إلى لجان المقاومة: إحذروا ما يجري في الدوحة!
محمد جلال أحمد هاشم
تبدأ غدا في مدينة الدوحة، عاصمة دولة قطر، اجتماعات لعدد من السودانيين للتباحث حول الشأن السوداني، تستمر لعدة أيام. الملاحظات الأولية حول هذا اللقاء يمكن تلخيصها في الآتي:
1) مثل هذه اللقاءات ينبغي أن تقف وراء جهات معلومة، تكون هي صاحبة الفكرة، وتقوم بالتنظيم؛
2) يمكن لنفس الجهات المنظمة أن تقوم بعملية تمويل مثل هذه اللقاءات، أو يمكن أن تكون هناك جهات أخرى هي الممولة؛
3) كيفما كان الأمر، فإن الإعلان المسبق عن مثل هذه المشاريع، ذلك بمجرد تبلور المشروع (من حيث الفكرة والتمويل وباقي اللوجيستيات)، من باب الشفافية. أنا إذا صاحب ذلك شيء من التكتم، فعندها تدخل مثل هذه اللقاءات في دائرة المشكوك في أجندتها الما ورائية؛
4) عادةً ما تسبق مثل هذه اللقاءات تحضيرات تتعلق بتحديد الأجندة والمحاور، ثم اختيار المكان، ثم اختيار المشاركين، ثم الاتصال بهم، ثم تجهيز إجراءات السفر (هذا في مثل الحالة الراهنة حيث يُعقد اللقاء خارج السودان)؛
5) ضرورة تبيان الأسس التي على ضوئها تم اختيار الأجندة والمكان، ومصلحة العين لهذا اللقاء (في حال كانت جهات أجنبية)، ثم الأسس التي بموجبها جرى اختيار المشاركين، ثم لماذا لا يُعقد هذا اللقاء داخل السودان، ذلك طالما الغالبية العظمى المشاركة فيه سوف تأتي من داخل السودان.
وعليه، إذا أطل علينا صباح، تسامعنا فيه خبر قيام ملتقى من هذا النوع دون أن تتحقق في الشروط الخمسة أعلاه، فإنه يحق للناس التشكيك في هذا اللقاء. ومما يؤسف له أن لقاء الدوحة لم يستوفِ أي شرط من شروط الشفافية أعلاه. قبل 3 أيام اتصل بي عبر الواتساب صحفي صديق وسألني عن هذا اللقاء، فنفيتُ له علمي به. ثم فاجأني صديق آخر قبل يومين فقط أنه سوف يغادر اليوم السبت إلى الدوحة للمشاركة في هذا اللقاء.
إزاء هذا الموقف المريب، حاولنا قدر المستطاع تجميع معلومات عن هذا اللقاء، ولكن خاب مسعانا قبل حلول هذا الصباح، بخلاف معلومة أن صديقنا بكري الجاك هو احد المهندسين، أو المنسقين لهذا اللقاء. وعليه، وبموجب ما لدينا من معلومات سابقة، ومن باب التقديم حتى لا نتحمدك مرة أخرى بحمدوك آخر تحت اسم مختلف، فإن أخشى ما أخشاه (بحسب مؤشرات عديدة) أن يتمخّض الجبلُ فيلِدُ لنا فأراْ حمدوكيّاً صغيرا. أدناه هي أسوأ الاحتمالات لهذا اللقاء:
1) بعد إعداد مسودة الدستور أم قدود من قبل لجنة المحامين التسييرية غير المنتخبة، لم يبق غير تسمية حمدوك آخر، بمكياج وميك أب جديد، واسم جديد، لقيادة المرحلة القادمة، وعادت حليمة لقديمها؛
2) هذا اللقاء مجرد حلقة في سلسلة لقاءات أخرى بغية خلق اصطفاف التوائي وراء الشخصية الحمدوكية القادمة، ما يعني أننا بنهاية هذا اللقاء قد نستطيع التعرف على حمدوك الجديد؛
3) اختيار حمدوك الجديد سوف يقوم على اساس الإتيان بشخص يختلف في صفاته الخارجية عن حمدوك (1) التي اتسمت بالسلبية وعدم الكلام، مع ابتسامة فرح لا تتناسب وحجم خيبة الأمل. حمدوك (2) سوف يكون على العكس من ذلك ظاهريا، ولا أنه داخليا لن يختلف البتة عن حمدوك (1)، أي أنه سوف يثبت حقيقة أنه مجرد كمبرادور إمبريالي؛
4) بموجب مؤشرات سابقة التقطتها الأنتينّا الخاصة بنا، فإن أكثر المرشحين لهذه الحمدكة الإمبريالية هو صديقنا بكري الجاك الذي يجد منا حتى الآن كل الاحترام والتقدير، لمجمل أفكاره النيرة ولثوريته، ذلك ما لم يقع في الحِمى؛
