عادل شالوكا – سكرتير الشباب والطلاب ضيفا على منصة نيو سايد .
القيادي عادل شالوكا – سكرتير الشباب والطلاب بالحركة الشعبية – شمال، وعضو وفد التفاوض ضيفا على منصة نيو سايد الحوارية.
أجرينا الحوار معه عبر الواتساب من جوبا لمعرفة آخر التطورات وموقف الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال تجاه المفاوضات مع الحكومة السودانية، الصعوبات التي تواجه المفاوضات ، القضايا الساخنة التي حالت دون توقيع الحركة إتفاق جوبا، تقييم الحركة للوضع العام في السودان بعد الثورة السودانية، رؤيتهم لعودة الأوضاع لطبيعتها في السودان، كل هذه الأسئلة طرحناها للقيادي الشاب عادل شالوكا سكرتير الشباب وعضو التفاوض والذي رد على أسئلتنا بكل تواضع وبدون تأخير.. المزيد من التفاصيل في ثنايا الحوار التالي…..
حاوره: فرانسيس م. مدينق
بداية، ما هو تقيمكم لمجريات الأوضاع السِّياسية في السُّودان عقب 25 أكتوبر 2021 وبعد إستيلاء الجيش على السلطة.
إستيلاء الجيش على السلطة عقَّد المشهد السِّياسي في السُّوداني وفاقم الأوضاع التي كانت تتَّجِه نحو الأفضل إلى حدٍ ما برغم عدم جدِّية الحكومة الإنتقالية آنذاك لتحقيق سلام شامل وعادل يُعالج جذور المُشكلة السُّودانية، ففي عهد حمدوك كان يمكن أن يتحقَّق السلام والإستقرار ومُعالجة القضايا الإقتصادية التي بدأت بإعفاء ديون السُّودان وغيرها، ولكن العساكر منذ البداية وضعوا العراقيل لحكومته، وعطَّلوا الإتِّفاق الإطاري الذي تم توقيعه بين القائد/ عبد العزيز آدم الحلو ورئيس الوزراء د/ عبد الله حمدوك في 3 سبتمبر 2020.
يتَّهمكُم البعض باللامبالاة و”النرجسية” بسبب عدم إنخراطكم في أيَّا من التحالُفات السِّياسية التي تُشكِّل المشهد السِّياسي الحالي في السُّودان .. كيف تردون على ذلك ؟.
هذا غير صحيح بالطبع الحركة الشعبية لديها تحالُفات مع قوى سياسية وتنظيمات مُجتمع مدني عديدة ترتكز على ضرورة مُعالجة المشكلة السُّودانية من جذورها، وبعض هذه التحالفات هي تحالفات إستراتيجية وبعضها تحالُفات (حد أدنَى)، ولكن إن كنت تقصد المُشاركة في الحكومة الحالية فنحن لا يمكن أن نكون جزءاً منها إلا في حال الوصول إلى إتفاق سلام شامل وعادل ينهي الحرب ويضع الأساس لبناء السُّودان على أسس جديدة.
كيف تنظر الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال إلى الحراك الجماهيري السِّلمي المُستمر في السُّودان ؟ هل لديكم أي تواصل مع مجموعات لجان المُقاومة والأجسام الأخرَى التي تُمثِّل عصب الشارع السُّوداني في الوقت الراهن ؟
الحراك الجماهيري السِّلمي المُستمر حالياً يدُل على رفض الشعب السُّوداني وقوَى المقاومة لهذا الإنقلاب الذي أثبت فشله، والسُّودانيين لن يقبلوا بحكم العسكر مرة أخرى – فهذه الثورة كانت ضد نظام عسكري ديكتاتوري جثم على صدر هذا الشعب لثلاثة عقود ولذلك ثاروا ضده وأسقطوه، ولا يوجد خيار آخر سوى بناء دولة ديمقراطية تسع الجميع وتُحقِّق الإستقرار السِّياسي والإقتصادي في البلاد وتوحِّد المواطنين. ونحن على تواصل مُستمر مع كافة القوى السِّياسية ومجموعات المقاومة التي تعمل من أجل التغيير في السُّودان. وعضويتنا أيضاً تُشارك في هذا الحراك في كافة مدن وأقاليم السُّودان وقد سقط بعضهم (شهداء) أثناء المُظاهرات السِّلمية.
