قراءات في الاستراتيجية مع صن زو (Sun Tzu) 5– 4

بقلم: كموكي شالوكا (إدريس النور شالو)

 

تنويع التكتيكات
عندما تكون فى بلد صعب و وعر التضاريس لا تقيم معسكراً فى المنطقة التي تتقاطع فيها الطرق، وعليك أن تتعاون مع حلفائك . لا تبقى فى مواقع معزولة بشكل خطير. فى المواقف التى يطوقك فيها العدو يجب ان تلجأ الي الحيلة، أما إذا كنت فى موقف يائس يجب عليك القتال.
هناك طرق لا يجب إتباعها، وهناك جيوش لا يجب مهاجمتها، ومدنُ لا يجب محاصرتها، ومواقع لا يجب التنافس عليها، وأيضاً أوامر السلطة السيادية التي لا يجب إطاعتها. فالقائد الذي يفهم تماماً المزايا التي تصاحب تنوع التكتيكات يعرف كيفية التعامل مع قواته.
الحد من الزعماء المعادين عن طريق إلحاق الضرر بهم وإثارة المشاكل لهم وابقاءهم منخرطين باستمرار فيها، و تقديم إغراءات خادعة وجعلهم يندفعون الى أي نقطة معينة.
يعلمنا فن الحرب أن لا نعتمد على إحتمالية عدم قدوم العدو بل على إستعدادنا لإستقباله و ليس على إحتمال عدم مهاجمته لنا، ويجب أن نجعل مواقعنا محصنة ومنيعة.
هناك خمسة أخطاء خطيرة قد تؤثر على القائد:
١.الطيش والتهور
٢.الجبن
٣.المزاج المتسرع
٤.حساسية مسألة الشرف
٥.الاهتمام الزائد برجاله
وعليه، عندما يتم هزيمة الجيش وقتل قائده، فمن المؤكد ان السبب سيكون من بين هذه الأخطاء الخمسة، فلتكن موضوعاً للتأمل.
تقدم الجيش للقتال
والأن نأتي لمسألة إقامة معسكر الجيش ومراقبة خطوات العدو. عليك عبور الجبال بسرعة وأقم بجوار الوديان. قم بإقامة معسكرك فى أماكن مرتفعة تواجه الشمس، ولا تتسلق المرتفعات من أجل القتال. وهذا درس من الحروب الجبلية.
عندما تعبر قوة غازية نهراً فى تقدمها للأمام، لا تتقدم لمقابلتها فى منتصف النهر. سيكون من الأفضل السماح لنصف الجيش بالعبور ثم تنفيذ هجومك.
أربط مركبك أعلى من موقع العدو مواجهاً الشمس، ولا تتحرك للأعلى لمقابلة العدو. هذا من دروس حرب النهر.
في البلاد المستوية والجافة إتخذ موقعاً يسهل الوصول إليه مع وجود أرض مرتفعة على يمينك ومن خلفك بحيث يكون الخطر فى المقدمة والسلامة فى الخلف ، هذا فى الحملات العسكرية فى الأماكن السهلية.
إذا كنت مهتماً برجالك وأقمت المعسكر على أرض صلبة، سيكون الجيش خالياً من الأمراض من كل نوع مما سيحقق النصر.
عندما تصل الى تلة أو ضفة نهر ، إحتل الجانب المشمس بحيث يكون المنحدر خلفك يميناً وبالتالى ستعمل لصالح جنودك وتستفيد من المزايا الطبيعية للأرض.
فى حالة النهر الذي ترغب فى عبوره و يتخلله الرغوة نتيجة لهطول أمطار غزيرة فى أعلى البلاد، فيجب عليك الإنتظار حتى ينحسر.
البلد الذي توجد فيه منحدرات شديدة تجري بينها السيول، و تجاويف طبيعية عميقة ، و أماكن محصورة، و أدغال متشابكة، الأماكن الضيقة و الغابات المتشابكة و المستنقعات و الشقوق، يجب تركها بكل سرعة ممكنة وعدم التواجد فيها. وبينما نبتعد عن مثل هذه الأماكن يجب أن نجعل العدو يقترب منها وبينما نواجهه يجب أن نتركه فى مؤخرتها.
إذا كان هناك أي منطقة جبلية بالقرب من معسكرك او هناك برك محاطة بالعشب المائي أو أحواض مجوفة مملوءة بالقصب أو غابات ذات نمو كثيف فيجب تفتيشها بعناية لأن هذه الأماكن هى أماكن نصب الكمائن أو من المرجح أن يكون الجواسيس كامنين فيها.
عندما تخرج المركبات الخفيفة أولاً و تتخذ موقعاً على الأجنحة فهذه علامة على ان العدو يستعد للمعركة. ومقترحات السلام الغير مشفوعة بتعهدات قوية تشير الى وجود مؤامرة.
عندما يقف الجنود متكئين على رماحهم فهم مرهقين من نقص الطعام، و اذا بدأ الذين أرسلوا لجلب الماء بالشرب فان الجيش يعاني من العطش. اذا رأى العدو ميزة ولم يبذل أي جهد لإغتنامها فإن الجنود منهكون.
اذا حدث إضطرابات فى المعسكر فان سلطة القائد ضعيفة، و اذا تم نقل اللافتات و الأعلام ، فان الفتنة بين القوات على الأبواب. اذا كان الضباط غاضبون فهذا يعني ان الجنود يشعرون بالضجر.
منظر الجنود وهم يهمسون مع بعض في مجموعات صغيرة، أو يتكلمون فى نبرة غاضبة فهذا يشير إلى عدم الرضا بين صفوف الجيش. وإذا أُرسل المبعوثون بكلمات الإطراء فهذا علامة الى ان العدو يريد هدنة.
