تعقيبا علي مقال الاستاذ القانوني عز الدين عثمان بخصوص المبادئ فوق الدستورية(1-3)

علي الزين

 

حول المقال المحفز للحوار للاستاذ المحامي عز الدين عثمان والذي جاء بعنوان دستور دولة المواطنة، المبادئ المحصَّنة .. المنبر التفاوضي أم الحوار المجتمعي؟ حول أطروحة الحركة الشعبية بقيادة الحلو (المبادئ فوق الدستورية، العلمانية وتقرير المصير) سيكون تعقيبي في الجزء الاول حول الظرف التاريخي لاعلان المبادئ فوق الدستورية للفترة الاخيرة ما بعد استلام المجلس العسكري للسلطة وحتي اعلان المبادئ

القائد عبد العزيز الحلو لمؤتمر ايوا خطاب مهم واذان صماء

صدر اول خطاب سياسي من الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال في نهاية ديسمبر 2018م كمؤيدة وداعمة للانتفاضة قبل صدور اعلان الحرية والتغيير ومؤكده علي خيار سلمية الانتفاضة والزمت نفسها بذلك التعهد وكان حينها الخطاب الإعلامي للنظام يبث شائعة تحركات للجيش الشعبي للاستفادة من وضعية اضطراب الحكومة المركزية وظلت الحركة الشعبية آنذاك تؤكد انها ستشكل رادعا لاي محاولات للسطو علي السلطة عبر عدم اعترافها الا بالسلطة التي ستمثل إرادة الانتفاضة الشعبية.
ومعروف ان الانقلابيين الذين يسطون علي الثورات من سدنة الأنظمة السابقة عادة ما يلجؤون للحركات المسلحة لعقد الصفقات التي تسهل لهم الاعتراف بسلطتهم ويبذلون في ذلك كافة التنازلات الممكنة ولكن الحركة الشعبية ظلت علي مصداقيتها وعهدها مع الجماهير.
بعد صدور الإعلان اكدت الحركة الشعبية علي استمرار دعمها اللا محدود للانتفاضة الشعبية السلمية ودعت عضويتها للعمل وسط الجماهير وفي الاتحادات والنقابات والمواكب والتظاهرات والاعتصامات والاضرابات ولكن اكدت تحفظها على اعلان الحرية والتغيير وعن عدم احاطته بمبادئ هامه من ضمنها:
-علاقة الدين والدولة
-قضية الهوية الرسمية للدولة السودانية والخصاء المستمر للتعدد وعدم الاعتراف بالتنوع
واستمرت في دعمها دون تكالب علي التفاوض او استخدام كرت السلام كقضية موازية في مضمار التنافس السياسي وان منظومة المطالب المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة هي حزمة واحدة مرتبطة ببعضها وان تحقيق مطلب الحكومة المدنية هو البداية الصحيحة للنفاذ لقيم الانتفاضة وكما نأت الحركة الشعبية بنفسها عن المحاور التي ظلت ومازالت تأزم الوصول الي الإرادة الشعبية.
في 16يونيو 2019 صدر خطاب للقائد عبد العزيز مخاطبا فيه ملتقي ايوا وكان أبرز ما فيه هو اقتراحه بإقامة مؤتمر دستوري بداية الفترة الانتقالية يناقش:
-قضية الدين والدولة
-قضية هوية الدولة وعدم انحيازها لاي من مكوناتها وحيادتها وتأسيس قاعدة متينة للتعايش السلمي وانهاء حالة الخوف من العيش المشترك عبر رابطة اجتماعية مؤسسة على الوحدة في التنوع عبر الاختيار الطوعي والإرادة الحرة
-بناء جيش وطني قومي بعقيدة عسكرية جديدة يتولى مهامه في الدفاع عن السيادة السودانية حسب ما سينص عليه الدستور وحل جميع المليشيات والقوات الموازية للنظام البائد
-تفكيك المركزية القابضة وتبني نظام حكم لا مركزي وان يتسم نظام الحكم بالمشاركة الشعبية وإعادة هيكلة السلطة المركزية جذريا عبر جمهورية ديمقراطية محكومة بنظام رئاسي
وكان اعلان الحرية والتغيير قد أورد في البند التاسع من مهام المرحلة الانتقالية إقامة مؤتمر دستوري وهو اقتراح كبير رحل فيه القضايا التي تجاوزها اعلان الحرية والتغيير الي المؤتمر الدستوري المنصوص عليه أصلا في الإعلان بحيث يتم ادراج تلك القضايا ضمن مهام المؤتمر الدستوري واقامته في بداية المرحلة الانتقالية مما كان سيعيد الاوضاع لمنصة التأسيس و(تكريب) الوثائق وتصحيح المسار بالتركيز علي قيم الانتفاضة اكثر من راهن التنافس السياسي وصراع المقاعد لأجل تامين مستقبل البلاد.
وكالمعتاد لم تتم الاستجابة لهذا المطلب بل وحدث ما هو اسواء مما سياتي ذكره.