أين تقف المفاوضات بين الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال والحكومة ؟
آخر جولة تفاوضية مع الحكومة الإنتقالية كانت في يونيو 2021 ومنها تم رفع الجلسات إلى أجل غير مُسمَّى بسبب تباين الآراء حول قضيتي (العلمانية وحق تقرير المصير)، وكانت الوساطة قد إقترحت الدخول في مناقشة القضايا الإنسانية وترك الملف السِّياسي لمناقشته لاحقاً، ولكننا تمسَّكنا بمُناقشة الملف السِّياسي أولاً حسب إتفاق ترتيب الأجندة الذي وقَّعناه مع الحكومة بتاريخ 18 أكتوبر 2019. ونحن على إستعداد لإستئناف التفاوض متى ما تم تشكيل حكومة مُعترف بها من قبل الشعب السُّوداني، وتلقَّينا دعوة من الوساطة.
البعض يقول إن الحركة الشعبية – شمال “مُتطرِّفة” لأنها تطالب بالعلمانية في بلد أغلبيته مُسلمين ؟ ما هو ردكم ؟
لا يوجد تطرُّف، ولكن لا يمكن الوصول إلى إتفاق سلام دون مُعالجة قضية (طبيعة الدولة) وعلاقة الدين بالدولة وهذه قضية لا تخضع لمسألة (الأغلبية – والأقلية) بل هي مسألة حقوق أساسية لا بد من الوصول إلى حلول بشأنها، وحتَّى المُسلمين لديهم مصلحة في النظام العلماني لأن الدولة الحديثة لا بد أن تكون علمانية، والنظام الدِّيمقراطي هو (علماني) بطبيعته، ونحن طرحنا (العلمانية) لأن بدونها لا يمكن مساواة المواطنين في الحقوق الأساسية، والعلمانية هي صفة للدولة وليست للمواطنين فالدَّولة يجب أن تقف على مسافة واحدة من الجميع وتقيم العدل وتساوي بين السُّودانيين وهذا لن يحدث إلا بفصل الدِّين عن الدَّولة. وقد شهدت البلاد في الثلاثين سنة الماضية حكماً قائماً على الشريعة الإسلامية في ظل دولة دينية أوصلت البلاد إلى حالة حروب طاحنة إنتهت بفصل جنوب السُّودان. وفد الحكومة لم يكن يمتلك الإرادة السِّياسية للفصل في هذه القضية عبر التفاوض حيث كانوا يتحاشون التعبير عن علمانية الدَّولة صراحة، ونحن موقفنا أن يكون (النص) صريحاً ويُكتَب في الدَّستور الدائم ويكون أحد (المباديء فوق الدستورية). ونحن في السُّودان لدينا تجارب كثيرة للمراوغة والتلاعب بالنصوص الغامضة التي تُكتب في الإتفاقيات.
