اليوم العالمي للغة الأم مناسبة جديرة بالإهتمام 

 ✍🏿بقلم: باب الله كجور

 

 الإحتفال باليوم العالمى للغة الأم الذى صادف يوم الأحد الموافق 21 فبراير 2022  مناسبة جديرة بالإهتمام لكل جماعة عرقية/إثنية تتمتع بحسب ما قاله عالم الإجتماع النرويجى  فردريك باث Fredric Barth الأستاذ بجامعة أوسلو  بوضع سلالى خاص ويشترك أفرادها فى المحتوى والمضمون والنماذج الثقافية، ولها بناء إجتماعى ووسائل تواصل داخلى بين الأعضاء، وتتفرد بثقافة فرعية تمتاز بالإستقلالية والتجانس.

وماذكره باث من خصائص موجودة برمتها فى الشعوب الأصلية فى السودان والتى تسكن وتقيم فى جبال النوبة والفونج ودارفور وشمال وشرق السودان أو إضطرت بسبب الكوارث الطبيعية والتى من صنع البشر وإختارت أوطان بديلة للإستقرار فيها  و ظلت تواجه بصبر سياسات وخطط الحكومات المركزية  الرامية إلى الهيمنة الثقافية وطمس ثقافة الآخر والتى أخذت عدة صور وأشكال حيث  أنشأت هذه الجماعات روابط إجتماعية  وجمعيات ثقافيه وإتحادات مطلبية  واحزاب وتنظيمات سياسية للتصدى لعمليات الطمس والإستيعاب الثقافى و الوقوف فى وجه الإقصاء الممارس على المستوى الرأسى الفوقى من قبل السلطة  الحاكمة، وتحتى من قبل  من يرون ان ثقافتهم أرقى وأسمى مكانة ويجب أن تكون من محددات الهوية الوطنية ويخق لها أن تمارس الإستعلاء على الثقافات الأخرى فى المجتمع الكبير. وإتبعت فى سبيل ذالك عدة طرق ووسائل لإعادة إنتاج أفراد هذه الجماعات لتكون قسرا جزء من  تقافته  وإستهدفت لغاتها  على إعتباره وسيلة إتصال ثقافى ومعرفى تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، وتراث ثقافى إجتماعى يحمل نسق العادات والتقاليد والقيم وجميع الموروثات  من فن وعادات مجتمعية وعرف ورموز وطقوس  ومعتقدات. فمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والفنون المعروفه إختصار ا ب: ( اليونسكو) والتى إعترفت بهذه اليوم فى تسعينات القرن الماضي على خلفية المبادره التى تقدمت بها دولة بنغلاديش بعد قيادة حملة وطنية لإحياء وتعزيز دور اللغة البنغالية كلغة أم فى البلاد.   وإعتمدت اليونسكو فى سجلاتها حتى الآن    7000 لغة حية بغض النظر عن عدد المتحدثين بها وحدود وأماكن إنتشارها الجغرافى.  وصنفت هذه اللغات إلى ثلاث مجموعات معرضة للخطر ولغات فى حالة خطورة شديدة، أى لغات مهددة بالإنقراض  وذكرت فى أحدث تقرير لها أن العقود الثمانية المتبقية من القرن الواحد وعشرين  ستشهد موت( 3500) لغة أى مايعادل نصف هذه اللغات الحيه أشارت ألى موت لغة  كل ( 15) خمسة عشر عاما. وإذا إستصحبنا ماجاء فى التقرير وأسقطناه على اللغات المحلية السودانية فإنها سوف تموت وتفنى وتنمحى من على وجه الأرض قبل إنتهاء المدة المحددة و تصبح من بعد ذلك من الأحاجى والقصص فى ظل الإهمال المتعمد لمؤسسات وأجهزة الدولة االمنوط بها الإهتمام بهذا الأمر لأن تقوم بإقصاء وتهميش الثقافات واللغات السودانية من الواقع المعاش والإلقاء بها فى سلة مهملات التاريخ والمتاحف، وترفص التحول والإنتقال من خانة الإعتراف النظرى بها إلى مربع الإعتراف العملى بتفعيل المواثيق والإتفاقيات الدولية التى تحض على حماية الثقافة الغير مادية بهدف أثراء التنوع الثقافى والتراث الإنسانى العالمى.

وحتى لانجعل الجانب الرسمى، أى الدولة شماعة علينا تحمل المسؤؤليه كاملا كأفراد ننتمى لجماعات عرقية لها لغات حية بأن نمتلك القرار والإراده والعزيمة ونقوم بخطوات عملية وايجابية من شأنها توفير أسباب الحياة والبيئة الملائمه لتطور وإزدهار لغاتنا الجميلة بكتابتها وحفظها وصونها حتى لا تنقرض وتلحق بأخواتها  وإعادة الثقه للمتحدثين بها وإزالة كل ماهو سلبى فى عقولنا، وأن نعيد الثقة فى أنفسنا تجاه اللغة الأم وتدريسها فى المدارس للأطفال وجعلها لغة للتخاطب بين أفراد الأسرة وتدوالها بيننا فى الأماكن العامة حتى لا تصبح لغاتنا فى طي النسيان  فنصبح من حيث لا ندرى  جماعات مستلبة ومستعربة  ناقصة العضوية فى حقل الثقافة الإسلاموعروبية وأمساخ مشوهة ودمى نتماهى مع الآخر الثقافى بلا وعى ونتقمص شخصيته لاتقزم وتتضاءل قامتنا وننحنى فى ذلة ونقبل بما هو سائد.

