الجبل رقم (١٠٠).. يوسف كوة مكي
تمر علينا هذه الأيام ذكرى رحيل الأستاذ المربي القائد يو سف كوة الذي توفى ﺑﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ” ﻧﻮﺭﻳﺘﺶ ” ﺑﺒﺮﻳﻄﺎﻧية ﻳﻮﻡ 31 ﻣﺎﺭﺱ 2001 ﻣﺘﺄﺛﺮﺍً ﺑﺪﺍﺀ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ , ﻓﻤﻦ ﻫﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻣﻜﻰ .. ؟
ﺍﻟﻤﻮﻟﺪ ﻭﺍﻟﻨﺸﺄﺓ :
ﻭُﻟﺪ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ / ﻳﻮﺳﻒ ﻛُﻮَﺓ ﻣﻜﻰ ﻓﻰ ﻗﺮﻳﺔ ﺍﻷﺧﻮﺍﻝ ﻓﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻴﺮﻯ – ﻏﺮﺏ ﻛﺎﺩﻗﻠﻰ ﺑﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻋﺎﻡ 1945 ﻡ , ﻭﺩﺭﺱ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺑﻬﺎ . ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻫﻮ ( ﻛﻮﺓ ﻣﻜﻰ ) ﻭﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻫﻰ ( ﺯﻳﻨﺐ ﺳﻮﻣﻰ ) , ﻭﻳﻨﺘﻤﻴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ ( ﻣﻴﺮﻯ ) ﺇﺣﺪﻯ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺎﺩﻗﻠﻰ ﺑﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﻟﻪ ﺳﺒﻌﺔ ﺇﺧﻮﺓ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﺯﻳﻨﺐ ( ﺧﻤﺴﺔ ﺃﻭﻻﺩ ﻭﺑﻨﺘﺎﻥ ) . ﻭﻟﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﺧﻮﺓ ﻭﺃﺧﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺯﻭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﺍﻷُﺧﺮﻳﺎﺕ، ﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ( ﻛﻮﺓ ﻣﻜﻰ ) ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ( ﺿﺎﺑﻂ ﺻﻒ ) ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎﺭﺑﻮﺍ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻰ ( ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻯ – ﺍﻟﻤﺼﺮﻯ ) ، ﺣﻴﺚ ﺣﺎﺭﺏ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ( 1939 – 1945 ﻡ ) , ﻭﺑﻌﺪ ﺇﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﺎﺩ ﻭﺭﻓﺎﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻼﺩ . ﻭﺇﺷﺘﻐﻞ ﺑﻌﺪ أﻥ ﺳُﺮِﺡ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ، ﻭﺗﻨﻘَّﻞ ﺑﻴﻦ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﻛﺴﻼ
ﻭﺳﻨﻜﺎﺕ ﻭﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﺘﻨﻘَّﻞ ﻣﻌﻪ فى ﻛﻞ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ توفى ﻭﺍﻟﺪﻩ ( ﻛﻮﺓ ﻣﻜﻰ ) ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1992 ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﺩﺧﻞ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻟﺘﺬﻭﻳﺪﻫﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ .
ﺗﻤﺮُّﺩ ﻣﺒﻜﺮ :
ﻋﺎﻳﺶ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻓﻰ ﺑﻮﺍﻛﻴﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ – ﺧﺎﺻﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ – ﻋﺪﺓ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ، ﻭﻗﺪ ﺭﻓﻀﻬﺎ ﻭﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﺘﻤﺮُﺩ ﺿﺪﻫﺎ ﻭﺿﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻤﺎﺭﺳﻮﻧﻬﺎ ﻓﻰ ﻭَﺿَﺢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺩﻭﻥ ﺧﺠﻞ ﻭﻳﻨﺘﻤﻰ ﺃﻏﻠﺒﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ، ﻭﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻳﺤﻜﻰ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﺮﻳﺮﺓ ﻣﺮﺕ ﺑﻪ ﻣﻊ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ :
)) ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺮﺭﺕ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻰ ﻛﺎﻥ فى ﻣﺪﺭﺳﺔ ( ﻣِﻴﺮى ) ﺍﻹﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ: ” ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﺇﻧﻪ ﻣَﻀﻴَﻌﺔ ﻟﻠﻮﻗﺖ ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﺼﻠﺤﻮﻥ ﺇﻻّ ﻟﻸﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ، ” ﻭفى ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍلتالى ﻋﻨﺪ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ” ﻟﻮ ﺇﻓﺘﺮﺿﻨﺎ ﺇﻧﻪ ﺑﺤﻖ ﻣﻌﻠﻢ ” ﻟﻢ ﺃﻗﻒ ﻟﺘﺤﻴﺘﻪ ﻛﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﻓﺴﺄﻟﻨﻰ ” ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻣﺮﻳﺾ ﻳﺎ ﻳﻮﺳﻒ ” ﻓﺄﺟﺒﺖ ” ﻻ ,” ﻭﻟﻢ ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎﺏ. ((
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ – ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﻤﺮُّﺩ ﻓﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻭﻳﻮﺍﺻﻞ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺳﺮﺩﻩ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ :
)) ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻗﺎﻝ : ” ﻟﻮ ﻣﺎ ﺳﺎﻛﺖ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻳﻌﻠﻤﻮﻫﻢ ﻋﺸﺎﻥ ﺷﻨﻮ ” – ﻳﻌﻨﻰ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺃﺑﺪﺍً ﺣﺴﺐ ﺭﺃﻳﻪ , ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻤُﺨَﺼَّﺺ ﻟﺤﺼﺘِﻪ , ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﺮﺳﻴﻪِ ﻭﻳﺠﻠﺲ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ((.!!.. .
