المشهد السياسى والإصرار على الطريق المسدود
✍🏿: عيسى خميس مرفعين
المتابع الكريم نشاهد العبث الذي يحدث فى الساحة السياسية السودانيه بكل قلق و ريبة، المشهد الذي أنتج واقع غريب ومعادلة سياسية يصعب تفسيرها، أطرافها الأولية (primary actors) مكونة من عناصر الإمتيازات الطبقية، واخري من إنتهازيى الهامش،
قد تكون هناك أسباب سياسية أخرى فى إبقاء تخب الشمال والوسط النيلى على إمتيازاتها التاريخية، او لأسباب ثقافية وجهوية، او خليط من هذا و ذاك لكن يبقى جوهر الإختلاف التقرب من المجلس العسكري اللاعب الأساسي ( the main key players ) فى خلق المعادلة السياسية من قادة هذه التنظيمات المتعطشة للسلطة، حتى جعل بعض زعماء هذه التنظيمات يتفاخرون بدعمهم للإنقلاب و تشكيل حاضنة سياسية و اخرين يعلنون بأنهم خدموا العسكر طيلة فترة سقوط نظام الجبهة الإسلامية.
هذه الأزمة السياسية وإنعدام آفاق الحل أوضحت بجلأء حجم ألأزمة و هشاشة الأحزاب والتنظيمات السياسية فى الدولة السودانية وعقيدتها السياسية التى أضرت كثيرا بالشعب السوداني، عقيدة بدون أخلاق وضمير أو مبدأ سياسي، فقط يتاجرون ويرتزقون بقضايا الشعب،
ولكن المؤكد فى نهاية هذه المسرحية ستتم التضحية بالطرف الثانى من المعادلة بتذويبهم فى الطرف الأول وتنويم البعض منهم مغناطيسيا، ويتكل البعض إلى الله.
و من ناحية أخري نجد أن هناك قوى إقليمية تمثل الأطراف الثانوية فى هذه المعادلة (secondary actors) وهى التى تريد تدمير الدولة السودانية لأسباب إقتصادية أو أمنية وأسباب أخرى متعددة كانت تعمل هذه القوى منذ زمن بعيد عبر واجهات دبلوماسية أو منظمات دولية أو إقليمية وبأساليب ناعمة، لكن الآن وفى ظل هذه الفوضى السياسية وعدم وجود دولة أو نظام سياسي، إستغلت هذه القوى الإقليمية بعض مرتزقة الهامش و تنظيمات رجعية متخلفة هى من وقفت خلف تأسيسها أو إدارتها منذ النشأة. ولم تترك هذه الدول أى ّ شأن في مأمن من تدخلاتها السافرة فى الشأن السوداني حتى في الشؤون الخاصة بالأفراد، ودائما ما تحرص على فرض كل تفاصيلها وثقافتها، ومنتجاتها، وشخصياتها أيًا كانت المجالات في الواقع السودانى حتى سيطرت هذه الدول على معظم القوى السياسية والقوات المسلحة حتى صار السودان سوق لكبار سماسرة السياسة والمنظمات الأمنية التى باعت سيادة السودان فى المزاد العلنى وفى بورصات السياسة العالمية. وقد أسفر ذالك عن تراجع مكانة السودان بين الدول، ولم يكن شريكًا في صنع القرار، أو الإنتاج والمساهمة صناعة الحضارة الإنسانية وكتابة التاريخ.
الآن نجد أن هذه البلدان تقع في إشكالات عديدة لأنها تعتقد أن الشعب السُّوداني بنفس السزاجة وعقلية الساسة الإنتهازيين وتسقط عليهم نفس منهج التحليل وطرق التفكير، وعلى القوى الإقليمية التى تتدخل بشكل سافر فى الشأن السودانى أن تعلم أن الشعب السودانى واعي بهذه المخططات وهؤلاء الساسة ذاهبون لا محال كما ذهب الإخوان المسلمين قبلهم. هذا الشعب ينتمي إلى حضارات قديمة راسخة مستقلة، ومخطئ من يعتقد بأن إختراقكم الأمنى لهذه التنظيمات السياسية المتهالكة مكسبا، بل أكاد أجزم بأن هذه التدخلات لن تكون إلا نهاية حتمية لعزل هذه التنظيمات سياسيا وإجتماعيا فى الساحة السودانية و قريبا فى أى مرحلة تحول ديمقراطي حقيقي لأن هذه التنظيمات معظمها سلطوية ديكورية مجرد كومبارس للعب دور محدد فى مرحلة محددة، والآن تم كشف البعض. فمنها من إقتربت من الإفلاس، أو أوشك على الدخول في نفق مظلم من عالم التوهان، و غيره من المشاكل والأزمات السياسية التى جعلت العقلاء منهم يتنادون لعلاجها ويصرخون من آثارها، وعلاجها مكلف لأنه ستقضى على أساسيات قواعد اللعبة امام الكفيل.
حتى الآن الراهن السياسي غير واضح المعالم لدي الكثيرين، وكل الفاعلين الرئيسيين كما يزعمون لا يملكون أى حلول، ويصرون جميعا على الذهاب إلى الطريق المسدود. لكن الرهان الحقيقى يكون على الشعب السوداني دائما والشارع الثوري من لجان مقاومة وقوى التغيير الحية حتى تتحقق أهداف الثورة المنشودة و ضرورة إسقاط الأقنعة من هؤلاء وفضح صورتهم الزائفة في مظهرها والخاوية من أى إنتاج سياسي أو فكرى، و ضرورة تعريتهم أمام الشعب السُّوداني، و هذا يحتم على الشعب السُّوداني الإلتفاف حول رؤية السودان الجديد والتنسيق و العمل الدؤوب مع الحركة الشعبية شمال و شركائها، رغم ان كل أطراف الصراع السياسي الحالى تخشى وجود الحركة الشعبيه لتحرير السودان شمال التى أكدت التجربة العملية انها الأجدر في إخراج السودان من هذا النفق المظلم حتى يظلّ السودان قويا، مستقلًا موحدا على أسس جديدة، ودون ذلك فحق تقرير المصير لكل الشعوب السودانية حتى تحدد خياراتها بذاتها.
و دامت نضالات الشعوب السودانية