامض النووى DNA الاصول المشتركة للسلالات التى إقامته تلك الأمة منذ الالف الثالث قبل الميلاد.
فالامة السودانية ترجع أصولها إلى السلالات التى عمرت هذه المناطق منذ البدايات المبكرة لحياة البشر على الارض ، اللذين اتضح دورهم الفاعل فى تكوين سكان افريقيا والعالم الخارجى.
لقد تكونت الامة السودانية الحالية وفقا للتاريخ المدون منذ ما يربو على خمسة الف سنة و إستوعبت عبر العصور الهجرات التى اتتها من الجزيرة العربية و الجنوب والغرب وظلت محافظة على كيانها حتى الان.
لقد اثبتت نتائج الدراسات التاريخية واللغوية والانثروبولوجية والحامض النووى DNA إن افريقيا هى مهد البشرية ، وإن أقدم أثار لبنى أدم وجدت فى شرق وشمال وشرق افريقيا وربما فى السودان.
وقد اوصحت أبحاث الحامض النووى DNA إن هنالك عددا من الاجناس الأصلية فى افريقيا فيها اللون الابيض و الاسمر والاسود ومنها سلالاتان لم يتأثر باى سلالة أخرى خارج القارة وإن اغلب سكان السودان ينتمون إلى تلك السلالة الإفريقية الأصيلة والتى لم تتاثر باى سلالة خارج القارة الإفريقية.
وقد اوصحت نتائج الحامض النووى إن سكان السودان الحاليين فيهم من يمثلون أقدم السلالات البشرية على الارض وإن السكان فى الشمال و الجنوب والشرق والغرب ينتسبون إلى سلالات ذات جذور مشتركة اى أقرباء بعض وانهم جزء من اسلاف اللذين أسسوا حضارة السودان القديم وانهم جزء من أثار السودان القديم التى تم اكتشافها حتى الان وانهم ينتمون إلى مؤسسى تلك الاثار التى يعيشون جوارها.
قد اثبتت نتائج الدرسات التاريخية واللغوية والانثروبولوجية بأن اللغات الحية الان في شمال وشرق وغرب السودان ذات أصول مشتركة وانها كلها ذات الصلة باللغة الكوشية القديمة.
واخيرا هل نتفق على أن الأمة السودانية فى حدودها السياسية الحالية هى سلالة الشعب ألذى يرجع عمره إلى آلاف السنين على تراب هذه الارض ،وإن هذه الامة تنتمى إلى سلالات ولغات وثقافات ذات سمات وأصول مشتركة ، وإن ما يبدو لنا من اختلافات ما هو إلا التنوع داخل اطار تلك القواسم المشتركة.
النضال مستمر والنصر أكيد
تحياتى
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.