ﻭﻣﻨﺬ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺭﻓﺾ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﺃﻭ ﻳﻘﻒ ﻟﻠﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺄﻟﻮﻑ ﻭﻣُﺘَّﺒﻊ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ , ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﻋﺎﺑﺮﺍً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻜﺘﺐ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻘﻒ ﻟﻪ. ﻭﻟﻜﻦ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤُﺆﺳﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤُﺜﻴﺮﺓ ﺍلتى ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﺟِﺪﻳﺎً، هى ﻗﺼﺔ ﺳﺮﺩﻫﺎ ﻟﻬﻢ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻋﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ، ﻭﻗﺪ ﺷﺮﺡ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ :
)) ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻣﺴﻠﻤﺎً، ﻳﺄﺗﻴﻪ ” ﻣَﻠَﻚ ” ﺃﺑﻴﺾ ﻟﻴﻘﻮﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﻛﺎﻓﺮﺍً، ﻓﻴﺄﺗﻲ ” ﻣَﻠَﻚ ” ﻋﺒﺪ ” ﺃﺳﻮﺩ ” ﻟﻴﺄﺧﺬﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ .((.!!..
ﻓﺈﻧﺪﻫﺶ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻟﺬﻟﻚ , ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤَﻠَﻚ ” ﻋﺒﺪﺍً ” ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤَﻠَﻚ ﺍﻟﻌﺒﺪ، ” ﺃﺳﻮﺩ ” ﺍﻟﻠﻮﻥ؟ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺃﻣﺴﺖ ﺗُﺮﺑﻜﻪ فى ﺩﻭﺍﺧﻠﻪ ﻭﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻪ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ. ﻭﻳﺤﻜﻰ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺃﺧﺮﻯ :
)) ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛُﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﺑﻠﻐﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﻳﻨﻬﺎﻟﻮﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮﺏ، ﻣﻤﺎ ﺧﻠﻖ ﻓﻰ ﻧﻔﺴﻰ ﺷﻌﻮﺭا ﺑﺄﻥ ﻟﻐﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻐﺎﺕ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ .((!..
ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻴﻮﺳﻒ ﻛُﻮﺓ ﻣُﻼﺣﻈﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺳﺮَﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ :
)) ﺯِﺩ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎً ﺷﻴﺌﺎً ﺁﺧﺮ، ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ، ﻳُﻘﺎﻝ ﻟﻚ ” ﻋﺒﺪ ” ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺗﺤﻤﻞ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﺓ ﻣﺎ ﺩﻣﺖ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺃﻭ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ، ﺃﻭ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﻓﻰ ﺇﻋﺘﻘﺎﺩﻯ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋُﻘﺪﺓ ﺩﺍﺧﻠﻬﻢ ﻷﻥ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻏﻴﺮ ﺣﻀﺎﺭﻯ ﻭﻏﻴﺮ ﻭﺍﻗﻌﻰ .((..
ﺍﻟﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ :
ﺩَﺭﺱ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻹﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻓﻰ ﻣﺪﺭﺳﺔ ( ﻣﻴﺮﻯ ) ﺍﻹﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﺑﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﻭﺃﻛﻤﻠﻬﺎ ﺑﻤﺪﺭﺳﺔ ﻭﺩﻣﺪﻧﻰ ﺍﻹﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ، ﻭﺑﺤﻜﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻋﻤﻞ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺍﻟﺬﻯ ﺇﻧﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﺳﻨﻜﺎﺕ، ﺩﺭﺱ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻰ ﺍﻟﺪﻓﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﺛﻢ ﺇﻧﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺣﻴﺚ ﺩﺭﺱ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻯ ﺑﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ، ﺇﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﻭﻓُﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ , ﻓﺠﻠﺲ ﻹﻣﺘﺤﺎﻥ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻭﺗﻢ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺑﻜﻠﻴﺔ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩ – ﺟﺎﻣﻌﺔ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻋﺎﻡ 1975 ﻡ، ﻭﺗﺨﺮَّﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1980 ﻡ ﺣﻴﺚ ﻧﺎﻝ ﺑﻜﺎﻟﺮﻳﻮﺱ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﺇﻟﺘﻘﻰ ﺑﺮﻓﻴﻖ ﺩﺭﺑﻪ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ / ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺁﺩﻡ ﺍﻟﺤﻠﻮ ﺍﻟﺬﻯ ﺩﺭﺱ ﻓﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﻓﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻓﻘﺎﻣﺎ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﻃﻼﺏ ﺟﻨﻮﺏ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، ﻭﻳﺤﻜﻰ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ :
