فلنوقد شموع المحبة والتسامح في رحيل الكومندر ياسين ملاح
✍🏿: جاتيقو اموجا دلمان
نهار السبت ، الحادي وعشرون من يناير ٢٠٢٣، رحل في صمت بمستشفي ام الرحمة ( كونجو) ، الرفيق القائد ياسين حامد ملاح، المناضل الاستثنائي الذي جمع ما بين عنفوان الكفاح المسلح وصرامته ومعاناته والتزامه الايدولوجي وذهد ووقار الرجل المنقطع في العبادة الذي لا يريد من الدنيا سوي محبة الناس ، فكان ياسين ملاح هو محمود محمد طه في صوفيته ، ويوسف كوه في التزامه وإيمانه بمشروع ورؤية السودان الجديد وحتمية النصر .
ياسين ملاح آتي للحركة الشعبية في العام ١٩٩٠م حامل هموم المسيرية من القري والفرقان والمدن ، حمل هذه الهموم بكل صدق والتزام وتجرد ، وهو علي قناعة راسخة حتي لحظة رحيله ، بأن هموم المسيرية ومطالبهم ، لا تجد حلا في حوش الخليفة بام درمان ولا في جنينة الميرغني ببحري ولا عند شيوخ الدجل والتضليل في حركات الإسلامية ، ولن تجد حلا في القيادة العامة للجيش ولا عند أجهزة المخابرات ، ولن تجد حلا لدي حميدتي الجاهل والسعيد بجهله ، ياسين ملاح الذي ينظر إلي الأمور بمنظار ثوري، توصل لقناعة مبكرة بأن هموم المسيرية ومطالبهم هي جزء من مشروع السودان الجديد، وان حلها سيتم فقط بمخاطبة جزور الأزمة السودانية وتفكيك الدولة المركزية المستبدة والقضاء علي مشروعها الاسلاموعروبي الذي يصنف المواطنين علي اساس ( سادة / عبيد) ، المشروع الذي نهب بترول المسيرية لبناء إقتصاد الشمال النيلي ، وكان نصيب المسيرية هو مخلفات البترول السامة والأرامل وغياب التنمية ، لذلك ياسين ملاح عرف أين يوجه بندقيته ؟.
ياسين ملاح مناضل فريد ، سيحفظ التاريخ له مواقفه ونضالاته وأقواله المأثورة ، ياسين ملاح هو رائد السلام الإجتماعي ، نجح في خلق بيئة صالحة للتعايش بين مكونات إقليم جبال النوبة ، قدم ياسين رؤية جديدة ومنهج ، وأزال ياسين جزء من ترسبات الغبن التي سادت المنطقة جراء عمليات القتل والنهب والتهجير التي قامت بها قوات المراحيل ( والمراحيل هي مليشيا شبه عسكرية أسسها اللواء فضل الله برمة ناصر بتوجيه من الصادق المهدي كجزء من خطة التحالف العربي)، ياسين ملاح واحد من القلائل من ابناء المسيرية الذين رفضوا هذه المؤامرة ولم يكتفي ياسين بالرفض وحده ، بل قرر الانضمام الي الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان للمساهمة في إجهاض هذه الخطة الشيطانية ، هذا الموقف التاريخي المبكر المشرف مهد لياسين أن يلعب أدوار مهمة في تاريخ الكفاح المسلح وكانت اسواق التعايش الاجتماعي ( سمبك) في كل من بحر الغزال وابيي وجبال النوبة، هي ثمرة مجهودات ياسين ملاح .
والان يرقد الرفيق القائد المناضل ياسين ملاح بجوار صديقه ورفيقه في الكفاح والنضال يوسف كوة بمرتفعات ( لويري).
فلترقد أرواحهم جميعا بسلام.
كاودا – الاربعاء ٢٥ يناير ٢٠٢٣م