النادي العالمي للقتل !

مناظير - زهير السراج

 

[email protected]

لا اريد الخوض في تفاصيل الجريمة البشعة التي روعت الخرطوم مساء اول امس، ونجمت عن مقتل شاب في مقتبل العمر وإصابة آخرين، خارج مقر النادي العالمي، بشارع النيل بالخرطوم، التابع لجهاز المخابرات السوداني، على يد جندي في الجهاز فتح النار على عربة يركبها المجني عليهم بعد شجار لفظي مع أحدهم ـ حسب الرواية المتداولة بكثافة على وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية ووكالات الاخبار !

بصراحة لم أستغرب وقوع الجريمة بسبب الجرائم الكثيرة التي ظلت اجهزة الامن والشرطة والقوات التابعة للطغمة الانقلابية الغاشمة ترتكبها منذ وقوع الانقلاب في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي (2021) ضد المواطنين، خاصة الشباب، خلال التظاهرات السلمية الرافضة للانقلاب، بدون أن يُكشَف او يُحاسَب او يُعاقَب أى واحد من الجناة، وحتى أولئك الذين ارتكبوا جرائم القتل والتعذيب والاغتصاب قبل وبعد سقوط النظام البائد وصدرت ضدهم أحكام قضائية لم تتم معاقبتهم حتى الآن، بالإضافة الى الحصانة القانونية المنيعة التي يتمتعون بها، وما ظل يكرره قادة الانقلاب من حديث فج الغرض منه حماية الجناة والمجرمين بأن الذي يرتكب الجرائم هو (طرف ثالث) الأمر الذي جعل إرتكاب جرائم القتل على يد القوات النظامية أكثر سهولة من شرب الماء البارد في نهار صيفي قائظ!

بل ان الناطق الرسمي باسم الشرطة نفى بعد ساعات من وقوع الجريمة، مقتل الشاب (محمد مجدي طه) ــ رحمه الله ــ وقال في تصريح صحفي لإحدى الوكالات “انه مجرد كلام واتساب”، مضيفا بأنه “لم يصلهم أى خبر رسمى يفيد بوقوع الحادث”، رغم تقييد بلاغ بالجريمة بقسم البراري شرق بالرقم 1782 .. تخيلوا مدى استهتار الشرطة وناطقها الرسمي باراوح المواطنين لدرجة انكار وقوع الجريمة، أو الإدلاء بتصريح بدون التأكد من وقوعها، هكذا بكل سهولة وعدم مهنية .. هذه هى الشرطة التي يفترض أن تحمى وتخدم المواطنين وترفع شعار الشرطة في خدمة الشعب، فهل هى فعلا في خدمة الشعب، أم في قتل الشعب؟!

ثم البيان الغريب لجهاز المخابرات الذي يلقي باللوم على الضحايا، ويسعى لتبرئة مرتكب الجريمة وتصويرها بأنها دفاع عن النفس، ثم يتحدث بعد ذلك عن “فتح البلاغات واتخاذ الاجراءات القانونية وتسليم الجاني للشرطة التي باشرت الاجراءات”، وهي نفس اللغة التي ظلت تستخدمها الاجهزة الرسمية المختلفة لحماية منسوبيها عند ارتكابهم للجرائم، ونتساءل ..”لماذا تجهد الشرطة نفسها في اتخاذ الاجراءات والتحقيق وإضاعة الوقت بعد بيان التبرئة الغريب الذي أصدره جهاز المخابرات وقال فيه “ان مجموعة من الشباب عمدوا لإقتحام غرفة الحراسة (كرفانة) شمال شرق النادي بواسطة عربة توسان، فتصدى أحد أفراد الحماية للسيارة المقتحمة لموقع قوة تأمين النادي، مما أدي لوفاة المواطن “محمد مجدي محمد طه” إثر إصابته بطلق ناري” .. أى أن الجريمة كانت دفاعا عن النفس، فصدر البيان تمهيدا لحكم البراءة او العقوبة المخففة !

مع كل هذه الظروف والملابسات والحماية، لماذا لا تتواصل جرائم القتل والعنف المفرط ضد شباب الوطن بواسطة القوات النظامية التي يتوفر لها المناخ المناسب والتحريض والتشجيع لتجريب اسلحتها وارتكاب جرائمها وسفك دماء الابرياء في كل مكان وزمان، سواء في وضح النهار أو في الليل أو في تظاهرة سلمية أو داخل مستشفى أو حرم منزل آمن أو في حديقة أو على مدخل أو داخل نادي للترفيه .. حتى صار قتل المواطنين الابرياء الهواية المحببة لها!

أما حماية الوطن من الاعداء وتحرير الأرض المحتلة ومنع المليشيات والعصابات من اختراق الحدود وقتل المواطنين ونهب اموالهم ومواشيهم، فلم تعد مهمتها ووظيفتها في سودان البرهان والطغمة الانقلابية الغاشمة التي يقودها، والحلم الذي رآه فيه والده رئيسا للسودان، والذي لا بد ان يتحقق ولو على الجماجم والاشلاء وخراب الوطن!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.