⭕قيادي بالشيوعي: يكشف عن سيناريوهات متوقعة للثورة السُّودانية
كشف القيادى بالحزب الشيوعى الشودانى وعضو اللجنة المركزية للحزب عن معلومات مهمه ومثيرة حول ما دار و يدور بين شركاء الفترة الإنتقالية بالسُّودان فى أعقاب سيطرة اللجنة الأمنية لنظام البشير على السُلطة فى 11 أبريل 2019، مبيناً أن المجلس العسكري إدعى إنحيازه للثورة، الأمر الذي رفضه الثوار الذين قاوموا تلك الخطوة التى وصفوها بمحاولة الإلتفاف على الثورة.
جاء ذلك لدى حديثه فى الندوة السياسية التى نظمها صالون حق الثقافى مساء الثلاثاء 9 نوفمبر 2021 – بعنوان “مآلات الراهن السُّوداني” وسط حضور ممثلى الأحزاب السياسية والقوى المدنية، بالإضافة إلى رموز الصحافة و الإعلام بمصر. تحدث المهندس صديق يوسف مقدما شرحا مفصلا عن الراهن السياسى فى السودان مصحوبا بحيثيات بداية ثورة ديسمبر وما ترتب عليها من تطورات بعد 11 أبريل 2019.
وقال يوسف: بينما إستمر الثوار فى إعتصام القيادة العامة مطالبين بتسليم السُلطة للمدنيين، إنطلقت المفاوضات المباشرة بين المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير، توصل الطرفان من خلالها إلى إتفاق سياسى، وكانت أبرز القضايا محل الإتفاق متمثله فى إعداد الوثيقة الدستورية “تم تكوين لجنة قانونية بخصوص ذلك” وتشكيل مجلس سيادى، شرفى يضم “11” عضواً، وتشكيل حكومة الفترة الإنتقالية على أن تكون مدة الفترة الإنتقالية ثلاثة أعوام.
وتابع، أن المجلس العسكرى قام بإنتهاكات بشعة ضد المعتصمين في محيط القيادة العامة “مجزرة القيادة العامة” وذلك أثناء فض الإعتصام بالقوة في 3 يونيو 2018 مضيفاً أن التقارير حول تلك الجريمة، أفادت بأن “200” من الثوار لقوا حتفهم وأُصيب 400 منهم، بالإضافة إلى أعداد مقدرة من الجثث التى أُلقيت فى مياه النيل، كما لا يزال الكثيرون في أعداد المفقودين.
وعبّر صديق يوسف عن إستغرابه من لجنة أديب التى شُكِلت للتحقيق في مجزرة القيادة العامة والتي ما زالت غير قادرة على إتخاذ القرار بالرغم من مضي عامين على تشكيلها، مشيرا إلى تصريح الجنرال شمس الدين الكباشي في التلفزيون الرسمى للدولة والذي أكد فيه مسئولية الجيش عن فض الإعتصام بالتخطيط وإصدار الأوامر للقيادة الميدانية بعد أخذ المشورة القانونية من رئيس القضاء و النائب العام. وحّمل يوسف المجلس العسكرى مسئولية فض إعتصام القيادة بإستخدام القوة المفرطة وإطلاق الرصاص الحي على المعتصمين السلميين.
وفى ذات السياق، تناول صديق يوسف لدى حديثه في الندوة، المبادرات التى طرحت من قبل الوسطاء بالتفصيل، وكان أهمها مبادرة رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد حول الشراكة بين الطرفين “المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير” حيث تم قبول المبادرة من قِبل الطرفين وتم بموجبها الإتفاق على تقسيم مقاعد مجلس السيادة وتشكيل مجلس الوزراء. وبحسب يوسف فإن الإتحاد الإفريقى وفى إطار سعيه لإيجاد حلول توافقية بين الطرفين، أرسل مبعوثا للحوار وحل الخلافات وتمخض عن ذلك تنازل الحرية والتغيير عن الصلاحيات الحصرية للمكون العسكرى فيما يتعلق بتعيين وزيري الدفاع و الداخلية، بالإضافة إلى تكوين “4” مفوضيات، وهي: مفوضية الدستور، الإنتخابات، الأراضي، والسلام. كما إتفق الطرفان على تشكيل مجلس سيادة، يتكون من “11” عضواً “5” مدنيين و “5” عسكريين و عضو آخر يتم التشاور والتوافق عليه بين الطرفين. وتكوين مجلس الوزراء الإنتقالي من كفاءات مع عدم مشاركة القيادات الحزبية. وقال يوسف: ولكن للأسف لم تلتزم الأحزاب السياسية بالإتفاق حيث شاركت قياداتها في الحكومة، مسببة بذلك صراعات داخلية فيما بينها.