إذا تقدم قوات العدو بغضب مواجهاً جيشنا من غير أن يبدأ القتال، أو تراجع للخلف فإن هذا الموقف يتطلب حذر و إنتباه شديدين.
الجنود يجب معاملتهم بأنسانية و بلطف كبيرين لكن يجب مراقبتهم بحزم وفق معايير الأنضباط الصارم ، هذا هو السبيل للنصر.
القائد الذي يضع ثقته فى رجاله لكن أيضاً يصر على إطاعة أوامره، فالنتيجة تكون متبادلة.
طبيعة الارض Terrain
يمكننا التفريق بين ستة أنواع للأرض هي:
أرض سهل الوصول اليه:
هي ما يمكن عبوره بواسطة الجانبين. أرض بهذه الطبيعة يجب عليك الوصول اليها قبل العدو وإحتلال المناطق المرتفعة والمواجهة للشمس وكذلك مراقبة خطوط إمدادك، هكذا يمكنك القتال على نحو مفيد.
أرض متشابك الاشجار:
هي الارض التي يمكن التخلي عنها ولكن من الصعوبة إعادة إحتلالها. هنا اذا كان العدو غير مستعد يمكنك الهجوم والانتصار عليه، أما اذا كان مستعداً وينتظر قدومك ، وفشلت فى الانتصار عليه و أصبح التراجع مستحيلاً فالكارثة ستقع حتماً.
أرض عبور سريع:
فى الموقف الذي لا يستطيع فيها الطرفين الهجوم أولاً، وبالرغم ان العدو يحاول تقديم طُعم مغري، فالنصحية الاّ تتقدم للهجوم عليه بل الافضل أن تتراجع، ومحاولة إغراء العدو وعندما يخرج جزء من جيشه فيمكن أن نهجم بميزة كبيرة.
الممرات الضيقة:
اذا امكنك إحتلالها أولاً فاعمل على تقوية دفاعاتك وانتظر مجئ العدو، أما اذا سبقك العدو فى احتلال الممر الضيق فلا تتبعه وعليك التراجع الاّ اذا كان دفاعاته ضعيفة.
مرتفعات شديدة الإنحدار:
فيما يتعلق بالمرتفعة شديدة الانحدار، واذا تسابقت مع خصمك فعليك احتلال النقاط المرتفعة والمشمسة ثم انتظر صعود العدو اليك. واذا سبقك العدو واحتلها فلا تسير خلفه بل تراجع حاول إغرائه للخروج من مكانه.
المواقع البعيدة من العدو:
اذا كنت كامناً بعيداً عن العدو ، وقوة الجيشين متساوية فليس من السهل التحرش به للقتال، والقتال سيكون في صالحك.
هذه ستة مبادئ مرتبطة بالارض، والقائد الذي أُسند اليه مسئولية القيادة يجب عليه دراستها بعناية.
الجيش عرضة لستة كوارث ليست نتيجة لعوامل الطبيعة، بل هى مسئولية وأخطاء يُسأل عنها القائد و هي:
الهروب: اذا هاجمت قواتك قوة اخرى تقدر حجمها عشر مرات من قواتك ، فالنتيجة هى فرار قواتك.
التمرد: اذا كان الجنود أقوياء جداً و الضباط ضعاف جداً فالنتيجة هي تمرد الجيش.
الانهيار: عندما يكون الضباط أقوياء جداً و الجنود العاديين ضعاف فالنتيجة هي الانهيار.
الدمار: عندما يكون الضباط مرؤوسين وغاضبون وعند ملاقاة العدو يعطون أوامر الهجوم لإحساسهم بالإستياء قبل ان يحدد القائد العام ما اذا كان فى موقف يستطيع القتال فيه، فالنتيجة هي دمار الجيش.
إختلال النظام: عندما يكون القائد ضعيفاً وبلا سلطات، و عندما يكون أوامره غير واضحة وغير صارمة ، وعندما لا يكلف الضباط والجنود بواجبات محددة وتكوين الرتب بطريقة عشوائية فالنتيجة هي فوضى عارمة وبالتالي إختلال النظام.
الهزيمة: عندما لا يستطيع القائد تقدير قوة العدو و يسمح لقوة صغيرة مهاجمة قوة كبيرة أو قوة صغيرة ترشق من بعيد قوة كاملة العتاد ويهمل فى دعمه بقوة محمولة فى المقدمة، فالنتيجة هى الهزيمة.
هذه هي ستة طرق ينهزم بها الجيش ويجب بالتالي مراعاتها بواسطة القائد الذي أسند اليه مسئولية القيادة.
معرفة التكوين الطبيعي لأرض المعركة هى أفضل معين للجندي، ولكن معرفة و قياس قوة العدو والسيطرة على القوات والتحسب للصعوبات والمخاطر والمسافات هي مسئولية و إمتحان للقائد الحاذق.
إذا كانت نتيجة القتال هو نصر أكيد للجيش فعليك القتال بالرغم من إعتراض الحاكم على الهجوم، وإذا كانت نتيجة القتال هو الهزيمة فعليك الاّ تقاتل حتى إن كانت هى رغبة الحاكم.
عامل جنودك كما تعامل أطفالك وسيتبعونك لأكثر المناطق خطورة، وأهتم بهم كأنهم أحب أطفالك إليك وسيقفون بجانبك حتى إن دعى الأمر الى التضحية بأرواحهم.

١٣/١١/٢٠٢٣م

نواصل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.