الاخوان يدمرون الوطن.. ليعودوا إلى السلطة على أشلاء المواطنين!!

عمر القراي

 

(لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ)
صدق الله العظيم
د. عمر القراي

لقد فشلت كافة محاولات الأخوان المسلمين، في منع الثورة الشعبية التي أطاحت بنظامهم البائد، من السير نحو تحقيق الحكومة المدنية، وضاقت جماعتهم بلجنة تفكيك النظام، التي كشفت بالأرقام، فساد ونهب هذه الجماعة الشيطانية لأموال الشعب وأراضيه وبعد أن هربوا خوف المساءلة إلى تركيا، لظنهم أن الثورة ستفعل بهم ما كانوا يفعلون بخصومهم، عادوا مستغلين سلمية الثوار، ينادون بعدم إقصائهم وبأنهم مع التحول المدني الديمقراطي، ويريدون المشاركة في الحكومة!! وحين رُفِضَ هذا الطلب العجيب، بإعادة رموز نظام اسقطته ثورة شعبية، بدأوا يعوقون مسيرة السودان نحو المدنية والديمقراطية.. إبتداءً بتدمير السلع التموينية، وقطع الكهرباء، واستخدام الناظر تِرِك في الشرق لاحتلال الميناء، وقفل الطريق إليها لتجويع الشعب حتى تفشل الحكومة المدنية. ثم أخذوا في تقليد لجان المقاومة، بإخراج جماهير تؤيدهم، فكانت مسيرات الزواحف المضحكة، واعتصام الموز المخزي، الذي طالب بالانقلاب العسكري على الحكومة المدنية!! فلما تباطأ البرهان، قامت عضويتهم في الجيش بدفعه نحو القيام بانقلاب عسكري، طالما فشلت كافة وسائلهم السلمية، على خستها، وغدرها. فكان انقلاب 25 أكتوبر 2021م
ولكن الانقلاب فشل في أن يقيم حكومة، أو يوقف المظاهرات السلمية، التي تقودها لجان المقاومة، تطالب بالحكومة المدنية، وتردد شعار: (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل)!! ولكن البرهان خوفاً من الأخوان وطمعاً فيهم، قام بحل لجنة تفكيك النظام، وألغى قراراتها، واعتقل أعضاءها، ورد للأخوان المسلمين كل أموال وأملاك الشعب، التي نهبوها، واعادهم إلى مواقعهم، وسلمهم إدارة كافة المصالح الحكومية، مما زاد في قوتهم، وتجميع عضويتهم، وظهورهم في الاجتماعات، يخططون علناً، لعودة نظامهم المقبور. في ذلك الوقت كان البرهان يشيد بالدعم السريع، ويرفض حله، ويقول أنه جزء من الجيش، وكان الفريق كباشي يشيد بحميدتي!! وحين اضطر البرهان بفضل ضغط الشارع، والضغوط الإقليمية والدولية، أن يقبل بالوساطة الدولية، ويجلس مع قوى الحرية والتغيير، كانت خطة الأخوان المسلمين، أن يخلقوا قاعدة موازية، من الفلول لتكون بديلاً يتولى التفاوض، ويسيطر على الوضع السياسي!! فقاموا بمبادرات تجميع الإدارات الأهلية والطرق الصوفية، ومبادرة الشيخ الطيب الجد وغيرها، ولكن كل هذه المسائل فشلت، لأنها لم تجد السند الشعبي.. واستمرت الثورة في الشارع، ونجحت قوى الحرية والتغيير في وضع الاتفاق الاطاري، الذي وقع عليه البرهان ممثلاً للجيش وحميدتي ممثلاً للدعم السريع. وأقامت الورش تشرح كافة وسائل تحقيق بنود الاتفاق، وحضرت الاتفاق بصورته النهائية، للتوقيع النهائي عليه.. ولكن البرهان بدأ في الالتواء، ومحاولات التنصل، والسعي لعدم التوقيع النهائي، بعد أن حدد موعده، وأجَّل أكثر من مرة. وكان كل ذلك بتوجيه الأخوان المسلمين لعلمهم بأن التوقيع النهائي، يعني قيام حكومة مدنية، مدعومة دولياً، ستبدأ بإصلاح الوضع الذي دمروه، وستعيد لجنة تفكيك النظام التي تسترد منهم ما نهبوه مرة أخرى!!
