حاكم إقليم الفونج الجديد فى مقابلة صحفية مع الموقع الرسمى:

 

– ننظر للصراع الدائر على أنه تمظهر للخلل التاريخي فى تركيبة الدولة السودانية

– أكدت الأحداث تواطؤ الإعلام الرسمى وتقاعسه عن القيام بدوره فى التغطية وعكس الحقائق

– لا مصلحة لنا فى الحركة الشعبية فى التغاضى عن جوهر القضية التى ظللنا نناضل من أجلها وإفتعال صراعات إنصرافية

– تزامن أحداث ودالماحى ولقاوة دليل على أن هذه الأحداث مدبرة

إلتقينا القائد داؤد إدريس نصر، حاكم إقليم الفونج الجديد/النيل الأزرق فى مكتبه بمقر السلطة المدنية للسودان الجديد بالإقليم بعد أن وافق مسبقا على تحديد موعد لإجراء هذه المقابلة الصحفية المهمة مع الموقع الرسمى splmn.net وقدم الرجل إجابات مباشرة وصريحة حول الإقتتال بين الهوسا وقبائل شعب الفونج، فإلى مضابط الحوار:

حوار : ربيع محمد
الأراضى المحررة يابوس

بداية نرحب بكَ، القائد داؤد إدريس نصر – حاكم إقليم الفونج الجديد/النيل الأزرق فى الموقع الرسمى، وسعداء أن نجرى معك هذا الحوار فى هذا الظرف الذى يشهد فيه الإقليم تفلتات أمنية نتيجة للصراع القبلي المتزايد،

شكراً على الإستضافه، ونثمن دوركم فى الموقع الإلكترونى كمنصة إعلامية رسمية تهدف إلى إيصال صوت الحركة الشعبية ورؤية السودان الجديد. وعبركم نُحي عضوية الحركة الشعبية وجماهيرها فى الأراضى المحررة والمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة وفى دول المهجر ومعسكرات اللاجئين، ونحي جميع الأحرار فى العالم.

س: بداية كيف تنظرون للأوضاع المضطربة فى مناطق سيطرة الحكومة بالإقليم على خلفية أحداث ودالماحى الأخيرة والتى إنتهت بإرتكاب مجازر بشعة فى حق الأبرياء؟

○ نحن فى الحركة الشعبية ننظر لهذا الصراع على أنه تمظهر للخلل التاريخى فى تركيبة الدولة السودانية، وفشل الطريقة التى ظلت تُدير بها النخبة البلد بإتباعها سياسة فرق تسد، وكذلك متلازمة الفشل فى بناء دولة تحترم التنوع الموجود فى السودان. وكذلك القضايا الأساسية التى تُشكل الجذور التاريخية للمُشكلة السودانية مثل قضية الهوية الوطنية، والأرض وملكيتها، وقضية علاقة الدين بالدولة…إلخ. فما زال مركز السلطة فى الخرطوم يقوم بتصدير المشاكل إلى الأطراف لتعيش هذه المناطق فى دوامة صراعات وحروب متواصلة مستخدماً أساليب متعددة مثل شن الحروب المباشرة، أو بالوكالة أوحتى من خلال إتفاقيات السلام، وبأطراف مختلفة فى مناطق متفرقة من الهامش السودانى. ففى إقليم الفونج نجح المركز فى مشروع الإبادة الثقافية الذى بدأه منذ ستينيات القرن الماضى بالتهجير القسرى للسكان الأصليين من قراهم وغيرت الأسماء التاريخية للمناطق فى أعقاب تشييد سد الروصيرص، ثم شنت الحروب الدينية فى المنطقة إلى جانب التهميش بكافة أشكاله.
فى واقع الأمر ما يعلمه الجميع أن إقليم النيل الازرق ظل بلد متعايش و متسامح، وتاريخيا لم يشهد أى صراعات قبلية أو عرقية حتى إبان فترة حكومة الجبهة الإسلامية. ظل شعب الإقليم متمسكاً بالقيم الإجتماعية التى ورثوها منذ السلطنة الزرقاء، فهذه الأحداث المُؤلمة والمُؤسفة والتى تقف من خلفها الحكومة تؤكد فشل إتفاق سلام جوبا والتى أصبح هم أطرافه البقاء فى كرسى السلطة، ولو بسفك دماء الأبرياء. نبدى عميق أسفنا وإستنكارنا لما وقع من إقتتال.

