عبد الله علي ابراهيم بين هوية سنابك الخيل واحذية الجنجويد! (1/3)

خالد كودى

 

 

آو- في هنا كاودا، حيث لاجنجويد ولاجيش سوداني ولاكتائب ظل ولافلول ولا حتى حرية وتغيير بجناحيها والحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه!

قبل ثمانية ايام من سيطرة الجنجويد علي الخرطوم (زندية) طالعنا الدكتور عبد الله علي ابراهيم بمقال يستهدي فيه ويهدينا الي التصالح مع سنة نموذج ذوبان شعب بريتاني في فرنسا (الفرانكجيرمانية) في 1532 علي حد نجوم القائلة ثقافيا.
في هذه الكتابة سنوضح كيف ان النخب النيلية في السودان ظلت تلائم (تقارب) التاريخ نفاقا، وان دعي الامر تتستر خلف بعضا من كهانة معرفية من قش! الدكتورعبد الله علي ابراهيم نموذجا للحالة.

فبتاريخ 7/ابريل 2023 كتب دكتور عبد الله علي ابراهيم مقالا بعنوان (عبد العزيز الحلو وتحريم إذاعة أغنية «دوب أنا حييّ ياخد بت أعمو» في «هنا كاودا»)، نشر المقال في صحيفة التغيير. ابتدر الدكتور المقال بالقول: (كتب عبد العزيز الحلو، زعيم الجبهة الشعبية لتحرير السودان،) ولان الرفيق الحلو ليس زعيما، بل ولايوجد جسم في السودان يسمي بالجبهة الشعبية لتحرير السودان من اصلو، نعتبر افتراضات الدكتور من باب تبيت سوء النية والخفة التي قد تنسي الوقار!

الدكتور لم يهتم حتى بمعرفة الاسم الصحيح للحركة التي يتناولها في مقاله والتي يترأسها الرفيق الحلو ولا بصفة الحلو التي تبؤاها بسلطة الشعب، وهذا يدل على صلف وبعضا من تطاول. لتعبيرات مثل (الزعيم) دلالات بعينها في الادب السياسي والاعراف الاهلية، والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، تسمي علي قمة بنيتها رئيسا ترفعه للمنصب جماهير عريضة سعت واجتهدت عرقا ودماء حتي بنت وضع ديمقراطي يقوم علي مؤسسات تنتخب قياداتها بكامل الارادة، من الخلية الي البومة الي البيام الي مجالس التحرير في المقاطعات مرورا بمجالس تحرير الأقاليم ونهاية بمجلس التحرير القومي، وعبر مؤتمر عام وفي احسن عملية ديمقراطية تنتخب الجماهير رئيس حركتها، فان فلح تبقي عليه، وان خاب تعزله – نفس الجماهير، وهذا من باب السلطة سلطة شعب والحاكمية للجماهير!

لماذا الاسترسال هنا؟

اجزم ان الدكتور (يستكثر) علي الحركة الشعبية النجاح فيما فشل ومايمثل فيه – عملية ديمقراطية فاعلة! فنخب الشمال النيلي تاريخها هو تاريخ فشل الدولة وانتاج للرؤي والمواقف المعطوبة منذ 1956 والتي لم تنجح في تقديم مشروع وطني ديمقراطي وفقا لإجراءات تبادل سلمي ومنتظم للسلطة، وهذا سبق يصعب علي امثال الدكتور عبد الله علي ابراهيم وغيره من النخب ان يهضموه او يتعايشوا معه!

وعلى كل، الاسم الصحيح هو الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، وصفة الرفيق عبد العزيز ادم الحلو هي: رئيس الحركة الشعبية، والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال.

في سياق غزو واحتلال الجنجويد للعاصمة القومية – الخرطوم ممتطيين سيارات الدفع الرباعي، نعلق علي بنية المفاهيم التي تبناهما الدكتور في مقاله (عبد العزيز الحلو وتحريم إذاعة أغنية «دوب أنا حييّ ياخد بت أعمو» في «هنا كاودا») في هذه المقالات، وهذا اولها.

