عبد الواحد ينعي الشهيد خميس أبكر والي ولاية غرب دارفور*
بكل الحزن والأسى أنعي للشعب السوداني والإنسانية الرفيق الشهيد القائد/ خميس أبكر والي ولاية غرب دارفور الذي أغتالته أيادي الغدر والخيانة مساء أمس الأربعاء الموافق 14 يونيو 2023م بمدينة الجنينة.
إن معرفتي بالرفيق الشهيد كانت منذ عام 1999م عن طريق الرفيق القائد/ صلاح أبو السرة، ثم أصبحنا أعضاءًا في حركة/ جيش تحرير السودان منذ بدايات تأسيسها، ثم إلتقينا مرة أخري في وادي فارو غرب زالنجي بمنطقة دريسة في عام 2003م ، حيث قُدنا معركة ضد قوات البشير في نفس العام، استشهد فيها الرفيق آدم بازوقا وجرح الشهيد خميس أبكر.
تم تكليف الرفيق الشهيد/ خميس أبكر نائباً لرئيس الحركة في العام 2004م، وسكنا مع بعض في منزل واحد في مدينة نيروبي (2004م – 2006) ، وزرنا اسمرأ في 2005م التي كانت مقراً لقيادة التجمع الوطني الديمقراطي، وذهبنا إلى كافة جولات التفاوض في أبوجا (2004 – 2006)، وبعد مفاوضات أبوجا قرر مع آخرين تكوين تنظيم خاص بهم ، ولكن ظلت بيننا علاقة الرفقة والإحترام المتبادل.
إن الرفيق الشهيد/ خميس أبكر اتسم بالشجاعة والإقدام والإيمان المطلق بمباديء الحركة ومشروع التغيير، وظل صامداً ومتمسكاً بمبادئه الثورية ولم يهادن النظام إلى أن وقّع إتفاقية جوبا في عام 2020م ظناً منه إنها ستأتي بالسلام الحقيقي والمستدام في السودان ، والتي بموجبها صار والياً لولاية غرب دارفور.
كان الشهيد رفيقاً نبيلاً ووطنياً غيوراً وسودانياً قيمةً وقيماً، ومناضلاً ومقاتلاً من الطراز الأول، تتفق أو تختلف معه، استشهد وهو داخل عاصمة ولايته وأرض أجداده ولم يبارحها لأي مكان رغم أن العالم كله يعرف هول المعاناة والجحيم الذي يعيشه أهلنا في ولاية غرب دارفور بمختلف مكوناتهم جراء الحرب وويلاتها، وهو بطلاً وفارساً لا يشق له غبار، وأمثال هؤلاء الفرسان لا يُقتلون بهذه الخسة ، فاليد التي قتلته إنها يدٌ جبانة لا تعرف قيم الحرب وأخلاقها.
ثار منذ بواكير شبابه من أجل بناء دولة المواطنة المتساوية التي لا تعرف التمييز على أساس اللون أو الثقافة أو الدين او العرق أو النوع، فإن الحرب العبثية التي تدور والمعاناة التي يعيشها شعبنا والإبادة التي تجري في السودان عامة ودارفور على وجه الخصوص، قد حان الوقت نحن كسودانيين وسودانيات بمختلف مكوناتنا السياسية والعسكرية والمدنية والشعبية والدينية أن نسعي لوقفها اليوم قبل الغد كواجب وطني مقدس، عبر حل سياسي شامل لا يستثني أحداً سوي نظام المؤتمر الوطني وواجهاته، وأن نوقد شمعة الأمل والمستقبل لشعبنا وبلادنا بدلاً عن لعن ظلام الحرب وأهوالها، وأن نتوحد جميعاً من أجل مخاطبة جذور أزماتنا التأريخية المتراكمة ونوقف النزيف الوطني والحروب الممتدة منذ عام 1955م.
فلنجعل من إستشهاد الرفيق القائد/ خميس أبكر وكافة شهداء السودان الذين سقطوا في هذه الحرب وسابقاتها، مهراً للتحول المدني الديموقراطي والتغيير الجذري الشامل، وإنهاء الحرب التي تجري الآن في كافة ربوع السودان ، وننزع الخوف والرعب من عيون أطفالنا وأمهاتنا وإخواتنا وكل أفراد شعبنا الذين يواجهون جحيم الطائرات والصواريخ والمدفعية الثقيلة ومعاناة التشرد داخل وخارج الوطن.
لقد حان الأوان نحن كسودانيات وسودانيين أن ننبذ كافة أشكال الفرقة والشتات والأحقاد والضغائن والنعرات العنصرية والجهوية ، ونضع أيادينا في أيدي بعض، ونعمل بكل شجاعة ووطنية لإنقاذ بلادنا من شبح الحرب الأهلية الشاملة والتفكك والإنهيار، وننسي كافة المرارات والجراحات والآلام، ونؤسس لبناء دولة سودانية لا يُقتل فيها أحداً بسبب إنتمائه السياسي أو العرقي أو الديني، دولة معافاة من كافة جراحات وأمراض الماضي، تكون فيها المواطنة هي الأساس الأوحد لنيل الحقوق وأداء الواجبات.
إن الكلمة في مثل هذه اللحظات العصيبة ليست ذات قيمة ولكنها موقف للتأريخ وللأجيال، ويجب أن نعمل جميعاً من أجل بلادنا وشعبنا بالأفعال وليس الأقوال وحدها، وعلى كل الحادبين على مصلحة بلادهم ومستقبلها الزاهر ورفاه شعبهم، التحرك العاجل قبل فوات الأوان، وتناسي كافة الخلافات والمعارك الصغيرة ، فالحصة وطن ، والأمم العظيمة قد خرجت من ركام المحن العظيمة.
أتقدم بأسمى آيات التعازي والمواساة لأسرة الشهيد الصغيرة والممتدة ولأهلنا في ولاية غرب دارفور، وإلى جميع رفاقه وأقربائه ومعارفه وللشعب السوداني قاطبة والإنسانية جمعاء.
نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء، ويلهم ذويه ورفاقه وشعبه السلوان وحسن العزاء.
عبد الواحد محمد أحمد النور
رئيس ومؤسس حركة/ جيش تحرير السودان
15 يونيو 2023م