)) ﺩﺧﻠﺖ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻋﺎﻡ 1975 ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺩﺧﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻛﺒﺮ ﺩﻓﻌﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻛﺎﺩﻭﻗﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ( ﺗﻠﻮ ). ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻯ ﺣﻮﻟﻬﻢ. ﻓﻰ ﻋﺎﻡ 1977 ﺃﻗﻤﻨﺎ ﻣﺆﺗﻤﺮﺍً ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺿﻢ ﻛﻞ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﻭﺗﻢ إﺧﺘﻴﺎﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﻰ ﻟﻬﺎ ﻭﻻﺀ ﻭﺇﻧﺘﻤﺎﺀ ﺣﻘﻴﻘﻰ ﻭﺻﺎﺩﻕ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻭﻟﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﺷﻌﻮﺭ ﻛﺒﻴﺮ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻳُﻌﺎﻧﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ . ﻭﺑﻌﺪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﺑﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪﺍً ﺗﻨﺼﺐ ﻓﻰ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺳﻨُﻐﻴِّﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻯ ﻓﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻰ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ : ﺃﻭﻻً : ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ، ﺛﺎﻧﻴﺎً : ﻣُﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ، ﺛﺎﻟﺜﺎً : ﻋﺪﻡ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻰ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻧﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻪ. ﻷﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﺧﻠﻨﺎ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ” ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻛﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻛﺬﺍ ﺃﻭ ﻛﺬﺍ ,” ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ على أساس ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑأﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺴﻴﺤﻰ ﻭﺫﺍﻙ ﻣُﺴﻠﻢ، ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﻯ ﺷﻴﻰﺀ، ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻧُﻮﻇِّﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ . ﺃﺧﻴﺮﺍً ﺗﻤﻜَّﻨَﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺃﺑﻨﺎﺀ
ﺟﻨﻮﺏ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﻭﺗﻮَّﺟﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺑﺎﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﺭﻳﺔ ﻭﺃﻧﺸﻄﺔ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻭﻣُﻜﺜﻔﺔ ﻟﻠﺘﻨﻮﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﺜﻘﻴﻒ ((.. .
ﺍﻟﻤُﻌﻠِﻢ : ﻳُﻮﺳﻒ ﻛُﻮﺓ ﻣﻜِّﻰ :
ﺑﻌﺪ ﺗﺨﺮُّﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺫﻫﺐ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻟﻴﻌﻤﻞ ﻣُﻌﻠِّﻤﺎً ﺑﻤﺪﺭﺳﺔ ﻛﺎﺩﻗﻠﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳَّﺔ ﺑﻨﻴﻦ ( ﺗﻠﻮ ) ﺍﻟﻌﺎﻡ 1981 ﻡ. ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﺑﻌﺪﺓ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻨﻬﺎ ( ﺳﻨﻜﺎﺕ – ﺍﻟﻀﻌﻴﻦ – ﻭﺩﻣﺪﻧﻰ – ﻧﻴﺎﻻ )، ﻭﺑﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﻗﺪ ﻣﻨﺤﺘﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ، ﺇﻻ أﻧﻬﺎ ﻋﺮَّﺿﺘﻪ ﻟﻠﻤُﻀﺎﻳﻘﺔ ﻭﺍﻹﺯﻋﺎﺝ ﺍﻟﻤُﺴﺘﻤﺮ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﺳﺒﻖ ﺟﻌﻔﺮ ﻧﻤﻴﺮﻱ ﺑﻬﻴﺌﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻭﺃﺟﻬﺰﺗﻬﺎ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪﺗﻪ ﻣِﻬﻨﺔ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﻫﺬﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺧﻼﻝ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﺍﻟﻨﻀﺎﻟﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮﺩ ﻗﺎﺋﺪ، ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻥ ﻳُﻌﻠِّﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﻔﻰ ﺃﺗﻴﻢ ﻳﺎﻙ ﺃﺗﻴﻢ ﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ :
..)) ﻭﻓﻮﻕ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ، ﺇﻛﺘﺸﻔﺘﻪ ﻛﻜﻨﺰ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻬﻮ ﺣﻴﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﻚ، ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤُﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤُﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳى ﻭﺍﻟﻤُﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﺸﺎﻋﺮ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺟﺌﺖ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻭﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻣﻌﻪ ﺇﻛﺘﺸﻔﺖ ﻣﺪﻯ ﻋُﻤﻖ ﻓﻜﺮﻩ ﻭﺇﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﺰﻋﺰﻉ ﻟﺨﺪﻣﺔ، ﺑﻞ ﻭﻟﻠﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪِ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﻘﻮﻕ ﺷﻌﺐ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ. ((..
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺃﻳﻀﺎً ﺧﻄﻴﺒﺎً ﻣُﻔﻮﻫﺎً ﺑﺤﻜﻢ ﻋﻤﻠﻪ ﻓﻰ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ، وﻠﻌﻞ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺘﺬﻛﺮﻭﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻄِﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻰ ﻋﺒﺮ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻰ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎﺕ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎً : ( ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻦ ﺗُﺤﺎﺭﺏ، ﻭﻧﺤﻦ ﻧُﺤﺎﺭﺏ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻫﻠﻚ ﺍﻟﺠِﻴَﺎﻉ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻦ ﺗُﺤﺎﺭﺏ، ﻭﻧﺤﻦ ﻧُﺤﺎﺭﺏ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻫﻠﻚ ﺍﻟﻌُﺮﺍﺓ؟… ﺇﻟﺦ ) .
ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻰ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ 1984 :
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻴﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻰ ” ﺍﻟﻤﻨﻔﺴﺘﻮ ” ﻋﺎﻡ 1984 ﺟﻠﺴَﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ل ( ﻛﻤﻮﻟﻮ ) ﻟﺘﺪﺭﺱ ﺍﻟﻤﻨﻔﺴﺘﻮ ﻭﺗُﻘﺮﺭ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻹﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻭﺑﻌﺪ ﻣﺮﺍﺟﻌﺘﻬﻢ ﻟﻠﻤﻨﻔﺴﺘﻮ ﺗﻮﺻّﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﺍﺭ ﺟﻤﺎﻋﻰ ﺑﺎﻹﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻰ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻓﺬﻫﺐ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻗﺒﻞ ﺭﻓﺎﻗﻪ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻰ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ / ﺟﻮﻥ ﻗﺮﻧﻖ ﺩﻯ ﻣﺒﻴﻮﺭ ﻓﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻹﻣﺘﻨﺎﻥ ﻟﺪﻯ ﺇﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ، ﻷﻥ ﺇﻧﻀﻤﺎﻣﻪ ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺩﻓﻌﺔ ﻗﻮﻳﺔ، ﻭﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺔ، ﻭ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﻭﻃﻨﻴﺔ. ﻭﺗﻢ ﺗﺨﺮﻳﺠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻰ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺮﺗﺒﺔ ﻧﻘﻴﺐ ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻘﻴﻪ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻯ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻟﻨﺸﺎﻃﻪ ﺍلسياسى فى ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﻟﺘﺤﺎﻕ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺯﻧﺎً فى ﻣﻨﺤﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻭفى 16 ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 1985ﻡ ﺃُﺑﺘﻌﺚ ﺍﻟﻨﻘﻴﺐ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﺑﺎ ﻷﺧﺬ ﻛﻮﺭﺳﺎﺕ فى ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺗﺨﺮُﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ فى ﺇﺛﻴﻮﺑﻴﺎ. ﺛُﻢ ﻋُﻴِّﻦ ﻋﻀﻮﺍً ﻣﻨﺎﻭﺑﺎً ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍلشعبى ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ فى ﺃﻏﺴﻄﺲ 1986ﻡ، ﻭفى ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃُﺭﺳﻞ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ فى ﺑﻌﺜﺔ ﺩﺭﺍﺳﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﺑﺎ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ. ﻭﺑﻌﺪ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻗﺎﺩ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﻭﻳﺤﻜﻰ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ :
)) ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﺩﺧﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻛﺎﻥ ﻓﻰ ﻋﺎﻡ 1987 ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻞ ﻣﺴﺒﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ، ﺣﻴﺚ ﻛُﻨَّﺎ ﻗﺪ ﺃﺭﺳﻠﻨﺎ ﻋﻮﺽ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻛﻮﻛﻮ، يوسف كرة هرون ﻭﺗﻠﻔﻮﻥ ﻛﻮﻛﻮ ﺃﺑﻮ ﺟﻠﺤﺔ ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﺇﻟﺘﻘﻮﺍ ﻣﻊ ﻳﻮﻧﺲ ﺃﺑﻮ ﺻﺪﺭ، ﻭﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﻔﺘﺢ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﻟﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤُﺠﻨﺪﻳﻦ، ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻤﻜَّﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻬﻠﺔ ﺟﺪﺍً، ﻭﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻷﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺘﺠﻨﻴﺪ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻠﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺣﻮﺍﻟﻰ ( 1,000 ) ﺃﻟﻒ ﻣُﺠﻨَّﺪ، ﻭﺻﻠﻨﺎ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻳﻮﻡ 25 ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻟﻴﻼً ﺣﺘﻰ ﻧﺘﺠﻨﺐ ﺍﻹﺣﺘﻜﺎﻙ ﻣﻊ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ، ﺩﺧﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ” ﻃﺎﺑﻮﻟﻰ، ” ﻭﻓﻰ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﺻﺒﺎﺣﺎً ﻭﺻﻠﻨﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ( ﺍﻟﺮﻣﻠﺔ )، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻗﺎﺑﻠﻨﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻗﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻮﺩﻯ ﻭﻣﻌﻬﻢ ” ﺗﺮﺍﻛﺘﻮﺭ ” ﻷﺧﺬ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻣﻦ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺤﻔﺎﺋﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻓﺨﻄﻄﻨﺎ ﻟﻜﻤﻴﻦ ( Ambush ) ﻟﻤﻬﺎﺟﻤﺘﻬﻢ ﻭﺍﻹﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ” ﺍﻟﺘﺮﺍﻛﺘﻮﺭ، ” ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﺑﻮﺟﻮﺩنا ﻓﺄﺣﻀﺮﻭﺍ ﻗﻮﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﻋﺮﺑﺔ ” ﻟﻮﺭﻯ، ” ﻭﻓﻮﺭ ﻭﺻﻮﻟﻬﻢ ﺑﺪﺃﻭﺍ ﺑﺈﻃﻼﻕ ﻧﻴﺮﺍﻥ ﻛﺜﻴﻔﺔ ﺗﺠﺎﻫﻨﺎ، ﻓﺒﺎﺩﻟﻨﺎﻫﻢ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ، ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻝ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻓﻰ ﺣﻴﺎﺗﻰ، ﺇﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺗﺸﺘﻴﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺮﻛﺖ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ( 11 ) ﻗﺘﻠﻰ، ﺛﻢ ﻭﺍﺻﻠﻨﺎ ﺗﺤﺮﻛﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﻨﺎ ” ﺳﺮﻑ ﺍﻟﺠﺎﻣﻮﺱ، ” ﻭﻓﻰ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺃﻏﻠﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﺼﻴﺐ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﺑﻌﺪ ﺗﺨﺮُّﺟﻬﻢ ﻛﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﻳﺪﻓﻌﻬﻢ ﺍﻟﺤﻤﺎﺱ ﻟﺨﻮﺽ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ، ﺇﺷﺘﺒﻚ ﻣﻘﺎﺗﻠﻮ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍلشعبى ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ فى ﻋﺪﺓ ﻣﻌﺎﺭﻙ فى ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻮﺩﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﺧﺎﺻﺔ فى ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻏﺮﺏ ﺍﻹﺳﺘﻮﺍﺋﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺈﺟﻼﺀ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺣﺎﻣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ. فى ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﺘﻮﺍﺋﻴﺔ، ﻭﺑﺠﺴﺎﺭﺓ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻗﺎﺗﻞ ﻣﻘﺎﺗﻠﻮ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺩ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﺠﺎﻋﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻮﺭﺓ ﻭﺃﻃﻠﻘﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻥ (( .
ﻭﻗﺪ ﺑﺎﺷﺮ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻰ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺇﺳﺘﻄﺎﻉ ﻓﻰ ﻓﺘﺮﺓ ﻭﺟﻴﺰﺓ ﺃﻥ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻭﺍﺳﻌﺔ، ﻭﺃﺳﺲ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻣﻜﻰ ﺭﺋﺎﺳﺘﻪ ﻓﻰ ” ﺷﺎﻧﻘﺎﺭﻭ ” ﺑﺠﺒﺎﻝ ” ﺃﺷﺮﻭﻥ ” ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ.
ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻳُﺆﺳﺲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻟﻺﻗﻠﻴﻢ:
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﻛﻤﺎً ﻭﻗﺎﺋﺪﺍً ﻹﻗﻠﻴﻢ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﺃﺭﺳَﻰ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺘى ينبغى ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ الشعبى ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻹﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻬﺎ؛ ﻓﺈﺫ ﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ فى ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﺃﺳﺲ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻭﺃﺻﺪﺭ ﺃﺣﻜﺎﻣﺎً ﺭﺍﺩﻋﺔ ﺿﺪ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍلشعبى ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻗﺘﺮﻓﻮﺍ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ؛ ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻰ فى ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺑﺎﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﻬﺘﺪﻭﻥ ﺑﻬﺎ ﻭﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎً ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ. ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺸﻘﺎﻕ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻋﺎﻡ 1991، ﺃﻧﺸﺄ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﺘﺸﺎﺭى ﻟﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ فى ﺃﻏﺴﻄﺲ 1992ﻡ. ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮَّﻥ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻣﻦ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺋﺐ، ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ، المجلس الإسلامى للسودان الجديد، الإدارة الأهلية ﻭﻣﻤﺜﻠﻴﻦ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ. ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻫﻮ ﺇﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﻤُﺴﻠَّﺢ، ﻭﻫﻞ ﻳﺠﺐ ﻣﻮﺍﺻﻠﺘﻪ ﺃﻡ ﻻ، ﻭﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﺘﺸﺎﺭﻯ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻗﺪ ﻓﻮَّﺽ ﺑﻌﺾ ﺳﻠﻄﺎﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻟﺘﺠﻨُّﺐ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﺍلتى ﺣﺪﺛﺖ فى ﺍﻟﻤﺎضى، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻴُﺴﺎﻋﺪ فى ﻋﻤﻠﻴَّﺔ ﺇﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻓﺘﻢ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﺘﺸﺎﺭﻯ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﻨﻘﻴﺐ / ﻣﻮﺳﻰ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺎقى، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻰ ﻣﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﻹﺷﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻄُّﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎسى فى ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﺄﻫﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ. ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ، ﻭﺑﺎﺗﻮﺍ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﻦ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ.
