من أين أتى هؤلاء ؟؟ هل هم حقآ دُعَاةٌ السودان الجديد ، أم أنّهم مجرد فاشلون ؟؟ (١-٣)
✍🏿 مقبول الأمين (كوكامي).
“هل السماء ما تزال صافية فوق أرض السودان، أم أنّهم حجبوها بالأكاذيب؟
هل مطار الخرطوم ما يزال يمتلئ بالنّازحين؟ يريدون الهرب الى أيّ مكان، فذلك البلد الواسع لم يعد يتّسع لهم. كأنّى بهم ينتظرون منذ تركتهم في ذلك اليوم عام ثمانية وثمانين. يُعلَن عن قيام الطائرات و لا تقوم. لا أحد يكلّمهم. لا أحد يهمّه أمرهم.
هل ما زالوا يتحدّثون عن الرخاء و الناس جوعى؟ و عن الأمن و الناس في ذُعر؟ و عن صلاح الأحوال و البلد خراب؟
جامعة الخرطوم مغلقة، و كل الجامعات و المدارس في كافّة أنحاء السودان.
الخرطوم الجميلة مثل طفلة يُنِيمونها عُنوةً ويغلقون عليها الباب، تنام منذ العاشرة، تنام باكية في ثيابها البالية، لا حركة في الطرقات. لا أضواء من نوافذ البيوت. لا فرحٌ في القلوب. لا ضحك في الحناجر. لا ماء، لا خُبز، لا سُكّر، لا بنزين، لا دواء. الأمن مستتب كما يهدأ الموتى….
نهر النيل الهادئ يسير سيره الحكيم، و يعزف لحنه القديم ” السادة ” الجدد لا يسمعون و لا يفهمون. يظنّون أنّهم وجدوا مفاتيح المستقبل. يعرفون الحلول. موقنون من كل شيئ. يزحمون شاشات التلفزيون و مايكرفونات الإذاعة. يقولون كلاماً ميِّتاً في بلدٍ حيٍّ في حقيقته و لكنّهم يريدون قتله حتى يستتب الأمن.
مِن أين جاء هؤلاء النّاس؟ أما أرضعتهم الأمّهات و العمّات و الخالات؟ أما أصغوا للرياح تهبُّ من الشمال و الجنوب؟ أما رأوا بروق الصعيد تشيل و تحط؟ أما رأوا القمح ينمو في الحقول و سبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟ أما سمعوا مدائح حاج الماحي و ود سعد، و أغاني سرور و خليل فرح و حسن عطية و الكابلي و المصطفى؟ أما قرأوا شعر العباس و المجذوب؟ أما سمعوا الأصوات القديمة و أحسُّوا الأشواق القديمة. ألا يحبّون الوطن كما نحبّه نحن؟ إذاً لماذا يحبّونه و كأنّهم يكرهونه، و يعملون على إعماره و كأنّهم مسخّرون لخرابه؟
أجلس هنا بين قوم أحرار في بلد حرٍّ، أحسّ البرد في عظامي و اليوم ليس بارداً. أنتمي الى شعب مقهور و دولة مستبدة. أنظر إليهم يكرِّمون رجالهم و نساءهم و هم أحياء، و لو كان أمثال هؤلاء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو شرّدوهم في الآفاق.
من الذي يبني لك المستقبل يا من هداك الله و أنت تذبح الخيل و تُبقي العربات، و تُميت الأرض و تُحيي الآفات؟
هل ما زال أهل الجنوب ينزحون إلى الشمال، و أهل الشمال يهربون إلى أي بلد يقبلهم ويأويهم؟
هل أسعار الدولار ما تزال في صعود و أقدار الناس في هبوط؟ أما زالوا يحلمون أن يُقيموا على جثّة السودان المسكين خلافة إسلامية سودانية يبايعها أهل مصر و بلاد الشام و المغرب و اليمن و العراق و بلاد جزيرة العرب؟
من أين جاء هؤلاء الناس؟ بل – مَن هؤلاء الناس ؟” ( إقتباس مقال الطيب صالح الشهير من أين أتى هؤلاء ؟؟ ).
وصف الأديب و المؤرخ السوداني الطيب صالح نظام الجبهة الإسلامية و ما يقوم به من ممارسات غير إنسانية البتة، و غير لائقة بحق الشعب السوداني و الدولة السودانية على السواء بإسم الدين. ما قادني لهذا العنوان، فما أشبه الليلة بالبارحة.
ظللنا نراقب الضجيج الإعلامى و الممارسات الصبيانية تعبر عن خواء فكرى وتهريج سياسى ممن يسمون أنفسهم بالحركة الشعبية لتحرير السودان- مؤتمر جوبا إزاء وحدة السودان على أسس جديدة كما تطرق لها الدكتور و المفكر جون قرنق دمبيور في رؤيته السودان الجديد. كما تابعنا كيف يقومون بتوزيع التهم الجزافية ومحاولة زرع الفتن والتمادى فى إستهداف قيادة الحركة الشعبية بكل وقاحة و الإساءة لها، وتثبيط همم القابضين على جمر القضية لمواصلة ثورة التحرير من أجل إسترداد إنسانية الإنسان السوداني المسلوب من قبل المركز (الخرطوم).
واضح أنهم يديرون معركة بالوكالة، و يعملون جاهدا للحيلولة دون تحقيق تطلعات جماهير شعبنا المشروعة في تحقيق سودان جديد علماني ديمقراطي يسع الجميع.
ونواصل………