درس حرب الخرطوم، فهل تعي النخب – او في الأسئلة الكبرى (1)
بروف. خالد كودي
ولقد انبرت لنا نخب السودان ومثقفيه وقادة الرأى فيه بدكاترتهم وبروفيسراتهم وصحافييهم وخبراؤهم التكتيكيون والاستراتيجيون وسياسييهم – يسبوا ويلعنوا ان الحرب قد جاءت الخرطوم، دمرتها، قتلت وشردت سكانها. تزاحموا علي الفضائيات الصفراء والمدفوعة من اصحاب المصالح، يوصفوا ويستهجنوا ويندهشوا بان الحرب قد اشتعلت رحاها اليوم وحمي الوطيس، وكأنما رحاة الحرب كان وان توقفت في السودان حينا منذ استقلاله! وذهب البعض يتنافخ شرفا وبدم بارد بأن ما يجري اليوم في الخرطوم ليس من أخلاق السودانيين… وهذه الحرب ظاهرة جديدة على مجتمعاتنا السمحاء وما اليه!
استضافت قناة الحدث نجم الفضائيات الصحفي خالد الاعيسر مع أحد مستشاري الجنجويد فرد الاعيسر في أحد مداخلاته بالاتي:
(في كل المدن، في كل القري، الشعب السوداني شعب عاطفي يتداعى حرصا علي دماء ابناءه، وشاف مشاهد لاتشبه اخلاق السودانيين في شيء، ولاعلاقة لها بالتربية السلوكية ولا القيمية ولا التعليم ولا المناهج التعليمية. ان تخرج الاسر والنساء والاطفال من منازلهم والمرضي من مستشفياتهم، هذا سلوك لايشبه الشعب السوداني. )
لم يسال أحد المستضيفين الضيف الهميم ان يفسر له وللمشاهدين، كيف ان بين السودانيون اليوم ملايين النازحين واللاجئين، آلاف المقابر الجماعية لمئات الالاف من الضحايا … بل وسجل حافل من الجرائم الموثقة في المحافل الدولية والتي رفعت في هذا السجل الي الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وبعضها كيفها وفقا للقانون الدولي بجرائم الإبادة الجماعية (جنوسايد)! لم يسأل أحد المستضيفين هذا الاعيسر الهمام ان يفسر للمشاهدين اي من نظريات الهندسة الإجتماعية والهوس الديني التي قامت عليها مناهج المشروع الحضاري الإسلامي واعلامه الذي حكم السودان فاشيا لأكثر من ثلاث عقود وفرخ اجيال لأتعرف سوي الحروب اسلوبا للحياة… وما اليه!
اما العسكريون، قدامي وجدد، فاعلين ومتقاعدين، خبراء محترفين وهواة، وعلي راسهم الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني وقادة الجنجويد ومستشاري المليشيا ومؤيديها، وعلي حد سواء تبادلوا الادعاءات الجازمة بان القانون الدولي يحرم التعرض للمدنيين والمرافق الحيوية، ويحرم اعتراض وتعطيل كل من يقدم المساعدات الإنسانية من العاملين في مجال الخدمات الصحية والإغاثة وما اليه، وحاضروا محاوريهم والمشاهدين بحماس لانظير له، ان القانون الدولي يحرم احتجاز الاسرى وتهجيرهم، والتمترس في مرافق خدمات الماء والكهرباء والمستشفيات … وكانما هذه القوانين لم تكن موجودة قبل عراك اللصين الذي طال العاصمة القومية… وهكذا تسير الامور الان في الخرطوم!
وبعد ان يعرض كلا الطرفين غنائمه من سيارات ومدرعات واسلحة محمولة قديمة وجديده ويحدد جودتها الكفيل، يعرج الطرفان الي استنطاق اسري الطرف الاخر، ويسترسل المقبوض عليه ان معاملته كانت كأحسن مايكون، ووجد من الوجبات أطيبها، وان هذه الحرب عبثية وخاسرة وان الاطراف المتحاربة كلاهما سودانيين واخوان …وما إليه … و بعد تعالي صيحات الله اكبر، يطلب كلاهما العون من الله والمواطن السوداني لسحق مخلوقاته من الطرف الثاني في الخرطوم وهم متأسفين علي اي اضرار قد تلحق بالمواطنين!
أما عامة الشعب، تفاوتت المواقف هنا وهناك، ما بين مؤيد للدعم السريع ضد الجيش لأسباب متعددة أبرزها الادعاء بان الجيش هو جيش الكيزان، والاخر يؤيد نفس الجيش ضد الدعم السريع لأنهم جنجويد ومليشيا، ويطالبوا مرة بحلها ومرة اخري بدمجها في الجيش وفي كل المرات بإخراجها من الخرطوم- الي اين؟ لا أحد يقول! الا ان هنالك ماهو اكثر تعقيدا من ما هو معلن. سناتي له في مقالات لاحقة.