ﺷﻘﺪﻭﻡ – 1994ﻡ :
ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺨﺒﺮﺗﻪ ﻭﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﺍﻟﺮﺍﺋﺪﺓ ﻭﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤُﻤﻴﺰﺓ، ﺗﻢ ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺬﻯ ﺃُﻗﻴﻢ ﻋﺎﻡ 1994 ﻓﻰ ” ﺷﻘﺪﻭﻡ ” ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﺇﻧﺘﺨﺎﺑﻪ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺭﺋﻴﺴﺎً ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻘﻮﻣﻰ ( ﺃﻋﻠﻰ ﺟﻬﺎﺯ ﺗﺸﺮﻳﻌﻰ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ )، ﻭﺗﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺻﻼً ﻓﻜﺮﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ، ﺣﻴﺚ ﺭﺃﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﺤﺮﺭﺓ ﻭﺑﺮﻭﺯ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﻀﺎﺭﺏ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺤﻮﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻰ ﺗﺘﺼﺪﻯ ﻟﻠﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ ﻭﺗﻌﻠﻴﻢ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮَﺽ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻓﻜﺮﺓ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ / ﺟﻮﻥ ﻗﺮﻧﻖ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻛﺎﻓﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ” ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﺤﺮﺭﺓ ” ﻓﻰ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎً وأﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺷَﻬﺪﺕ ﺑﺮﻭﺯ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺤﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﺗَﻄﻠَّﺐ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻳﻨﺎﻗﺶ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ لتتم ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺍﻟﻤﻨﻔﺴﺘﻮ ﻭﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻭﺇﺟﺎﺯﺓ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ.
ﺭﺅﻳﺘﻪ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ:
ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺁﺭﺍﺀ ﺟﺮﻳﺌﺔ ﻟﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺍﻟﻨُﻮﺑﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ، ﻭﻳﺼﻒ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ / ﻋﻤﺮ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺷﺮﻛﻴﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ :
)) ﻟﻘﺪ ﺭﻓﺾ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺫﺍﺕ ﻣﺮﺓ ﺇﺳﺘﻼﻡ ﻃﺎﺋﺮﺓ ﻣﺸﺤﻮﻧﺔ ﺑﺄﻭﺍنى ﺍﻟﻄﺒﺎﺧﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ، ﻭﻃﺮﺡ ﺳﺆﺍﻻً ﻟﻠﻤﺴﺌﻮﻝ ﺍﻟﺬﻯ ﻗﺪَّﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﺤﺔ : ” ﻣﺎ ﺍﻟﺬى ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﻈﻦ ﺃﻧَّﻨﺎ ﻧﺮﻏﺐ فى ﺃﺷﺪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ فى ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺍنى ..؟ “. ﻭﺃﺿﺎﻑ : ” ﻧﺤﻦ فى ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨُّﻮﺑﺔ ﻧﺼﻨﻊ ﺃﻭﺍﻧﻴﻨﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﻦ، ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺤﻦ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﺷﻴﺎﺀﺍً ﺃﺧﺮﻯ.((..”
ﻓﺎﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ – ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻌﻪ – ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺕ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺇﻓﺘﺮﺍﺿﺎﺕ، ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﺄﻣﻠﻮﻥ فى ﺃﻥ ﺗُﺮﻛِّﺰ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ فى ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺍﺕ ( Capacity building )، ﺃى ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﺪﺍﺕ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍلتى ﺗُﺸﺠِّﻊ ﺍﻟﻨُّﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ – ﻛﺎﻟﺒﺬﻭﺭ، ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﻳﺚ، ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ، ﺍﻟﻜﺴﺎﺀ، ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺗﻨﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ، ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴَّﺔ ( ﻛﺘﺐ، ﻛﺮﺍﺳﺎﺕ، ﺃﻗﻼﻡ، ﻃﺒﺎﺷﻴﺮ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ). ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻟﺼﻴﻨﻲ : ( ﺃﻋﻄﻲ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴِّﻨﺎﺭَﺓ، ﻭﻻ ﺗﻌﻄﻪ ﺳﻤﻜﺔ )، ﻭﺫﻟﻚ لكى ﺗﻌﻠَّﻤﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻳﺼﻄﺎﺩ، ﺑﺪﻻً ﻣﻦ تلقى ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺑﻤﻠﻌﻘﺔ ﻣﻦ ﻓﻀﺔ. ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺿﺢ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻀﺒﻮﻃﺔ ﺗُﻤﺜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪﺍً ﺁﺧﺮ ﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻨُﻮﺑﺔ. ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻯ ﺇﻥ ﺍﻹﻏﺎﺛﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ، ﻳﺨﻠﻖ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻹﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﻳُﺮﺩِّﺩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ فى ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺫﺍﺕ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻩ، ﺃﻥَّ ﺍﻹﻋﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﺍﻟﻌﺎﻃﻠﻮﻥ فى ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺗُﻨﺸﺊ ﻓﻴﻬﻢ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻜﺴﻞ ﻭﺍﻹﺗﻜﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ.
ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺤﻚ – ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ 1991 :
فى ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺇﻧﻘﺴﺎﻡ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ فى 1991، ﻭﺗﻜﺜﻴﻒ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻰ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﺗﻌﺮَّﺽ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍلشعبى فى ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺴﻰ ﺇﺧﺘﺒﺎﺭ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻹﻣﺪﺍﺩ ﻋﻨﻪ، ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻠﻮجستى ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮﺏ، ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺠﻴﺶ غاية فى الصعوبة والمعاناة. ﺇﻻ ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ / ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ مكى ﻭﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﺎﺩﺓ، ﺩﻋﺎ ﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﻳﻀﻢ ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻊ ﺿﺒﺎﻁ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍلشعبى ﻟﻴﻘﺮﺭوا فى ﻣﺼﻴﺮ ﺍلمنطقة، ﻭﻗﺎﻝ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻓﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻰ :
)) ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺴﺒﺒﺎً ﻓﻰ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺤﺮﺏ ﻓﻰ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎً، ﻭﺇﻧﻨﻰ ﺃﺗﺤﻤَّﻞ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ عن ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺼﺎﻋﺪﺍً ﻓﻠﻨﻘﺮﺭ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻫﻞ ﻧﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ، ﺃﻡ ﻻ .. ؟ (( .
ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺍلرأى ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ، ﺇﻟﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻭﻗﺘﺎﻝ ﻧﻈﺎﻡ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ. ﻭﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺤﻆ ﺩُﻋِﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃى ﺑﻮﺻﻮﻝ ﻛﻤﻴﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺧﻴﺮﺓ ﻋﺒﺮ ﺷﻤﺎﻝ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﻐﺰﺍﻝ.
ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻭﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﻬﻮﻳﺔ:
ﻳﺮﻯ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻣﻜﻰ أﻥ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻛﻮﺵ ﻭﻣﺮﻭﻯ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻤﺎﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺍﻟﻜُﺒﺮﻯ ﻭﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ( ﺳﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ) ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﺁﻻﻑ ﺳﻨﺔ، ﻭاﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻨﻮﺑﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭُﺟِﺪ ﻓﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ، ﻭأﻥ ﺃﺣﻔﺎﺩﻫﻢ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﻭﻥ ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻓﻰ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ( ﺟﻨﻮﺏ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ )، ﻭأﻥ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻣﺮﻭﻯ ﻋﻠَّﻤﺖ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ، ﻭﻛﻤﺎ ﻋﻠَّﻤﺖ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺷﻖ ﺍﻷﻧﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ، ﻭﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻳﺔ، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻣﺜﺎﻝ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻷﻫﺮﺍﻣﺎﺕ ﻓﻰ ﻣﺪﻥ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﺒﺮ أﻥ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻫﻰ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻓﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻭﺻَّﻰ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺑﻘﺮﺍﺀﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ :
( The Destruction of Black Civilization: The old Nubian Nations – Trick into Nuba ) .
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﻋﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ :
)) ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺗﻢ ﺇﺧﻔﺎﺀﻫﺎ ﻭﻃﻤﺴﻬﺎ، ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﻣﻦ ﻏﺴﻞ ﺃﺩﻣﻐﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ، ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﺮﺑﺎً ﻷﻧﻬﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ , ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﺴﻴﺤﻴﺎً ﻭﺃﺗﻜﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﻨﻰ ﺃﻧﻨﻰ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻰ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍلإﻃﻼﻕ، ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻓﻘﺪﻭﺍ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻓﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ، ﻷﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺐ ﻭﺍﻟﺘﺜﻘﻴﻒ ﺍﻟﻤُﻀﺎﺩ ﻟﻮﻋﻴﻬﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺔ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﻨﻮﺑﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻗﻨﺎ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﻛﻴﺎﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺰُّﻕ ﻭﺍﻟﺘﺸﺘﺖ ﻭﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻭﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺣﺘﻰ ﻧﺤﻘﻖ ﻣﺎ ﻧﺼﺒﻮﺍ إﻟﻴﻪ، ﻭﻻ ﺑﺪ ﻟﻰ ﺃﻥ ﺃُﺫﻛِّﺮ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ، ﺍلإﻏﺮﻳﻖ ﻟﻴﺲ ﻫﻢ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺃﺳﺲ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳُﻘﺎﻝ، ﺇﻧﻤﺎ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ الإﻏﺮﻳﻘﻰ ﻫﻴﺮﻭﺗﻮﺱ ﺍﻟﻤُﻠﻘﺐ ﺏ ( ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ) ﺍﻟﺬﻯ ﻋﺎﺵ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ، ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﻴﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻫﻢ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺑﻨﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺗﻮﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﻋﺮﻳﺾ ﻣﺘﺴﺎﻣﺢ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻭﺧﻄﻮﺍ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺁﻓﺎﻕ ﻭﻣﻌﺎﻧﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺃﻓﻖ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﻀﻴﻖ، ﻭﻃﺒَّﻘﻮﺍ ﻧﻈﺎﻣﺎً ﻗﻀﺎﺋﻴﺎً ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺇﻣﺘﺪ ﻟﻴﻄﺎﻝ ﺍﻟﻨُﺨﺒﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ، ﻭﺇﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻧﻨﺴﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ شعب ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺪﺭﺱ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻧﺘﻌَﺮَّﻑ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ، ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺩﺓ ﻓﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻧﻮﺑﻴﺔ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ، ﻭﻫﻮ ﻧُﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺬﻯ ﻧﺮﻳﺪ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ، ﻷﻥ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺃﺳﺎﺱ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ. ((
