جبال النوبة قوة إقتصادية… ولكن
باب الله كجور
على ذمة من يعرف القوة الإقتصادية بأنها الموارد المتاحة. فكل هذه الخصائص متوفرة فى الأرض الواقعة لمن لا يعرفها بين خط طول 29/30/31 شرقا ودائرة عرض 10/13/12 شمالا وتقع ضمن المنطقة الجغرافية الوسطى وتبلغ مساحتها 135/669 ألف كلم مربع. فهى عباره سلسلة من الجبال التى تغطيها الصخور وتحيط بها “4” ملايين فدان من الأراضي الصالحه للزراعة و “800” مليمتر من مياه الأمطار سنويا، وأكثر من ( 1000000) مليون شجرة مانجو مثمرة، ويقع فيها حزام إنتاج الصمغ بأنواعه المختلفة والجزء الأهم من إقليم السافنا ذات المراعى الطبيعية بنسبة 12% من إجمالى الثروة الحيوانية فى السُّودان، ( 8) معدن من أصل “12” معدن موجود فى السُّودان.
بالرغم من هذه الإمكانيات المأهولة والخيرات التى تزخر بها هذه الأرض الغنية في باطنها وعلى سطحها، إلا أن هذا الجزء من الوطن لا يزال متخلفا جراء التهميش الطويل. حيث لم تقوم الحكومات المدنية والعسكرية التى تعاقبت على الحكم في الخرطوم منذ خروج المستعمر قبل 66 عاما بواجباتها تجاه المواطن بل فشلت فى أن تقيم مشاريع إنتاجية وتنموية إقتصادية ذات جدوى تنهض بالزراعة و المزارعين. وذهبت إلى أبعد من ذلك، فقد إستولت على الأراضى من ملاكها الأصليين وملكتها لأشخاص من خارج المنطق، ليكون بذلك ملاك الأراضى الأصليين عمالا في المواسم الزراعية وبأجور رخيصه.
لم تبذل حكومات المركز جهودا تذكر لتحسين أوضاع المواطنين الذين يعملون فى حرفة الرعى لتنتشلهم من دائره التفاخر والتباهى بما يمتلكون من ثروات- وكذلك لم تهتم بأصحاب التجارب والخبرات فى إستصلاح الأرض البور وتحويلها الى بساتين تنتج الخضر والفاكهة. بالإضافة إلى عدم تشجيع التجار المعروفين محليا “بالجلابة” للإستثمار فى مجال الصناعة بإنشاء مصانع فى ظل توفر المواد الخام التى تساعد فى تصنيع السلع الإستهلاكية تحقيقا لمبدأ الإكتفاء الذاتي.
بسبب تفشى روح الأنانية والجشع والطمع فى نفوس من لهم سطوة ونفوذ فى الدولة التى تعتبر الكيان الذي تنتظم فى داخلها التفاعلات الفردية والجماعية بل إتخذت من عدم المساواة بين المواطنين معيارا فإمتلاك وإستثمار الأقلية بنصيب الأسد وترك الفتات للأغلبية المالكة والمنتجة، ما هى إلا قسمه ضيزى التى حفزت وتسببت في قيام الثورة فى جبال النوبة بإعتباره من الأقاليم الغنية بالموارد ولكنها تضررت من سياسات النخبة الحاكمة “النار من مستصغر الشرر”. فعدم الإعتراف والإكتراث للمطالب البسيطة يؤدي مع مرور الوقت إلى تراكم الغبن والمرارات وبالتالى ترتفع سقف المطالب وهذا ما حدث.
هذه الأسباب آنفة الذكر خلعت على السودان القطر بخارطته القديمة والحديثة (بعد إنفصال الجنوب) التى هى صنيعه تركية، إنجليزية مصريه منذ النشأة والتكوين فى العقد الثانى منذ القرن العشرين فى 1821 ثوب أب جاحد وأم ضنيين يمارسان المهابه بين الأبناء الذين هم من رحم إمرأة وصلب رجل و التطفيف فى الكيل ليجعلا كفة الميزان تميل إلى المركز “الحواضر الفقيرة” الذي يتحايل بشتى الطرق كالرأسمالية الطفيلية والريع العشائرى الذي تمارسه النخب التى لها نفوذ وسيطرة مطلقه على السلطة والثروة، والموارد المنهوبه من الهامش.
بإمكان سكان جبال النوبة الإستفادة من هذه الموارد وتوظيف العائدات حتى تعود بالفائدة للجميع بلا إستثناء مع ضرورة الإبتعاد عن المناطقية والجهوية والتفريق ما بين القبيلة ككيان إجتماعى والقبلية كنهج مستقبح ومستهجن وضار بالمصلحة العامة مع الحرص على حفظ حقوق الأجيال القادمة من الموارد المتجددة والغير متجدده.
تيما – لمريك
5 يناير 2022