تضمنت وثيقة الإتفاق الإطاري التي قدَّمتها الحركة أثناء المفاوضات، على مقترح حق تقرير المصير لكل الأقاليم السُّودانية .. الا ترون إن هذا الطرح غريب بعض الشيء، خصوصاً إذا رجعنا إلى التجارب السابقة في حل النزاعات المُسلَّحة في السُّودان.. مثال لذلك اتفاقية “نيفاشا” لم تتضمن هذا البند ! إذا ما هي الفكرة أو الفلسفة التي تستند عليها الحركة في طرحها لهذا المقترح ؟
هذا الطرح ليس بغريب وقد تضمَّنته إتفاقيات سابقة تم توقيعها مع الحكومة مثل إتفاق فرانكفورت في 25 يناير عام 1992 بين فصيل (الدكتور/ لام أكول – وعلى الحاج) وكذلك إتفاق الخرطوم للسلام في 21 أبريل 1997 الذي وقَّعته الحكومة السُّودانية مع فصيل الدكتور/ رياك مشار، وكذلك إتفاق نيفاشا في العام 2005 حيث تضمَّنت بنود (بروتوكول ميشاكوس) الموقَّع في 20 يوليو 2002 بين (سلفاكير ميارديت) عن الحركة الشعبية و(غازي صلاح الدين) عن الحكومة السُّودانية – نصاً صريحاً حول حق تقرير المصير لشعب جنوب السُّودان والذي بموجبه تم تنظيم الإستفتاء في عام 2011، وصوَّت الشعب لصالح الإستقلال وقيام دولة مُنفصلة. أما الفلسفة من ذلك هو إتاحة الفرصة للشعوب السُّودانية لتقرير مصيرها وتحديد مستقبلها السِّياسي والإداري، لأن الوحدة القائمة الآن هي وحدة قسرية ومفروضة بالقوى، ونحن نرى إن وحدة السُّودان يجب أن تكون طوعية وبرضَاء الجميع، ويجب أن تقوم على أسُّس جديدة أهمها الحرية والعدالة والمساواة.
لماذا فضَّت الحركة الشعبية تحالفها مع رفاق الكفاح المُسلح، المنضوين تحت تحالف الجبهة الثورية السُّودانية ؟ علما بأنكم أول من بادر لتأسيس هذا التحالف في العام 2011 ؟
صحيح نحن بادرنا بخصوص إنشاء التحالف منذ العام 2011 حيث توِّجت المُبادرة بتأسيس الجبهة الثورية السُّودانية وتم تنفيذ عمل مُشترك حقَّق نجاحات كبيرة في العام 2013، ولكن لاحقاً التحالف واجهته صعوبات عديدة في طريقة العمل المُشترك مما جعل مواصلته مستحيلاً، وتم الإتِّفاق على العمل بصورة مُنفصلة – كلٌ على حدا – على أن يكون هنالك تنسيقاً في العمل عبر الجبهات المُختلفة.
ما هو تقيمكم لإتفاق “سلام السودان” الذي وقَّعته الحكومة الإنتقالية مع تحالف الجبهة الثورية، في جوبا، في أكتوبر 2020 ؟
هذا الإتفاق قام على نهج (المسارات) وكان نهجاً خاطئاً في التفاوض بالإضافة إلى عدم التركيز على القضايا الجوهرية، ولذلك وبعد مرور عامين على توقيع الإتفاق لا زالت الأوضاع كما هي عليه خاصة في دارفور وكذلك في جبال النوبة والفونج.
كيف تنظرون إلى مستقبل التغيير في السودان ؟ على ضوء الحراك الثوري المستمر بقيادة المجموعات الشبابية ؟
المستقبل في السُّودان قاتم وغير واضح المعالم في ظل الواضع الراهن وعدم جدية القوى السِّياسية والنخب السُّودانية في التغيير الحقيقي الشامل، فما يحدث الآن من تسويات سياسية لا تأتي بالتغيير بل تهدف إلى الوصول إلى السُلطة، وهنالك مُساومات في قضايا أساسية مثل الجيش المهني الموحَّد وعلاقة الدِّين بالدولة وغيرها. وتلكوء القوى السياسية في حسم هذه القضايا بصورة جذرية وتلبية مطالب الثورة سيفتح الطريق لعودة النظام القديم والفلول. وأعتقد إن الأمل الوحيد هو تمسُّك الشباب بالثورة بإعتبارهم أكثر شريحة لديها مصلحة في التغيير الحقيقي – والفرصة أمامهم لإحداث قطيعة تاريخية مع الماضي وعقلية النُخب السُّودانية الإقصائية وبناء سودان بأسس جديدة يسع الجميع وإلَّا فستكون النتيجة الحتمية هي تشظِّي وتفكُّك الدولة.