5) الجهة التي قامت بتسمية بكري الجاك ليلعب دور حمدوك (خايب الرجا) هم أشخاص من السنابل (لا أستطيع أن أزعم أن أجهزة الحزب هي التي قامت بهذا التدبير، ببساطة لأالآن الآن لا يوجد حزب بالمعنى)؛
وبعد؛ السادة تروس لجان المقاومة بمختلف مكوناتها، ما الذين ينبغي عملُه في حال تحققت أسوأ السيناريوهات هذه؟ في رأيي المتواضع أنه يتوجب على لجان المقاومة أن تتمسك بمواقفها المتمثلة في التالي:
1) رفض أي مسودة دستور ما لم تتبلور وتُصاغ عبر هيئة تشريعية ثورية، ما يعني ضرورة تشكيل المجلس التشريعي الثوري قبل كل شيء، ليقوم هذا المجلس التشريعي الثوري بإجازة دستور انتقالي يحدد فيه مهام المرحلة الانتقالية، ثم ليقوم المجلس التشريعي الثوري بتسمية رئيس وزراء؛
2) وعليه، ومن حيث المبدأ، ومن حيث الثورية، ومن حيث عدم السماح بتكرار الخطأ وإعادة إنتاج الأزمة، للحيلولة دون اللدغ من جحرٍ مرّتين، يجب رفض تسمية أي رئيس وزراء من خارج مؤسسات الشرعية الثورية التي فصلناها في الفقرة أعلاه (رقم 1).
ولكن كيف يمكن للجان المقاومة أن تنتصر في معناها الوطني والثوري هذا بوصفها القوة الحقيقية على الأرض؟ يمكنها هذا بالآتي:
1) التسريع في تشكيل المجلس التشريعي الثوري فورا عبر تصعيد ثوار شباب من لجان المقاومة؛
2) هذا يعني اتباع التكتيك الثوري المتمثل في الخطة المباشرة، غير المعقدة؛
3) لا مجال لإضاعة أي زمن في المواثيق، ذلك طالما أن الدستور الانتقالي سوف يجُبّها جميعا؛ فالأولوية الآن لتشكيل المجلس التشريعي الثوري قبل كل شيء. فمطبخ المؤامرات الإمبريالية لا يزال يطبخ في وجباته المسمومة؛
4) الحديث عن مجلس تشريعي مؤقت ريثما يتم تشكيل المجالس المحلية، ثم القيام بزيارات للأقاليم .. إلخ، ليس فقط مجرد تعقيد لإجراءات تشكيل المجلس التشريعي الثوري، بل هي بيروقراطية تحسدُكم عليها أعظم اليريوقراطيات في التاريخ. الزمن ليس في صالحكم! إن الجهة التي اقترحت هذه الإجراءات البيروقراطية المنافية للثورية إما تعوزُها الخبرة والمعرفة، أو هي جهة متآمرة للحيلولة دون تشكيل المجلس التشريعي الثوري. وليعلم الثوار بأن تعقيد الإجراءات لا يعني سلامتها أو نجاعتها، بينما قد يعني عمليا إجهاض العملية كلها؛
5) نصيحتي لكم بان تشرعوا من الآن بأن تقوم لجان المقاومة بتصعيد ثوارها الشباب عبر تسميتهم، ليجتمعوا على اساس ولائي كمصعّدين للمجلس التشريعي الثوري ليقوموا إلا بتقليص عددهم أو زيادته، ثم تسمية رئيس لهم، ومن ثم الرجوع فورا في وضع الدستور الانتقالي انطلاقا من دستور 1956م، مع اضافة المعاهدات والمواثيق الدولية التي أجازتها الأمر المتحدة بعد عام 1956م، مع إضافة مهام الفترة الانتقالية، وبعدها فورا يقوم المجلس التشريعي الثوري بتسمية رئيس وزراء إقليمي من شباب لجان المقاومة؛
6) على لجان المقاومة في كل إقليم على حدة أن تفعل نفس هذا الأمر، ثم بمجرد سقوط الإنقاذ (4)، تجتمع المجلس التشريعي الثورية لتسمية رئيس الوزراء القومي وتصعيد أعضاء منهم ليشكلوا المجلس التشريعي القومي، وبعدها تتحول كلها إلى مجالس تشريعية ولائية كما يتحول رؤساء الوزراء الإقليميين على حكام اقاليم.
الثورة مستمرة والنصر أكيد!
MJH
الخرطوم – 1 أكتوبر 2022م