س: برأيكم ماهي الأسباب الحقيقية التى قادت إلى الإقتتال القبلى بين الهوسا وقبائل الفونج فى الولاية؟

○ في الحقيقة الأسباب كثيرة وأغلبها مُفتعلة، ولكن أبرزها هو عدم إعتراف مكونات شعب الفونج الجديد بقرار حكومة الولاية منح مجموعة الهوسا إمارة بالإقليم، لأنهم ليسوا من السكان الأصليين وأصحاب الأرض، وهذا لا ينفى حقهم فى ملكية المنفعة بإعتبارهم من مكونات وسكان الولاية. ما وقع من مواجهات قبلية يؤكد فشل إتفاقية جوبا لسلام السودان فى مخاطبة جذور المشكلة السودانية، الأمر الذى أفقد صانعى سلام جوبا التأييد والسند السياسى، ولذلك لجأوا إلى خلق حاضنة سياسية جديدة وبدأوا فى وضع سيناريوهات ضد مجموعات الفونج فى كافة محليات الولاية. قرار أحمد العمدة الذى قضى بمنح إمارة للهوسا قصد منه كسب تأييد الهوسا وجعلهم ضمن حاضنته السياسية، ولكنه لم يكترث لعواقب قراره الخاطئ والذى إستفز جميع قبائل الفونج التى رفضت القرار وقاومته بشدة. إذن أحمد العمدة هو المسئول عما حدث ويحدث من نزاع وإقتتال بين الهوسا وقبائل الفونج. الحكومة الحالية وحلفائها يخططون للإستيلاء على أراضى إقليم الفونج ومواردها لصالح مافيا الذهب والمستثمرين الشماليين والأجانب، وذلك بتمكين المجموعات الوافدة والتضييق على السكان الأصليين، ولو إقتضى ذلك تنفيذ سياسة الأرض المحروقة وتشريد وتنزيح أصحاب الأرض، ولكنهم إصطدموا بالوعى الكبير لشعب الإقليم وشبابه الذى فجر ثورة ديسمبر من مدينة الدمازين، وهم ما زالوا عنصرا فاعلا فى الحراك الثورى القائم فى السودان، ويدركون جيدا المخاطر الأنية ومستقبل المنطقة والسودان ولن يتركوا الوطن ليعبث فيه من يريد إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء.

س: من واقع متابعتكم للصراع الدائر في مناطق سيطرة الحكومة، بخلاف أحمد العمدة ماهى الجهات التى تقف وراء إفتعال و تأجيج الصراع و إرتكاب المجازر؟

○ مركز السلطة فى الخرطوم بأجهزته الأمنية والعسكرية وقوات الدعم السريع هى من تقف وراء ذلك، وهنالك أدلة موثقة للأجهزة الحكومية المتورطة فى إشعال هذه الفتنة، خاصة الجيش وقوات الدعم السريع والشرطة هم مسؤلون من قتل المدنيين، والحاكم أحمد العمدة بادى هو من يشرف على تنفيذ ذلك من خلال دعمه وتسليحه لطرف على حساب الطرف الآخر فى الصراع الدائر.
ونعتقد أن المجازر المرتكبة فى حق المدنيين الاَبرياء وإستخدام الهوسا كواجهة وأداة لإدارة الصراع ضد أصحاب الأرض سوف لن تساعدهم فى إخفاء تورطهم المباشر، فجميع شعب الإقليم يعلم من الذي أشعل الفتنه. نعلم تماماً أن هناك قوات رسمية مدعومة بعتاد القتال الحربية الرسمية ومدربة تقف وراءها حكومة الولاية هى من نفذت المجازر والأعمال الوحشية فى محلية ودالماحى.