على أن حميدتي اتخذ منحى آخر، فأصر على الالتزام بالاتفاق الاطاري، والإيمان بالحكومة المدنية الديمقراطية، ووافق على دمج الدعم السريع في الجيش، ولكنه اشترط لذلك اصلاح الجيش أولاً، وابعاد الاخوان المسلمين من قيادته، وأعلن صراحة خطأ موقفه حين أيد انقلاب البرهان في أكتوبر 2021م، الذي ما تمَّ إلا ليعيد النظام البائد. كان موقف حميدتي الجديد، سواء كان صادقاً فيه أم غير صادق، داعماً للتحول المدني ولمطالب ثورة الشعب. وهذا بطبيعة الحال، لا يعفيه من المساءلة، عما ارتكب من جرائم أثناء مساندته لنظام المخلوع، أو أثناء تحالفه مع البرهان ضد الحكومة المدنية، وفض الاعتصام، وما تبعه من قتل المتظاهرين المدنيين، ثم الانقلاب على الحكومة المدنية، الذي قاده البرهان، وأيده فيه حميدتي في وقته، وان اعتذر عنه مؤخراً.
حين ذلك شعر الاخوان المسلمون، أن الأمر لا يمكن معالجته بانقلاب سلمي، يضع السياسيين في السجن، كما حدث من قبل، لأن هناك عقبة جديدة في وجههم، هي الدعم السريع!! لهذا قرر الأخوان المسلمون إثارة الفتنة، واشعال الحرب في السودان، لتسوق إلى فوضى شاملة، تجعل عناصرهم في الجيش تقفز على السلطة، وتعيدهم مرة أخرى للحكم، بعد أن يكونوا قد اخرجوا قيادتهم من سجن كوبر، واغتالوا السياسيين المدنيين، الأشداء في معارضتهم.. وبدأوا بالخطب الحماسية، لتجميع وتحريض عضوية تنظيمهم، وتشجيعهم.. ونقلت قناة الحدث اللقاء الهتافي، الذي ادعوا فيه أنهم سيجاهدون في سبيل الله، وسيسقطوا الحكومة المدنية، ولن يقبلوا بأن يحكمهم هؤلاء السياسيون، ولا يرضون إلا بشرع الله!! رغم أنهم حكموا ثلاثين عاماً، ولم يطبقوا إلا شريعة (مدغمسة)، على حد تعبير البشير المخلوع نفسه، في حديثه المشهور في القضارف!!
وبالإضافة للتضليل باسم الدين، الذي مردوا عليه، والذي جاءوا بالداعشي محمد علي الجزولي ليروج له، اتبعوا استراتيجية أخرى، فحواها الدعاية بأن ما قام به الدعم السريع، إنما هو تمرد على الجيش السوداني الوطني، وواجب جماهير الشعب، أن تقف وراء الجيش الرسمي، وضد المتمردين!! ولما لم يسمع اليهم الشعب، بدأوا يهددون الناس، بأن من يتعاون مع الدعم السريع، ستتم معاقبته!! ولم يفلح التهديد أيضاً، وذلك لأن الاخوان المسلمين ليس لديهم أدنى خيال، عن مدى وعي الشعب السوداني. فقد بدأ الكتاب والمثقفون يطرحون الأسئلة المحرجة. من الذي كوَّن مليشيات الدعم السريع، وسمى حميدتي “حمايتي”؟! ومن الذي أعطى قواته الأموال والنفوذ، والرتب العسكرية، والأماكن الاستراتيجية في العاصمة، وسلَّحهم بأحدث الأسلحة؟! ثم بعد قيام الثورة من الذي رفض الإصلاح الأمني والعسكري، ودمج الدعم السريع في الجيش، عندما طرحه الشارع، وتبنته قوى الحرية والتغيير؟! ألم يرفضه البرهان، وينتقد تدخل المدنيين في شؤون القوات المسلحة؟! ألم يرفض الدمج، بحجة أن الدعم السريع أصلاً جزء من الجيش، وفق قانونه؟! رغم أنه ألغى المادة 5 من قانون الدعم السريع، والتي كانت تنص في فقرتها الأولى، على خضوع الدعم السريع للجيش في حالة الطوارئ، وفي فقرتها الثانية، على حق رئيس الجمهورية في دمج الدعم السريع في الجيش متى شاء، بمرسوم دستوري رقم 34 لسنة 2019م فأصبح الدعم السريع حراً من تبعية الجيش؟! لقد انقلبتم على الدعم السريع، وغيرتم موقفكم منه، لأنه وقف ضد مصالحكم، وأصر على الحكومة المدنية، فلماذا تريدون للشعب، أن يقاتل الدعم السريع، لخدمة مصالحكم؟!
