نظرية الفوضى الخلاقة

منال إبراهيم حسين

 

ثلاثون يوما من عمر الحرب في البلاد ما بين قتل و نزوح و لجوء و فقد و وجع لا يعرف هوية و قصص تحكي و اناسا تائهون بلا عناوين و قصفا بلا بوصلة بكل انواع (الجبخانات) أرض جو الثقيلة و الخفيفة.
سبق كل هذا نظرية للفوضى المنظمة، نعم فوضى منظمة رأيتها مختلطة و غير مترابطة قد تكون منظمة و تسير حسب نسق محدد و ممنهج و كأنها تعود إلى نقطة جذبا محددة بعد أن تنطلق عنها، إذ أن هناك نسق منظم لخلق الحرب الذي يدور رحاه الان كاشفا عوار ما بعد ديسمبر و هلامية الاحزاب السياسية و عجزها في التعاطي مع الواقع السوداني و إن الإنبشاق الحالي قد ازاح القناع عن وجه المؤسسة العسكرية على أنها لم تعد مكان رهان الشعب المتطلع لمستقبل آمن و مستقر.
و في ظل هذه العبثية تقع على عاتق القوة الثورية أعداد الآليات و الوسائل اللازمة لازاحة هذا الركام النتن و وضع مرتكزات بناء الدولة السودانية بما يليق و مقام شعبنا الصابر.
لا يخفى خبث المقاصد الكامنة في صلب مصطلح الفوضى الخلاقة تضليلا و تمويها فيما يتعلق بالخلافات المحلية و أطرافها و رموزها و ماهيه أسبابها و حجمها.ولا يقف الأمر عند باب الخلافات بل يتعداه إلى قراءة تركيبة القوى الاجتماعية و مطالبها و طبيعة الانظمة و مدى قدرتها على استجابتها لتلك المطالب او عجزها. مما اضطر بالمؤسسة العسكرية للجوء إلى العمل العسكري كخيار اخير لتدمير البناء بعد أحداث ديسمبر و يعني ان هذا الهدم ليس وليد اللحظة.
الفوضى الخلاقة حدثت نتيجة للفجوة و الفراغ السياسي الهش المتعمد و السيولة الأمنية الظروف الاقتصادية المتدهورة الذي مهد للفاعلين الاساسيين للوصول إلى أقصى درجات الفوضى المتمثلة في العنف الهائل و اراقة الدماء و إشاعة اكبر قدر من الخوف و الهلع وسط جماهير الشعب السوداني.
فكيف يمكن جعل من يحمل المال و البنادق أن يتخلى عن السلاح و الاتجاه إلى تحقيق الحراك و التغيير في شتى المستويات و هم ياجوج و ماجوج لا يملكون الاستحقاق الأخلاقي و الوطني و ما الفكرة من الاتفاقات (ذات الهدن)في ظل عدم الالتزام بها على الأرض، إذ ما زال في قضون الشهر الصوت الذي يعلو هو صوت الرصاص، و هل السودان القادم اذا قدر الله أن يكون هناك سودان هل يحتمل وجود ياجوج و ماجوج.
الذين يتبادلا الاتهامات في من خرق الهدن السابقة و الحالية حسب تطاقش فرماناتهم (تلتو كضب و التلت الاخير اتهامات)، حرب عبثية لا منتصر فيها غير انه يستمر على رؤوس الاشهاد دفع ثمنه المدنيين و خطر جديد يتشكل مع دخول الحرب منحى، قد ينخشع عنه الغبار قريبا انه انفراط عقد الامن، انه المخاوف أن تفتح الحرب في البلاد الباب أمام تدفق الجماعات الإرهابية و العنف و التطرف و قد تكون الخرطوم مركزا للتنظيمات المتطرفة من الصعب تتبعها في ظل الحرب، و قد تتعقد الأمور اكثر في تطور جديد إلى حربا أهلية حرب مع انصراف العالم و انشغاله بالحرب في اوكرانيا ، حربا أهلية تمليها رغبة و تطلعات الفاعلين بل استعصى الأمر فياجوج لا يستطيع إقصاء ماجوج من المشهد و لا يستطيع ماجوج من السيطرة على الدولة السودانية. فاين الشعب السوداني صاحب الحق الأساسي و القول الفصل ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.