ألغام أمام البرهان !

زهير السراج

 

يخطئ البرهان إذا اعتقد أن الانقلاب سيضع حدا لمشاكله بينما العكس هو الصحيح تماما مع المشاكل والازمات والتعقيدات التى تعانى منها البلاد، إقتصادية أو سياسية أو أمنية أوغيرها، حيث وضع نفسه الآن فى مرمى النيران بعد أن كان فى السابق يعلق كل المشاكل على حكومة حمدوك وخصومه السياسيين، فماذا سيفعل الآن عندما يلتفت ولا يجد من يتهمه بالفشل .. هذه أول مشكلة ستواجه الجنرال الذى ادمن الهروب من المشاكل بتعليقها على غيره!

* ثانيا، من اين سيأتى بالعملة الصعبة لاستيراد السلع الاستراتيجية بعد ان ينفذ الاحتياطى الموجود فى بنك السودان (ولقد نفذ بالفعل)، أم أنه يظن أن دول المحور ستفتح له خزائنها وتقول له خذ ما تريد بعد أن اغلق العالم ابوابه أمام السودان، أم انه سيلجأ الى طباعة النقود لشراء العملة الصعبة من الاسواق المحلية على حساب الجنيه المغلوب على امره فينهار الاقتصاد وتضيق المعيشة بالناس، ولقد ظهرت الملامح بارتفاع سعر الدقيق الذى كان قد انخفض بعد الانقلاب ؟!

* كيف يتصرف مع صندوق النقد الذى كانت حكومة حمدوك تتحمل تبعات شروطه القاسية على المواطن، ام سينحنى له فيخسر المواطن الذى يسعى جاهدا ليكسبه بمحاولة تخفيف اعباء المعيشة الصعبة التى كان يتهم حكومة حمدوك بالفشل فى التعامل معها، ام انه سيخسر الصندوق والبنك الدولى وكل مؤسسات النقد العالمية، ويفقد العون الخارجى ممثلا فى برنامج اعفاء الديون والقروض والمعونات خاصة مع تعليق الاتحاد الافريقى لعضوية السودان وهو المنفذ الى المجتمع الدولى .. هذه هى المشكلة الثالثة!

* رابعا، ماذا سيفعل البرهان مع أزمة الشرق، هل سينصاع لترك ويخسر مسار الشرق الذى تنتمى إليه مجموعات إثنية ضخمة لا يستهان بها، أم سيخسر مسار الشرق ويكسب ترك.. من سخرية الاقدار أن هذه المشكلة التى صنعها (حميدتى) خلال قيادته لوفد الحكومة السابقة فى مفاوضات جوبا لتحقيق مكاسب شخصية له باستقطاب مجموعات معينة من مواطنى الشرق، ثم أججها البرهان بعدم التدخل والمساعدة فى إيجاد الحل بعد اغلاق الميناء بواسطة المجموعات المتاوئة لمسار الشرق بدعوى أنها قضية سياسية ليست من اختصاصه بغرض الضغط على حكومة حمدوك رغم أنها قضية أمن قومى، ستكون من اعقد المشاكل التى سيواجهها البرهان ولقد بدأت بالفعل قبل أن يجلس على كرسى الانقلاب مما اضطره الى تأجيل تعيين ممثل الشرق فى المجلس السيادى الانقلابى الى وقت لاحق!

* وعلى ذكر قضية الشرق وميناء بورتسودان، ماذا سيفعل البرهان فى موضوع القاعدة الروسية التى تعارض السعودية وحلف الناتو وجودها بشدة وهى قضية استراتيجية مهمة جدا لا يمكن للناتو والسعودية التلاعب والتهاون فيها، هل يجرؤ البرهان على معارضة الرغبة السعودية ، أم يغضب روسيا حليفته الدولية الوحيدة فى الوقت الحالى .. هذه هى المشكلة الخامسة!

* يتحدث البعض عن دعم الصين وهو حديث مضحك، فالصين لم يعد لديها اهتمام بالسودان بعد أن نضب البترول الذى نهبه زبانية النظام البائد، فضلا عن ان السودان مدين لها بما يزيد عن 10 مليار دولار امريكى وكانت تحاور النظام البائد لاستبدالها بأراضى زراعية فى ولايتى الجزيرة والشمالية ولكنه سقط قبل اكتمال الصفقة. المعروف ان النظام البائد صمد أمام المقاطعة الغربية بسبب ايرادات البترول وعندما نضب انكشف وصار فى العراء وسقط مثل الكتلة الصماء، فماذا سيصنع البرهان .. هذه هى المشكلة السادسة؟!

* سابعا، أزمة النازحين بدارفور والمحكمة الجنائية، ومعارضة حركة عبدالواحد وحركة الحلو للانقلاب !

* كيف يوازن الجنرال بين التعاون مع الحركة الاسلامية والرفض المصرى الاماراتى السعودى المصرى لها باعتبارها حركة ارهابية، وكيف يأمن شر الحركة الاسلامية نفسها التى لن تكف عن الحلم فى العودة الى السلطة خاصة مع انتشار عناصرها بكثافة فى كل القوات النظامية، وكيف يتصرف مع المعارضين داخل القوات المسلحة لاستقلالية الدعم السريع ووجود المليشيات المسلحة .. دعنا نقول ان هذه هى المشكلة الثامنة رغم أنها مجموعة مشاكل !

* تاسعا، ماذا سيصنع مع جرائم فض الاعتصام والانقلاب على الشرعية عندما تصل الفترة الانتقالية الى نهايتها بعد عامين، أم انه سينقلب مرة أخرى ويرفض التنازل عن السلطة؟!

* أما المشكلة العاشرة والعقبة الكؤود أمام البرهان فهى الشعب الثائر الذى اسقط المخلوع من نفس المكان الذى يقف فوقه البرهان الآن .. دعكم من المجتمع الدولى وعقوباته ومطارداته!

* الحكاية أيها الجنرال ليست حكاية انقلاب فقط كما تظن، ولكنها أكبر من ذلك بكثير جدا .. وكما يقول أهلنا .. (تحسبو لعب) !
#الردة_مستحيلة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.