النسوية السودانية من منظور أفريقي (5)
بقلم/ بدرية سعيد الطاهر
باحثة اجتماعية ومهتمة بشؤون المرأة
مواصلة في كتابات النسوية السودانية من منظور أفريقي، سوف نواصل موضوعنا النساء العبودية فى السودان.
فأن مسألة استرقاق وأستغلال العبدات ليس محصورا على الرجال فقط بل أمر يشترك فيه الرجال والنساء على حداً سواء ، يورد مختار عجوبة فى ذلك (( قصور الدعارة لا يستثمرها الرجال فحسب، ولكن قد تديرها الموسرات من النساء من علية القوم، ففى قرية السوريبا التى تقع جنوب ود مدنى على الطريق الى سنار كان يبلغ عدد سكانها اربعمائة نسمة من عبيد الأميرة نصرة بنت ادريس بن عدلان، سليلة قدامى الوزراء فى سنار، وهى أميرة بيضاء ساحرة وحولها فى قصرها ، عرائس بحر من المولدات من كل لون وجنس، حيث كان يدخل المرءْ جيبه منتفخ ويخرج وهو فارغ). كل هذه الاموال تذهب الى خزينة الاميرة وهكذا انبنت الفوارق بين النساء وبالتالى تطرح القضية كقضية بنات السلطة ويتجاهلن ما يعتبرن عبدات او خادمات فى الوقت الحالى،.فيما يلى الاعمال التى قمن بها العبدات كما اوردها سكنجا:
(فى المناطق الشمالية، قبل القرن التاسع عشر، أدت الحرائر الواجبات المنزلية وعملن فى الحقول. بمنتصف القرن التاسع عشر، نساء الطبقتين الوسطى والعليا امتنعن عن العمل البدنى وتبنين اساليب جديدة فى فى ارتداء الازياء عكست ادوارهن الجديدة كنساء محبوسات. طالبن الفتيات غير المتزوجات بالعبدات كجزء من المهر لكى يرتحن من العمل الوضيع. رغم ان الفتيات قد استخدمن كسرايا، الا انهن لعبن دورا رئيسيا فى الانتاج الاقتصادى. كلفن بمهام مثل رعاية الاطفال والاعمال المنزلية الرتيبة. حين يصلن مرحلة المراهقة، يصبحن فريسة سهلة لذكور الاسر المالكة وضيوفها.
العبدات كبيرات السن أما تم نفيهن الى الحقول او اجرن كخادمات بالاضافة الى عملهن، العبدات كن مقيمات بسبب امكانيتهن لاعادة الانتاج البيولوجى. غالبا ما تم استخدام العبدات كعاهرات بواسطة اسيادهن وعاشوا على ايرادتهن ) اذا كانت الحرائر بمنجى عن الدعارة مقابل اجر ، فان الجوارى كن عرضة لشتى ضروب الاتجار بهن. نفس هذا السلوك يمارس حتى الان على النساء اللاتى يتم تصنيفهن كسلالات عبيد بناءا على المعايير القيمية للدولة على سبيل المثال : ثورة ديسمبر شاركت فيها معظم النساء السودانيات لكن عندما تم تنصيب أمرأة كــ (أيقونة للثورة ) ظهرت أمرأة ترتدى ثوب ابيض باعتبار انها الكنداكة ايقونة الثورة . فالدلالة الرمزية للثوب الابيض ، ترتديه السيدات باعتبار ان هناك اخريات يقمن بخدمتهن من (غسل الصحون والملابس …الخ) لكى تتم المحافظة على امتيازات بنات السلطة.
لذا عندما نتحدث عن عبودية النساء فى السودان لا نتحدث عنها كماضى منفصل عن الحاضر والمستقبل، لان تبنى النسوية الاسلاموعروبية منظورات احادية فى فهم دراسة قضايا المرأة جزء من المشكلة، هى منظورات كلولونيالية فى الاساس ، بالتالى تؤكد التبعية الفكرية بين الدولة القومية الحديثة فى السودان كمؤسسة استعمارية والخطاب النسوى الذى ينطلق من الاعتراف بهذه المؤسسة. لذلك لابد من تجاوز الخطاب النسوى التقليدى الذى ينطلق من الاحادية الثقافية ويتجاهل تقاطعات العرق، الطبقة، و الجنس كعوامل ضرورية لا يمكن تجاوزها فى دراسة القمع باشكاله المختلفة
لهذا السبب نركز على الاستبصارات والنظريات التى استطاعت كشف وتخطى النسوية التقليدية، للمساهمة فى تقديم منظورات جديدة فى تناول قضايا المرأة فى الهامش السودانى العريض.