إن الدعم السريع الآن يقاتل أعضاء تنظيم الأخوان في قيادات الجيش، ومليشيات الأخوان، وكتائب ظلهم، ومجاهديهم، ودرع الشمال، وكيان الوطن، وعصابات النيقرز، التي حركوها لتثير الرعب والنهب والسلب، ثم اتهموا في بيانات الجيش الدعم السريع بهذه الجرائم. والدعم السريع يعلم أنه لا يحارب الجيش السوداني، وأن الرتب الكبيرة التي اعتقلوها، ما كانت تعلم بهذه الحرب، وليس هناك قائد عسكري حقيقي، في جيش وطني، يمكن أن يقذف الأحياء السكنية بالطائرات الحربية، ويَدُكَّ البيوت، على رؤوس المواطنين العزل الأبرياء، لأنه هُزِمَ على الأرض، وعجز عن مقاتلة الدعم السريع مباشرة. ومع أن ما يقوم به الاخوان المسلمون باسم الجيش جريمة حرب، فقد خرج علينا الطاهر حسن التوم، أحد كوادرهم الإعلامية الوضيعة والذي يشبه حسين خوجلي، خرج في فيديو يطالب زملاؤه في الجيش، بضرب الأحياء السكنية، وعدم الاهتمام بمن يموت من السودانيين المدنيين، ويذكرهم بأن هذا ما فعله بشار الأسد في سوريا !! وللمفارقةـ فإن جرائم بشار كان يقلد فيها والده حافظ الأسد، حين ضرب مدينة حماة، ودكها بالطيران، ليقضي على الإخوان المسلمين الذين احتموا فيها بالمدنيين!! في ذلك الوقت، ملأ الاخوان المسلمون هنا وفي جميع أنحاء العالم، الدنيا صياحاً ضد حافظ الأسد، لأنه ضرب مدينة سورية بالطيران، وقتل آلاف الأبرياء، من اجل القضاء على عشرات الاخوان المسلمين.
ثم ظهر ناعق الشؤم والخراب، وحرامي الدولارات، عبد الحي يوسف، يفتي بإغتيال السياسيين المدنيين العزل، الذين وقفوا مع حميدتي!! أما كان أولى أيها المنافق الدعي، أن تفتي بقتل من صنع الدعم السريع، ومن مكن له، ومن ألغى تبعيته للجيش؟! ألم تخجل من فتواك الأولى للمخلوع بقتل ثلث الشعب، لإخماد الثورة؟! ثم من الذي أيد الدعم السريع من السياسيين، ألا تستحوا من الكذب؟! إن ما تنقله الاخبار والفيديوهات بالصوت والصورة، هو أن المواطنين يثنون على حسن معاملة الدعم السريع لهم، بينما لم نسمع أحد يثني على جيش الإخوان المسلمين أو كتائبهم!! ولما اشاع الاخوان المسلمون الفوضى، وهربوا قادتهم من سجن كوبر، خرج أحمد هارون المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، في جرائم ضد الإنسانية، والذي كان يقتل الأسرى، واشتهر بعبارة (أمسح أكسح ما تجيبو حي)، خرج يخبرنا بأن ما تمَّ لم يكن ثورة شعبية، وانما انقلاب على الإنقاذ حبس قادتها ظلماً!!
إن هذه الفتنة الصماء، العمياء، التي قام بها الاخوان المسلمون، ضد الشعب السوداني، لم تكن الأولى، فقد قاموا بفتنة انقلابهم، وفتنة حرب الجنوب، وفتنة حرب دارفور، وفتنة حرب جبال النوبة والنيل الأزرق، وقتلوا الشعب، وعذبوه خلال كل تلك الفتن. ولكنها جميعاً لم تغن حين جاء أمر الله باسقاطهم. وهاهم اليوم يشعلون الفتنة، ويقتلون أبناء وبنات الشعب الأبرياء، دون أسباب، إلا طمعهم في السلطة، والله لهم بالمرصاد، يرد كيدهم الى نحورهم، كما رده من قبل، ويخلص الشعب منهم، ويوقف الحرب، ويعيد الى البلاد الأمن، والسلام والرخاء.

29 أبريل 2023م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.