ولنتجاوز كل الحذلقات اللغوية في المقال، فالأمر انتهي بفرض رؤي اسماعيل الازهري وجيله علي السودان، وفي الطريق لهذا ارت الة الدولة السودانية الناعمة و الخشنة (المقيلة) لكل شعوب الهامش، ولم ينجح النوير في تطبيق اي من اساطيرهم ذات الشبهات (العنصرية) في نظرتهم للشماليين علي زمة الدكتور ناقلا عن شارون هتشنشون، وبالرغم من ان النوير (اتخارجوا) حتي من دولة الازهري وجيله والنخب الفاشلة – ناس عبد الله علي ابراهيم …ولكن، وللزوم التغبيش والاحتيال يفترض الدكتور خدعة تفضيلية عبيطة مفادها: ان عقيدة الازهري وجيله (احسن ليكم من رؤية النوير) – بعد ان ترك النوير لكم السودان برمته يستدعي (اساطيرهم) كنوع من القهر الدعائي البدائي ! يقول الدكتور قولته هذه من باب تارهاب العباد وحثهم علي القبول بالواقع… مابشر به الازهري وجيله ولايزال يبشر به امثال الدكتور – نشر ثقافة أصلية وإعزاز مبادئ سامية أشاعت العلم والحضارة.

ولعله من المفيد ان نعاير الدكتور عبد الله علي ابراهيم بان فرنسا، في الطريق لبناء فرنسا بلد النور، كان واتفق ان ارت شعب البريتاني (وغيره) نجوم القائلة ثقافيا… نعم، ونفس فرنسا، اخرجت للعالم المفكرين و الفنانين والادباء والموسيقيين والمعماريين فرنسا، قدمت للعالم من الفلاسفة، رينييه دكارت، و فولتير، وجان جاك روسو، واوغست كومت، وجول ميشيليه، اليكسس دي توكفيل، وجان بول سارتر، وسيمون دي بوفوار، وكلود ليفي اشتراوس، وميشيل فوكو….. وهكذا، القوائم تمتد. فمن من المفكرين قدمت قدمت دولة النخب النيلية للبشرية لتبني ثقافة اصيلة تشيع العلم والحضارة في كل بقاع الوطن (خليكم من افريقيا) ؟

السودان وفقا لمشروع الازهري وجيله قدم اسوا التجارب الانسانية في القرن ال 21 ، وعلي كل الاصعدة، فالسمة الغالبة لسودان مابعد الاستعمار كانت الفقر المادي والروحي، وتجلي القبح في كل ما يراه الناس من العمارة للملبس والموسيقي والغناء والرقص بل والمشيء علي الارض مع الهوس الاسلامي للانقاذ ! ففي الطريق الي تحقيق هذه (الامة المتخيلة) في عقول من سيطر علي السلطة والثروة كتب التاريخ عن السودان بلد الحروب والمجاعات، بل عرف العالم السودان بالدولة التي ارتكب فيها جرائم الحروب والجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية ولاتزال…وعرف العالم ان دهاقنة مفكري السودان هم من هندس سياسات الهوس الاسلاموعروبي الذي ترجم الي التطهير العرقي، ويعرف العالم ان مثقفي السودان ونخبه، تفاوتت مواقفهم مابين متواطئ و صامت اوناكر، او مسوف لما يجري في وطنه…. اخرج السودان للعالم الصادق المهدي الذي ارتكبت في ايام حكمة المجازر وكان له سبق تسليح نواة جنجويد اليوم، علي يد فضل الله برمه ناصر رئيس حزب سياسي الامه! وقدم السودان حسن الترابي مفكرا، ومن قادة الراي، قدم عبد علي ابراهيم والطيب مصطفي والهندي عز الدين، وحسين خوجلي، وامين حسن عمر، وحتي علي عثمان محمد طه الذي عين في يوليو 1993 وزيرا للتخطيط الاجتماعي… اي المسئول عن سياسات (بوتقة الانصهار) التي يريد الدكتور تسويقها علينا- وسنعالج هذا في المقال القادم.

ففي الطريق الي بناء دولة في السودان وفقا لمشروع الازهري وجيل الاستقلال، انتهي الامر بمشروع هؤلاء النخب بتفريخ مليشيات شكلت الذراع الخشن لدولة 1956 اخرها هي مليشيا الجنجويد التي غزت الخرطوم ليتباكي الدكتور وغيره في محاولة لتسويف نسبتها نشأة وتاريخ واهداف، ولايزال البعض يسال فاغر الفاه : من اين اتي هؤلاء !!

خالد كودى
بوسطن 6/5/2023

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.