الصورة التي ارعبت قوي الحرية والتغيير وعجلت بالوثيقة الدستورية

بينما المجلس العسكري يبحث تحت طوب الارض عن حلفاء لاكتساب شرعية ولو محدودة والتفاوض مع قوي الحرية متعثر ظهرت في الوسائط الاجتماعية صورة تضم السيد مني اركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان الي جانب عضو المجلس العسكري حمدان دقلو مما صعدت من مخاوف باحتمال قرب توقيع اتفاق بين الجبهة الثورية والمجلس العسكري وبعد ايام ظهر في الاعلام ان اجتماعا يضم الجبهة الثورية وقوي الحرية في اديس.
وبالفعل التئم ذلك الاجتماع بينهما وافضي الي ما يعرف باعلان اديس ابابا والذي التزمت فيه قوي الحرية بادراج ذلك الاعلان في الوثيقة الدستورية ومن ضمن ما تم الاتفاق عليه هو عقد مؤتمر دستوري في نهاية الفترة الانتقالية خلافا لدعوة عبد العزيز الحلو في اقامته في بداية الفترة.

سياسة المكائد وارجاء المؤتمر الدستوري الي نهاية الفترة الانتقالية

عقب رجوع وفد الحرية والتغيير من اديس والذي ضم دكتور محمد الاصم والاستاذ المحامي وجدي صالح اعلنت قوي الحرية والتغيير عدم رسمية ذلك الوفد ومضت الي توقيع الوثيقة الدستورية وما صاحب ذلك من خلافات لا مجال هنا لذكرها وظهرت به بند المؤتمر الدستوري المرجئ الي نهاية الفترة.
وذهبت التحليلات الي ان قوي الحرية والتغيير قد نجحت في تعطيل وتخدير الجبهة الثورية الي حين التوقيع علي الوثيقة.
ورغم ان الوثيقة الدستورية نصت علي الالتزام بتحقيق السلام في فترة ثلاثة اشهر الا انها فعليا قد وضعت اصعب العقبات في سبيله بوضعها للمؤتمر الدستوري في نهاية الفترة فكيف لمؤتمر يتوجب عليه وضعة اسس لحل المشاكل والازمات ان يوضع بعد اتفاقية السلام والتي هي معنية بوضع ذات الاسس.

الحركة الشعبية ترفض المؤتمر الدستوري نهاية الانتقالية ولسان حالها يقول لا عطر بعد عرس

بداءت المفاوضات مع الحركة الشعبية وحسمت الجلسة الاولي سريعا والتي كانت معنية بترتيب الاجندة ومن ثم تم الولوج للجلسة الثانية الخاصة باعلان المبادئ وحيث ان وفد الحكومة لم يقدم مسودة باقتراحه تقدمت الحركة بمسودتها التي تؤكد فيه علي علمانية الدولة السودانية مقابل ارجاء تقرير المصير.
انفضت الجلسة بطلب من مفاوضي الحكومة لاجراء مشاورات وبعدها بفترة وضعت الحركة الشعبية ورقة توضح موقفها حول العلاقة بين الدين والدولة علي منضدة الوساطة بجنوب السودان والتي كانت بتاريخ ٢٦ فبراير ٢٠٢٠م، والتي لا يوجد رد من الحكومة السودانية حتى الآن رغم مضي ما يزيد عن 100 يوم.
ونواصل…..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.