النسوية السودانية من منظور أفريقي (4)
بقلم / بدرية سعيد الطاهر
باحثة اجتماعيه ومهتمة بقضايا المرأة
مواصلة في كتابات النسوية السودانية من منظور أفريقي، سوف نتناول النساء و العبودية فى السودان لتوضيح التعبية بين (الدولة الحديثة) فى (العالم الثالث) ومعظم الحركات النسوية سنتناول النساء والعبودية فى السودان. ولماذا غابت مثل هذه الموضوعات من الاجندة الفكرية والسياسية لما يسمى بالنسوية فى السودان ، كيف انه ليس بالامكان احداث اى تقدم فكرى فى هذا المجال دون دراسات فكرية جادة تتناول قضية العبودية التى تعرضن لها النساء فى السودان.
قضية العبودية بشكل عام مغيبة تماما من اهتمامات (الاكاديمين) السودانيين والسبب الرئيسي وراء ذلك سيطرة المجموعات التى مارست تجارة الرق على مؤسسات الدولة وبالتالى كرست تلك الجماعات التعليم لفرض مصالحها وتوجهاتها الايديولوجية ، اذا كان هذا هو حال التعامل مع العبودية بشكل عام فلا يمكن مجرد تصور ذكرالعبودية التى تعرضن لها النساء منذ عام 1821م مروراً بالمهدية والنظام الانجليزى المصرى .
اما بعد خروج الاستعمار مارست الجماعات التى تبنت الهوية العربية والاسلام ابشع اشكال العبودية فى السودان ،ولكن تكاد تنعدم الأعمال والدراسات التى تناولت هذه القضية بكل تركاتها الثقافية، الاجتماعية، السياسية والاقتصادية.
لدراسة موضوع عبودية النساء فى السودان سننطلق من عام 1821م ،منذ تشكل الدولة الحديثة فى السودان تأكد كل الارقام الواردة أن عدد العبدات اكبر مقارنة مع العبيد،كما اورده (سكنجا) فى كتابه Slaves In To Worker (بوقت قصير بعد الغزو الانجليزى المصرى للسودان 1898م، أجرت الحكومة الحديثة مسحاً وسجلا سجلت فيه أسماء العبيد. رغم أن مصداقية هذا المسح مشكوك فيه ، الا أنها توفر بعض الافكار عن عدد العبدات فى البلاد. فى اقليم دنقلا على سبيل المثال قدر العدد بـــــ 15,468 فى بداية هذا القرن. 9,908 من النساء 5,560 من الرجال) مما يدل ذلك، على أن النساء تعرضن للعبودية بشكل كبير جداً مقارنة مع الرجال العبيد.
فكان احد أهم الاهداف الرئيسية لمحمد على باشا صيد العبيد بغرض تجنيدهم فى الجيش ،اما النساء فى المناطق التى استهدفت ( شملت جنوب السودان، جبال النوبة، دارفرتيت، دارفور وجنوب النيل الأزرق). تعرضن لابشع أشكال الاسترقاق من خلال القبض عليهن بواسطة حملات صيد الرقيق التى كانت ترسل بانتظام الى هذه المناطق).
على الرغم، من غياب هذه القضية من أجندات النسوية الكمبرادورية فى السودان تظل احد اهم العوامل التاريخية التى ساهمت فى التشكل الاجتماعى والثقافى للاوضاع الحالية. ويتمظهر ذلك فى النظرة الدونية لنساء هذه المناطق اى (نساء الهامش العريض) باعتبارهن اقل مرتبة من نساء المركز وعليهن القيام باعمال محددة صنفت كأعمال وضيعة من قبل وجهة النظر الاسلاموعروبية المعيارية، لذا نجد أن خطاب ما ندعوه بالنسوية الكمبرادورية هو ليس خطاب بطرياركيا فقط، بل عنصريا فى نفس الوقت، ونعنى بالنسوية الكمبرادورية كما ذكر انفاً، الخطاب الذى قدم نفسه كمعبر عن قضايا المرأة فى السودان، وليس بامكان اى خطاب نسوى جاد يسعى الى تحرر النساء فى تناول قضايهن بمعذل عن الاسترقاق الذى تعرضن له، وليس بامكان النسوية الكمرادورية القيام بهذا الدور،يعود ذلك الى نقص فى عدتها الفكرية والملابسات التاريخية المرتبطة بتشكلها فى أطار دولة هى نفسها مشوهة وعبودية التكوين.