 تيما

 22 فبراير 20022

تعليق 1
  1. عبدالله آدم حامد دلدوم يقول

    تحية طيبة لكم جميعا
    و تحية خاصة للرفيق باب الله كجور.
    و أشكرك نيابة عن كافة الشعوب الأصلية بصفة عامة و شعب النوبا بصفة خاصة على مقالك المطول و الممتاز جدا نظرا للموضوع الذى تناولته فيه ( الْيَوْمَ العالمىً للغة الأم)
    وهو بالفعل موضوع بفترض فينا و لأرتباطه الوثيق و علاقته بوجودنا إنطلاقا أن نوليه من الإهتمام ما يستحق و علينا كشعب ألا نركن للسياسات و المخططات المركزية الهادفة و منذ إعلان السودان المزيف إلى فرض هوية أحادية على السودان ( الإسلاموعروبي) و إقصاء ثقافة الآخر .
    و دعنى أتوقف عند نقطتين
    ١/ المواثيق و الإعلانات و الإتفاقيات الدولية المعنية بتراث و ثقافات شعوب العالم.
    ٢/ دور المجموعات و الجماعات والأفراد ( مكونات الشعوب الأصلية) و دورها للتصدى و مواجهة هذا المخطط و العمل على إحياء موروثاتها.
    فيما يتعلق بالنقطتين أودّ أن أبشرك بأن هنالك عمل دؤوب يتعلق بملف الهوية عبر مركز ثقافى تراثى
    ( مركز جبال النوبة للتراث الثقافى)
    و هذا المركز قام بإعداد مجموعة كبيرة جدا لإطلاق مشروع صون التراث بولاية جنوب كردفان – جبال النوبه عبر خطة إستراتيجية عشرية قوامها خمسة محاور بمعدل سنتين لكل محور يعمل حاليا للإعداد للأنطلاق نحو عمليات النزول للقواعد و الشروع فى عمليات البحث الميدانى و الشروع فى ورش عمل بعرض التوعية والتثقيف بأهمية الثقافة والتراث و ضرورة المحافظة عليهما إضافة إلى بناء قدرات و إعداد كوادر شبابية من مجمل المجموعات اللغوية العشرة لبدأ حملة حصر و توثيق وصون التراث الثقافى المادى وغير المادى فى مجمل إقليم جبال النوبة عبر خطة محكمة مستمدة من ( إتفاقية صون التراث الثقافى غير المادى ٢٠٠٣ ) الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة و التى صادقت عليها الحكومة السودانية فى العام ٢٠٠٨م و وضعتها حيّز التنفيذ فى مطلع فبراير ٢٠١٨م عبر ورش عمل مكثفة فى الخرطوم إمتدت حتى منتصف العام ٣٠١٩م و تم تخصيص هذه الورش لإدارات الثقافة والتراث بكل ولايات السودان المختلفة و قد تم ترشيحى ممثلا لنشطاء الثقافة والتراث عن ولاية جنوب كردفان – جبال النوبة نظرا لإهتمامى و مشاركتى فى الفعاليات الثقافية التراثية التى تقام من قبل الحكومة أو المنظمات الاممية
    بناء على ذلك قمنا كمركز ثقافى تراثى بإعداد الكثير من مطلوبات تنفيذ مشروع صون التراث و ما زلنا بصدد العمل على توفير كافة المطلوبات و الشروع فى التنفيذ على الأرض و نتمنى أن تكلل مساعينا بالنجاح و ينطلق هذا المشروع الكبير و يحقق ما نصبو إليه كمجتمع مدنى لشعب أصلى يعمل على حصر وتوثيق وصون موروثاته و على رأسها اللغة و ما يلزم للمحافظة عليها و إحياءها بكامل تفاصيلها
    حقيقة الموضوع كبير و سائك و العمل فى تنفيذه يسير بقدم وساق بمجهودات أبناءنا الحادبين و المهتمين بهذا الشأن
    أتمنى أن يتواصل الحوار بيننا فى هذا الملف التراثى الثقافى من أجل مصلحة شعبنا الأصلى و من أجل العودة ألى الجذور .
    لك تحياتىً و فائق تقديرى
    عبدالله آدم حامد دلدوم ( كلشار)
    باحث و مدرب معتمد من قبل منظمة اليونسكو فى مجال إعداد قوائم حصر التراث الثقافى غير المادى
    رئيس مركز جبال النوبة للتراث الثقافى
    منطقة جبال الكدرو – كرور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.