إشكالية المناهج في السودان واللغة العربية شرط للنجاح أو الرسوب

نضال الطيب حامد.

 

وأخيراً بدأت تظهر أصوات تنادي بتغيير المناهج الدراسية، وقد لاحظنا ذلك من خلال ما أثاره حديث؟ د. جمعة الوكيل حماد أنقل فردة، القيادي بحركة جيش تحرير السودان ( قيادة مناوي) على قناة S24 السودانية، وقد أبدى اعتراضات واضحة على جعل اللغة العربية شرطاً للنجاح في الشهادة الثانوية، وقد كنا نأمل في تغيير واسع النطاق في المقررات الدراسية، بعد الثورة، وخصوصاً بذات المرحلتين الأساسية والثانوية، التي طالما كانت مصدر شكوى من التلاميذ وأهاليهم، لأن معاناة السودانيين مع المناهج الدراسية الحالية، قد بدأت مع نظام المؤتمر الوطني، ومع ذلك يعلم جميع الأكاديميين أن كل المناهج التي وضعت في السنوات الماضية، تقوم على التلقين والحفظ ولا تعطي التلميذ أي فرصة لتنمية مهاراته الذاتية، بل إنها لم تواكب التطور العلمي وتطور وسائل البحث التي انتجها التطور التكنولوجيي .

ومن المعلوم لدي الجميع أن المناهج الحالية، دار حولها الكثير من اللقط وهي عبارة عن (حشو) ، ولا تعطي المعلم أي فرصة لإختيار الطريقة التي يمكن أن يقدم بها حصصه اليومية، بما يضمن وصول المعلومة إلى التلاميذ عبر وسائل حديثة، مع الأخذ في الإعتبار تجارب والإختبارات العلمية التي تجري للمعلمين.. فصار كل هم المدرسين ينحصر في إكمال المقرر فقط، قبل نهاية العام الدراسي، وأن الخطوط المستخدمة في الكتب لا تتضمن أي قدر من الجاذبية، لأن التصميم مخصص بشكل خاطئ، ولأشخاص ليسو في سن الطفولة، ولابد من ضرورة تغيير شامل لكل المناهج، بواسطة إختصاصيين في مجال وضع المناهج التعليمية.
وقد كان فبدأ رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك بهذه الخطوة، إلا أن الجماعات الإسلاموعروبية، قد شنت عليه الهجوم الشرس، واوقفت خطة عملية تغيير المناهج الدراسية في السودان.

وجاء فرض اللغة العربية شرط للنجاح أو الرسوب.
أما شرط النجاح في اللغة العربية أو الرسوب للطالب، أصبح يثير الجدل مؤخراً، ومنذ أن قامت حكومة المؤتمر الوطني، بتعريب المناهج الدراسية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وقد أحدث تغييراً جذرياً في تدني مستوى الطلاب وتشريدهم عن التعليم ، للذين لا يجيدون التحدث باللغة العربية في دولة متعددة الأعراق واللغات والأديان، فقد أضفى صيغة إسلاموية ايديولوجية على كل المناهج الدراسية.

فقد بسطت السلطة المركزية يدها على التعليم، وخلقت الصراع الأيديولوجي، بين دعاة تعريب المجتمع السوداني، والتيار الوطني الذي يدعوا إلى دولة السودان الجديد، ويحاول بقدر الإمكان الحفاظ على مقومات الشخصية السودانية.

جاء إعلان نتيجة الشهادة السودانية منذ يومين ، محبطاً ومخيباً للآمال، وذلك شعور سيئ ينبغي ألا ينتاب كل من إجتهد لتحصيل أفضل الدرجات، وينتظر حصد نتيجة جهد بذله… أعلن عن النتيجة مؤخراً وفرحت بعض الأسر بنجاح وتفوق فلذات أكبادها، وفي الوقت نفسه حزنت أسر أخرى بسبب رسوب ابناؤها، وذلك بسبب اللغة العربية اللتي باتت منذ زمن طويل شرطاً للنجاح في الشهادة الثانوية دون مراعاتها للتنوع اللغوي الذي تذخر به البلاد.

فاللغة يجب أن تكون أداة للتواصل بين الشعوب، وليست أداة لفرض الهوية أو تتخذ كوسيلة ايديولوجية على الآخرين من أجل محو لغاتهم وثقافاتهم، التي خلقهم الله عليها _ واللغات تعتبر آية من آيات الله مع أنننا خلقنا متنوعين ومختلفين في الألسن واللهجات كما الألوان.. وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم؟ الآية ٢٢ من سورة الروم : ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألوانكم وألسنتكم إن في ذلك لآيات للعالمين) _ كما في معناه معناه في الكتاب المقدس _ سفر التكوين الإصحاح ١١ – ذكر فيه أيضاً ذكر أنه بلبل ألسنة البشرية فجعلهم يتحدثون لغات مختلفة بعد أن كانوا يتحدثون لغة واحدة لتبين قدرته عزوجل.

إذاً اللغة العربية أضحت بفعل فاعل شرطاً للنجاح في الشهادة السودانية، والقصد منها التعريب وإبادة اللغات الأخرى، بل وإنهاء شعوبها تباعاً لذلك، فالحكومة السابقة، وحكومة إلانقلابيين الحالية تهدف إلى تدمير الشعوب الأصيلة بإبعادها من لغاتها إكراهاً إما بجلد الطالب او الرسوب في الإمتحانات وقتما يتحدث لغته الأصلية التي يطلقون عليها (رطانة) ولا يمكنها أن تصبح لغة حتى لا تنافس لغة الأسياد كما يعتقدون في مخيلة السلطة المريضة.. ومن هنا بدأ صراع الإنسان السوداني الأفريقي / الزنجي / في السودان، مابين سندانة فهم اللغة العربية، ومطرقة فهم المنهج المراد تعلمه أو الرسوب فيه.. إنها لم تسقط بعد يا رفيقي (أنقل فردة)؟ إن لم يكن هناك نظرة في إعادة وتغيير هذه المناهج بطريقة تحترم لغات الآخرين وثقافاتهم في طبع مناهج دارسية، تقف على مسافة واحدة منا جميعأ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.