نفوذ الدولة في مواجهة “توباك”
وكالات – splmn.net
تنتقل قضية محمد آدم الشهير بـ”توباك” المعتقل منذ عام بتهمة قتل ضابط في الشرطة السودانية، من سلسلة التعذيب والانتهاكات التي تعرض لها خلال فترة احتجازه، إلى فصل جديد عنوانه تعطيل جلسات المحاكمة في مسعى لبقاء “توباك” أطول مدة داخل السجن، وفق محاميه وعائلته.
وبحسب قانونين وحقوقيين، فإن تصرفات الشرطة مع المحتجز توباك في مجملها، تعكس استغلال النفوذ وسلطات الدولة في وجه العدالة.
وتوقفت جلسات محاكمة توباك و3 متهمين معه بقتل العميد في شرطة الاحتياطي المركزي علي بريمة، إثر سحب ملف القضية بسبب استئناف تقدمت به الشرطة ضد قرار القاضي الخاص بفتح دعوى قضائية ضد مدير سجن كوبر لمخالفته المستمرة لأوامر المحكمة فيما يلي المتهم محمد آدم.
ويواجه توباك إلى جانب محمد الفاتح الننة، ومصعب الشريف، وأحمد الفاتح، تهمة قتل ضابط في شرطة الاحتياطي المركزي وجرى اعتقاله من مستشفى رويال كير في منتصف يناير الماضي 2021 أثناء تلقيه العلاج من إصابة تعرض لها في الاحتجاجات المناهضة للحكم العسكري وتعرضه للتعذيب في المعتقل حسبما أفادت اسرته في وقت سابق.
وكان قاضي المحكمة أمر إدارة سجن كوبر بأن يتم إحضار المهتمين وهم غير مقيدين ومكبلين بـ”السلاسل والكلابيش”، ونقل “توباك” من الجزء الغربي في سجن كوبر والمخصص لمحكومي الإعدام ويجاور المشنقة، إلى الجزء الشرقي المحدد للمنتظرين حيث يوجد بقية المتهمين معه في البلاغ.
لكن مدير السجن خالف تلك القرارات القضائية وظل يحضر توباك مقيداً، كما لم يلتزم بأمر نقل المتهم للجانب الشرقي المخصص للأشخاص قيد المحاكمة “منتظرين”، وهو ما دفع قاضي المحكمة الى التوجيه بفتح دعوى قضائية ضد مدير سجن كوبر، فيما تقدمت الشرطة بطلب استئناف وتم سحب الملف بأكمله في خطأ قانوني كبير- وفق هيئة الدفاع عن توباك.
وجرى ترحيل “توباك” إلى سجن الهدى غربي أمدرمان وهو في وضع أفضل الآن بعد ما تم احتجازه في غرفة مزودة بسرائر وحمام وأزيلت عنه القيود- وفق عائلته.
خطأ إجرائي:
وتعليقاً على ذلك، قالت رئيسة هيئة الدفاع عن المعتقل توباك، المحامية، إيمان حسن، في مقابلة مع (عاين)، إن “التطورات الأخيرة الخاصة بأمر المحكمة بفتح دعوى قضائية ضد مدير سجن كوبر، هو شأن يخص المحكمة وإدارة السجن، وفي تقديري أن تكليف إدارة سجن كوبر لشخص للدفاع عنها واستئناف القرار يعتبر ذلك حق قانوني لا خلاف عليه، لكن جاءت الشؤون القانونية وطلبت صورة القرار والملف في حين ليست هي الجهة المختصة قانونا لتقديم الاستئناف، فالجهة المعنية بالدفاع عن مؤسسات الدولة هي وزارة العدل”.
وأضافت إيمان: “حسب المادة 179 من قانون الإجراءات الجنائية، يكون هناك محضر منفصل عن الواقعة محل الاستئناف يتم أخذه، ولكن تم إحضار كل الملف للاستئناف وهذا خطأ إجرائي وعدالة إجرائية ناقصة تضر بالطرف الأضعف في القضية والمتهم هو أضعف طرف في المحكمة”.
