مشاهدات من الإنتهاكات والجرائم بجبال النوبة في الحرب الأولى:(1984-2005).

النور كوة مكي

 

splmn.net

(الحلقة الرابعة)

(جنوب الجبال).

لقد كانت قضية هارون إدريس معروفة جيداً . ولكن كان هناك العديد من الضحايا الآخرين، كان تعريف القادة واسعاً جداً وشمل جميع الأفراد ذوي الأهمية الاجتماعية والثقافية. وفي المناطق الجنوبية من الجبال يتمتع المصارعون التقليديون بمكانة إجتماعية عالية وقد كانوا من بين الضحايا ذوي الأهمية بالنسبة للحكومة. وأيضا أمثال (توتو تية) البالغ من العمر 41 عاماً هو معلم التعليم المسيحي في الكنيسة الانجليكانية من (تبانيا) في (أنقولو) بأقصي جنوب جبال النوبة.

فقد قال:

في عام 1987 جاءت قوة عسكرية من (طروجي) إلى (أنقولو) وإختطفت 8 أشخاص من بينهم (كوكو توتو). قمت بمتابعة هذه القوة من مسافة بعيدة. وفي منطقة (العفين) بين كادقلي و(الأحيمر) توقف الجيش. رأيت الأشخاص الثمانية يطلق عليهم الرصاص. أيضاً في نفس العام ألقي القبض علي 12 شخصاً من بينهم مصارعان مشهوران: (كاييم كوكو / كيس تية) في قرية (أنقولو) علي يد وحدة من الجيش قادمة من كادقلي.
تم إستدعاؤنا جميعاً إلى مكان مفتوح في القرية من قبل الضابط القائد. لقد كان القائد بنجمة واحدة. أمرونا بالجلوس ثم تم تقييد (كاييم) المعروف أيضا بإسم (كويو) – “القرد الأسود”. ودهسته دبابة عسكرية ولكنه لم يمت، مرت عليه الدبابة 3 مرات لكنه كان حياً في كل مرة، وفي النهاية قام الجنود بضربه بالفأس والعصي الثقيلة. وذبح الآخرون أمام منازلهم.

طلب منا الجيش عدم دفنهم. حدث هذا في الصباح. وفي فترة ما بعد الظهر عاد الجيش إلى كادقلي. وفي المساء قمنا بدفنهم جميعا.

في نفس العام 1987 ألقي القبض علي شيخ (تبانيا) مساعد العمدة (كوكو تلودي) وإثنين من معلمي التعليم المسيحي من قبل الجيش في كادقلي – وهم:

1/ متى بوش – كنيسة تبانيا.

2/ قبريال توتو عليم نور – كنيسة أنقولو.

تم نقلهم جميعاً إلى كادقلي وبعد بضعة أشهر أطلق سراح معلمي التعليم المسيحي وعادوا إلى منازلهم بأيدي مشلولة بسبب التعذيب.
غادر (قبريال توتو) الكنيسة فيما بعد وإنضم إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان وهو الآن في غرب كادقلي.

كان الإستهداف ممنهجا: وخاصة (المعلمين، موظفي الخدمة المدنية الذين يعيشون ويعملون في المدن).

تم نقل معظم المعلمين والموظفون من أبناء النوبة الذين يعملون في المدن إلى مناطق نائية في شمال كردفان (حمرة الشيخ، حمرة الوز، شمال دارفور، …إلخ). وللحقيقة جميعهم توفوا بعد سنتين ثلاتة – منهم:

1/ الأستاذ/ حسن جمعة بخيت.
2/ الأستاذ/ عطية أنقولو.

لم يألفوا مثل هذه البيئة، والبقية الذين رأوا أنفسهم مستهدفين تخارجوا بإرادتهم إلى العاصمة. وآخرون إلى خارج السودان والخيار الأقرب لهم دوما كان الإنضمام إلى الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان. وهكذا بقى الذين يسكنون في الأرياف أكثر عرضة لهذه الإنتهاكات الفظيعة.

# إضافة # :

تقابلت مع (متى بوش) عام 1989 بسجن (الأبيض) بعد أن مكث عدة شهور بمعتقل الإستخبارات سيئ السمعة وهو يعاني من آثار التعذيب في أي شبر من جسده، بعدها تم تحويله إلى سجن كادقلي ولا أدري إن كان قد أعيد إعتقال (متى بوش) مرة أخرى، لكن ما قاله لي (متى) إنه مكث قرابة الثلاثة سنوات في الإعتقال.

تبقى الحقيقة إن المفرج عنه فقط هو (قبريال توتو) وإن المتحدث إفترض إن الإفراج شمل الإثنين.

نواصل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.