س: وما ردكم على إتهام الوالى أحمد العمدة بادى للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بالضلوع فى تأجيج الصراع الدائر فى الولاية؟

○ هو إتهام مردود لأحمد العمدة نفسه، ولا يعدو كونه محاولة لتضليل الرأى العام. لا مصلحة لنا فى الحركة الشعبية فى التغاضى عن جوهر القضية التى ظللنا نناضل من أجلها وإفتعال صراعات إنصرافية. فالجميع يعلم أن أحمد العمدة هو من زج بأهلنا الهوسا، وعليه أن يتحمل تبعات الفتنة التى خلقها.

س: وإلى ماذا تعزون صمت الإعلام تجاه المجازر الأعمال الوحشية، وعدم التدخل الإنسانى؟

○ ظللنا نراقب ونتابع عن كثب كل ما يحاك من فتن ومؤامرات تستهدف النيل الأزرق أرضا وشعبا، وقد أكدت كل الأحداث تواطؤ الإعلام الرسمى وتقاعسه عن القيام بدوره فى تغطية تلك الأحداث وعكس الحقائق المتعلقة بالمجازر والفظائع والإنتهاكات وما ترتب على ذلك من أوضاع إنسانية سيئة لم تلق هى الأخرى أى إهتمام. لا شك أن التعتيم الإعلامى مقصود ويؤكد تواطؤ الإعلام مع جهاز الدولة. نناشد المنظمات الإنسانية بالتدخل لتقديم المساعدات الإنسانية لضحايا المجازر والنازحين الذين أجبروا على الفرار من مناطقهم بسبب الفظائع والإنتهاكات، وبهذه المناسبة، لابد من الإشادة بالمجهود الشعبى الذى يقوم به المواطنون ولجان المقاومة لمساعدة وإغاثة المتضررين.

س: الملاحظ أن مجزرة ودالماحى تم إرتكابها بعد أيام قليلة من المجزرة التى إرتكبتها مليشيات المسيرية بدعم مباشر من قوات الدعم السريع فى لقاوة، كيف تفسر هذا التزامن؟

○ هذا التزامن دليل على أن هذه الأحداث والمجازر مدبرة من جهات نافذة فى الدولة، كما نعتبره سيناريو ومقدمة لإعلان الحرب. واضح أن الأجهزة الأمنية والإستخباراتية لديها أجندة ضد السكان الأصليين فى الإقليمين مثلما حدث ويحدث ضد الزرقة فى إقليم دارفور. هذه الأحداث كشفت التوجهات العنصرية للدولة فى آخر تجلياتها.

س: كيف تابعتم حالة الطوارئ التى أعلنها أحمد العمدة وإعتقال بعض الناشطين؟

□ إنها محاولة لقمع المحتجين وتكميم أفواه الناشطين والشباب المقاوم من خلال فرض طوق أمنى وهو أسلوب مجرب، وقد جربه النظام البائد كما جربه الإنقلابيون ولكنه باء بالفشل.

س: بوصفك حاكما للإقليم، هل من رسائل محددة تود أن تضعها فى بريد الأطراف المتصارعة؟
.
○ نيابة عن قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال أود توجيه الرسائل والمناشدات الآتية لطرفى النزاع:
1. الإحتكام لصوت العقل وعدم السماح للمركز بإستخدام سياسة فرق تسد ليستثمر فى خلافاتكم ويستمد قوته من نزاعاتكم.
2. ضرورة حقن الدماء للحفاظ على التعايش والنسيج الإجتماعى بين جميع مكونات الإقليم، ما دام الوطن للجميع.
3. الجهات الرسمية الراعية لمجتمعاتها، الإهتمام بلمَّ شمل الشعب السوداني.
4. نناشد مكونات الإقليم الأخرى بمواصلة تماسكها ووحدتها والعمل على مساعدة الضحايا من الطرفين.
5. نناشد كل المنظمات الإنسانية والخيرين بالتدخل وتقديم مساعدات للنازحين وقوثهم.

فى الختام نشكرك مجددا القائد داؤد إدريس نصر حاكم إقليم الفونج الجديد/النيل الأزرق على منحنا جزءا من وقتك لإجراء هذا الحوار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.