جذور المشكلة السودانية وإرتباطها بالوضع الراهن!!!

مكين إسماعيل

 

من قبل خروج المستعمر تصدر الجلابة المشهد السياسي في السودان عبر مختلف الأجسام والتي كانت تتمثل في الجمعيات الثقافية والتنظيمات السياسية كمؤتمر الخريجين وهو شيء طبيعي بإعتبارهم كانوا اليد اليمني للمستعمر ومعاونيه ومستشاريه وبالتالي أهلهم ذلك إلي أن يتصدروا المشهد السياسي حيث إستحوذوا علي السلطة في الخرطوم منذ خروج المستعمر إضافة الي إكتسابهم للعديد من الإمتيازات السياسية والإجتماعية والاقتصادية، بعدها أصبح شغلهم الشاغل هو المحافظة علي هذه الإمتيازات مهما كلف الأمر ولو بالتحالف مع الشيطان وإرتكاب الكبائر من مجازر وخلافه، ولم تفكر أحزاب المركز هذه وعلي رأسها حزب الأمة والإتحادي الديمقراطي وكل الأحزاب التقليدية بتياراتها اليمينية واليسارية أبداً في تأسيس دولة علي أسس متينة وحديثة وإنما اُسست الدولة علي هوية أحادية إقصائية إسلاموعروبية لا تعترف بالآخر وقضاياه، فأصبحت لدينا دولة مركزية قابضة تقوم في طبيعتها علي العنف رالغلبة.

ولد هذا الوضع المأزوم إحساس بالظلم في نفوس المهمشين ومنها بدأت الحرب في الجنوب حتي قبل الإستقلال في 1955 تبعتها جبال النوبة 1984 وجنوب النيل الأزرق في العام 1985، الشرق 1995 ودارفور 2003. هذا فيما يتعلق بالكفاح المسلح وإلي جانبه أيضاً كانت هنالك العديد من الأجسام المطلبية في الستينيات مثل إتحاد عام جبال النوبة وإتحاد عام جنوب وشمال الفونج، وجبهة نهضة دارفور في الثمانينيات.

وفي ظل مقاومة هذه الأطراف لمركز السلطة في الخرطوم و مطالبتهم بحقوقهم الأساسية عبر النضال السلمي أولاً، وحينما لم تجد مطالبهم الإستجابة من قبل المركز لجأوا إلي الكفاح المسلح كخيار أخير، وفي ظل هذا الصراع المسلح بين المركز والأطراف لجأ المركز إلي إستراتيجية محاربة التمرد بتكوين مليشيات قبلية بعيداً عن الجيش (الدفاع الشعبي، الشرطة الشعبية، حرس الحدود، قوات المراحل وآخرها جنجويد الدعم السريع) بالإضافة لمليشيات حتي من ذات القبائل التي يتم محاربتها مثال لذلك (فاوينو متيب في جنوب السودان – وكافي طيار في جبال النوبة).

والسؤال كم كان سيكلف ثمن السلام لو أن مركز السلطة في الخرطوم قبلت بتسوية عادلة للمهمشين؟! ماذا كان ستخسر؟ لاشيء بل لكان الكل رابح ولكنا اليوم في مصاف الدول المتقدمة، ولكن نتيجةً لتعنت المركز المتمثل في الحكومات المتعاقبة من أقصي يمينها الي أقصي يسارها منذ عام 1956 ونقضهم للعهود والمواثيق حيث نجد أن السودان هي أكثر دولة تم فيها توقيع إتفاقيات ولكن بدون تنفيذ.

والحرب الدائرة الآن هي النتيجة الكارثية لكل ذلك التعنت والكبرياء والجبروت فجعل الله كيدهم في نحرهم وإنقلب السحر علي الساحر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.