قراءات في الاستراتيجية مع صن زو (Sun Tzu) 5- 1.

بقلم: كموكي شالوكا (إدريس النور شالو)

 

الإستراتيجية هى خطط أو طرق توضع لتحقيق هدف معين على المدى البعيد إعتماداً على التخطيط. وتعود جذور مصطلح الإستراتيجية الى الأصل الاغريقي لكلمة “إستراتيقوس” strategos وتعني قيادة الجيش أي فن الحرب. وقد نشأت الإستراتيجية في أول الأمر فى كنف العلم العسكري ثم بعد ذلك إنتقلت الى مختلف مناحي الحياة ومختلف المجالات كالاقتصاد و الاعمال والسياسة.

ويعتبر الجنرال الصيني صن زو (Sun Tzu) الشخصية الرائدة فى مجال الإستراتيجية العسكرية، فقد كتب كتابه القيم “فن الحرب The Art of War ” فى القرن الخامس قبل الميلاد ، وتمحورت الفكرة الأساسية فى الكتاب حول إجبار العدو على التخلي عن المقاومة والإستسلام دون قتال، وذلك بفضل استعمال تكتيكات التمويه و التجسس على العدو و الحرب المعنوية وإستهداف تموين العدو ومركز اتصالاته وتجنب الاشتباك فى معارك حاسمة قدر الإمكان، ويقول صن زو ان قمة المهارة العسكرية يكمن فى التفوق واخضاع العدو دون قتال.

الكتاب صغير الحجم ولكنه عالى القيمة لذلك لا غنى عنه للعسكريين والاقتصاديين ورجال السياسة وغيرهم. وقد قال عنه أحد مترجميه من اللغة الفرنسية الى الانجليزية:” إن كنت قائداً عاماً للجيش أو رئيساً،كنت جعلت دراسة هذا الكتاب ألزامياً لكل ضباط الجيش بتشريع ذلك فى قانون القوات المسلحة، وبالأخص فكل من وصل الى رتبة قائد (commander) سوف يأخذ امتحاناً شفوياً وتحريرياً فى كل فصول الكتاب ، ودرجة النجاح ستكون 95% من الدرجة الكاملة، و أي قائد يفشل فى بلوغ هذه الدرجة سوف يتم فصله فوراً وإيجازياً ولا يحق له الاستئناف. أما بقية رتب الضباط الذين لم يجتازوا درجة النجاح سوف يتم تخفيض رتبهم تلقائياً.

يقع الكتاب فى ثلاثة عشر فصلاً ويغطى كل جوانب فن الحرب وهي:

وضع الخطط، شن الحرب، الحيلة والهجوم المباغت، الترتيبات التكتيكية، الحيوية واللياقة، نقاط الضعف والقوة، المناورة، تنويع التكتيكات، تقدم الجيش للمعركة، طبيعة الارض، أوضاع الأرض التسعة، الهجوم بالنيران، استخدام الجواسيس.

1- وضع الخطط:

يقول صن زو : “إن الحرب مسألة حياة و موت الدولة، و هو طريق أما للسلام أو الدمار، وان هدف الحرب هو السلام ، ففى وقت السلم إستعد للحرب وفى وقت الحرب إستعد للسلام”.

والحرب محكوم بخمسة عوامل أساسية تؤخذ فى الاعتبار عند تحديد شروط المعركة وهى:

أ‌- الجانب المعنوي ، الذي يجعل الجيش فى وئام تام مع القائد، وسيتبعونه بغض النظر عن حياتهم غير خائفين من اي خطر.

ب‌- الطقس ، ويدل على الليل و النهار ، و البرد و الحرارة ، و المواقيت و الفصول.

ج- أرض المعركة ، ويشتمل على المسافات، الكبير والصغير، الخطر و الأمن، الارض المفتوحة والممرات الضيقة، فرص الحياة و الموت.

د- القائد ، يرمز الى فضائل الحكمة و الإخلاص ، الإحسان، الشجاعة و الصرامة.

ه – الانضباط ، من خلال السلوك و الضبط والربط، يجب ان يفهم تنظيم الجيش فى اقسامه الفرعية المناسبة، وتدرج الرتب بين الضباط، وصيانة الطرق التي يمكن من خلالها وصول الإمدادات، و السيطرة على الإنفاق العسكري.

هذه العوامل الخمس ينبغي ان تكون مألوفة لكل قائد ، فمن يعرفها فهو المنتصر ومن لم يكن ملماً بها سيفشل في معاركه. فالقائد الذي يستمع لهذه المشورة و يعمل بها فهو المنتصر أما الذي لا يستمع ولا يعمل بها فستلاحقه الهزائم ومصيره الطرد من الخدمة.

يستند كل حرب على الخداع، ومن ثم عندما نكون قادرين على الهجوم ، يجب ان نبدو غير قادرين، وعندما نستخدم قواتنا يجب ان نبدو غير نشطين، عندما نكون قريبين يجب ان نجعل العدو يعتقد اننا بعيدون وعندما نكون بعيدين يجب ان نجعله يعتقد اننا قريبون.

مد الطُّعم لإغراء العدو، إختلق الفوضى بين جيشه ثم اسحقه. اذا كان نقاطه محصنة كن مستعداً له واذا كان متفوقاً فى قوته فتجنبه. اذا كان خصمك ذو مزاج هادئ فاعمل على ازعاجه، إدعي الضعف مما يجعله متغطرساً.

اذا كا ن مرتاحاً فلا تمنحه راحة ، واذا كان قواته متحدة ففرق بينهم ، هاجمه حيث لا يكون مستعداَ وأظهر حيث لا يتوقعك.

الان ، القائد الذي يفوز فى المعركة يجري حسابات كثيرة قبل خوض المعركة ، أما الذي يجري حسابات قليلة فمصيره خسارة المعركة.

2- شن الحرب

عندما تنخرط فى قتال فعلي، فاذا تأخر النصر فان اسلحة الرجال سوف تضعف وتخفض حماسهم وروحهم المعنوية، و اذا حاصرت مدينة فسوف تستنفذ قوتك واذا طالت الحملة فإن موارد الدولة لن تكون مساوية للضغط الواقع عليها. وهكذا لم يسبق ان رأينا الذكاء مرتبطاً بالتأخير الطويل فى حسم المعارك، ولا يوجد أي مثال على دولة استفادت من حرب طويلة الامد.

والقائد الماهر لا يثقل المواطن بالضرائب، ويأتى بالامدادات الخاصة معه والمواد الحربية من المنزل ، ولكن يبحث عن الطعام من العدو ، هكذا سيكون لدي الجيش ما يكفى من الغذاء لاحتياجاته. يحرص القائد الحكيم على البحث عن الطعام من العدو. وحمولة عربة العدو الواحدة من مؤنة تعادل عشرين من طعامك و بالمثل فان الجوال الواحد من طعامه يعادل عشرين من مخزنك الخاص

فى الحرب فليكن هدفك العظيم هو النصر و ليس الحملات الطويلة. وبذلك فقائد الجيش هو الحكم في مصير الشعب، و هو الرجل الذي يعتمد عليه سواء فى السلام أو فى الحرب.

نواصل…………………..

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.