درب الدم

عمار نجم الدين

 

درب الدموع قام رئيس الولايات المتحدة الامريكية الرئيس السابع اندرو جاكسون في عام 1830 باعطاء اوامر للجيش الامريكي بإبادة الهنود الحمر و ترحيلهم من اراضيهم و من يرفض يتم ابادته و سميت هذه العملية بدرب الدموع واستمرت لفترة ثلاثين عاما .
المؤسسة العسكرية السودانية مؤسسة اجرامية وعنصرية فهي من قامت منذ العام 1955 بحروب قائمة على نفي الاخر و ابادته و حفظ امتيازات نخبة على حساب مجموعات سكانية اخرى وساهمت بصورة رئيسية في إفشال السودان
انتجت هذه الحروب القائمة على اساس الهوية و العرق و الدين وانتجت مليشيات تقاتل بالانابة عنها لانها عاجزة عن القتل و غذت هذه الميليشيا مرة بالايدلوجيا الدينية و مرات اخرى بالايدلوجيا العرقية فكان نتاج هذه الحروب تقتيل ملايين السودانيين و اغتصاب مئات الالاف من النساء السودانيات لم ينجو منهم احد في كل السودان بخارطته القديمة و الجديدة من التراجيديا العسكرية فقط اختلف حجم القمع حسب البعد و القرب من الايدلوجيا التي تحملها المؤسسة العسكرية و حلفائها و احدا هذه المليشيات التي انتجها الجيش السوداني هي مليشيا حرس الحدود ثم الدعم السريع اسم الدلع ( للجنجويد )
احد المليشيات التي صنعتها للحرب بالانابة عنها ولانه رغم إمكانيات المؤسسة المطلقة الا انها فاشلة عسكريا فهي لم تستطع ان تقاتل لوحدها طيلة تاريخها فكانت تستعين بمليشيات قبلية من جنوب السودان تارة ( نوير ضد دينكا ) قوات صديقة مليشيات فاولينو متيب مليشيات راياك مشار ( مليشيات نوير ) مليشيات المراحيل مليشيات الجنجويد ( مليشيات عربية ) مليشيات كافي طيار ( مليشيات نوبة ) الخ الخ . لكي يحاربوا بالانابة عنها فكانت تصنع هذه المجوعات في الوقت التي تحتاج اليها و تفككها في الوقت الذي لا تحتاج اليها الى ان قامت بصناعة
هذا الجني ( الدعم السريع ) الذي خرج من قمقمها و لم تستطع ان تعيده مرة اخرى مثلما كانت تفعل في المرات السابقة و انقلب السحر على الساحر فالمراد هذه المرة برغم اميته و عدم تعليمه فقد درس ادوات الشر و الاجرام التي يستعملها الجيش طيلة تاريخه و استطاع ان يحمي نفسه بمجموعة من برتوكولات تكفل له البقاء و مواجهة مؤسسة الدولة فصنع مؤسسات إقتصادية عملاقة و عابرة لحدود الدولة و مراكز امداد دولية مع احد اقوى دول العالم ( روسيا ) واحد اغنى دول المنطقة ( الامارات ) و تحالف مع مليشيا قوية عسكريا و ماليا في ليبيا ( حفتر )
و من ناحية فقدت مؤسسة الجيش حلفائها الاقليميين ايضا ( تنظيم جماعة الاخوان المسلمين العالمي ) مما جعلها في موقف ضعيف مستندة على مليشيا الاخوان المسلمين في ( السودان ) التي هي بدورها فقدت اخواتها في المنطقة بفعل انخفاض سقفها الاخلاقي بتحالفها مع اعداء الاخوان المسلمين في المنطقة ( الامارات و السعودية ) فقط تبقى للمؤسسة العسكرية دعم مصري عسكري و سياسي .
ما ظل تردده مؤسسة الجيش ان
الدعم السريع خرج من رحم القوات المسلحة و الان فاتورة هذا الفشل التاريخي يريد الجيش ان يقوم بدفعها له الشعب السوداني الذي لم يرى الا الويل و الثبور و عظائم الامور منها و لم تحمله الا الاذى و الحروب و دولة فاشلة و حرب مثلما قال البرهان ( عبثية ) و لن تنتهي قريبا للاسف و لن يهزم الجيش الدعم السريع و لن يهزم الدعم السريع الجيش و سوف تستمر هذه الحرب لسنوات لانها ليست حرب داخلية فقط انها حرب ذات اطراف دولية و اقليمية لها مصالح مع طرفي الصراع ولا توجد حرب داخلية انتهت خلال شهر او شهرين في اليمن او ليبيا او سوريا او السودان حتى الذي لم يستطع الجيش ان يهزم الجيش الشعبي لاكثر من ٢٣ عاما و قبلها حرب الانانيا التي استمرت من عام ١٩٦٢ حتى ١٩٧٢ و لم تنتهي هذه الحروبات الداخلية في اوقات قصيرة فما بالنا بهذه الحرب الدائرة الان و التي اختلفت ظروفها الجغرافية و السياسية عن باقي جروبات السودان التي كانت في الاطراف فقط و دفع ثمنها مواطنين في مذابح سرية …
و سوف يكون الشعب السوداني هو الوحيد الخاسر مثلما هو دائما خلال 67 عاما منذ استقلال السودان و الى اليوم .. سوف تنتهي الحرب يوما ما ، و لكن يجب حل هذه المؤسسة لانها لا تحتاج الى اصلاح او إعادة هيكلة كما كنا نردد سابقاً لانها فاشلة تماما لا يجدي معها الاصلاح و يجب العمل على بناء مؤسسة بديلة عنها بمعايير عادلة و عقيدة عسكرية اخلاقية يكون سقفها الاخلاقي هو التضحية من اجل الوطن و حماية أسس المواطنة و الديمقراطية و عدم التدخل في السياسة و امور الحكم .

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.