هنالك إشاعة بمرض القائد/ عبد العزيز الحلو – من خلال صور مُنتشِّرة، وضِّح لنا الحقائق حول ذلك ؟
هذه تمنِّيات مريضة لأشخاص مريضون يعملون على نشر مثل هذه الشائعات لإشاعة الفوضَى وعدم الإستقرار .. وهي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة – رئيس الحركة الشعبية بخير وصحَّة جيِّدة ويقوم بمهامِه على أكمل وجه من أجل تحقيق السَّلام الشامل والعادل والتحوُّل الدِّيمقراطي، وبناء السودان الجديد.
ما هي مناطق سيطرتكم بعد إنشطار الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال ؟
لم يحدُث إنشطار داخل الحركة الشعبية بل هنالك أفراد تمَّت إقالتهم بواسطة مؤسَّسات الحركة الشعبية في العام 2017، وقاموا بتأسيس تنظيم جديد وذهبوا إلى الخرطوم عبر (إتِّفاق جوبا للسَّلام) الذي تم توقيعه في أكتوبر 2020 – وهنالك إختلفوا حول السُلطة والرؤِى المُستقبلية وتقسَّموا إلى ثلاثة أجنحة. والحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال تُسيِّطر حالياً على مساحات شاسعة في ولايات: (جنوب كردفان، غرب كردفان، والنيل الأزرق) تبلغ مساحة دول في أوربا وآسيا وأفريقيا مثل: (رواندا، بورندي، أسكتلندا، بلجيكا، سويسرا، قطر، الكويت .. وغيرها من الدُّول)، بالإضافة إلى وجود الحركة الشعبية في كافة ولايات ومدن السودان بالمناطق تحت سيطرة الحكومة، والحركة الشعبية سيكون لها الكعب الأعلى في حال قيام النظام الديمقراطي وإجراء إنتخابات حرة ونزيهة في السودان.
وتوجد في مناطق سيطرة الحركة الشعبية سُلطة مدنية مُتكاملة تعمل على تقديم الخدمات المُتاحة في كافة المجالات للمواطنين، ويوجد برلمان يُمثِّل الشعب ويُراقب أداء الحكومة، وتعمل السُلطات وفق قوانين وتشريعات السُّودان الجديد – إنه نظام لدولة مُكتمِلة الأركان.
كيف تنظر الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال لمستقبل العلاقات بين السُّودان وجنوب السودان ؟
مستقبل العلاقات بين السُّودان وجنوب السُّودان يكمُن في تحقيق السَّلام الشامل والعادل في الدَّولتين، والحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال حال وصولها إلى السُلطة في السُّودان ستعمل على بناء علاقة متينة مع دولة جنوب السُّودان تقوم على حُسن الجوار والمصالح المُشتركة لتحقيق الإستقرار والتنمية والرفاه لشعبي البلدين.
في الختام – رسائل أخيرة.
على جميع السُّودانيين مواصلة الثَّورة والنِضال من أجل التغيير وبناء دولة قوية مُستقِّرة وموحَّدة بتحقيق سلام يُخاطب جذور المشكلة السُّودانية كأولوية مُلِّحة، ومن ثم العمل على توحيد الشعب السُّوداني بقبول الآخر، وتأسيس نظام ديمقراطي تعدُّدي يُتيح الفُرصة للجميع للمُشاركة العادلة في السُلطة والثروة.
اللقاء ممتاز جدا واستطاع القائد المغوار الأستاذ عادل أبراهيم شالوكا اجابة على كل الاسئلة المطروحة بطريقة ذكية وأوضح الاستاذ الكثير من مجريات الاحداث في السودان ولقد أزال الغبار عن مفاهيم واسئلة الكثيرون من الشعب السوداني من موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان في مجريات الامور السياسية الجارية في السودان.