هل ارتضت شعوب السودان الحروبات ام فرضت عليها يا رشا عوض ١ _ ٢

علي اقيجي

 

لقد تابعنا مؤخرا مقال للاستاذة رشا عوض تتحدث فيه انه لا وجود لثورات مسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وحتى في جنوب السودان قبل استقلالها من المركز ، وكأنها تمتلك صكوكا للثورية توزعها على ما هو ثوري او لا ثوري .
وان من المجحف الحديث عن الحروب في السودان دون الرجوع الى المسببات التي ادت الى اندلاع الحرب ، ومن المخزي انه في اوج الحروبات جفت اقلام بعض من الكتاب والسياسين السودانين المحسوبين على المركز من كتابة وسرد طبيعة الصراع الذي كان دائر في معظم اقاليم السودان .
ان مقال الاستاذة رشا حسب تقديراتي مليئ بالمغالطات التاريخية التي يمكن ان تكون مسنودة ببعض الافكار النخبوية الصفوية التي دائما ينتهجها بعض كتاب وسياسين المركز بغرض شيطنة العمل الثوري المسلح في السودان .
وقد تحدثت في مطلع مقالها عن ضرورة تشخيص الواقع وقالت : ( حتى ينجح تصحيح الاوضاع في دارفور لا بد من تشخيص الواقع هناك بتجرد، والاعتراف بحقيقة عدم وجود أي ثورة مسلحة في دارفور حتى يتم تصحيح مسارها! هناك حروب وكالة مصنوعة احرقت الاقليم وعذبت الأبرياء وشردتهم ولكن لم تكن ضمن أجندة المحاربين على اختلافهم انصاف اهل دارفور من الظلم وتغيير واقع حياتهم للأفضل.)
ويمكننا القول هنا ان الكاتبة لم تكن امينة لحد الكفاية في تشخيص الواقع في دارفور واختزلته فقط في صراع وكالات مصنوعة ، وضربت بالحائط الاسباب الرئيسية لاندلاع واستمرار الحرب في دارفور من تراكم للغبن التنموي وسياسات المركز تجاه الاقليم وحتى سياسات التغيير الديمغرافي التي انتهجتها حكومة المركز في دارفور من ما نتج هنا تهجير قسري للشعوب هنالك وكانت نتائجه كارثية بوجود اكثر من نصف سكان الاقليم كنازحين في دول الجوار ، وتتعمد هنا رشا عوض الهروب من مساءلة الحكومات في تأجيج الصراع والحرب مقابل تحميل بعض الحركات مسؤولية ما آل اليه الوضع في دارفور .
والسؤال الذي يطرح نفسه هل ارتضت شعوب السودان وشعوب دارفور بالتحديد الحرب ام انها كانت مفروضة عليهم وباستبداد من الدولة ، ان من اسمى قيم الثورة يا رشا عوض هو النضال من اجل الكرامة الانسانية والنضال من اجل الحقوق فقد رفعت الشعوب السلاح فقط لكي لا تموت لكي لا تهجر لكي لا يتم اقصائها من قبل اوليغارشية هيمنت على السلطة والثروة في السودان
والمغالطة الثانية والتي كانت جذافية لحد ما هو الزج بالراحل جون قرنق في خضم المقال باعتباره كان له الدور في صناعة بعض الحركات في دارفور التي كانت متمردة فقط على حد تعبيرك ، فالراحل جون قرنق كان بمثابة ملهم لكل القوى التي تؤمن بالتغيير الحقيقي والشامل ، فحتى ان استلهمت بعض الحركات من جون قرنق فكرة النضال المسلح لا يعني بالضرورة ضلوع الراحل في صناعة تلك الحركات.
اما في اطار حديثك ان الحركات المسلحة فاشلة وتأتي ببرامج فاشلة واسترشدي بدولة جنوب السودان
انها ولدت فاشلة ، نود ان نقول شيئا هنا هو ان التحرر من التبعيات سواء كانت سياسية ، اقتصادية ، ثقافية
هو مدخل للنمو والتنمية ولو كان جنوب السودان الان
جزءا من الدولة المركزية القابضة اليوم لما سمعنا ببعض النجاحات التي حققها الجنوب اخرها مجانية التعليم في جنوب السودان ونجاحات اخرى.

اخيرا
نعلم انه يوجد بعض الهشاشة خصوصا في قادة بعض
الحركات سواء كان مناوي او جبريل من الذين ظلوا ينادون بقضية دارفور ، ولكن الادعاء بان الشعوب التي حملت السلاح كان فقط من اجل حروب وكالات وحروب سلطة او جاه يستوجب الاعتذار يا رشا عوض لكافة السودانين ولكافة الضحايا الذين اجبروا على حمل السلاح للدفاع عن ارضهم وانفسهم ،
ولابد من الانعتاق من براثن التفكير الصفوي الاستعلائي النخبوي هذا ..

نواصل

١٣ / مارس / ٢٠٢٣

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.