وأردفت “لقد تأخرنا ثلاث جلسات كأنما ينفذ عقوبة ضد هؤلاء المتهمين، لكن القرار الذي اتخذته المحكمة حفاظاً على هيبة القانون وسيادته، وهمنا الآن هو استرداد الملف للمحكمة وقد قدمت طلب لذلك، وبعدها لدينا حقوق لن نتنازل عنها فيما يلي الانتهاكات التي تعرض لها موكلنا”.
إستغلال نفوذ:
وتشدد رئيس هيئة الدفاع عن توباك أيمان حسن، على أن “الشرطة استغلت نفوذها في الإجراءات التي اتخذتها مع توباك في سجن كوبر وعدم اتباع القوانين في هذه الجزئية ومخالفة قانون السجون للعام 2010م لأنها وضعت موكلنا في مكان بالسجن فيه خطورة على حياته، في حين ينص القانون على وضع المنتظرين في موقع منفصل عن الأشخاص المحكومين”.
وأضافت حسن: “إلى جانب ذلك تم وضعه مع محكومين بالإعدام وبالقرب منه المشنقة، جميع ذلك مخالفات قانونية وسببت لموكلنا أضرار كبيرة وإنتهاكات جسدية، كما تعرض للتنمر والتحرش والضرب وتهديد مستمر من ضباط وتوعده بالملاحقة”.
وتابعت “كان على إدارة السجن التعامل مع موكلنا كمنتظر قيد المحاكمة وليس عليها سوى إتباع أوامر المحكمة واجبة النفاذ على كل الفئات والجهات، ففي حال مخالفة قرارات المحكمة يكون ذلك انتهاك للعدالة وهذا ما حدث بالفعل”.
صدمة العائلة:
وقالت والدة توباك، نضال يعقوب، “تلقينا نفس صدمة فقده الأول لحظة اعتقاله من المستشفى وانه سوف يقتل في التحقيقات، عندما تم سحب الملف من المحكمة، لأن ذلك سيقود إلى مزيد من التعطيل في المحاكمة ويطيل فترة انتظار ابني داخل السجن، لقد ننتظر موعد الجلسة بفارق الصبر لأنها تمنحنا أمل في خروج محمد”.
وأضافت في مقابلة مع (عاين):” كان يجب أن يعمل محضر منفصل للاستئناف الخاصة بمدير سجن كوبر ويتم ترك جلسات المحاكمة تسمر، لقد يأسنا بسبب هذا التأجيل. كان محمد يسعد بموعد الجلسة ودائما ما يقول خلال سأخرج والتقي بأصحابي من جديد، لكن هناك جهة تعبث بالملف وتتعمد تعطيل سير المحاكمة”.
وتابعت:” في تقديري أن ابني يتعرض لإستهداف واضح، وإلا لما وضع في جانب لوحده داخل السجن مع القتلة الحقيقيين محكومي الإعدام”.
وأردفت “عرضوا ابني لأقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، لكن ربنا حباه بقوة جعلته يحتمل ذلك، وقد عملنا على التخفيف عنه بتزويده بالكتب”. وأشارت إلى أن أبنها يعيش وضع أفضل الآن بعد ترحيله من سجن كوبر إلى سجن الهدى غربي أمدرمان.
من جهته، قال المحامي والحقوقي- محمد مصطفى لـ(عاين)، إن “تكبيل المنتظر للمحاكمة دون غيره من المنتظرين يعتبر مظهر من مظاهر الإهانة وضرب المنتظر للمحاكمة يقع في إطار التعذيب”.
وأشار مصطفى، إلى أن السودان وإن لم يصادق على البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب إلا انه ملتزم وفقا للقانون بحماية وصون كرامة المنتظرين… واجب الدولة هو حماية المنتظر وهو ما فشلت فيه الشرطة”.