كل الأطراف اليوم تعرف ان نفس الجيش السوداني الذي يؤيدونه او يعارضونه هو الاب الشرعي لقوات الدعم السريع/الجنجويد. القوات المسلحة السودانية كونت من ضمن ما كونت عبر تاريخها من مليشيات، كونت مليشيا الدعم السريع مع هيئة العمليات واجسام الكيزان الأخرى،2003 وقننته بقانون 2017 ليشرعن ويتمكن في 2019 بواسطة لصوص الثورة. والكل يعرف ان القوات المسلحة السودانية هي من سلحت ودربت واشركت الدعم السريع في حروب ابادة الدولة السودانية علي المواطنين السودانيين في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وامام القيادة العامة للجيش السوداني في وسط الخرطوم…. فقد تمرد الشباب حينها واستلاذوا بهم… فسحلوهم وجنجويدهم دونما رحمة وبلا هوادة!
الحروب في السودان التي بدأت منذ 1955 لم تتوقف الا لتبدأ أكثر تدميرا لمجتمعات الهامش ونهبا لثرواتها. وكل من يدعي ان القتل والتشريد والاغتصاب ونهب الموارد وتدمير المنشآت الحيوية، واستخدام سياسات الارض المحروقة كأفظع واقسي اسلحة حروب ليس من اخلاق السودانيين ولا اعرافهم محض كذاب صغير، وتاريخ حروب السودان الموثقة يثبت ممارسة كل انواع ما يحاول البعض نكرانه او الاندهاش له اليوم.
فالجيش السوداني، وعبر تاريخه لم يكن الا اليد الباطشة للنخب التي سيطرت علي السلطة والثروة في الدولة السودانية منذ الاستقلال لحماية مشروعها الإقصائي والعنصري. الجيش السوداني وان كان جيشا نظاميا للدولة فهو جيشا غير وطني، اي لم يكن مستجيبا لحاجات المواطنة المادية والمعنوية ولا معبرا عنها انما خدم مشروع النخب النيلية التي ورثت السلطة والثروة من المستعمر ففشلت بعد افسادها في بناء مشروع وطني بدورها. فطوال تاريخ الجيش كان المعبر عن بنية الدولة السودانية المختلة ومرسخا لتراتيبيتها الإجتماعية الاقصائية. فالدولة مارست التهميش الماسسي عبر سياساتها الرسمية المدنية واستخدمت القوات المسلحة السودانية كيد باطشة لتنفيذ هذه السياسات.
وفي سياق الحرب الدائرة في الخرطوم اليوم، انبرت النخب تقسم صكوك الوطنية و تصدر احكام القيمة الأخلاقية التي تقيس وطنية الناس بناء علي موقفهم من الحرب الدائرة بين الجيش السوداني والجنجويد في الخرطوم. يطالبون بالانحياز والتضامن مع أحد الاطراف ضد الاخر. من لا يدعم جيش السودان فهو غير وطني، ومن لايدعم الجنجويد فهو اسلامي ومؤيد لجيش الكيزان! انهم يزورون طبيعة الصراع ويسوفوا حقيقة ان الجيش السوداني بايظ والجنجويد إحدى مظاهر شرور دولة مابعد الاستعمار وفساد مؤسساتها ومالحرب بينهما إلا نتيجة لفشل الدولة السودانية ونخبها.
خالد كودي، بوسطن
13/5/2023
تحليل حقيقى لكنها مرةزكالحنظل لقضبان سفينة الحكم فى السودان منذ بزوخ استقلال البلاد من المستعمر الاجنبى وتسليمها لمستعمر محلى اكثر ضراوتا من الاجنبى. وهذا نتيجة طبيعية لنظام الحاكم الظالم. وكانوا يتمنون ان يعيشوا آمنين فى العاصمة واطرافها مشتعلة الحروب من صنيعتهم! الجنجويد صناعة سودانية عسكرية ومدخلاتها أجنبية لسحق المواطن السودانى الأصيل الذى يطالب بحقوقه ليل نهار وبدل سماعة صوت الحق حاولوا متعمدين اخفاءهم من الوجود بخلق جنجويد. وقالوتعالى[ ولا يحيقةالمكر السئ الا باهله] خمسون عاما حروب بكل انواعها فى الهامش وشهر واحد في العاصمة لم يتحملوها الم يسألوا كيف الناس عايشين فى الهامش من تدمير شامل كامل الأركان.وابادات جماعيه وعرقية. فقط لأنهم زنوج! السؤال من أين أتى اسم السودان؟ ؟؟؟؟؟