رأس الحية !
مناظير – زهير السراج
[email protected]
يبدو أن السيناريو المرسوم لفرض الاحكام العرفية والسيطرة على الحكم في البلاد واجهاض الانتقال المدني الديمقراطي في طريقه للتحقق بعد انتشار النزاعات القبلية والفوضى التى تشهدها معظم انحاء البلاد وتعرُض المواطنين في اجزاء واسعة الى اعتداء وحشي يقابله اعتداء مماثل، وعجز الشرطة والاجهزة الامنية عن احتواء الموقف ــ أو إدعاء العجز ــ مما استدعي إنزال القوات المسلحة الى الشوارع لضبط الامن كخطوة اولى في طريق إحكام القبضة العسكرية على البلاد !
في مؤتمر صحفي أول أمس، إعترف والي النيل الازرق (الفريق) أحمد العمدة الذي تم تعيينه في المنصب بعد توقيع اتفاق السلام المزعوم أو ما يعرف باتفاق جوبا وهو احد عناصر الحركة الشعبية لتحرير السودان (جناح مالك عقار)، بأن إقليم النيل الازرق كان أكثر المناطق أمناً واستقرارا قبل حدوث النزاع القبلي الأخير أو ما أسماها بـ(الفتنة) التي قتل واصيب فيها المئات من مواطني الولاية الابرياء، وامتدت لتشمل مناطق أخرى في السودان بعيدة عن الأحداث مثل ولاية كسلا التي قتل واصيب فيها البعض واحرقت بعض الممتلكات الحكومية والخاصة، وولاية الجزيرة التي اغلقت فيها بعض الاسواق والطرق، ولم تسلم منها حتى ولاية الخرطوم وعاصمة البلاد التي تشهد توترا واضحا في بعض أجزائها بسبب تلك الفتنة!
لا أدري لماذا لم يسأل الوالي نفسه عن سبب الفتنة، ولماذا حدثت تحت ظل حكم الحركة الشعبية جناح (مالك عقار) الذي يتهمه البعض بالمشاركة في الاحداث بمحاباة طرف دون الآخر من مواطني الإقليم بغرض تحقيق مطامع سياسية وشخصية لن تتحقق له بدون تلك المحاباة لضعف التأييد الشعبي له في الإقليم، مما تسبب في حنق الآخرين وحدوث احتكاكات بين المواطنين تطورت الى نزاع قبلي مسلح!
لماذا كانت الولاية آمنة ومستقرة، يا سيادة الوالي، قبل تعيينك واليا عليها وخضوعها لسيطرة الحركة الشعبية تحت إمرة رئيسك وزعيمك عضو المجلس السيادي الانقلابي (مالك عقار)، وانجرفت الآن نحو الفوضى والخراب والفتنة القبلية وسفك دماء الابرياء مما استدعى فرض حالة الطوارئ ونزول الجيش الى الشوارع لضبط الامن !
أين اتفاق جوبا للسلام الذي لم يفضِ الى شئ سوى تقلدكم للمناصب الرفيعة ومساندتكم للانقلاب الغاشم وتحكمكم في مصير البلاد وقتلكم للمواطنين الابرياء الذين يخرجون الى الشوارع للتعبير عن رفض الدكتاتورية والمطالبة بالديمقراطية والحكم المدني؟!
بل ان اتفاق السلام المزعوم يتسبب الآن بفضل قيادتكم وسيطرتكم على الاوضاع ومحاباة البعض الى نسف الاستقرار في إقليم كان يتمتع ــ باعترافكم في مؤتمر صحفي ــ بالاستقرار والسلام، ولكنه انجرف تحت قيادتكم وسيطرة الانقلابيين على الحكم في البلاد الى الفوضى والاقتتال وسفك دماء الابرياء الذين لم يكن لهم علاقة بحرب اهلية او حركة شعبية أو (أحمد العمدة) أو (مالك عقار) !
* ولم يتوقف الامر عند حدود اقليم النيل الازرق وحده، ولكنه يتمدد الآن الى ولايات ومناطق أخرى، مما يمكن ان يقود الى فوضى واسعة وتوسيع حالة الطوارئ وفرض الاحكام العسكرية في جميع انحاء البلاد مرة اخرى فيتحقق ما تصبون إليه وقادتكم والطغمة الانقلابية واعوانهم ومحرضوهم للسيطرة على الاوضاع وكتم الحريات واجهاض الانتقال المدني الديمقراطي وعودة النظام الدكتاتوري الشمولي مرة أخرى!
أنتم سبب الفتنة، ورأس الحية .. ومَن يجب على الجميع مقاومتهم وايقافهم عند حدهم هم انتم، وليس الابرياء الذين يُقتلون الآن في الشوارع بدون ذنب جنوه!
إن هذا المخطط الشيطاني من أبناء الشياطين هم من قاموا بهذه الفتن حتى يتمكنوا في الشعب السوداني، الأجندات النخبة النيلية التي يبث روح الكراهية ويتخذ القبلية منصة سياسية لكسب منافعهم الشخصية فإن الشعب السوداني برئ من هذا المنهج. فخطاب البرهان في ولاية نهر النيل هو السبب في تقسيم السودان الان. والثورة الهامش ستزحف نحو مقر الموت