الإنقسام و الصراع الدموي في الدولة السودانية (١-٣)
مقبول الأمين (كوكامي)
إلى شهداء ثورة الحرية و الديمقراطية في الدولة السودانية ..
إلى الكنداكات و الشفاتات……
إلى شعب السودان النبيل …..
ظلمة الساسة و العسكر على السواء ….
إلى السودان الجديد …… الوطن الذي نقاتل لبنائه عسى أن يتسى لنا جميعآ …….
من أجل مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة……
إلى الكنداكة أنقون الديسمبرية ………..
مولودتي التي شرفتنا الحياة في العام 2021
يمر السودان بحالة من عدم التوازن، يمكن إعتبارها من أخطر حالات الإنقسام السياسي التي مرت على البلاد منذ إستقلالها عام 1956. وتتجلى هذه الحالة في بروز نوع من الإنقسام على مستوى مؤسسة الحكم من جهة، وإنقسام المعارضة من جهة أخرى.
شهد النظام السياسي السوداني صراعات في أغلب نظمه السياسية وخصوصاً في المراحل التي يوشك فيها النظام من الإنتقال إلى مرحلة التحول الديمقراطي. ويكاد لا يخلو تاريخ الدولة السودانية الحديثة من الخلافات وأشكال التعددية المفروضة بفعل آيديولوجيا البعد القومي، ولكنها كانت مرحلية كالتناوب بين الإنقسام والتوافق بسبب إنعدام الديمقراطية الحقيقية.
المرحلة الحالية التي يعيشها السودان هي مرحلة مخاض التغيير ولذلك نجد أنّ التناقضات بين القوى الوطنية هي من نوع التناقضات الثانوية التي يجب أن تتوقف لبيان أسس التناقض القائم فيما بين الحكومة والمواطنين. وعلى هذا الأساس فإن القوى السياسية المعارضة والتي تعمل من أجل إسترداد الديمقراطية بالطرق السلمية لم يمنعها ذلك من ظهور تباينات في داخلها من جهة وبينها وبين المعارضة المسلحة من جهة أخرى
إتسمت حالة الإنقسام السياسي في السودان بإختلال توازن النظام الإجتماعي، حيث برزت إلى السطح أزمة الهوية، التي جاءت كنتيجة حتمية لفشل حكومة الإنقاذ في تحقيق نوع من الإندماج السياسي والوطني لأسباب تتعلق بطبيعة التنظيم الإسلامي. فلم يتوازن هذا التنظيم طيلة عقدين من الزمان في إبراز هويته على حساب المكونات الأخرى. وأخذ يعبأ بخطر حمّل هذا التركيز في طياته ضرورة الإرتكاز على قاعدة أخرى هي نقاء العرق مما عمل على إحتدام الصراع بشأن إعلاء تكوينات قبلية على أخرى. ثم وصل الأمر إلى التمييز بين هذه المجموعات على أساس قاعدة أخلاقية للمنتمين إلى العنصر الشريف ونبذ غيره من العناصر.
ما يجري الآن من حالة إنقسام هي تتويج لعهد كامل من الخلافات المتراكمة التي واجهت الحالة السياسية السودانية في شكل النظام الحاكم كما في شكل المعارضة. وبالتالي فإنّ الانقسام لم يؤثر سلبا على المشروع الوطني فحسب، وإنما هدم ركيزة هامة كان يؤمل الوصول بها إلى تسوية سياسية، كما أثّر على فكرة المواطنة نتيجة لقمع الحقوق وغياب العدالة الإجتماعية. ولا زال الشعب السوداني يمعن النظر في مبادرة تلوح في الأفق لأي حلول عملية تنهي حالة الإنقسام، وتبني بدلاً عنه أساسا يحترم التعدد على المستويين الإجتماعي والسياسي. ( منى عبدالفتاح – صحيفة العرب الإلكترونية).
في الآونة الأخيرة، طرحت في الملعب السياسي السوداني بعض المبادرات المتقدمة في إرساء سبل السلام و الإستقرار و مخاطبة جذور المشكلة السودانية و تجنب دوامة الحروب التي لأزمت البلاد منذ النشئ، فقطعآ ما قدمتها الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال من مسودة الإتفاق الإطاري لإيقاف الحرب و تحقيق السلام، في منبر جوبا التفاوضي مؤخرآ، و تم التحفظ علي بعض بنودها، و رفضها من قبل وفد الخرطوم المفاوض من غير أي مبررات عقلانية و موضوعية، تحمل في طياتها إصلاحات شاملة فيما يتعلق بالسياسة و علاقة الدين بالدولة، و مسألة الأمن و إعادة هيكلة القوات النظامية، و الإصلاحات الإقتصادية، و القضايا الإنسانية و مسألة المواطنة المتساوية على أساس الحقوق و الواجبات.
نواصل ………….