النساء في قلب الصراع (٤) قرابين على جدار الشرف

✍🏿: منال إبراهيم حسين

الجرائم والقضايا الإجتماعية من إعتداءات جنسية والإختطافات و زواج القاصرات و غيره تعد من القضايا التي لم تراوح مكانها، إلا أن معدل هذه القضايا أصبح الآن في زيادة مطردة خاصة القضايا محل ممارسة العنف ضد النوع الإجتماعى.

ويبدو أن هناك من فسروا مفهوم الشرف على هواهم فأباحوا لأنفسهم كل سلوك إجرامي عنيف ظنا منهم أن (غسل العار) هو الطريق الممهد للدفاع عن شرف و سمعة الأسر و القبيلة.
يحدث هذا دون النظر للتداعيات و المآلات على مستوى الأسر والمجتمع رغم الترابط ظلت إلى حدا بعيد مترابطة اخلاقيا ومتمسكة بالعادات و التقاليد.
جريمة الشرف هو المفهوم العرفي للجريمة ربطت بمسألة الشرف في حين أن القتل دفاعا عنه ليس له صلة بالشرف، وإنما هو قتل و عنف وحرمان من الحياة أباحتة الأعراف (القوانين العرفية) وما الشرف هنا إلا ذريعة للقتل و لعمري هذه أم الكوراث التي فتكت بالنسيج الإجتماعى.
و الوقائع التي تؤكدها سجلات البلاغات تشير بوضوح إلى مشاركة الأسر خاصة الذكور في الجرائم و هو ما شكل خارطة جنائية أخرى لقضايا النساء اللائي هن في مرمى العنف والعنف المفرط وفي قلب الصراع، تحولت قضايا النساء خاصة فى إقليم دارفور من شكلها التقليدي من الإيذاء والإعتداءات لدرجة مثيرة للقلق. الوحدات و الادارت المعنية بحماية المرأة و الأسر صارت تتلقى بين الحين والآخر مثل هذه الجرائم و هو ما يضعها أمام تحد كبير للتعامل مع الكم الهائل من البلاغات، فهناك من لقيت مصرعها على أيدي أشقائها لا لسبب غير أنها تحدثت مع شاب على الهاتف الجوال، وأخريات لقين مصرعهن على أيدي أقربائهن بإحدى قرى محليات جنوب دارفور بعد ربطهن على جذوع الأشجار و تعذيبهن حتى الموت. وهناك من إتهمت زورا بحيازة هاتف نقال وأخرى بالحمل، مما أودى بحياتهن جراء الضرب المبرح والتعذيب. وهلال الأيام الماضية وقعت حادثة مماثلة عندما أقدم الزوج على ذبح زوجتة كالشاة دون رحمة ضاربا بعشرة السنين الزوجية عرض الحائط. نلاحظ هنا أن جرائم القتل تطال النساء فقط، بينما يلوذ الذكور بالفرار والإفلات من المسأءلة والعقاب، وكأن هذا المسمى الشرف لا يخص الذكور والنساء وحدهن يتحملن وزر الخطيئة. هذا الحديث يقود إلى ضرورة التفكير بأن أيا من الأسر وسطها (مشروع مجرم وفار من العدالة) وفق القانون العرفي الأهلي الجائر و الذي هو فوق سطح القانون الجنائي.

من المعروف أن الأعراف الإجتماعية لا تدين الذكور وإن بنيت الجرائم فيه على محض الشائعات والإتهامات التي لا يكون لها أي أساس من الصحة، وطالما الأسر تنصب من داخلها القاضي والشاهد والمحقق ومنفذ الحكم، فالتسوية بأرواح النساء جائزة بل تقدم كقرابين على جدار الشرف، بحكم العرف الذي لا يكرس مبدأ المساواة وحقوق الإنسان، مع العلم ان العقوبة ينبغي أن تقع على الإثنين معا الرجل و المرأة، وإلا فإن مؤشر إنقراض شريحة النساء تسير بسرعة الريح ما لم يعدل القانون و تهيكل الأجهزة العدلية والقضائية. حدث كل هذا بسبب التقلبات السياسية التي أعاقت تشكيل وبناء دولة مستقرة سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا وثقافيا عبر عقود ظللنا نعاني منها فكفانا هتكا للمجتمع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.