ﻭﻗﺪ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ فى ﺇﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﺍﻟﻌِﺮقى، ﻗﺮﺍﺀﺍﺗﻪ ﻟﻠﻤُﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺘﻨﺰﺍنى ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ / ﺟﻮﻟﻴﻮﺱ ﻧﺎﻳﺮﻳﺮﻱ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺳﻒ ﻣُﻮﻟﻌﺎً ﺑﺘﺮﺩﻳﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻧﺎﻳﺮﻳﺮﻱ : ( ﻟﻘﺪ ﺗﻌﺮَّﺿﻨﺎ ﻟﻺﺿﻄﻬﺎﺩ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﻋﻈﻴﻢ .. ) . ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍلتى ﺃﺳﻬﻤﺖ ﺃﻳﻀﺎً فى ﺗﺤﻮُّﻟﻪ ﻭﺗﺴﺎﺅﻟﻪ ﺣﻮﻝ ﺍﻹﻋﺘﻘﺎﺩ ” ﺍﻟﻌﺮﻭبى، ” ﺍﻹﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ ﻟﻠﻨُﺨﺐ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ فى ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ ﻷى ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺇﻧﻘﻼﺑﻴﺔ ﻳﻘﻮﺩﻫﺎ ﺃﻭ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺑﺈﻧﻬﺎ ” ﻣﺆﺍﻣﺮﺍﺕ ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ” ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﺼﻒ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨُّﺨﺒﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ، ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺇﻧﻘﻼﺑﺎﺕ ﻳﻘﻮﺩﻫﺎ ﺿُﺒَّﺎﻁ ﺫﻭى ﺃﺻﻮﻝ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺑﺈﻧﻬﺎ ” ﺛﻮﺭﺍﺕ. ” ﻭ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻬﻜَّﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﺋﻼً ﺑﻜﻞ ﺟﺪﻳﺔ :
)) ﺃﻧﺎ ﻓﻌﻼً ﻛﻨﺖ ﺇﻋﺘﻘﺪ ﺇﻧﻨﻰ ” ﻋﺮﺑﻲ ” .. ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺛﻤﺔ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﻣُﺮﺓ، ﺇﻛﺘﺸﻔﺖ ﺇﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﺑﻌﺮبى، ﻭﻟﻦ ﺃﻛﻮﻥ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻳﻮﻡٍ ﻣﺎ , ﻓﺨﻼﻝ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ﻓﻰ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻏﻴَّﺮﻧﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻤﻐﻠﻮﻃﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻣﺘﺨﻠِّﻔﻴﻦ ﻭﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ , ﻳﻤﺸﻮﻥ ﻋُﺮﺍﺓ، ﻭأﻥ ﺍﻟﻌَﺮﻯ ﺷﻴﻰﺀ ﻏﻴﺮ ﺟﻤﻴﻞ، ﻷﻧﻪ ﻓﻰ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻛﺎﻥ ﺍلمعلموﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟوﻴﻦ ﻳﻐﺮﺳﻮﻥ ﻓﻰ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﻨﻘﺺ، ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳُﻤﺠﺪﻭﻥ ﺍﻟﺰﺑﻴﺮ ﺑﺎﺷﺎ ﺗﺎﺟﺮ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ، ﺍﻟﺬﻯ ﻣﺎﺕ ﺇﺑﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺷﺎﺭﻟﺲ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺑﺎﺷﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﻭﺍﻟﺪﻩ ) .
ﻭﻳﻮﺍﺻﻞ ﻳﻮﺳﻒ ﻛﻮﺓ ﺳﺮﺩﻩ ﻟﻠﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺣﺪﺛﺖ ﻟﻪ ﺧﻼﻝ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ :
)) ﻓﻰ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻭﺟﺪﺕ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺃﺳﻼﻓﻰ ﺍﻟﻌﺮﻳﻖ ﻭﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻤُﻤﺜﻞ ﻓﻰ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻛﻮﺵ ﻭﻣﺮﻭﻯ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻫﻰ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻣﺼﺮ ﻫﻰ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﺩﻭﻥ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ – ﺃﻯ ﺳﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ – ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻓﻰ ﻣﺼﺮ. ﺃﻥ ﺗﺎﺭﻳﺢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻰ ﻭﺍﻷﺻﻴﻞ ﻟﻢ ﻳُﺆﺭَﺥ ﻭﻟﻢ ﻳُﺪﺭَﺱ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ، ﻭﻣﻦ ﺳُﺨﺮِﻳﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ لبنانى ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ( ﻓﻰ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻧﻌﻮﻡ ﺷﻘﻴﺮ )، ﺣﺘﻤﺎً ﺇﻧﻪ ﺗﻠﻔﻴﻖ ﻭﺗﺰﻭﻳﺮ ﻭﻃَﻤْﺲ ﻟﻠﺤﻘﺎﺋﻖ، ﻣﺜﺎﻝ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻧﺴﺒﻮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺏ. ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻪ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻠﻮﺍ ﺍﻷﻋﺮﺍﻕ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ( ﺍﻟﺰﻧﺠﻴﺔ ) ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻨﻘﺺ. ﻓﺄﻣﺎ ﻫﻢ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻜﺒﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻰ، ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪﻫﻢ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺑﻨﻈﺮﺓ ﺗﺤﺴﺴﻬﻢ ﺑﺈﻧﻬﻢ ﻫﻢ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻭﺍﻷﺣﺴﻦ، ﺃﻧﻪ ﺍﻟﻐﺮﻭﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻰ ﺍﻷﺟﻮﻑ. ﻟﻬﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺟﺪﺍً ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻠﺪﺍً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻬﻮﻳﺔ ﻻ ﺗُﻮﺣِّﺪ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ، ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺗُﺤﻘﻖ ﻛﻞ ﺷﻰﺀ (( – ﺇﻧﺘﻬﻰ .