وتطرق صديق يوسف إلى ملف الإصلاح القانوني – موضحاً عدم إلغاء القوانين الجائرة حتى الآن، قائلا: إذا رجعنا إلى عهد حكومة جعفر نميرى، فإن قوانين الشريعة الإسلامية التى أصدرها في العام 1983 أدت إلى قيام إنتفاضة 1985. وطالب بإلغائها. وإستطرد في حديثه قائلا: إن الحكومة التي أتت بعد الإنتفاضة لم تلغ تلك القوانين، بل تم تعديلها فيما بعد، على سبيل المثال وليس الحصر، “القانون الجنائى لسنة1991” وإزداد الأمر سوءا. و ما زالت هذه القوانين سارية المفعول حتى الآن. وقال القيادى صديق يوسف: إن هناك قصورا واضحا في قضية العدالة، وما يزال ملف الإصلاح القانونى من المطالب الأساسية للثوار مع ضرورة إلغاء تلك القوانين منها: قانون أمن الدولة، قانون النظام العام و غيرها من القوانين الظالمة. موضحا أن المجلس العسكري سلطاته كانت محدودة إلا أنه مارس سُلطات خارج نطاق إختصاصاته.
وأكد لدى حديثه عن قضية الحرب و السلام، بأنه تم الإتفاق على تكوين مفوضية للسلام تقوم بإجراء حوار مع حاملى السلاح لحل الأزمة السُّودانية وتحقيق سلام شامل وعادل، ولكن المكون العسكرى قام بتكوين جسم آخر في أكتوبر 2019 بمعزل عن الحرية والتغيير سُمي بالمجلس الأعلى للسلام يتكون من “9” أعضاء، وإعتبر ذلك، تعارضاً مع نصوص الوثيقة الدستورية. ونبّه إلى أن السلام لم يتحقق إلا بمخاطبة جذور الأزمة وإيجاد حلول جذرية للأزمات، كالتوزيع غير العادل للثروة والسلطة والتنمية غير المتوازنه في السُّودان منذ العام 1956. ودعا يوسف جميع المكونات بضرورة الإعتراف بالأخطاء والمظالم التاريخية التي إرتكبت بحق الشعوب السُّودانية من قِبل القوى السياسية المختلفة.
وعن إتفاق جوبا، قال: نعتقد أن طريقة المفاوضات عبر المسارات كانت خاطئة وأنه كان من المفترض أن يتم الجلوس مع كل الفصائل المعارضة للإتفاق على رؤية موحدة والإستعانة بمرجعيات الوثائق التي تم التوافق عليها مسبقاً. مُعددا عيوب إتفاق جوبا خاصة مسألة الترتيبات الأمنية التى تبدأ بنزع السلاح و الدمج و التسريح ولم يتم ذلك، حسب قوله، وتابع ان إتفاق جوبا نص على الإحتفاظ بتلك الفصائل الحاملة للسلاح – وعددها “11” فصيل لمدة “39” شهر وان تقام الإنتخابات في الشهر ال 40. مما يعنى أن هذه الفصائل ستظل موجودة ومحتفظه بكامل عتادها وأسلحتها طيلة الفترة الإنتقالية، بالإضافة إلى مليشيا الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى. متسائلا، كيف تتم إقامة الإنتخابات فى ظل وجود فصائل مسلحة إلى الشهر ال 40 من الفترة الإنتقالية؟ واصفا الترتيبات الأمنية بالسيئه وأن أخطر ما ورد في إتفاق “جوبا” تقنين السلاح في أيدى المواطنين وكل القبائل السُّودانية. و تابع قائلا: إن البرهان قام بضربة إستباقية وإنقلب على الحكومة الشرعية فى 25 أكتوبر لأنه شعر بخطورة الموقف لاسيما وأن فترة المكون العسكرى قد شارفت على الإنتهاء حسب التاريخ المحدد و هو 17 نوفمبر 2021 وفقا للوثيقة الدستورية، لذا لجأ البرهان إلى خيار فض الشراكة و تمزيق الوثيقة الدستورية وحل مجلسى السيادة والوزراء مقرونا بحملة إعتقالات واسعة طالت قيادات المكون المدنى والدستوريين، و على رأسهم رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله آدم حمدوك. و وصف ما قام به البرهان “بالإنقلاب العسكرى” مكتمل الأركان وحكم الفرد الواحد و دكتاتورية بنسبة 100%. مؤكداً إلتزامهم باللاءات الثلاثة “لا تفاوض، لا شراكة ولا مساومة.”
وأفصح صديق يوسف، عن سيناريوهات متوقعه منها: إنتصار الثورة السلمية وتحقيق شعاراتها أو الرجوع إلى ما قبل إنقلاب 25 أكتوبر مع تقليص سُلطات المكون العسكري، وهذا السيناريو ورد في مبادرة المجتمع الدولى والوسطاء، أو إستمرار الدكتاتورية مرة أخرى، وهذا يعنى رجوع الأوضاع إلى عهد نظام البشير. ولكنه عاد وقال: إن الرهان الآن على الشارع وإرادة الشعب السُّودانى الثائر فى تحقيق شعارات الثورة. وشدّد على ضرورة الإستمرار في الحراك الثورى عبر لجان المقاومه، لافتا إلى أهمية إيجاد قيادة حقيقية جديدة وموحده من القوى الثورية لإسقاط الدكتاتورية العسكرية.
ودعا يوسف إلى وضع ميثاق تتوافق عليه القوى الثورية الحيّة لإسقاط ما أسماه “النظام الدكتاتورى الجديد” و بناء الدولة السُّودانية. على أن تلتزم جميع المكونات والقوى السياسية بالوثيقة التي سيتم التوافق و التوقيع عليها. و نوه إلى ضرورة نزع سلاح المليشيات و حلها و تكوين جيش وطنى موحد بعقيدة عسكرية جديدة.