السودان تاريخ نخب وأزمة حكومات ( 2-2)

✍🏿: باب الله كجور

 

ولماذا  التعنت وإفتراض الغباء والتعالى والعنصرية والنظر إلى الجزء الفارغ من الكوب؟ مساله نظم الحكم والإدارة وطبيعة الدولة، ووصم الآخر ووصفه بأنه ممثل لا يجيد ولا يتقن سوى أن يلعب دور الكومبارس فقط ولا يستحق دور البطولة فى سنياريوهات القضايا الوطنية. أما آن الأوان أن تخرج هذه النخب صادقة من جحر الضب الخرب؟ ألى متى الهروب إلى الأمام والتعنت وعدم الإعتراف بالأخطاء التاريخية التى إقترفتها أو تسببت فى خلقها؟ عليها أن تتحرر من قيود الماضى و أن تتخلى عن النرجسية حتى يتسنى لها ردم الهوة وتجسير العلاقة المختلة بين المركز الظالم والهامش المظلوم بدلا من الإستمرار فى حياكة المؤامرات والإستثمار فى الخلافات وخلق الفتن لتضمن إنفرادها بالساحة السياسيه المضطربة.

على الأحزاب ان  تنأى بنفسها من الإستعلاء والهيمنة وأن تترك الوصاية على سكان إقليم جبال النوبة والفونج ودارفور وشرق السودان، وأن ترعوى  وتتوقف عن هذه الأفعال والأعمال قبل أن يمضى الزمن فتكتشف أنها كانت تحرث فى البحر.

 التاريخ بحسب تعريف المؤرخ البريطانى سينوبوس هو (علم الأشياء التى تحدث مرة واحدة ولا تتكرر بصورة كربونية)، وعلى من إستمرأ مقولة أن التاريخ يجب أن يتوقف برهة ويتأمل فى الواقع، فقد أدرك الجميع أن تاريخ النخب السودانية هو مجرد حنين إلى ماضى مزيف وحاضر يتوارى خجلا من تحالفها مع المستعمر وبعد خروجه لجأت إلى الحكام الفاسدين وإختارت أن تخدم فى بلاط الأنظمة المتعاقبة التى كان قوامها أبناء وأحفاد تجار الرقيق الذين جاب آباؤهم وأجدادهم البلاد طولا وعرضا لإصطياد البشر وبيعهم فى أسواق النخاسة الداخلية وتصدير الفائض للأسواق الخارجية وجمعت من تلك التجارة الأموال التى جعلت منهم ثروات طائله، فتاريخ السودان الحديث الذى يتباهى  ويفتخر ويحتفى به البعض عمل ممنهج القصد منه إفراغ  حضارات سودانية قديمة حكمت وسادت من أى محتوى، وإقصاء للممالك النوبية وطمس لحقائق الممالك المسيحية التى عمرت هذه الأرض يوماً، وإختزال معيب لكل ماهو جميل فى تلك الحقبة التاريخية المهمة وتصويرها على أنها لحظات بائسه من الهزيمة. ويصورون ما يروجون له كعمل حثيث لتزيين تاريخ السلطنات والدويلات الإسلامية بألوان زاهية تسر الناظرين حتى تكون مثالية ومتكاملة الجوانب، مع أنها قامت على أنقاض من سبقتها وأرهقت كاهل من عاش فى فترات حكمها بالأتاوات والضرائب الباهظة، ووضعت البلاد على المحك وفى خطر مواجهة القوى الإستعمارية الكبرى وتبخيس لأهداف إتحادات وأحزاب إقليمية نشأت فى جغرافيات متفرقة، وتسفيه لغايات حركات الكفاح المسلح التى تنادى بالحرية والعدالة والمساواة  والتنمية المتوازنة وتكافؤ الفرص والمشاركة العادلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.